قوله ( وإن : خير بين تركه إلى الحصاد بأجرته ، وبين أخذه بعوضه ) . هذا الصحيح من المذهب . نص عليه . قال أدركها ربها ، والزرع قائم الحارثي : تواتر النص عن رحمه الله : أن الزرع للمالك . وعليه جماهير الأصحاب . وجزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في الفروع ، وغيره . قال الإمام أحمد الزركشي : هو قول ، وعامة أصحابه ، القاضي . انتهى . قال والشيخين الحارثي : هو قول ، وجمهور أصحابه ، ومن تلاهم ، القاضي في سائر كتبه . وهو من مفردات المذهب قال ناظمها : بالاحترام احكم لزرع الغاصب وليس كالباني أو كالناصب إن شاء رب الأرض ترك الزرع والمصنف
بأجرة المثل فوجه مرعي أو ملكه إن شاء بالإنفاق
أو قيمة للزرع بالوفاق ويحتمل أن يكون الزرع للغاصب ، وعليه الأجرة . وهذا الاحتمال وقيل : له قلعه إن ضمنه . واختار لأبي الخطاب ، وغيره : إن الزرع لرب الأرض كالولد . فإنه لسيد الأم ، لكن المني ، لا قيمة له ، بخلاف البذر . ذكره ابن عقيل الشيخ تقي الدين رحمه الله . [ ص: 132 ] قال الزركشي : وهذا القول ظاهر كلام رحمه الله في عامة نصوصه ، الإمام أحمد ، والخرقي والشيرازي ، وابن أبي موسى فيما أظن وعليه اعتمد . وكذا قال الإمام أحمد الحارثي : ظاهر كلام من تقدم من الأصحاب ، كالخرقي وأبي بكر وابن أبي موسى عدم التخيير . فإن كلا منهم قال : الزرع لمالك الأرض ، وعليه النفقة . وهذا بعينه : هو المتواتر عن رحمه الله . ولم يذكر أحد الإمام أحمد تخييرا . وهو الصواب . وعلله . انتهى . وقال عنه الشيخ تقي الدين رحمه الله : فيمن والعادة بأن من زرع فيها له نصيب معلوم ، ولربها نصيب : قسم ما زرعه في نصيب شريكه كذلك . قال : ولو طلب أحدهما من الآخر أن يزرع معه أو يهايئه فيها فأبى . فللأول الزرع في قدر حقه بلا أجرة ، كدار بينهما فيها بيتان سكن أحدهما عند امتناعه مما يلزمه . انتهى . زرع بلا إذن شريكه قلت : وهذا الصواب . ولا يسع الناس غيره .
قوله ( وهل ذلك قيمته ، أو نفقته ؟ على وجهين ) . وهما وجهان في نسخة مقروءة على . وفي نسخة روايتان ، وعليها شرح المصنف الشارح ، وابن منجا . قال الحارثي : حكاهما متأخرو الأصحاب في كتابه الكبير روايتين . وأوردهما هنا وجهين . قال : والصواب أنهما روايتان . قال هو والمصنف والشارح : والمنقول عن في ذلك روايتان . وأطلقهما في الهداية ، وتذكرة الإمام أحمد ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والمغني ، والكافي ، والهادي ، والتلخيص ، والبلغة ، والشرح ، ابن عقيل والزركشي .
إحداهما : يأخذه بنفقته . وهي ما أنفق من البذر ومؤنة الزرع ، من الحرث [ ص: 133 ] والسقي وغيرهما . وهو المذهب ، وهو ظاهر كلام ، الخرقي والشيرازي . واختاره في رءوس المسائل ، القاضي . قال وابن عقيل الحارثي : وهو المذهب . وعليه متقدمو الأصحاب ، كالخرقي وأبي بكر ثم ابن أبي موسى ، في كتابي المجرد ورءوس المسائل ، والقاضي . لصريح الأخبار المتقدمة فيه . انتهى . وصححه في التصحيح . وجزم به في الطريق الأقرب ، والوجيز . وقدمه في الخلاصة ، والفروع ، والفائق . وابن عقيل
والرواية الثانية : يأخذه بقيمته زرعا الآن . صححه في التعليق . وجزم به في العمدة والمنور ، ومنتخب القاضي الأزجي وقدمه في المحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، وتجريد العناية ، وإدراك الغاية . واختاره ابن عبدوس في تذكرته . قلت : والنفس تميل إليه . قال : أصلهما هل يضمن ولد المغرور بمثله ، أو قيمته ؟ ابن الزاغوني رواية ثالثة : يأخذه بأيهما شاء . نقلها مهنا . قاله في الفروع . قال عنه الحارثي : وحكى القاضي حسين في كتاب التمام عن أخيه أبي القاسم رواية بالتخيير . وهو الظاهر من إيراد في التعليق . وذكر نص القاضي يعقوب مهنا . وقال في الفائق : وخرج أبو القاسم بن القاضي رواية بالخيرة . فكأنه ما اطلع على كلام الحارثي . أو أن تخريج رواية . ثم اطلع ، فوافق التخريج لها . فعلى الرواية الثانية ، واحتمال لأبي القاسم : لرب الأرض أجرتها إلى حين تسليم الزرع . على الصحيح من المذهب . جزم به في المغني ، والشرح أبي الخطاب والحارثي وغيرهم . وقدمه في الفروع . وذكر أبو يعلى الصغير : أنه لا أجرة له . ونقله . وعلى المذهب أعني إذا أوجبنا رد النفقة فقال في المغني ، والشرح : يرد [ ص: 134 ] مثل البذر . وبه قال إبراهيم بن الحارث . لأن البذر مثلي ونصره ابن الزاغوني الحارثي . وقال في المجرد : يجب ثمن البذر . القاضي
تنبيه : قال الحارثي : عبر بالنفقة عن عوض الزرع . وكذلك عبر المصنف ، أبو الخطاب والسامري ، وصاحب التلخيص ، وغيرهم . وليس بالجيد . لوجهين .
أحدهما : أن المعاوضة تستلزم ملك المعوض . ودخول الزرع في ملك الغاصب باطل بالنص . كما تقدم . فبطل كونها عوضا . عنه
الثاني : الأصل في المعاوضة : تفاوتهما وتباعدهما . فدل على انتفاء المعاوضة . والصواب : أنها عوض البذر ولواحقه . انتهى .
فائدة : يزكيه رب الأرض ، إن أخذه قبل وجوب الزكاة . وإن أخذه بعد الوجوب : ففي وجوب الزكاة عليه وجهان . وأطلقهما في الفروع ، والقواعد الفقهية . قلت : الصحيح أنه لا يزكيه ، بل تجب . لأنه ملكه إلى حين أخذه . على الصحيح ، كما تقدم . وعلى مقتضى النصوص واختيار الزكاة على الغاصب ، الخرقي وأبي بكر ، وابن أبي موسى ، والحارثي ، وغيرهم : يزكيه رب الأرض . لأنهم حكموا أن الزرع من أصله لرب الأرض . وعلى هذا يكون هذا المذهب .