[ ص: 52 ] والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون .
[4] والذين يؤمنون بما أنزل إليك يعني: القرآن.
وما أنزل من قبلك من التوراة والإنجيل وسائر الكتب المنزلة على الأنبياء -عليهم السلام-. قرأ ابن كثير، : بقصر المد المنفصل حيث وقع، واختلف عن وأبو جعفر قالون، وورش، وأبي عمرو، ويعقوب، وهشام، وحفص، فروي عنهم القصر، والباقون يطولونه، وأما المتصل، فاتفق جمهور القراء على مده قدرا واحدا مشبعا من غير إفحاش، وذهب آخرون إلى تفاضل مراتبه، فأطولهم مدا في نوعي المتصل والمنفصل: ورش ودونهما: وحمزة، ودونه: عاصم، ابن عامر، والكسائي لنفسه، ودونهم: وخلف قالون، عن والدوري أبي عمرو، وأقلهم مدا: ويعقوب، ابن كثير والتفاوت بينهم لا يكاد ينضبط، والمد: هو زيادة المط في حروف المد، وهي الألف مطلقا، والواو الساكنة المضموم ما قبلها، والياء الساكنة المكسور ما قبلها، فالمتصل أن تكون الهمزة مع حرف المد في كلمة واحدة; نحو: (أولئك) و (شاء الله)، وشبهه، والمنفصل أن تكون الهمزة أول كلمة وحرف المد آخر كلمة أخرى، نحو: (بما أنزل إليك)، و (يا أيها)، و (قالوا آمنا)، ونحو ذلك، والقصر: هو ترك تلك الزيادة، وهذه الآية في المؤمنين من أهل الكتاب. وأبو جعفر،
وبالآخرة هم يوقنون أي: وبالدار الآخرة، وسميتا بالآخرة; [ ص: 53 ] لتأخرها عن الدار الأولى; كما سميت الدنيا دنيا لدنوها من الخلق الأول. قرأ عن ورش : (وبالآخرة) بنقل حركة الهمز إلى الساكن قبله، وترقيق الراء حيث وقع، نافع يسكت في لام التعريف حيث أتت، نحو (الأرض) و (الآخرة) سكتة من دون تنفس، وإذا وقف له النقل بخلاف عنه، ويسكت وحمزة رويس على ذلك دون سكته. وقرأ (وبالآخرة) بالإمالة حيث وقف على هاء التأنيث، وقيل الكسائي : إنك تميل ما قبل هاء التأنيث، فقال: هذا طباع العربية. للكسائي
هم يوقنون يستيقنون أنها كائنة، من الإيقان، وهو العلم الحاصل، وهو طمأنينة القلب على حقيقة الشيء.