كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون .
[5] كما أخرجك ربك أي: كما أمرك بالخروج.
من بيتك أي: من المدينة إلى بدر إخراجا.
بالحق بالوحي خبر مبتدؤه محذوف، تقديره: هذه الحال في كراهتهم إياها كحال إخراجك للحرب على كراهتهم له.
وإن فريقا من المؤمنين لكارهون أي: أخرجك في حال كراهتهم، وذلك أن عير قريش أقبلت من الشام مع ومعها أربعون راكبا، فأعلم أبي سفيان، جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - بها، فأعلم أصحابه، فسروا وأحبوا الخروج إليها لكثرة المال وقلة الرجال، فأعلمت قريش بذلك، فخرج أبو جهل ومعه مقاتلة مكة ذابا عنها، وهم النفير، فعلم ذلك، فأخذ بها طريق الساحل فنجت، فقيل أبو سفيان لأبي جهل: ارجع بالناس، فقد نجت العير، فأبى، وسار بمن معه إلى بدر، فشاور - صلى الله عليه وسلم - أصحابه في لقاء العير أو النفير، فقال فأحسن، وقال أبو بكر فأحسن، وقال عمر "امض بنا يا رسول الله، فنحن معك، والله ما نقول لك كما قالت بنو إسرائيل المقداد بن عمرو: لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق! لو سرت بنا إلى برك الغماد; يعني: مدينة الحبشة، لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه"، فدعا له - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال: "أشيروا علي" يريد: الأنصار، فقال "لكأنك تريدنا يا رسول الله؟ فقال: "أجل"، فقال: امض يا رسول الله لما أردت، والذي بعثك بالحق! لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه [ ص: 90 ] معك، ما تخلف منا واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا، وإنا لصبر في الحرب، صدق في اللقاء"، فسر - صلى الله عليه وسلم - بذلك، ثم قال: "سيروا على اسم الله; فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم". سعد بن معاذ:
* * *