وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم
[52] ولما أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى [النجم : 19 ، 20] : تلك الغرانيق العلى ، وإن شفاعتهن لترتجى ؛ بحيث يسمعها من دنا إليه من الكفار ، فظنوها من قوله عليه السلام ، وأشاعوها ، حزن لذلك - صلى الله عليه وسلم - ، فنزل تسلية له : [ ص: 440 ] ألقى الشيطان بقراءة نفسه في قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - محاكيا نغمته - عليه السلام - لما قرأ في الصلاة :
وما أرسلنا من قبلك من رسول هو الذي جمع إلى المعجزة الكتاب المنزل عليه ولا نبي هو الذي لم ينزل عليه كتاب ، وإنما أمر أن يدعو إلى شريعة من قبله ، فكل رسول نبي ، وليس كل نبي رسولا .
إلا إذا تمنى أي : تلا وقرأ كتاب الله .
ألقى الشيطان بقراءة نفسه في أمنيته في قراءته ، المعنى : ما من رسول ولا نبي قبلك إلا مكنا الشيطان أن يلقي في قراءتهم مثل ما ألقى في قراءتك ، فلا تهتم لذلك . قرأ : (أمنيته ) بتخفيف الياء ، والباقون : بتشديدها . أبو جعفر
فينسخ الله ما يلقي الشيطان أي : يبطله .
ثم يحكم الله آياته أي : يثبتها .
والله عليم بأحوال الناس حكيم فيما يفعله بهم ، وما نقل من أن الشيطان ألقاها على لسان النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أو أنه أصابته -عليه السلام- سنة ، فقالها ، أو حدث نفسه فسها ، فهذا كله ضعيف واه لم يرو بسند صحيح ؛ لعصمته - صلى الله عليه وسلم - ، ونزاهته عن مثل ذلك ، وعن جريان الكفر على قلبه أو لسانه عمدا أو سهوا ، أو يكون للشيطان عليه سبيل .
* * *