وأما بيان فنقول : ما يسقطه بعد وجوبه أنواع : منها ما يسقط الحد بعد وجوبه بأن يقول له : لم تسرق مني ، ومنها تكذيب المسروق منه السارق في إقراره بالسرقة بأن يقول : شهد شهودي بزور ; لأنه إذا كذب فقد بطل الإقرار والشهادة ; فسقط القطع ، ومنها رجوع السارق عن الإقرار بالسرقة فلا يقطع ، ويضمن المال ; لأن الرجوع يقبل في الحدود ، ولا يقبل في المال ; لأنه يورث شبهة في الإقرار ، والحد يسقط بالشبهة ، ولا يسقط المال رجلان أقرا بسرقة ثوب يساوي مائة درهم ، ثم قال أحدهما : الثوب ثوبنا لم نسرقه ، أو قال : هذا لي درئ القطع عنهما ; لأنهما لما أقرا بالسرقة فقد ثبتت الشركة بينهما في السرقة . تكذيبه البينة
ثم لما أنكر أحدهما فقد رجع عن إقراره فبطل الحد عنه برجوعه فيورث شبهة في حق الشريك ; لاتحاد السرقة ولو قطع المقر وحده في قول قال أحدهما : سرقنا هذا الثوب من فلان فكذبه الآخر ، وقال كذبت لم نسرقه ، وقال أبي حنيفة : لا يقطع واحد منهما . أبو يوسف
( وجه ) قول : أنه أقر بسرقة واحدة بينهما على الشركة ، فإذا لم تثبت في حق شريكه بإنكاره يؤثر ذلك في حق صاحبه ضرورة اتحاد السرقة ، وهذا ، بخلاف ما إذا أقر بالزنا بامرأة فأنكرت : إنه يحد الرجل على أصله ; لأن إنكار المرأة لا يؤثر في إقرار الرجل إذ ليس من ضرورة عدم الزنا من جانبها عدمه من جانبه ، كما لو زنى بصبية ، أو مجنونة ، بخلاف الإقرار بالسرقة ; لأن ذلك وجد من أحدهما على وجه الشركة ، فعدم السرقة من أحدهما يؤثر في حق الآخر . أبي يوسف
( وجه ) قول : أن إقراره بالشركة في السرقة إقرار بوجود السرقة من كل واحد منهما ، إلا أنه لما أنكر صاحبه السرقة لم يثبت منه فعل السرقة ، وعدم الفعل منه لا يؤثر في وجود الفعل من صاحبه فبقي إقرار صاحبه على نفسه بالسرقة فيؤخذ به ، بخلاف إقرار الرجل على نفسه بالزنا بامرأة ، وهي تجحد ; إنه لا يجب الحد على الرجل على أصله ; لأن الزنا لا يقوم إلا بالرجل والمرأة فإذا أنكرت لم يثبت منها فلا يتصور الوجود من الرجل ، بخلاف الإقرار بالسرقة على ما بينا ، والله - سبحانه وتعالى - أعلم . أبي حنيفة