إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء عليما
"إذ" يجوز أن يعمل فيه ما قبله. أي: لعذبناهم أو صدوهم عن المسجد الحرام في ذلك الوقت، وأن ينتصب بإضمار اذكر. والمراد بحمية الذين كفروا وسكينة [ ص: 548 ] المؤمنين -والحمية الأنفة والسكينة والوقار- ما روي قريش سهيل بن عمرو القرشي وحويطب بن عبد العزى ومكرز بن حفص بن الأخيف، على أن يعرضوا على النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع من عامه ذلك على أن تخلي له قريش مكة من العام القابل ثلاثة أيام، ففعل ذلك، وكتبوا بينهم كتابا، فقال عليه الصلاة والسلام لعلي رضي الله عنه: "اكتب بسم الله الرحمن الرحيم"، فقال سهيل وأصحابه: ما نعرف هذا، ولكن اكتب: باسمك اللهم، ثم قال: "اكتب هذا ما صالح عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل مكة" فقالوا: لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله أهل مكة، فقال عليه الصلاة والسلام: "اكتب ما يريدون، فأنا أشهد أني رسول الله وأنا محمد بن عبد الله " فهم المسلمون أن يأبوا ذلك ويشمئزوا منه، فأنزل الله على رسوله السكينة فتوقروا وحلموا. و أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل بالحديبية بعثت كلمة التقوى بسم الله الرحمن الرحيم ومحمد رسول الله، قد اختارها الله لنبيه وللذين معه أهل الخير ومستحقيه ومن هم أولى بالهداية من غيرهم. وقيل: هي كلمة الشهادة. وعن رضي الله عنه: كلمة التقوى هي الوفاء بالعهد. ومعنى إضافتها إلى التقوى: أنها سبب التقوى وأساسها. وقيل: كلمة أهل التقوى. وفى مصحف الحسن صاحب الحرث بن سويد عبد الله : (وكانوا أهلها وأحق بها)، وهو الذي دفن مصحفه أيام . الحجاج