[ ص: 235 ] مسألة ; قال : ( وإذا ، قبلت منه ، ما لم يحكم بشهادته ) وهذا مثل أن يشهد بمائة ، ثم يقول : هي مائة وخمسون . أو يقول : بل هي تسعون . فإنه يقبل منه رجوعه ، ويحكم بما شهد به أخيرا . وبهذا قال غير العدل شهادته بحضرة الحاكم ، فزاد فيها أو نقص أبو حنيفة والثوري ، وسليمان بن حبيب المحاربي وإسحاق . وقال الزهري : لا تقبل شهادته الأولى ولا الآخرة ; لأن كل واحدة منهما ترد الأخرى وتعارضها ، ولأن الأولى مرجوع عنها ، والثانية غير موثوق بها لأنها من مقر بغلطه وخطئه في شهادته ، فلا يؤمن أن يكون في الغلط كالأولى .
وقال : يؤخذ بأقل قوليه ; لأنه أدى الشهادة وهو غير متهم ، فلم يقبل رجوعه عنها ، كما لو اتصل بها الحكم . ولنا ، أن شهادته الآخرة شهادة من عدل غير متهم ، لم يرجع عنها ، فوجب الحكم بها ، كما لو لم يتقدمها ما يخالفها ، ولا تعارضها الأولى ; لأنها قد بطلت برجوعه عنها ، ولا يجوز الحكم بها ; لأنها شرط الحكم ، فيعتبر استمرارها إلى انقضائه . ويفارق رجوعه بعد الحكم ; لأن الحكم قد تم باستمرار شرطه ، فلا ينقض بعد تمامه . مالك