[ ص: 112 ] سورة يونس
مكية، [إلا الآيات 40 و 94 و 95 و 96 فمدنية]
وهي مائة وتسع آيات [نزلت بعد الإسراء]
بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=treesubj&link=28981_32450_34225_34237nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=1الر تلك آيات الكتاب الحكيم nindex.php?page=treesubj&link=28981_30549_31037_31791_32026_34211_34513nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=2أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم قال الكافرون إن هذا لساحر مبين nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=1الر : تعديد للحروف على طريق التحدي، و
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=1تلك آيات الكتاب : إشارة إلى ما تضمنته السورة من الآيات ، والكتاب السورة، و
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=1الحكيم : ذو الحكمة; لاشتماله عليها، ونطقه بها، أو وصف بصفة محدثة، قال
الأعشى [من الكامل]:
وغريبة تأتي الملوك حكيمة ... قد قلتها ليقال: من ذا قالها؟
الهمزة لإنكار التعجب والتعجيب منه، و
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=2أن أوحينا : اسم كان، و"عجبا": خبرها. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : "عجب"، فجعله اسما وهو نكرة، و "أن أوحينا" خبرا وهو معرفة، كقوله [من الوافر]:
......................... ... يكون مزاجها عسل وماء
[ ص: 113 ] والأجود أن تكون "كان": تامة، وأن أوحينا بدلا من عجب.
فإن قلت: فما معنى اللام في قوله: أكان للناس عجبا ؟ وما هو الفرق بينه وبين قولك: أكان عند الناس عجبا ؟
قلت: معناه: أنهم جعلوه لهم أعجوبة يتعجبون منها، ونصبوه علما لهم يوجهون نحوه استهزاءهم وإنكارهم، وليس في عند الناس هذا المعنى، والذي تعجبوا منه أن يوحى إلى بشر، وأن يكون رجلا من أفناء رجالهم، دون عظيم من عظمائهم، فقد كانوا يقولون : العجب أن الله لم يجد رسولا يرسله إلى الناس إلا يتيم
أبي طالب، وأن يذكر لهم البعث وينذر بالنار، ويبشر بالجنة، وكل واحد من هذه الأمور ليس بعجب; لأن الرسل المبعوثين إلى الأمم لم يكونوا إلا بشر مثلهم، وقال الله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=95قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا [الإسراء: 95]، وإرسال الفقير أو اليتيم ليس بعجب -أيضا- لأن الله تعالى إنما يختار من استحق الاختيار، لجمعه أسباب الاستقلال بما اختير له من النبوة، والغنى والتقدم في الدنيا ليس من تلك الأسباب في شيء،
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=37وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى [سبأ: 37]، والبعث للجزاء على الخير والشر هو الحكمة العظمى، فكيف يكون عجبا؟ إنما العجب العجيب، والمنكر في العقول: تعطيل الجزاء،
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=2أن أنذر الناس : أن: هي المفسرة; لأن الإيحاء فيه معنى القول، ويجوز أن تكون المخففة من الثقيلة، وأصله: أنه أنذر الناس، على معنى: أن الشأن قولنا أنذر الناس، و
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=2أن لهم : الباء معه محذوف،
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=2قدم صدق عند [ ص: 114 ] ربهم أي: سابقة وفضلا ومنزلة رفيعة.
فإن قلت: لم سميت السابقة قدما ؟
قلت: لما كان السعي والسبق بالقدم، سميت المسعاة الجميلة والسابقة قدما، كما سميت النعمة يدا; لأنها تعطى باليد، وباعا; لأن صاحبها يبوع بها، فقيل: لفلان قدم في الخير، وإضافته إلى صدق; دلالة على زيادة فضل، وأنه من السوابق العظيمة، وقيل: مقام صدق،
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=2إن هذا : إن هذا الكتاب وما جاء به
محمد، nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=76لسحر : ومن قرأ: "لساحر"; فهذا إشارة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو دليل عجزهم واعترافهم به، وإن كانوا كاذبين في تسميته سحرا، وفي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي: "ما هذا إلا سحر" .
[ ص: 112 ] سُورَةُ يُونُسَ
مَكِّيَّةٌ، [إِلَّا الْآيَاتِ 40 و 94 و 95 و 96 فَمَدَنِيَّةٌ]
وَهِيَ مِائَةٌ وَتِسْعُ آيَاتٍ [نَزَلَتْ بَعْدَ الْإِسْرَاءِ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=28981_32450_34225_34237nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=1الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ nindex.php?page=treesubj&link=28981_30549_31037_31791_32026_34211_34513nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=2أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=1الر : تَعْدِيدٌ لِلْحُرُوفِ عَلَى طَرِيقِ التَّحَدِّي، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=1تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ : إِشَارَةٌ إِلَى مَا تَضَمَّنَتْهُ السُّورَةُ مِنَ الْآيَاتِ ، وَالْكِتَابُ السُّورَةُ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=1الْحَكِيمِ : ذُو الْحِكْمَةِ; لِاشْتِمَالِهِ عَلَيْهَا، وَنُطْقِهِ بِهَا، أَوْ وَصْفٌ بِصِفَةٍ مُحْدَثَةٍ، قَالَ
الْأَعْشَى [مِنَ الْكَامِلِ]:
وَغَرِيبَةٍ تَأْتِي الْمُلُوكَ حَكِيمَةٍ ... قَدْ قُلْتُهَا لِيُقَالَ: مَنْ ذَا قَالَهَا؟
الْهَمْزَةُ لِإِنْكَارِ التَّعَجُّبِ وَالتَّعْجِيبِ مِنْهُ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=2أَنْ أَوْحَيْنَا : اسْمُ كَانَ، وَ"عَجَبًا": خَبَرُهَا. وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ : "عَجَبٌ"، فَجَعَلَهُ اسْمًا وَهُوَ نَكِرَةٌ، وَ "أَنْ أَوْحَيْنَا" خَبَرًا وَهُوَ مَعْرِفَةٌ، كَقَوْلِهِ [مِنَ الْوَافِرِ]:
......................... ... يَكُونُ مِزَاجَهَا عَسَلٌ وَمَاءُ
[ ص: 113 ] وَالْأَجْوَدُ أَنْ تَكُونَ "كَانَ": تَامَّةً، وَأَنْ أَوْحَيْنَا بَدَلًا مِنْ عَجَبٍ.
فَإِنْ قُلْتَ: فَمَا مَعْنَى اللَّامِ فِي قَوْلِهِ: أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا ؟ وَمَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِكَ: أَكَانَ عِنْدَ النَّاسِ عَجَبًا ؟
قُلْتُ: مَعْنَاهُ: أَنَّهُمْ جَعَلُوهُ لَهُمْ أُعْجُوبَةً يَتَعَجَّبُونَ مِنْهَا، وَنَصَبُوهُ عَلَمًا لَهُمْ يُوَجِّهُونَ نَحْوَهُ اسْتِهْزَاءَهُمْ وَإِنْكَارَهُمْ، وَلَيْسَ فِي عِنْدِ النَّاسِ هَذَا الْمَعْنَى، وَالَّذِي تَعَجَّبُوا مِنْهُ أَنْ يُوحَى إِلَى بَشَرٍ، وَأَنْ يَكُونَ رَجُلًا مِنْ أَفْنَاءِ رِجَالِهِمْ، دُونَ عَظِيمٍ مِنْ عُظَمَائِهِمْ، فَقَدْ كَانُوا يَقُولُونَ : الْعَجَبُ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَجَدْ رَسُولًا يُرْسِلُهُ إِلَى النَّاسِ إِلَّا يَتِيمَ
أَبِي طَالِبٍ، وَأَنْ يَذْكُرَ لَهُمُ الْبَعْثَ وَيُنْذِرَ بِالنَّارِ، وَيُبَشِّرَ بِالْجَنَّةِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ لَيْسَ بِعَجَبٍ; لِأَنَّ الرُّسُلَ الْمَبْعُوثِينَ إِلَى الْأُمَمِ لَمْ يَكُونُوا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُهُمْ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=95قُلْ لَوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولا [الْإِسْرَاءُ: 95]، وَإِرْسَالُ الْفَقِيرِ أَوِ الْيَتِيمِ لَيْسَ بِعَجَبٍ -أَيْضًا- لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا يَخْتَارُ مَنِ اسْتَحَقَّ الِاخْتِيَارَ، لِجَمْعِهِ أَسْبَابَ الِاسْتِقْلَالِ بِمَا اخْتِيرَ لَهُ مِنَ النُّبُوَّةِ، وَالْغِنَى وَالتَّقَدُّمِ فِي الدُّنْيَا لَيْسَ مِنْ تِلْكَ الْأَسْبَابِ فِي شَيْءٍ،
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=37وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى [سَبَأٌ: 37]، وَالْبَعْثُ لِلْجَزَاءِ عَلَى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ هُوَ الْحِكْمَةُ الْعُظْمَى، فَكَيْفَ يَكُونُ عَجَبًا؟ إِنَّمَا الْعَجَبُ الْعَجِيبُ، وَالْمُنْكَرُ فِي الْعُقُولِ: تَعْطِيلُ الْجَزَاءِ،
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=2أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ : أَنْ: هِيَ الْمُفَسِّرَةُ; لِأَنَّ الْإِيحَاءَ فِيهِ مَعْنَى الْقَوْلِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْمُخَفَّفَةَ مِنَ الثَّقِيلَةِ، وَأَصْلُهُ: أَنَّهُ أَنْذَرَ النَّاسَ، عَلَى مَعْنَى: أَنَّ الشَّأْنَ قَوْلُنَا أَنْذِرِ النَّاسَ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=2أَنَّ لَهُمْ : الْبَاءُ مَعَهُ مَحْذُوفٌ،
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=2قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ [ ص: 114 ] رَبِّهِمْ أَيْ: سَابِقَةً وَفَضْلًا وَمَنْزِلَةً رَفِيعَةً.
فَإِنْ قُلْتَ: لِمَ سُمِّيَتِ السَّابِقَةُ قَدَمًا ؟
قُلْتُ: لَمَّا كَانَ السَّعْيُ وَالسَّبْقُ بِالْقَدَمِ، سُمِّيَتِ الْمَسْعَاةُ الْجَمِيلَةُ وَالسَّابِقَةُ قَدَمًا، كَمَا سُمِّيَتِ النِّعْمَةُ يَدًا; لِأَنَّهَا تُعْطَى بِالْيَدِ، وَبَاعًا; لِأَنَّ صَاحِبَهَا يَبُوعُ بِهَا، فَقِيلَ: لِفُلَانٍ قَدَمٌ فِي الْخَيْرِ، وَإِضَافَتُهُ إِلَى صِدْقٍ; دَلَالَةٌ عَلَى زِيَادَةِ فَضْلٍ، وَأَنَّهُ مِنَ السَّوَابِقِ الْعَظِيمَةِ، وَقِيلَ: مَقَامَ صِدْقٍ،
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=2إِنَّ هَذَا : إِنَّ هَذَا الْكِتَابَ وَمَا جَاءَ بِهِ
مُحَمَّدٌ، nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=76لَسِحْرٌ : وَمَنْ قَرَأَ: "لَسَاحِرٌ"; فَهَذَا إِشَارَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ دَلِيلُ عَجْزِهِمْ وَاعْتِرَافِهِمْ بِهِ، وَإِنْ كَانُوا كَاذِبِينَ فِي تَسْمِيَتِهِ سِحْرًا، وَفِي قِرَاءَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيٍّ: "مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ" .