الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وأما الذي يرجع إلى المقتول فثلاثة أنواع : أحدها : أن لا يكون جزء القاتل ، حتى لو قتل الأب ولده لا قصاص عليه ، وكذلك الجد أب الأب أو أب الأم وإن علا ، وكذلك إذا قتل الرجل ولد ولده وإن سفلوا ، وكذا الأم إذا قتلت ولدها أو أم الأم أو أم الأب إذا قتلت ولد ولدها ، والأصل فيه ما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : { لا يقاد الوالد بولده } ، واسم الوالد والولد يتناول كل والد ، وإن علا ، وكل ولد وإن سفل ، ولو كان في ورثة المقتول ولد القاتل أو ولد ولده فلا قصاص ، لأنه تعذر إيجاب القصاص للولد في نصيبه ، فلا يمكن الإيجاب للباقين ، لأنه لا يتجزأ وتجب الدية للكل .

                                                                                                                                ويقتل الولد بالوالد لعمومات القصاص من غير فصل ، ثم خص منها الوالد بالنص الخالص فبقي الولد داخلا تحت العموم ، ولأن القصاص شرع لتحقيق حكمة الحياة بالزجر ، والردع ، والحاجة إلى الزجر في جانب الولد لا في جانب الوالد ; لأن الوالد يحب ولده لولده لا لنفسه بوصول النفع إليه من جهته ، أو يحبه لحياة الذكر لما يحيا به ذكره ، وفيه أيضا زيادة شفقة تمنع الوالد عن قتله ، فأما الولد فإنما يحب والده لا لوالده بل لنفسه ، وهو وصول النفع إليه من جهته ، فلم تكن محبته وشفقته مانعة من القتل ، فلزم المنع بشرع القصاص كما في الأجانب ، ولأن محبة الولد لوالده لما كانت لمنافع تصل إليه من جهته لا لعينه فربما يقتل الوالد ليتعجل الوصول إلى أملاكه ، لا سيما إذا كان لا يصل النفع إليه من جهته لعوارض ، ومثل هذا يندر في جانب الأب .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية