الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
3666 [ 1866 ] وعن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=660674إن رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=treesubj&link=33499_17190_17244نهى أن يخلط التمر والزهو، ثم يشرب، وإن ذلك كان عامة خمورهم يوم حرمت الخمر.
و(قول nindex.php?page=showalam&ids=9أنس : nindex.php?page=treesubj&link=33499_17190_17244نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يخلط التمر والزهو، ثم يشرب ) ظاهر [ ص: 259 ] في تحريم خلطهما وشربه، وهو مذهب كافة فقهاء الأمصار، وجمهور العلماء، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك في أحد قوليه، وفي الثاني الكراهة، وهو مشهور مذهبه. وقد شذ nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف فقالا: لا بأس بخلط ذلك وشربه. وقالا: ما حل مفردا حل مجموعا. وهذه مخالفة للنصوص الشرعية، وقياس فاسد الوضع، ثم هو منتقض بجواز نكاح كل واحدة من الأختين منفردة، والجمع بينهما حرام بالإجماع.
وأعجب من ذلك تأويل أصحابهما للحديث؛ إذ قالوا: إن النهي عن ذلك إنما هو من باب السرف بجمع إدامين، وهذا تغيير وتبديل لا تأويل، ويشهد ببطلانه نصوص أحاديث هذا الباب كلها. ثم إنهم جعلوا الشراب إداما، فعل من ذهل عن الشرع والعادة، وتعامى، وكيف ينهى عن الجمع بين إدامين وقد جمعا على مائدة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغير مين على ما يأتي إن شاء الله تعالى.
واختلف القائلون بمنع الخلط في تعليل ذلك وعدمه، فالذي يليق بمذهب أهل الظاهر عدم التعليل، والجمهور يعللونه بخوف إسراع الشدة المسكرة. وعلى هذا: يقصر النهي عن الخلط على كل شيئين يؤثر كل واحد منهما في الآخر إسراع [ ص: 260 ] الشدة إذا خلطا، وهذا هو الذي يفهم من الأحاديث الواردة في هذا الباب; فإنها مصرحة بالنهي عن الخلط للانتباذ والشرب.
وقد أبعد بعض أصحابنا فمنع الخلط وإن لم يكن كذلك، حتى منع خلطهما للتخليل، وهذا إنما يليق بمن لم يعلل النهي عن الخليطين بعلة، ويلزم عليه أن يجري النهي على خلط العسل واللبن، وشراب الورد والبنفسج، والعسل والخل، وغير ذلك. والصواب ما ذهب إليه nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك والجمهور. والله الموفق.