الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              معلومات الكتاب

              الظلم وانعكاساته على الإنسانية (رؤية شرعية)

              الأستاذ الدكتور / عثمان محمد غنيم

              - القوة المادية:

              يقصد بها القوة الجسمية أو قوة المال والموارد أو قوة الكثرة والعدد أو قوة العدة والسلاح، وعندما تهيمن هذه القوى مجتمعة أو فرادى على نفوس أصحـابـها من ضعـاف الإيمـان أو عديميه، سـواء أكانوا أفـرادا أو جمـاعـات [ ص: 111 ] أو مجتمعـات، فيذهبـوا إلى الظن بأنـهـم أعطـوا ذلك لفضلهم على غيرهم، فيتـولـد لديهم شعـور بالاستعـلاء والاستغنـاء عـن الآخرين، ألم يقل قارون: ( إنما أوتيته على علم عندي ) (القصص:78).

              إن هذا الغرور يدفع هذه الفئة من الناس إلى الترف، الذي ينقلهم بدوره إلى حالة نفسية مرضية من الهوج والهوس، سماها القرآن الكريم بطرا، وهو حالة من الدهشة تصيب النفس من سوء احتمال النعمة، وعدم القيام بحقها، وهو أيضا حالة من الخفة، التي تقود صاحبها إلى تجاوز الحدود الشرعية والإنسانية في تعاملاته مع الآخرين، من خلال سلب الحقوق والقرصنة بصورها وأشكالها المختلفة.

              وفي عصرنا الحاضر هناك نماذج كثيرة من الأفراد والأمم، الذين اغتروا بقوتهم المـادية، فاعتقـدوا أن هـذه القـوة المادية هي كل شيء، فبغـوا وطغـوا، ولم يتعلموا أو يعتبروا ممن سبقهم من الأشخاص والأمم، فمن عاد، التي قالت: ( فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون ) (فصلت:15)، إلى ثمود، الذين جابوا الصخر بالواد، ثم إلى فرعون ذي الأوتاد، اغتروا بقوتهم التي منحهم إياها العزيز الجليل، فظلموا وعاثوا في الأرض فسادا، فكان الله تعالى لهم بالمرصاد، فصب عليهم العذاب صبا، وأذاقهم الخزي في الدنيا، ولعذاب الآخرة أكبر: ( ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب ) (البقرة:165) [1] . [ ص: 112 ]

              التالي السابق


              الخدمات العلمية