[ ص: 112 ]
وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا .
[60] وإذ قلنا لك أي : واذكر وقت إيحائنا إليك .
إن ربك أحاط بالناس علم بمكرهم بك ، فهو حافظك منهم ، فأمض أمرك ، ولا تخف أحدا .
وما جعلنا الرؤيا التي أريناك ليلة الإسراء إلا فتنة أي : اختبارا للناس ، وتقدم الكلام على ذلك في أول السورة عند ذكر قصة المعراج . قرأ ، الكسائي : (الرؤيا ) بالإمالة في الوقف فقط . وخلف
والشجرة الملعونة أي : الملعون آكلها ، وهي المذكورة .
في القرآن وهي الزقوم ، وقوله : (والشجرة ) عطف على قوله : (الرؤيا ) ؛ أي : جعلنا الرؤيا والشجرة فتنة ، فكانت الفتنة في الرؤيا ما تقدم في قصة المعراج من ارتداد كثير ممن أسلم ، والفتنة في الشجرة الملعونة أنه لما نزل أمرها في سورة الصافات ، قال أبو جهل وغيره : هذا محمد يتوعدكم بنار تحرق الحجارة ، ثم يزعم أنها تنبت الشجر ، وقد علمتم أن النار تحرق الشجر ، وما نعرف الزقوم إلا التمر بالزبد ، ثم أمر أبو جهل جارية له فأحضرت تمرا وزبدا ، وقال لأصحابه : تزقموا ، فافتتن أيضا بهذه المقالة بعض الضعفاء ، فأخبر الله نبيه أنما جعل الإسراء وذكر شجرة الزقوم [ ص: 113 ] فتنة واختبارا ؛ ليكفر من سبق عليه الكفر ، ويصدق من سبق عليه الإيمان ، كما روي عن رضي الله عنه ما سبق ذكره في قصة المعراج ، قال أبي بكر الكواشي رحمه الله : لو نظر ، يعني : أبا جهل ، النظر الصحيح ، لما استبعد ذلك ؛ لأنه يمكن وجود جسم لطيف في النار لا يحترق كالسمندر وبر دويبة تكون ببلاد الترك لا تؤثر فيه النار ، وتتخذ منه مناديل ، فإذا اتسخت المنديل ، ألقيت في النار ، فيذهب الوسخ ويبقى المنديل ، وأعجب من ذلك أكل النعام النار والحديد المحمى ، انتهى .
ونخوفهم بأنواع التخويف فما يزيدهم تخويفنا .
إلا طغيانا كبيرا تمردا وعتوا عظيما .
* * *