[ ص: 24 ] يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور
"لا يجزي" لا يقضي عنه شيئا. ومنه قيل للمتقاضي: المتجازي. وفى الحديث في جذعة ابن نيار: وقرئ: (لا يجزئ) لا يغني. يقال: أجزأت عنك مجزأ فلان. والمعنى: لا يجزي فيه، فحذف "الغرور": الشيطان. وقيل: الدنيا، وقيل: تمنيكم في المعصية المغفرة. وعن تجزي عنك ولا تجزي عن أحد بعدك. -رضي الله عنه-: الغرة بالله: أن يتمادى الرجل في المعصية ويتمنى على الله المغفرة. وقيل: ذكرك لحسناتك ونسيانك لسيئاتك غرة. وقرئ بضم الغين وهو مصدر غره غرورا. وجعل الغرور غارا، كما قيل: جد جده . أو أريد زينة الدنيا لأنها غرور. فإن قلت: قوله: سعيد بن جبير ولا مولود هو جاز عن والده شيئا وارد على طريق من التوكيد لم يرد عليه ما هو معطوف عليه. قلت: الأمر كذلك; لأن الجملة الاسمية آكد من الفعلية، وقد انضم إلى ذلك قوله: "هو" وقوله: "مولود" والسبب في مجيئه على هذا السنن: أن الخطاب للمؤمنين وعليتهم: قبض آباؤهم على الكفر وعلى الدين الجاهلي، فأريد حسم أطماعهم وأطماع الناس فيهم: أن ينفعوا آباءهم في الآخرة، وأن يشفعوا لهم، وأن يغنوا عنهم من الله شيئا; فلذلك جيء به على الطريق الآكد. ومعنى التوكيد في لفظ المولود: أن الواحد منهم لو شفع للأب الأدنى الذي ولد منه، لم تقبل شفاعته؛ فضلا أن يشفع لمن [ ص: 25 ] فوقه من أجداده; لأن الولد يقع على الولد وولد الولد; بخلاف المولود فإنه لمن ولد منك.