( 8780 ) فصل : فإن فللمكاتب فداؤه بغير إذن سيده كما يفدي غيره من عبيده وقال ملك المكاتب ابنه أو بعض ذوي رحمه المحرم ، أو ولد له ولد من أمته فجنى جناية تعلق أرشها برقبته في " المجرد " : ليس له فداؤه بغير إذنه . وهو مذهب القاضي ; لأنه إتلاف لماله ، فإن ذوي رحمه ليسوا بمال له ولا يتصرف فيهم فلم يجز له إخراج ماله في مقابلتهم ، ولأن شراءهم كالتبرع ويفارق العبد الأجنبي ; فإنه ينتفع به وله صرفه في كتابته فكان له فداؤه وشراؤه كسائر الأموال ، لكن إن كان لهذا الجاني كسب فدي منه ، وإن لم يكن له كسب بيع في الجناية إن استغرقت قيمته ، وإن لم تستغرقها بيع بعضه فيها وما بقي للمكاتب . الشافعي
ولنا أنه عبد له جنى فملك فداءه كسائر عبيده ولا نسلم أنه لا يملك شراءه وقولهم : لا يتصرف فيه . قلنا : إلا أن كسبه له وإن عجزه المكاتب صار رقيقا معه لسيده وإن أدى المكاتب لم يتضرر السيد بعتقهم وانتفع به المكاتب ، وإذا دار أمره بين نفع وانتفاء ضرر وجب أن لا يمنع منه ، وفارق التبرع فإنه يفوت المال على السيد فإن قيل : بل فيه مضرة وهو منعه من أداء الكتابة ، فإنه إذا صرف المال فيه ولم يقدر على صرفه في الكتابة عجز عنها . قلنا : هذا الضرر لا يمنع المكاتب منه ; بدليل ما لو ترك الكسب مع إمكانه ، أو امتنع من الأداء مع قدرته عليه فإنه لا يمنع منه ولا يجبر على كسب ولا أداء ، فكذلك لا يمنع مما هو في معناه ولا مما يفضي إليه ، ولأن غاية الضرر في هذا المنع من إتمام الكتابة - وليس إتمامها واجبا عليه - فأشبه ترك الكسب ، بل هذا أولى لوجهين : أحدهما أن هذا فيه نفع للسيد ; لمصيرهم عبيدا له .
والثاني أن فيه نفعا للمكاتب بإعتاق ولده وذوي رحمه ونفعهم بالإعتاق على تقدير الأداء ، فإذا لم يمنع مما يساويه في المضرة من غير نفع فيه ، فلأن لا يمنع مما فيه نفع لازم لإحدى الجهتين أولى . وولد المكاتبة يدخل في كتابتها ، والحكم في جنايته كالحكم في ولد المكاتب سواء .