وأما فقد اختلف العلماء فيه قال أصحابنا - رحمهم الله - يعطى له أقل الأنصباء وهو نصيب الأنثى إلا أن يكون أسوأ أحواله أن يجعل ذكرا فحينئذ يجعل ذكرا حكما ، وبيان هذا في مسائل : إذا حكم الميراث فعند أصحابنا - رحمهم الله تعالى - يقسم المال بينهم أثلاثا للابن المعروف الثلثان وللخنثى الثلث ويجعل الخنثى هاهنا أنثى كأنه ترك ابنا وبنتا ، ولو مات رجل وترك ابنا معروفا وولدا خنثى فالنصف للخنثى والباقي للعصبة ويجعل الخنثى أنثى كأنه ترك بنتا وعصبة ، ولو ترك ولدا خنثى وعصبة فللأخت للأب والأم النصف ، والخنثى لأب السدس تكملة الثلثين ، والباقي للعصبة ، ويجعل الخنثى أيضا هاهنا أنثى كأنه ترك أختا لأب وأم ، وأختا لأب ، وعصبة . ترك أختا لأب وأم وخنثى لأب ، وعصبة
فإن فللزوج النصف وللأخت للأب والأم النصف ولا شيء للخنثى ويجعل هاهنا ذكرا ; لأن هذا أسوأ أحواله ; لأنا لو جعلناه أنثى لأصاب السدس وتعول الفريضة ، ولو جعلناه ذكرا لا يصيب شيئا كأنها تركت زوجا وأختا لأب وأم وأخا لأب وهذا الذي ذكرنا قول أصحابنا - رحمهم الله - تعالى . تركت زوجا وأختا لأب ، وأم وخنثى لأب
وقال الشعبي - رحمه الله - يعطى نصف ميراث الذكر ونصف ميراث الأنثى ; لأنه يحتمل أن يكون ذكرا ويحتمل أن يكون أنثى فيعطى له نصف ميراث الرجال ونصف ميراث النساء ( والصحيح ) قول أصحابنا - رحمهم الله - تعالى ; لأن الأقل ثابت بيقين ، وفي الأكثر شك ; لأنه إن كان ذكرا فله الأكثر ، وإن كان أنثى فلها الأقل فكان استحقاق الأقل ثابتا بيقين وفي استحقاق الأكثر شك فلا يثبت الاستحقاق مع الشك على الأصل المعهود في غير الثابت بيقين أنه لا يثبت بالشك ، ولأن سبب استحقاق كل المال ثابت للابن المعروف وهو ذكر فيه وإنما ينتقص حقه بمزاحمة الآخر فإذا احتمل أنه ذكر واحتمل أنه أنثى وقع الشك في سقوط حقه عن الزيادة على الثلث فلا يسقط بالشك على الأصل المعهود في [ ص: 329 ] الثابت بيقين أنه لا يسقط بالشك .
واختلف أبو يوسف - رحمهما الله - في تفسير قول ومحمد الشعبي - رحمه الله - وتخريجه فيما إذا ترك ابنا معروفا وولدا خنثى فقال على قياس قوله : يقسم المال على سبعة : أربعة أسهم منها للابن المعروف ، وثلاثة للخنثى . أبو يوسف
وقال - رحمه الله تعالى - على قياس قوله : يقسم المال على اثني عشر سهما : سبعة منها للابن المعروف ، وخمسة للخنثى ، وجه تفسير محمد وتخريجه لقول محمد الشعبي أن للخنثى في حال سهما وهو أن يكون ذكرا وللابن المعروف سهم ، وله في حال ثلثا سهم وهو أن يكون أنثى وللابن المعروف سهم وثلث سهم فيعطى نصف ما يستحقه في حالين ; لأنه لا يستحق على حالة واحدة من الذكورة والأنوثة لاستحالة أن يكون الشخص الواحد ذكرا وأنثى وليست إحدى الحالتين أولى من الأخرى فيعطى نصف ما يستحقه في الحالتين وهو خمسة أسداس سهم وانكسر الحساب بالأسداس فيصير كل سهم ستة فيصير جميع المال اثني عشر سهما للخنثى منها خمسة وللابن المعروف سبعة ، أو يقال إذا جعلنا جميع المال اثني عشر سهما فالخنثى يستحق في حال ستة من اثني عشر وهي أن يكون ذكرا وفي حال أربعة من اثني عشر وهي أن يكون أنثى فالأربعة ثابتة بيقين ، وسهمان يثبتان في حال ولا يثبتان في حال وليست إحدى الحالتين أولى من الأخرى فينصف .
وذلك سهم فذلك خمسة أسهم للخنثى .
وأما الابن المعروف فالستة من الاثني عشر ثابتة بيقين وسهمان يثبتان في حال ولا يثبتان في حال فينصف وذلك سهم فذلك سبعة أسهم للابن المعروف ، والله سبحانه وتعالى أعلم .
( وجه ) قول وتخريجه لقول أبي يوسف الشعبي أنه يحتمل أن يكون ذكرا ويحتمل أن يكون أنثى ، فإن كان ذكرا فله نصيب ابن وهو سهم ، وللابن المعروف سهم ، وإن كان أنثى فله نصيب بنت وهو نصف سهم وللابن المعروف سهم فله في حال سهم تام وفي حال نصف سهم ، وإنما يستحق على حالة واحدة وليست إحداهما بأولى من الأخرى فيعطى نصف ما يستحقه في حالتين وذلك ثلاثة أرباع سهم ، وللابن المعروف سهم تام فيكون الميراث بينهما على سبعة أسهم للابن المعروف أربعة وللخنثى ثلاثة ، والله سبحانه وتعالى أعلم .
( ووجدت ) في شرح مسائل المجرد المنسوب إلى الإمام إسماعيل بن عبد الله البيهقي رضي الله عنه الذي اختصر المبسوط والجامعين والزيادات في مجلدة واحدة وشرحه بكتاب لقبه الشامل بابا في الخنثى فأحببت أن ألحقه بهذا الفصل وهو ليس من أصل الشيخ وهو باب الخنثى .
( قال ) رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { ابن عباس } وهو مذهبنا ، الخنثى المشكل معتبر بالنساء في حق بعض الأحكام إذا كان الاحتياط في الإلحاق بهن ، وبالرجال إذا كان الاحتياط فيه ، فحكمه في الصلاة حكم المرأة في القعود والستر ، وفي الوقوف بجنب الرجال في إفساد صلاة الرجل ، ويقوم خلف الرجال وقدام النساء يورث الخنثى من حيث يبول إلحاقا بالرجال ، وفي القصاص فيما دون النفس مثل المرأة ، ولو مات يمم بالصعيد ولا يغسله رجل ولا امرأة ويسجى قبره ويدخل قبره ذو رحم محرم منه . ولا يلبس الحرير
لم يتزوج بأمه ، ولو فإن قبله رجل بشهوة يؤجل كالعنين سنة ولا حد على زوجه أبوه امرأة اعتبارا بالمجبوب والرتقاء ، وفي الكل يعتبر الاحتياط قاذفه ; لأن الملك ثابت فلا يزول بالشك ، ولو قال القولين جميعا عتق لما عرف . قال : " كل عبد لي حر " وقال : " كل أمة " لم يعتق الخنثى المشكل
لا يقبل ; لأنه متهم ويشتري امرأة بأن يشتري له أمة من ماله للخدمة ، فإن لم يكن له مال فمن بيت المال ; لأنه من مصالح أهل الإسلام . ( وقوله ) أنا ذكر ، أو أنثى
وكانت تبول من مبال النساء ، وامرأة أنه كان زوجها وكان يبول من مبال الرجال لم يقض لأحدهما إلا إن ذكرت إحدى البينتين وقتا أقدم فيقضى له وفي حبسه في الدعاوى ، ولا يفرض له في الديوان ; لأنه حق الرجل المقاتل ، فإن شهد القتال يرضخ له ; لأن الرضخ نوع إعانة . ( مات ) وأقام رجل البينة إنها كانت امرأته
لم يقتل ، ولا يدخل في قسامة وإن أسر ; لأن هذا من أحكام الرجال ولا تؤخذ منه الجزية لم يزد على خمسمائة عند أوصى رجل لما في بطن فلانة بألف درهم إن كان غلاما ، وبخمسمائة إن كانت جارية وكان مشكلا - عليه الرحمة - وعندهما - رحمهما الله - له نصف الألف والخمسمائة ، قال : وخروج اللحية دليل أنه رجل ، والثدي على مثال ثدي المرأة مع عدم اللحية والحيض دليل كونه امرأة . أبي حنيفة
صح الوقف في النكاح حتى تتبين ، فإن ماتا قبل البيان لم يتوارثا لما مر زوج خنثى [ ص: 330 ] من خنثى مشكلان على أن أحدهما رجل والآخر امرأة ، قضيت بشهادة الغلام ; لأنها أكثر إثباتا ، فإن كان المدعى مهرا قضيت بكونها جارية ، وإن كان المقيم لا يطلب شيئا لم تسمع البينة ، والله سبحانه وتعالى أعلم . شهد شهود على خنثى أنه غلام ، وشهود أنه جارية ، والمطلوب ميراث