ولو فإن ادعى الاشتباه بأن قال : ظننت أنه تحل لي . وطئ جارية الأب أو الأم
لم يجب الحد وإن لم يدع - يجب ، وهو تفسير شبهة الاشتباه ، وأنها تعتبر في سبعة مواضع : في جارية الأب وجارية الأم وجارية المنكوحة وجارية المطلقة ثلاثا - ما دامت في العدة - وأم الولد - ما دامت تعتد منه - والعبد إذا وطئ جارية مولاه والجارية المرهونة إذا وطئها المرتهن ، في رواية كتاب الرهن ، وفي رواية كتاب الحدود يجب الحد ولا يعتبر ظنه ، أما إذا وطئ جارية أبيه أو أمه أو زوجته ; فلأن الرجل ينبسط في مال أبويه وزوجته وينتفع به من غير استئذان وحشمة عادة ، ألا ترى أنه يستخدم جارية أبويه ومنكوحته من غير استئذان ; فظن أن هذا النوع من الانتفاع مطلق له شرعا أيضا ، وهذا وإن لم يصلح دليلا على الحقيقة لكنه لما ظنه دليلا اعتبر في حقه ; لإسقاط ما يندرئ بالشبهات .
وإذا لم يدع ذلك فقد عرى الوطء عن الشبهة فتمحض حراما - فيجب الحد ولا يثبت نسب الولد سواء ادعى بالاشتباه أو لا ; لأن ثبات النسب يعتمد قيام معنى في المحل وهو الملك من كل وجه أو من وجه ولم يوجد ، ولو ادعى أحدهما الظن ولم يدع الآخر - لا حد عليهما ما لم يقرا جميعا أنهما قد علما بالحرمة ; لأن الوطء يقوم بهما جميعا فإذا تمكنت فيه الشبهة من أحد الجانبين ; فقد تمكنت من الجانب الآخر ضرورة .
وأما من سوى الأب والأم من سائر ذوي الرحم المحرم ، كالأخ والأخت ونحوهما إذا وطئ جاريته يجب الحد ، وإن قال : ظننت أنها تحل لي ; لأن هذا دعوى الاشتباه في غير موضع الاشتباه ; لأن الإنسان لا ينبسط بالانتفاع بمال أخيه وأخته عادة ، فلم يكن هذا ظنا مستندا إلى دليل فلا يعتبر .