1064 - 63 قال : وحدثني
nindex.php?page=showalam&ids=14898محمد بن يوسف ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16769محمد بن جعفر ، قال :
nindex.php?page=treesubj&link=31806_31819وكان وزن الحبة منها ألفا وثمانمائة درهم في كل حبة ، فقال آدم - عليه السلام - : يا جبرئيل ، ما هذا ؟ قال : هذه أخرجتك من الجنة ، قال : فما أصنع به ؟ قال : انثره في الأرض ، ففعل ، فأنبته الله تعالى من ساعته ، فجرت سنة ولده البذر ، ثم أمره ، فحصده بيده ، فجعل يأخذ القبضة ، فلذلك صار الحصاد بأخذ القبضة بعد القبضة ، ثم أمره بجمعه وفركه بيده ، ففعل ذلك ، فلذلك [ ص: 1599 ] صار ولده يفركون بأيديهم ، ثم أمره أن يذريه في الريح ، فلذلك صار ولده يذري الحنطة في الريح ، ثم أتاه بحجرين ، فوضع إحداهما على الأخرى فدقه ، فلذلك وضعت الأرحاء ، ثم أمره أن يعجنه ، فأتاه جبريل - عليه السلام - بماء ، فلذلك صار ولده يعجنون الدقيق اليوم ، ثم أمره أن يخبز الملة ، ويجمع له جبريل النار من الحديد ، والحجر ، فقدحه ، فلذلك صار ولده يقدحونه اليوم ، وهو أول من خبز الملة ، ثم أمره أن يأكله بعد ذلك ، فقال : يا جبريل لا أريد ، فقال له جبريل : تشكو إلى ربك الجوع ، فلما أطعمك تقول : لا أريد ، قال : فإني أعييت مما عالجت ، فقال له : يا جبريل هذا عملي ، وعمل ذريتي إلى أن تقوم الساعة ؟ قال : نعم ، فبكى آدم - عليه السلام - أربعين صباحا ، فنبتت لحيته من الهم والحزن على ولده ، فلما أكل تلك الملة ، وجد في بطنه ثقلا ، ووجعا ، ولم يكن قبل ذلك مخاط ولا بزاق ، فشكا ذلك إلى جبريل - عليه السلام - ، فقال له : أتدري لم ذاك ؟ إن الله عز وجل حين خلقك طينا أجوف جاء إبليس فضرب بيده على بطنك ، فسمع دويا كدوي الخابية ، فقال للملائكة : " لا يهمكم إن يكن ملكا ، فهو منكم ، وإن يكن من غيركم ، فأنا أكفيكموه ، وتصديق [ ص: 1600 ] ذلك قول الله عز وجل : ( nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=20ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين ) وكان من اتبعه هاروت وماروت ، ثم دخل من جوفك ، وخرج من دبرك ، فكلما أصاب الطعام من ذلك نتن ، لأن ممره على ممر إبليس في بطنك ، فالتغيير من ذلك ، فلم يكن
لآدم - عليه السلام - قبل ذلك مخاط ولا بزاق ، ولا شيء من الأذى حتى أكل الطعام ، فلذلك صار للطعام ريح ، ثم إن الله تعالى أنزله إلى أسفل الجبل ، وملكه الأرض ، فأمر ربنا تبارك وتعالى الأرض بكل من عليها من الجن ، وغيرهم من الأنعام ، والدواب ، والسباع ، والهوام ، والطير ، وكل خلق كان خلق فيها أن يطيعوا
آدم - صلى الله على نبينا وعليه وسلم - ، وأن يتعلموا أسماءهم ، وأن يتلقنوا التسبيح منه بألسنتهم ، وإن
آدم - عليه السلام - لما نزل من رأس الجبل ، وغاب عنه كلام أهل السماء ، وانقطع عنه ريح الفردوس بكى على جوار ربه تبارك وتعالى أربعين سنة ، وجعل يأتيه في كل
[ ص: 1601 ] يوم ثلاثون ألف ملك يسلمون عليه ، ويعزونه ، فلا يقبل ، فلما مضى أربعون سنة نزل عليه صديق له من الملائكة يسمى مستملايل ، فقال : يا
آدم ، تخاف أن تكون قد عصيت ربك مرة ، والآن قد أحببت أن تكون من المسرفين على نفسك ، فأخبرني : تريد أن تبكي على ما لم يحب ربك أن يجعله لك ؟ أما تعلم أن ربك كان أوحى إلى الملائكة من قبل أن يخلقك أني جاعل في الأرض خليفة ، فخلقك ربك ليستخلفك في الأرض ، وتبكي على السماء ، فقبل
آدم - عليه السلام - قوله ، وعلم أنه قد صدقه ، قال : فعند ذلك أوحى الله عز وجل إليه : يا
آدم ، اذهب إلى
أرض تهامة ، فابتن بها بيتا ، ثم طف بذلك البيت أسبوعا ، ووجد
آدم - عليه السلام - بطوافه ، وقيامه عند ذلك البيت طول عمره ريح الفردوس ، فكان مما أحدثه في ملكه الحديد ، وصناعة الأداة ، وصنعة الطرق في الأرضين ، وغرس الأشجار ، وعاش وأهل مملكته في أمن ، ودعة ، ولباسهم يومئذ جلود الأنعام ، والسباع ما خلا
آدم - عليه السلام - ، فإن لباسه يومئذ كان من ورق الجنة ، فلبث
آدم - عليه السلام - بعدما قضى مناسكه مائتي سنة ، وكان
جبريل - عليه السلام - يعلمه ذلك ، وقد أحلت له زوجته ، فولدت له بنين وبنات ، وكان حين هبط من الجنة فرق بينه وبين زوجته ، ولم يكن
لآدم - عليه السلام - أنس غيرها ، فلذلك يأنس الرجال بالنساء ، فلما
[ ص: 1602 ] أن لبث
آدم - عليه السلام - في الأرض مائتي سنة ولد
عوج بن عنق بن آدم ، وهو الذي ولد في دار
آدم ، وقتله
موسى - عليه السلام - ، وعاش
عوج في الأرض ثلاثة آلاف سنة ، فلما استكمل
آدم - عليه السلام - أيام نبوته أوحى الله عز وجل إليه أن يا
آدم ، إني قد استكملت نبوتك وأيامك ، فانظر الاسم الأكبر ، وميزان علم النبوة ، فادفعه إلى ابنك
شيث ، فإني لم أكن لأترك الأرض إلا وفيها عالم يدل على طاعتي ، وينهى عن معصيتي ، فدفع الوصية إلى ابنه
شيث ، وأمره أن يخفيها من
قابيل ، وولده ، لأن
قابيل كان قد قتل
هابيل حسدا منه حين خصه
آدم بالعلم ، واستخفى
شيث وولده بما عندهم من العلم ، ولم يكن عند
قابيل وولده علم ينتفعون به ، ثم ملك من بعد
آدم - صلى الله على نبينا وعليه وسلم - طهمورث ، وهو من ولد
قابيل ، فملك مائتي سنة وثلاثين سنة ، وولي الله عز وجل يومئذ في الأرض
شيث ، وهو
هبة الله ابن آدم - صلى الله عليهما وسلم - ، فكان يستر علم الله عز وجل وعلم
آدم مخافة من
قابيل ، وقد كان
هبة الله زاده الله تعالى على علم
آدم - عليه السلام - خمسين صحيفة ، وكانت صحفه كلها عظات وأمثالا ، ثم شرفه ربنا
[ ص: 1603 ] تبارك وتعالى ، فلم يزل
هبة الله يدبر أمر الله ومن معه من المؤمنين بحلال ما استودع ، وينهى عن حرامه حتى إذا أراد الله عز وجل أن يقبضه إليه أوحى عند ذلك أن يستودع علم الله ونوره ، وتفصيل حكمته ما ظهر منها وما بطن إلى
أنوش - عليه السلام - ، لم يزل
أنوش يدبر ذلك الملك والحكمة ، يأمر المؤمنين بحلال ما فيه ، وينهى عن حرامه ، فمن آمن من الناس به ، وبما جاء به كان مؤمنا ، ومن جحده بما جاء به كان كافرا ، قد أخرجه الله تعالى من إيمانه بجحوده أمر ولي الله تعالى ، حتى إذا أراد الله ربنا تبارك وتعالى أن يقبضه إليه أمره أن يستودع نور الله عز وجل وحكمته وعلمه ما ظهر منها وما بطن
قينان - صلى الله على نبينا وعليه وسلم - ، فلم يزل
قينان - عليه السلام - يدبر أمر الله تعالى ، وما استودع من ذلك النور ، ويعلم الذين اتبعوه حلال ما فيه ، وينهى عن حرامه سرا لا يعلم به مخافة على نفسه من
عوج ، وولد
قابيل ، فعند ذلك اختار الله عز وجل لنبوته وانتخب لرسالته
إدريس - صلى الله على نبينا وعليه وسلم - إلى جميع أرضه ، فجمع ربنا تبارك وتعالى له علم الماضين كلهم من قبله ، وزاده من عنده ثلاثين صحيفة ، وذلك قوله فيما أنزل من كتابه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=18إن هذا لفي الصحف الأولى ) .
[ ص: 1604 ] إنما يعني بالأولى التي أنزلت على ابن آدم
هبة الله تعالى ،
وإدريس - عليهم السلام - ، فمن آمن من الناس يومئذ كان مؤمنا ، ومن جحده ، وحاربه كان كافرا لا ينتفع بعبادته ، ولو عبد الله عز وجل عدد الحصى ، والتراب ، وقطر المطر ، وورق الشجر حتى يبعث الله تعالى من في القبور ، فعند ذلك ملك بيوراسب ، وكان ملكه ألف سنة ، فلم يزل
إدريس - عليه السلام - يدبر علم الله ، ونوره ، وتفصيل حكمته ما ظهر منها وما بطن حتى إذا أراد الله تبارك وتعالى أن يرفعه إليه أوحى إليه عند ذلك أن يستودع علم الله ونوره وتفصيل حكمته ابنه
يزد - عليه السلام - ، فلم يزل
يزد يحفظ ما استودع من نور الله ، وحكمته ، ويعلم المؤمنين الذين معه حلال ما استودع ، وينهاهم عن حرامه ، فمن أقر من الناس يومئذ بولايته كان مؤمنا ، ومن جحد ، وحاربه كان كافرا ، حتى إذا أراد الله تبارك وتعالى أن يقبضه إليه أوحى إليه عند ذلك أن يستودع النور والحكمة ما ظهر منها وما بطن
متوشلخ - عليه السلام - ، فلم يزل
متوشلخ - عليه السلام - يدبر علم الله ، ونوره ، وتفصيل حكمته ما ظهر منها وما بطن ، فمن أقر من الناس بولايته كان مؤمنا ، ومن جحد ولايته كان كافرا لا ينتفع بإيمانه ولو عبد الله تعالى حياته وموته أبدا حتى يبعث الله من في القبور ، حتى إذا أراد الله عز وجل أن يقبضه إليه أمره أن يستودع نوره وتفصيل حكمته ابنه
لمك - عليه السلام - ، فلم يزل
لمك - عليه السلام - يدبر ذلك الملك والحكمة والنور ويأمر بحلال ما استودع وينهى عن حرامه حتى اختار الجبار تبارك وتعالى لنبوته وانتخب لرسالته
نوحا - صلى الله على نبينا وعليه وسلم
[ ص: 1605 ] تسليما - ، فجمع ربنا تبارك وتعالى
لنوح بن لمك - عليهما السلام - علم الماضين كلهم ، وأيده بروح منه ، فأقبل
نوح - صلى الله على نبينا وعليه وسلم - يدعو قومه وهم
أهل بيوراسب ، فدعاهم سرا وعلانية تسعمائة سنة وخمسين سنة ، كلما مضى منهم قرن على ملة آبائهم الأولين كفارا حتى أرسل ربنا تبارك وتعالى عليهم عذابا ، فأفناهم بظلمهم ، وبما قدمت أيديهم ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=46وما ربك بظلام للعبيد ، ) حتى إذا أراد الله تبارك وتعالى أن يقبضه إليه أمره أن يستودع علمه ونوره وتفصيل حكمته ابنه
سام بن نوح - عليهما السلام - ، فلم يزل
سام بن نوح يدبر نور الله تعالى ، وحكمته ما ظهر منها وما بطن ، فمن أقر من الناس بولايته كان مؤمنا ، ومن جحد ولايته ونقم عليه كان ضالا لا ينتفع بعبادته ، ولو عبد الله تعالى حياته وموته حتى يبعث الله من في القبور ، حتى إذا أراد الله تعالى أن يقبضه أوحى إليه أن يستودع علم الله ونوره وحكمته
أرفخشد - عليه السلام - ، ففعل ، فعند ذلك ملك
أفريدون وهو
ذو القرنين ، فملك خمسمائة سنة ، وهو الذي كان أسر
بيوراسب ، وواقعه ، فملك
ذو القرنين مشارق الأرض
[ ص: 1606 ] ومغاربها ، وهو الذي سار من شرق الأرض إلى غربها ، ومعه جنود الأرض كلها ، وكان على مقدمته
الخضر - عليه السلام - 56 ، ثم ملك
متوشهر ، فملك مائة سنة وعشرين سنة ، وهو الذي كر الفرات الأعظم ، فلم يزل
أرفخشد - عليه السلام - يدبر أمر الله ونوره ، وتفصيل حكمته يأمر بحلال ما استودع ، وينهى عن حرامه حتى إذا أراد الله تبارك وتعالى أن يقبضه إليه أمره أن يستودع أمر الله ونوره ، وتفصيل حكمته ابنه
مشالخ - عليه السلام - ، فلم يزل مشالخ - عليه السلام - حتى اختار لنبوته وانتخب لرسالته
هودا - عليه السلام - ، فمن آمن من الناس به وبما أرسل به كان مؤمنا ، ومن جحده وحاربه كان كافرا ، حتى إذا أراد الله عز وجل أن يقبضه إليه أوحى إليه عند ذلك أن يستودع علم الله ونوره وتفصيل حكمته ابنه
فالخ بن عابر ، فلم يزل
فالخ بن عابر - عليه السلام - يدبر علم الله ، وما استودع من ذلك النور والعلم والحكمة يأمر بحلال ما فيه ، وينهى عن حرامه ، ويأمر بذلك ولده وولدانه - عليهم السلام - ، حتى إذا أراد الله عز وجل أن يقبضه إليه أمره عند ذلك أن يستودع علم الله ونوره وحكمته ابنه
بروع بن فالخ - عليه السلام - ، ففعل ، فعند ذلك ملك
فارس ياه بطور ، وعلم الله وقدرته وحكمته يدبر
بروع بن فالخ ، فلم يزل يحرم حرام ما استودع من ذلك النور والحكمة ، ويحل حلاله على حقه وصدقه حتى قتله
عوج ، وقتل أولاده خمسة أنبياء - عليهم السلام - بلا تبليغ رسالة في
[ ص: 1607 ] ذلك الزمان أوحى الله تعالى إلى ألف وأربعمائة نبي أن يقتلوا أهل ذلك الزمان ، ومن كان أعان على قتل
بروع ، وأن يطلبوا بدمه ، ففعلوا ، فعند ذلك ملك
طهماسفان ، فملك مائتين وثمان وسبعين سنة ، هو الذي صار مع
عوج على الأنبياء ، حتى قتلوا منهم ثمانمائة وأربعة عشر نبيا من أنبياء الله - صلوات الله وسلامه عليهم وعلى نبينا - ، فعند ذلك اختار الله عز وجل لنبوته وانتخب لرسالته ورضي لنفسه ولعباده المؤمنين
بوشا بن أمين ، فعند ذلك أوحى الله عز وجل إليه أن يستودع علم الله تعالى ونوره وتفصيل حكمته
ضاروع بن بروع - عليهما السلام - ، فلم يزل ضاروع - عليه السلام - يدبر علم الله تعالى من ذلك النور والحكمة ، ويأمر المؤمنين بحلال ما فيه ، وينهى عن حرامه ، حتى إذا أراد الله تعالى عز وجل أن يقبضه إليه أوحى إليه أن يستودع علم الله ونوره وحكمته
ناخور ، فلم يزل
ناخور بن ضاروع - عليهما السلام - يدبر علم الله وما استودع من ذلك النور والعلم والحكمة ، حتى إذا أراد الله عز وجل أن يقبضه إليه أمره عند ذلك أن يستودع كما استودع من ذلك النور والحكمة ولد
ناخور بن ضاروع ، ففعل ، فلم يزل ذلك فيهم واحدا بعد واحد ممن يختار منهم
[ ص: 1608 ] لنور كتبه ، وتفصيل حكمته ، وفي أربع وثمانين من ملك
زرهي بن طهماسفان اختار الجبار عز وجل لنبوته وانتخب لرسالته وتفصيل حكمته ونور كتبه خليله
إبراهيم - صلى الله على نبينا وعليه وسلم تسليما كثيرا وعلى جميع أنبياء الله ورسله - ، وأنزل عليه عشر صحائف ، فلم يزل
إبراهيم - صلى الله على نبينا وعليه وسلم - يجاهد
زرهي بن طهماسفان - وهو
نمرود بن كنعان - ، وجميع الفراعنة من أهل مملكته حتى إذا أراد الله عز وجل أن يقبضه إليه أمره عند ذلك أن يستودع علم الله تعالى ونوره وتفصيل حكمته ابنه
إسماعيل - صلى الله على نبينا وعليهما وسلم تسليما - ، وملكهم يومئذ
نمرود بن كنعان قد ملك مشارق الأرض ومغاربها ، وهو صاحب النسور والتابوت ، حتى إذا أراد الله عز وجل أن يصعد بالتابوت إلى السماء ، فصرعه الله تعالى ، وضرب مثله فقال (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=46وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ) وفي ذلك الزمان كان
قوم عاد وبقية
ثمود ، فلم يزل
إسماعيل - عليه السلام - يدبر النور والحكمة ، يأمر بحلال ما فيه ، وينهى عن حرامه ، حتى إذا أراد الله عز وجل أن يقبضه أمر عند ذلك أن يستودع حكمة الله ونوره وعلمه ما ظهر منها
[ ص: 1609 ] وما بطن ذرية
إبراهيم - صلى الله على نبينا وعليه وسلم تسليما - ، فلم يزل يرث ذلك واحد منهم بعد واحد مما يختاره الله ، فعند ذلك ملك
فيقاد ، فملك مائة سنة ، وفي ذلك الدهر كان
لوط - عليه السلام - وعلم الله ونوره ، وتفصيل حكمته في ذرية
إبراهيم - عليه السلام - ، فعند ذلك أتى الله تعالى
بيوسف بن يعقوب - عليهما السلام - ، وملك الأرض المقدسة ، فملك اثنتين وسبعين سنة ، فلما أراد الله تبارك وتعالى أن يقبضه أوحى الله عز وجل إليه أن يستودع علم الله ونوره وتفصيل حكمته ما ظهر منها وما بطن في ولد
يوسف - عليه السلام - ، فعند ذلك ملك
قيقابوس ، فملك مائة وخمسين سنة ،
وقيقابوس كان فرعون ذو الأوتاد الذي كان بعث إليه
موسى وهارون - عليهما السلام - ، وملك فرعون ذو الأوتاد أربعمائة سنة ، وفي ستين سنة من ملكه بعث الله عز وجل إليه
أيوب - صلى الله على نبينا وعليه وسلم تسليما - صاحب البلاء ، كانت امرأته
رحمة بنت يوسف ، فعند ذلك بعث الله عز وجل
موسى وهارون - عليهما السلام - ، فملك
موسى ومن معه - عليهم الصلاة والسلام - من المؤمنين من بني إسرائيل اثنتين وثمانين سنة ، وفي تسع وثمانين من ملكهم أمات الله عز وجل
[ ص: 1610 ] سبعين ألفا من بني إسرائيل أربعين يوما ، ثم رحمهم بعد ذلك ، فرد الله تعالى أرواحهم وملكهم ، وآتاهم ملكا عظيما ، وذلك حيث سألوا أن ينظروا إلى ربهم ، فلما أراد الله تبارك وتعالى أن يقبض
موسى - عليه الصلاة والسلام - أمره أن يستودع علم الله ونوره وجميع الحكمة والكتاب ابن عمه
يوشع بن نون ، وقتل الله عز وجل
عوج بن عنق على يدي
موسى - عليه السلام - ، وكان
عوج ولد في دار
آدم ، وعاش
عوج في الأرض ثلاثة آلاف سنة ، فعند ذلك ملك
كنجسر ملك خمسين سنة ، وقتل أنبياء الله عز وجل من بني إسرائيل ثمانية وعشرين ألف نبي ، وعلم الله ونوره وتفصيل حكمته في
يوشع بن نون يدبر أمر الله ، ويعمل بما فيه ، ويأمر بحلاله ، وينهى عن حرامه ، فلما أراد الله عز وجل أن يقبضه إليه أوحى إليه في منامه ذلك أن يستودع علم الله ونوره وتفصيل حكمته ولده ، ففعل ، فعند ذلك ملك
بهراسب ، فملك عشرين ومائة سنة ، وعلم الله ونوره وحكمته في ولد
يوشع بن نون يرث منهم واحد بعد واحد ، فعند
[ ص: 1611 ] ذلك اختار لنبوته وانتخب لرسالته
داود - عليه السلام - ، فجمع الله تعالى له ذلك النور والحكمة وزاده الزبور ، وعند ذلك آتاه الله تعالى الملك ، فملك داود - عليه السلام - بين الناس سبعين سنة ، فلم يزل داود - عليه السلام - يدبر علم ربه ، ويقوم به ، ويأمر بحلاله ، وينهى عن حرامه ، حتى إذا أراد الله عز وجل أن يقبضه إليه أوحى إليه أن يستودع نور الله ، وتفصيل حكمته ما ظهر منها وما بطن ابنه
سليمان بن داود - عليهما الصلاة والسلام - ، فأعطي عند ذلك
سليمان مشارق الأرض ومغاربها ، فملك
سليمان بن داود سبعمائة سنة وست عشرة سنة وستة أشهر ، فملك أهل الدنيا كلهم من الإنس ، والجن ، والشياطين ، والدواب ، والطير ، والسباع ، وأعطي علم كل شيء ، ومنطق كل شيء من الخلق ، وفي زمانه صنعت الصنائع المعجبة ينتفع بها الناس ، وسخرت له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب تطيعه حيث يشاء ، فلم يزل
سليمان - صلى الله على نبينا وعليه وسلم تسليما كثيرا - يدبر علم الله ونوره ، وتفصيل حكمته ، ويأمر بحلال ما فيه ، وينهى عن حرامه حتى إذا أراد الله عز وجل أن يقبضه إليه أوحى إليه أن يستودع علم الله ونوره وتفصيل حكمته أخاه وولد
داود ، [ ص: 1612 ] وكانوا أربع مائة واثنتين وثمانين رجلا كلهم أنبياء بلا رسالة ، فعند ذلك ملك
وسباشب ، فملك مائة وعشرين سنة ، وفي أربع وثلاثين من ملكه ظهرت
درست الهرابذة ، والزمازمة إلى ستين سنة من ملكه ، فبنى بها
مدينة فسا ، وهو الذي كان سلط اليهود حتى قتلوا من ولد
آدم أربعمائة وعشرين نبيا - عليهم الصلاة والسلام - ، وقتلوا من بني إسرائيل من شيعة الأنبياء كثيرا ، فعند ذلك لعنهما الله ربنا تبارك وتعالى باللعنة التي لعن بها إبليس ، فعند ذلك ملك
أزدشير بن أسفنديار مائتين واثنتي عشرة سنة ، فعند ذلك ملكت
جمزا بنت شهرداران ، فملكت ثلاثين سنة ، فعند ذلك استودع الله تعالى نوره وتفصيل حكمته نبيا من بني إسرائيل يقال له
أبو شائغ ، فعند ذلك ملك
دارا بن شهرداران ، فملك اثنتي عشرة سنة ، فلما أراد الله تعالى أن يقبضه أوحى إليه أن يستودع نور الله وعلمه وتفصيل حكمته
[ ص: 1613 ] روبيل بن أبي شايغ ، ففعل ذلك ، فلم يزل
روبيل يدبر علم الله ونوره وتفصيل حكمته ، فعند ذلك ملك
دارا بن دارا أربع عشرة سنة ، وعلم الله ونوره وتفصيل حكمته عند ولي الله
روبيل بن أبي شايغ وأصحابه المؤمنين ، فعند ذلك ملك
الإسكندر قيصر ، فملك أربع عشرة سنة ، وفي سنتين من ملكه بنى مدينة
بأصبهان ، وسماها
جيا ، وعلم الله وحكمته في
روبيل بن أبي شائغ ومن اتبعه من المؤمنين ، فعند ذلك ملك
أشح بن أشحان الكبش مائتين وستا وستين سنة ، فعند ذلك اختار الله تعالى نبيه
عيسى - على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام - ، فاستودعه ذلك النور والحكمة ، وزاده من عنده الإنجيل ، فلما أراد الله عز وجل أن يرفعه إليه أوحى إليه عند ذلك أن يستودع علم الله ونوره وتفصيل حكمته ما ظهر منها وما بطن
يحيى بن زكريا - عليهما الصلاة والسلام - ، ثم إن الله تعالى استودع نوره واستخلص لرسالته
دانيال - عليه السلام - ، فعند ذلك ملك
يزدجر بن سابور ، وولي أمر الله يومئذ في الأرض دسيخا ، وأصحابه المؤمنون ، وشيعته الصديقون ، فعاش إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر وسبعة عشر يوما ، فلما أراد الله تبارك وتعالى أن يقبضه أوحى إليه في منامه أن يستودع علم الله ونوره
نسطورس بن دسيخا ، فعند ذلك ملك
بهرام [ ص: 1614 ] حور ، فملك ستا وعشرين سنة وثلاثة أشهر وعشرين يوما ، وولي أمر الله تعالى يومئذ في الأرض
نسطورس ، فعند ذلك ملك
فيروز بن يزدجر ، فملك سبعا وعشرين سنة ، وولي أمر الله تعالى يومئذ في الأرض
نسطورس بن دسيخا ، فلما أراد الله عز وجل أن يقبضه إليه أوحى الله تعالى إليه في منامه أن يستودع علم الله تعالى ونوره وتفصيل حكمته ابنه يقال له
مرعيدا ، ففعل ، فعند ذلك ملك
أبلاسن بن فيروز ، فملك أربع سنين ، وولي أمر الله يومئذ في الأرض
مرعيدا ، فعند ذلك ملك
قياذ بن فيروز خمسا وأربعين سنة ، وولي أمر الله يومئذ في الأرض
مرعيدا ، فعند ذلك ملك
كسرى بن قباذ ، فملك ستا وأربعين سنة وثمانية أشهر ، وولي أمر الله يومئذ في الأرض
مرعيدا وأصحابه المؤمنون ، فلما أراد الله تعالى أن يقبض
مرعيدا أوحى إليه أن يستودع علم الله تعالى ونوره
بحيرا الراهب ، ففعل ، فعند ذلك ملك
هرمز بن كسرى ، فملك اثنتي عشرة سنة ، وولي أمر الله عز وجل
بحيرا الراهب ، وأصحابه المؤمنون ، فعند ذلك ملك
يزدجر بن كسرى ، فملك أربع
[ ص: 1615 ] سنين ، فعند ذلك بعث الله تعالى
محمدا - صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا ، وعلى آله ، وعلى جميع الأنبياء ، والرسل ، والحمد لله رب العالمين " .
[ ص: 1616 ] [ ص: 1617 ] [ ص: 1618 ] [ ص: 1619 ]
1064 - 63 قَالَ : وَحَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=14898مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16769مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ ، قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=31806_31819وَكَانَ وَزْنُ الْحَبَّةِ مِنْهَا أَلْفًا وَثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ فِي كُلِّ حَبَّةٍ ، فَقَالَ آدَمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : يَا جَبْرَئِيلُ ، مَا هَذَا ؟ قَالَ : هَذِهِ أَخْرَجَتْكَ مِنَ الْجَنَّةِ ، قَالَ : فَمَا أَصْنَعُ بِهِ ؟ قَالَ : انْثُرْهُ فِي الْأَرْضِ ، فَفَعَلَ ، فَأَنْبَتَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ سَاعَتِهِ ، فَجَرَتْ سُنَّةُ وَلَدِهِ الْبَذْرُ ، ثُمَّ أَمَرَهُ ، فَحَصَدَهُ بِيَدِهِ ، فَجَعَلَ يَأْخُذُ الْقَبْضَةَ ، فَلِذَلِكَ صَارَ الْحَصَادُ بِأَخْذِ الْقَبْضَةِ بَعْدَ الْقَبْضَةِ ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِجَمْعِهِ وَفَرْكِهِ بِيَدِهِ ، فَفَعَلَ ذَلِكَ ، فَلِذَلِكَ [ ص: 1599 ] صَارَ وَلَدُهُ يَفْرُكُونَ بِأَيْدِيهِمْ ، ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يُذْرِيَهُ فِي الرِّيحِ ، فَلِذَلِكَ صَارَ وَلَدُهُ يُذْرِي الْحِنْطَةَ فِي الرِّيحِ ، ثُمَّ أَتَاهُ بِحَجَرَيْنِ ، فَوَضَعَ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَدَقَّهُ ، فَلِذَلِكَ وُضِعَتِ الْأَرْحَاءُ ، ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَعْجِنَهُ ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِمَاءٍ ، فَلِذَلِكَ صَارَ وَلَدُهُ يَعْجِنُونَ الدَّقِيقَ الْيَوْمَ ، ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَخْبِزَ الْمَلَّةَ ، وَيَجْمَعُ لَهُ جِبْرِيلُ النَّارَ مِنَ الْحَدِيدِ ، وَالْحَجَرِ ، فَقَدَحَهُ ، فَلِذَلِكَ صَارَ وَلَدُهُ يَقْدَحُونَهُ الْيَوْمَ ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ خَبَزَ الْمَلَّةَ ، ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَأْكُلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ ، فَقَالَ : يَا جِبْرِيلُ لَا أُرِيدُ ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ : تَشْكُو إِلَى رَبِّكَ الْجُوعَ ، فَلَمَّا أَطْعَمَكَ تَقُولُ : لَا أُرِيدُ ، قَالَ : فَإِنِّي أُعْيِيتُ مِمَّا عَالَجْتُ ، فَقَالَ لَهُ : يَا جِبْرِيلُ هَذَا عَمَلِي ، وَعَمَلُ ذُرِّيَّتِي إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَبَكَى آدَمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَرْبَعِينَ صَبَاحًا ، فَنَبَتَتْ لِحْيَتُهُ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ عَلَى وَلَدِهِ ، فَلَمَّا أَكَلَ تِلْكَ الْمَلَّةَ ، وَجَدَ فِي بَطْنِهِ ثِقَلًا ، وَوَجَعًا ، وَلَمْ يَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ مُخَاطٌ وَلَا بُزَاقٌ ، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ، فَقَالَ لَهُ : أَتَدْرِي لِمَ ذَاكَ ؟ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حِينَ خَلَقَكَ طِينًا أَجْوَفَ جَاءَ إِبْلِيسُ فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى بَطْنِكَ ، فَسَمِعَ دَوِيًّا كَدَوِيِّ الِخَابِيَةِ ، فَقَالَ لِلْمَلَائِكَةِ : " لَا يَهُمُّكُمْ إِنْ يَكُنْ مَلَكًا ، فَهُوَ مِنْكُمْ ، وَإِنْ يَكُنْ مِنْ غَيْرِكُمْ ، فَأَنَا أَكْفِيكَمُوهُ ، وَتَصْدِيقُ [ ص: 1600 ] ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=20وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) وَكَانَ مَنِ اتَّبَعَهُ هَارُوتُ وَمَارُوتُ ، ثُمَّ دَخَلَ مِنْ جَوْفِكَ ، وَخَرَجَ مِنْ دُبُرِكَ ، فَكُلَّمَا أَصَابَ الطَّعَامُ مِنْ ذَلِكَ نَتِنَ ، لِأَنَّ مَمَرَّهُ عَلَى مَمَرِّ إِبْلِيسَ فِي بَطْنِكَ ، فَالتَّغْيِيرُ مِنْ ذَلِكَ ، فَلَمْ يَكُنْ
لِآدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَبْلَ ذَلِكَ مُخَاطٌ وَلَا بُزَاقٌ ، وَلَا شَيْءٌ مِنَ الْأَذَى حَتَّى أَكَلَ الطَّعَامَ ، فَلِذَلِكَ صَارَ لِلطَّعَامِ رِيحٌ ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَهُ إِلَى أَسْفَلِ الْجَبَلِ ، وَمَلَّكَهُ الْأَرْضَ ، فَأَمَرَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى الْأَرْضَ بِكُلِّ مَنْ عَلَيْهَا مِنَ الْجِنِّ ، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ، وَالدَّوَابِّ ، وَالسِّبَاعِ ، وَالْهَوَامِّ ، وَالطَّيْرِ ، وَكُلِّ خَلْقٍ كَانَ خَلَقَ فِيهَا أَنْ يُطِيعُوا
آدَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَأَنْ يَتَعَلَّمُوا أَسْمَاءَهُمْ ، وَأَنْ يَتَلَقَّنُوا التَّسْبِيحَ مِنْهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ ، وَإِنَّ
آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا نَزَلَ مِنْ رَأْسِ الْجَبَلِ ، وَغَابَ عَنْهُ كَلَامُ أَهْلِ السَّمَاءِ ، وَانْقَطَعَ عَنْهُ رِيحُ الْفِرْدَوْسِ بَكَى عَلَى جِوَارِ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَرْبَعِينَ سَنَةً ، وَجَعَلَ يَأْتِيهِ فِي كُلِّ
[ ص: 1601 ] يَوْمٍ ثَلَاثُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ ، وَيُعَزُّونَهُ ، فَلَا يَقْبَلُ ، فَلَمَّا مَضَى أَرْبَعُونَ سَنَةً نَزَلَ عَلَيْهِ صَدِيقٌ لَهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يُسَمَّى مُسْتَمْلَايِلَ ، فَقَالَ : يَا
آدَمُ ، تَخَافُ أَنْ تَكُونَ قَدْ عَصَيْتَ رَبَّكَ مَرَّةً ، وَالْآنَ قَدْ أَحْبَبْتَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُسْرِفِينَ عَلَى نَفْسِكَ ، فَأَخْبِرْنِي : تُرِيدُ أَنْ تَبْكِيَ عَلَى مَا لَمْ يُحِبَّ رَبُّكَ أَنْ يَجْعَلَهُ لَكَ ؟ أَمَا تَعْلَمُ أَنَّ رَبَّكَ كَانَ أَوْحَى إِلَى الْمَلَائِكَةِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَخْلُقَكَ أَنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ، فَخَلَقَكَ رَبُّكَ لِيَسْتَخْلِفَكَ فِي الْأَرْضِ ، وَتَبْكِي عَلَى السَّمَاءِ ، فَقَبِلَ
آدَمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَوْلَهُ ، وَعَلِمَ أَنَّهُ قَدْ صَدَقَهُ ، قَالَ : فَعِنْدَ ذَلِكَ أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ : يَا
آدَمُ ، اذْهَبْ إِلَى
أَرْضِ تِهَامَةَ ، فَابْتَنِ بِهَا بَيْتًا ، ثُمَّ طُفْ بِذَلِكَ الْبَيْتِ أُسْبُوعًا ، وَوَجَدَ
آدَمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِطَوَافِهِ ، وَقِيَامِهِ عِنْدَ ذَلِكَ الْبَيْتِ طُولَ عُمْرِهِ رِيحَ الْفِرْدَوْسِ ، فَكَانَ مِمَّا أَحْدَثَهُ فِي مُلْكِهِ الْحَدِيدُ ، وِصِنَاعَةُ الْأَدَاةِ ، وَصَنْعَةُ الطُّرُقِ فِي الْأَرَضِينَ ، وَغَرْسُ الْأَشْجَارِ ، وَعَاشَ وَأَهْلُ مَمْلَكَتِهِ فِي أَمْنٍ ، وَدِعَةٍ ، وَلِبَاسُهُمْ يَوْمَئِذٍ جُلُودُ الْأَنْعَامِ ، وَالسِّبَاعِ مَا خَلَا
آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ، فَإِنَّ لِبَاسَهُ يَوْمَئِذٍ كَانَ مِنْ وَرِقِ الْجَنَّةِ ، فَلَبِثَ
آدَمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَعْدَمَا قَضَى مَنَاسِكَهُ مِائَتَيْ سَنَةٍ ، وَكَانَ
جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يُعَلِّمُهُ ذَلِكَ ، وَقَدْ أُحِلَّتْ لَهُ زَوْجَتُهُ ، فَوَلَدَتْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ ، وَكَانَ حِينَ هَبَطَ مِنَ الْجَنَّةِ فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ ، وَلَمْ يَكُنْ
لِآدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أُنْسٌ غَيْرَهَا ، فَلِذَلِكَ يَأْنَسُ الرِّجَالُ بِالنِّسَاءِ ، فَلَمَّا
[ ص: 1602 ] أَنْ لَبِثَ
آدَمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي الْأَرْضِ مِائَتَيْ سَنَةٍ وُلِدَ
عُوجُ بْنُ عُنُقِ بْنِ آدَمَ ، وَهُوَ الَّذِي وُلِدَ فِي دَارِ
آدَمَ ، وَقَتَلَهُ
مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ، وَعَاشَ
عُوجُ فِي الْأَرْضِ ثَلَاثَةَ آلَافِ سَنَةٍ ، فَلَمَّا اسْتَكْمَلَ
آدَمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَيَّامَ نُبُوَّتِهِ أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ أَنْ يَا
آدَمُ ، إِنِّي قَدِ اسْتَكْمَلْتُ نُبُوَّتَكَ وَأَيَّامَكَ ، فَانْظُرِ الِاسْمَ الْأَكْبَرَ ، وَمِيزَانَ عِلْمِ النُّبُوَّةِ ، فَادْفَعْهُ إِلَى ابْنِكَ
شِيثٍ ، فَإِنِّي لَمْ أَكُنْ لِأَتْرُكَ الْأَرْضَ إِلَّا وَفِيهَا عَالِمٌ يَدُلُّ عَلَى طَاعَتِي ، وَيَنْهَى عَنْ مَعْصِيَتِي ، فَدَفَعَ الْوَصِيَّةَ إِلَى ابْنِهِ
شِيثٍ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُخْفِيَهَا مِنْ
قَابِيلَ ، وَوَلَدِهِ ، لِأَنَّ
قَابِيلَ كَانَ قَدْ قَتَلَ
هَابِيلَ حَسَدًا مِنْهُ حِينَ خَصَّهُ
آدَمُ بِالْعِلْمِ ، وَاسْتَخْفَى
شِيثٌ وَوَلَدُهُ بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ
قَابِيلَ وَوَلَدِهِ عِلْمٌ يَنْتَفِعُونَ بِهِ ، ثُمَّ مَلَكَ مِنْ بَعْدِ
آدَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَهْمُورَثُ ، وَهُوَ مِنْ وَلَدِ
قَابِيلَ ، فَمَلَكَ مِائَتَيْ سَنَةٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً ، وَوَلِيُّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَئِذٍ فِي الْأَرْضِ
شِيثٌ ، وَهُوَ
هِبَةُ اللَّهِ ابْنُ آدَمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ - ، فَكَانَ يَسْتُرُ عِلْمَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعِلْمَ
آدَمَ مَخَافَةً مِنْ
قَابِيلَ ، وَقَدْ كَانَ
هِبَةُ اللَّهِ زَادَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى عِلْمِ
آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - خَمْسِينَ صَحِيفَةً ، وَكَانَتْ صُحُفُهُ كُلُّهَا عِظَاتٍ وَأَمْثَالًا ، ثُمَّ شَرَّفَهُ رَبُّنَا
[ ص: 1603 ] تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، فَلَمْ يَزَلْ
هِبَةُ اللَّهِ يُدَبِّرُ أَمْرَ اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِحَلَالِ مَا اسْتُودِعَ ، وَيَنْهَى عَنْ حَرَامِهِ حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ أَوْحَى عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَوْدِعَ عِلْمَ اللَّهِ وَنُورَهُ ، وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ إِلَى
أَنُوشَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ، لَمْ يَزَلْ
أَنُوشُ يُدَبِّرُ ذَلِكَ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ ، يَأْمُرُ الْمُؤْمِنِينَ بِحَلَالِ مَا فِيهِ ، وَيَنْهَى عَنْ حَرَامِهِ ، فَمَنْ آمَنَ مِنَ النَّاسِ بِهِ ، وَبِمَا جَاءَ بِهِ كَانَ مُؤْمِنًا ، وَمَنْ جَحْدَهُ بِمَا جَاءَ بِهِ كَانَ كَافِرًا ، قَدْ أَخْرَجَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ إِيمَانِهِ بِجُحُودِهِ أَمْرَ وَلِيِّ اللَّهِ تَعَالَى ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ أَمَرَهُ أَنْ يَسْتَوْدِعَ نُورَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحِكْمَتَهُ وَعِلْمَهُ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ
قَيْنَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَلَمْ يَزَلْ
قَيْنَانُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يُدَبِّرُ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَمَا اسْتُودِعَ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ ، وَيُعَلِّمُ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ حَلَالَ مَا فِيهِ ، وَيَنْهَى عَنْ حَرَامِهِ سِرًّا لَا يُعْلِمُ بِهِ مَخَافَةً عَلَى نَفْسِهِ مِنْ
عُوجَ ، وَوَلَدِ
قَابِيلَ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ اخْتَارَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنُبُوَّتِهِ وَانْتَخَبَ لِرِسَالَتِهَ
إِدْرِيسَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى جَمِيعِ أَرْضِهِ ، فَجَمَعَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ عِلْمَ الْمَاضِينَ كُلِّهِمْ مِنْ قَبْلِهِ ، وَزَادَهُ مِنْ عِنْدِهِ ثَلَاثِينَ صَحِيفَةً ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ فِيمَا أَنْزَلَ مِنْ كِتَابِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=18إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُولَى ) .
[ ص: 1604 ] إِنَّمَا يَعْنِي بِالْأُولَى الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى ابْنِ آدَمَ
هِبَةَ اللَّهِ تَعَالَى ،
وَإِدْرِيسَ - عَلَيْهِمُ السَّلَامُ - ، فَمَنْ آمَنَ مِنَ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ كَانَ مُؤْمِنًا ، وَمَنْ جَحْدَهُ ، وَحَارَبَهُ كَانَ كَافِرًا لَا يَنْتَفِعُ بِعِبَادَتِهِ ، وَلَوْ عَبَدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَدَدَ الْحَصَى ، وَالتُّرَابِ ، وَقَطْرِ الْمَطَرِ ، وَوَرَقِ الشَّجَرِ حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ فِي الْقُبُورِ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ بِيُورَاسِبُ ، وَكَانَ مُلْكُهُ أَلْفَ سَنَةٍ ، فَلَمْ يَزَلْ
إِدْرِيسُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يُدَبِّرُ عِلْمَ اللَّهِ ، وَنُورَهُ ، وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يَرْفَعَهُ إِلَيْهِ أَوْحَى إِلَيْهِ عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَوْدِعَ عِلْمَ اللَّهِ وَنُورَهُ وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ ابْنَهُ
يَزْدَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ، فَلَمْ يَزَلْ
يَزْدُ يَحْفَظُ مَا اسْتُودِعَ مِنْ نُورِ اللَّهِ ، وَحِكْمَتِهِ ، وَيُعَلِّمُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ مَعَهُ حَلَالَ مَا اسْتُودِعَ ، وَيَنْهَاهُمْ عَنْ حَرَامِهِ ، فَمَنْ أَقَرَّ مِنَ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ بِوَلَايَتِهِ كَانَ مُؤْمِنًا ، وَمَنْ جَحَدَ ، وَحَارَبَهُ كَانَ كَافِرًا ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ أَوْحَى إِلَيْهِ عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَوْدِعَ النُّورَ وَالْحِكْمَةَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ
مَتُوشَلَخَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ، فَلَمْ يَزَلْ
مَتُوشَلَخُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يُدَبِّرُ عِلْمَ اللَّهِ ، وَنُورَهُ ، وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، فَمَنْ أَقَرَّ مِنَ النَّاسِ بِوَلَايَتِهِ كَانَ مُؤْمِنًا ، وَمَنْ جَحَدَ وَلَايَتَهُ كَانَ كَافِرًا لَا يَنْتَفِعُ بِإِيمَانِهِ وَلَوْ عَبَدَ اللَّهَ تَعَالَى حَيَاتَهُ وَمَوْتَهُ أَبَدًا حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ أَمَرَهُ أَنْ يَسْتَوْدِعَ نُورَهُ وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ ابْنَهُ
لَمَكَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ، فَلَمْ يَزَلْ
لَمَكُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يُدَبِّرُ ذَلِكَ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَالنُّورَ وَيَأْمُرُ بِحَلَالِ مَا اسْتُودِعَ وَيَنْهَى عَنْ حَرَامِهِ حَتَّى اخْتَارَ الْجَبَّارُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِنُبُوَّتِهِ وَانْتَخَبَ لِرِسَالَتِهِ
نُوحًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ
[ ص: 1605 ] تَسْلِيمًا - ، فَجَمَعَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى
لِنُوحِ بْنِ لَمَكَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - عِلْمَ الْمَاضِينَ كُلِّهِمْ ، وَأَيَّدَهُ بِرُوحٍ مِنْهُ ، فَأَقْبَلَ
نُوحٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدْعُو قَوْمَهُ وَهُمْ
أَهْلُ بِيُورَاسِبَ ، فَدَعَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً تِسْعَمِائَةِ سَنَةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً ، كُلَّمَا مَضَى مِنْهُمْ قَرْنٌ عَلَى مِلَّةِ آبَائِهِمُ الْأَوَّلِينَ كُفَّارًا حَتَّى أَرْسَلَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَيْهِمْ عَذَابًا ، فَأَفْنَاهُمْ بِظُلْمِهِمْ ، وَبِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=46وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ ، ) حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ أَمَرَهُ أَنْ يَسْتَوْدِعَ عِلْمَهُ وَنُورَهُ وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ ابْنَهُ
سَامَ بْنَ نُوحٍ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - ، فَلَمْ يَزَلْ
سَامُ بْنُ نُوحٍ يُدَبِّرُ نُورَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَحِكْمَتَهُ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، فَمَنْ أَقَرَّ مِنَ النَّاسِ بِوَلَايَتِهِ كَانَ مُؤْمِنًا ، وَمَنْ جَحَدَ وَلَايَتَهُ وَنَقَمَ عَلَيْهِ كَانَ ضَالًّا لَا يَنْتَفِعُ بِعِبَادَتِهِ ، وَلَوْ عَبَدَ اللَّهَ تَعَالَى حَيَاتَهُ وَمَوْتَهُ حَتَّى يَبْعَثَ اللَّهُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَقْبِضَهُ أَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ يَسْتَوْدِعَ عِلْمَ اللَّهِ وَنُورَهُ وَحِكْمَتَهُ
أَرْفَخْشَدَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ، فَفَعَلَ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ
أَفْرِيدُونُ وَهُوَ
ذُو الْقَرْنَيْنِ ، فَمَلَكَ خَمْسَمِائَةِ سَنَةٍ ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ أَسَرَ
بِيُورَاسِبَ ، وَوَاقَعَهُ ، فَمَلَكَ
ذُو الْقَرْنَيْنِ مَشَارِقَ الْأَرْضِ
[ ص: 1606 ] وَمَغَارِبَهَا ، وَهُوَ الَّذِي سَارَ مِنْ شَرْقِ الْأَرْضِ إِلَى غَرْبِهَا ، وَمَعَهُ جُنُودُ الْأَرْضِ كُلِّهَا ، وَكَانَ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ
الْخَضِرُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - 56 ، ثُمَّ مَلَكَ
مُتُوشَهْرُ ، فَمَلَكَ مِائَةَ سَنَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً ، وَهُوَ الَّذِي كَرَّ الْفُرَاتَ الْأَعْظَمَ ، فَلَمْ يَزَلْ
أَرْفَخْشَدُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يُدَبِّرُ أَمْرَ اللَّهِ وَنُورَهُ ، وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ يَأْمُرُ بِحَلَالِ مَا اسْتُودِعَ ، وَيَنْهَى عَنْ حَرَامِهِ حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ أَمَرَهُ أَنْ يَسْتَوْدِعَ أَمْرَ اللَّهِ وَنُورَهُ ، وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ ابْنَهُ
مُشَالِخَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ، فَلَمْ يَزَلْ مُشَالِخُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حَتَّى اخْتَارَ لِنُبُوَّتِهِ وَانْتَخَبَ لِرِسَالَتِهِ
هُودًا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ، فَمَنْ آمَنَ مِنَ النَّاسِ بِهِ وَبِمَا أُرْسِلَ بِهِ كَانَ مُؤْمِنًا ، وَمَنْ جَحْدَهُ وَحَارَبَهُ كَانَ كَافِرًا ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ أَوْحَى إِلَيْهِ عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَوْدِعَ عِلْمَ اللَّهِ وَنُورَهُ وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ ابْنَهُ
فَالِخَ بْنَ عَابِرٍ ، فَلَمْ يَزَلْ
فَالِخُ بْنُ عَابِرٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يُدَبِّرُ عِلْمَ اللَّهِ ، وَمَا اسْتُودِعَ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ وَالْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ يَأْمُرُ بِحَلَالِ مَا فِيهِ ، وَيَنْهَى عَنْ حَرَامِهِ ، وَيَأْمُرُ بِذَلِكَ وَلَدَهُ وَوُلِدَانَهُ - عَلَيْهِمُ السَّلَامُ - ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ أَمَرَهُ عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَوْدِعَ عِلْمَ اللَّهِ وَنُورَهُ وَحِكْمَتَهُ ابْنَهَ
بِرْوَعَ بْنُ فَالِخَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ، فَفَعَلَ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ
فَارِسَ يَاهْ بَطُورَ ، وَعِلْمَ اللَّهِ وَقُدْرَتَهُ وَحِكْمَتَهُ يُدَبِّرُ
بِرْوَعُ بْنُ فَالِخَ ، فَلَمْ يَزَلْ يُحَرِّمُ حَرَامَ مَا اسْتُودِعَ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ وَالْحِكْمَةِ ، وَيُحِلُّ حَلَالَهُ عَلَى حَقِّهِ وَصِدْقِهِ حَتَّى قَتَلَهُ
عُوجُ ، وَقَتَلَ أَوْلَادَهُ خَمْسَةَ أَنْبِيَاءَ - عَلَيْهِمُ السَّلَامُ - بِلَا تَبْلِيغِ رِسَالَةٍ فِي
[ ص: 1607 ] ذَلِكَ الزَّمَانِ أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى أَلْفٍ وَأَرْبَعِمِائَةِ نَبِيٍّ أَنْ يَقْتُلُوا أَهْلَ ذَلِكَ الزَّمَانِ ، وَمَنْ كَانَ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ
بِرْوَعَ ، وَأَنْ يَطْلُبُوا بِدَمِهِ ، فَفَعَلُوا ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ
طُهْمَاسَفَانُ ، فَمَلَكَ مِائَتَيْنِ وَثَمَانٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً ، هُوَ الَّذِي صَارَ مَعَ
عُوجَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ ، حَتَّى قَتَلُوا مِنْهُمْ ثَمَانِمِائَةٍ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ نَبِيًّا مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى نَبِيِّنَا - ، فَعِنْدَ ذَلِكَ اخْتَارَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنُبُوَّتِهِ وَانْتَخَبَ لِرِسَالَتِهِ وَرَضِيَ لِنَفْسِهِ وِلِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ
بَوْشَا بْنَ أَمِينٍ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ أَنْ يَسْتَوْدِعَ عِلْمَ اللَّهِ تَعَالَى وَنُورَهُ وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ
ضَارُوعَ بْنَ بِرْوَعَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - ، فَلَمْ يَزَلْ ضَارُوعُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يُدَبِّرُ عِلْمَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ النُّورِ وَالْحِكْمَةِ ، وَيَأْمُرُ الْمُؤْمِنِينَ بِحَلَالِ مَا فِيهِ ، وَيَنْهَى عَنْ حَرَامِهِ ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ أَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ يَسْتَوْدِعَ عِلْمَ اللَّهِ وَنُورَهُ وَحِكْمَتَهَ
نَاخُورَ ، فَلَمْ يَزَلْ
نَاخُورُ بْنُ ضَارُوعَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - يُدَبِّرُ عِلْمَ اللَّهِ وَمَا اسْتُودِعَ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ وَالْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ أَمَرَهُ عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَوْدِعَ كَمَا اسْتُودِعَ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ وَالْحِكْمَةِ وَلَدَ
نَاخُورَ بْنِ ضَارُوعَ ، فَفَعَلَ ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ فِيهِمْ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ مِمَّنْ يُخْتَارُ مِنْهُمْ
[ ص: 1608 ] لَنُورِ كُتُبِهِ ، وَتَفْصِيلِ حِكْمَتِهِ ، وَفِي أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ مِنْ مُلْكِ
زُرْهِيِ بْنِ طُهْمَاسَفَانَ اخْتَارَ الْجَبَّارُ عَزَّ وَجَلَّ لِنُبُوَّتِهِ وَانْتَخَبَ لِرِسَالَتِهِ وَتَفْصِيلِ حِكْمَتِهِ وَنُورِ كُتُبِهِ خَلِيلَهُ
إِبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا وَعَلَى جَمِيعِ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ - ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ عَشْرَ صَحَائِفَ ، فَلَمْ يَزَلْ
إِبْرَاهِيمُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُجَاهِدُ
زُرْهِيَّ بْنَ طُهْمَاسَفَانَ - وَهُوَ
نُمْرُودُ بْنُ كَنْعَانَ - ، وَجَمِيعَ الْفَرَاعِنَةِ مِنْ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ أَمَرَهُ عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَوْدِعَ عِلْمَ اللَّهِ تَعَالَى وَنُورَهُ وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ ابْنَهُ
إِسْمَاعِيلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا - ، وَمَلِكُهُمْ يَوْمَئِذٍ
نُمْرُودُ بْنُ كَنْعَانَ قَدْ مَلَكَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا ، وَهُوَ صَاحِبُ النُّسُورِ وَالتَّابَوُتِ ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَصْعَدَ بِالتَّابُوتِ إِلَى السَّمَاءِ ، فَصَرَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، وَضَرَبَ مَثَلَهُ فَقَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=46وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ) وَفِي ذَلِكَ الزَّمَانِ كَانَ
قَوْمُ عَادٍ وَبَقِيَّةُ
ثَمُودَ ، فَلَمْ يَزَلْ
إِسْمَاعِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يُدَبِّرُ النُّورَ وَالْحِكْمَةَ ، يَأْمُرُ بِحَلَالِ مَا فِيهِ ، وَيَنْهَى عَنْ حَرَامِهِ ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَقْبِضَهُ أُمِرَ عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَوْدِعَ حِكْمَةَ اللَّهِ وَنُورَهُ وَعِلْمَهُ مَا ظَهَرَ مِنْهَا
[ ص: 1609 ] وَمَا بَطَنَ ذُرِّيَّةَ
إِبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا - ، فَلَمْ يَزَلْ يَرِثُ ذَلِكَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بَعْدَ وَاحِدٍ مِمَّا يَخْتَارُهُ اللَّهُ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ
فِيقَادُ ، فَمَلَكَ مِائَةَ سَنَةٍ ، وَفِي ذَلِكَ الدَّهْرِ كَانَ
لُوطٌ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَعِلْمُ اللَّهِ وَنُورُهُ ، وَتَفْصِيلُ حِكْمَتِهِ فِي ذُرِّيَّةِ
إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ، فَعِنْدَ ذَلِكَ أَتَى اللَّهُ تَعَالَى
بِيُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - ، وَمَلَكَ الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ ، فَمَلَكَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً ، فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يَقْبِضَهُ أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ أَنْ يَسْتَوْدِعَ عِلْمَ اللَّهِ وَنُورَهُ وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ فِي وَلَدِ
يُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ
قِيقَابُوسُ ، فَمَلَكَ مِائَةً وَخَمْسِينَ سَنَةً ،
وَقِيقَابُوسُ كَانَ فِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ الَّذِي كَانَ بُعِثَ إِلَيْهِ
مُوسَى وَهَارُونُ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - ، وَمَلَكَ فِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ أَرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ ، وَفِي سِتِّينَ سَنَةً مِنْ مُلْكِهِ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ
أَيُّوبَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا - صَاحِبَ الْبَلَاءِ ، كَانَتِ امْرَأَتُهُ
رَحْمَةَ بِنْتَ يُوسُفَ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
مُوسَى وَهَارُونَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - ، فَمَلَكَ
مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ - عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ سَنَةً ، وَفِي تِسْعٍ وَثَمَانِينَ مِنْ مُلْكِهِمْ أَمَاتَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
[ ص: 1610 ] سَبْعِينَ أَلْفًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، ثُمَّ رَحِمَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ ، فَرَدَّ اللَّهُ تَعَالَى أَرْوَاحَهُمْ وَمُلْكَهُمْ ، وَآتَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ، وَذَلِكَ حَيْثُ سَأَلُوا أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ ، فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يَقْبِضَ
مُوسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَمَرَهُ أَنْ يَسْتَوْدِعَ عِلْمَ اللَّهِ وَنُورَهُ وَجَمِيعَ الْحِكْمَةِ وَالْكِتَابِ ابْنَ عَمِّهِ
يُوشَعَ بْنَ نُونٍ ، وَقَتَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
عُوجَ بْنَ عُنُقٍ عَلَى يَدَيْ
مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ، وَكَانَ
عُوجُ وُلِدَ فِي دَارِ
آدَمَ ، وَعَاشَ
عُوجُ فِي الْأَرْضِ ثَلَاثَةَ آلَافِ سَنَةٍ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ
كَنْجِسْرُ مَلَكَ خَمْسِينَ سَنَةً ، وَقَتْلَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ أَلْفَ نَبِيٍّ ، وَعِلْمُ اللَّهِ وَنُورُهُ وَتَفْصِيلُ حِكْمَتِهِ فِي
يُوشَعَ بْنِ نُونٍ يُدَبِّرُ أَمْرَ اللَّهِ ، وَيَعْمَلُ بِمَا فِيهِ ، وَيَأْمُرُ بِحَلَالِهِ ، وَيَنْهَى عَنْ حَرَامِهِ ، فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ أَوْحَى إِلَيْهِ فِي مَنَامِهِ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَوْدِعَ عِلْمَ اللَّهِ وَنُورَهُ وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ وَلَدَهُ ، فَفَعَلَ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ
بِهَرَاسِبَ ، فَمَلَكَ عِشْرِينَ وَمِائَةَ سَنَةٍ ، وَعِلْمُ اللَّهِ وَنُورُهُ وَحِكْمَتُهُ فِي وَلَدِ
يُوشَعَ بْنِ نُونٍ يَرِثُ مِنْهُمْ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ ، فَعِنْدَ
[ ص: 1611 ] ذَلِكَ اخْتَارَ لِنُبُوَّتِهِ وَانْتَخَبَ لِرِسَالَتِهِ
دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ، فَجَمَعَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ ذَلِكَ النُّورَ وَالْحِكْمَةَ وَزَادَهُ الزَّبُورَ ، وَعِنْدَ ذَلِكَ آتَاهُ اللَّهُ تَعَالَى الْمُلْكَ ، فَمَلَكَ دَاوُدُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَيْنَ النَّاسِ سَبْعِينَ سَنَةً ، فَلَمْ يَزَلْ دَاوُدُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يُدَبِّرُ عِلْمَ رَبِّهِ ، وَيَقُومُ بِهِ ، وَيَأْمُرُ بِحَلَالِهِ ، وَيَنْهَى عَنْ حَرَامِهِ ، حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ أَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ يَسْتَوْدِعَ نُورَ اللَّهِ ، وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ابْنَهُ
سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ، فَأُعْطِيَ عِنْدَ ذَلِكَ
سُلَيْمَانُ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا ، فَمَلَكَ
سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ سَبْعَمِائَةِ سَنَةٍ وَسِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ ، فَمَلَكَ أَهْلَ الدُّنْيَا كُلَّهُمْ مِنَ الْإِنْسِ ، وَالْجِنِّ ، وَالشَّيَاطِينِ ، وَالدَّوَابِّ ، وَالطَّيْرِ ، وَالسِّبَاعِ ، وَأُعْطِيَ عِلْمَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَمَنْطِقَ كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْخَلْقِ ، وَفِي زَمَانِهِ صُنِعَتِ الصَّنَائِعُ الْمُعْجِبَةُ يَنْتَفِعُ بِهَا النَّاسُ ، وَسُخِّرَتْ لَهُ الرِّيحُ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ تُطِيعُهُ حَيْثُ يَشَاءُ ، فَلَمْ يَزَلْ
سُلَيْمَانُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا - يُدَبِّرُ عِلْمَ اللَّهِ وَنُورَهُ ، وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ ، وَيَأْمُرُ بِحَلَالِ مَا فِيهِ ، وَيَنْهَى عَنْ حَرَامِهِ حَتَّى إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ أَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ يَسْتَوْدِعَ عِلْمَ اللَّهِ وَنُورَهُ وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ أَخَاهَ وَوَلَدَ
دَاوُدَ ، [ ص: 1612 ] وَكَانُوا أَرْبَعَ مِائَةٍ وَاثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ رَجُلًا كُلُّهُمْ أَنْبِيَاءُ بِلَا رِسَالَةٍ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ
وَسَبَاشِبَ ، فَمَلَكَ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً ، وَفِي أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ مِنْ مُلْكِهِ ظَهَرَتْ
دُرُسْتُ الْهَرَابِذَةُ ، وَالزَّمَازِمَةُ إِلَى سِتِّينَ سَنَةً مِنْ مُلْكِهِ ، فَبَنَى بِهَا
مَدِينَةَ فَسَا ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ سَلَّطَ الْيَهُودَ حَتَّى قَتَلُوا مِنْ وَلَدِ
آدَمَ أَرْبَعَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ نَبِيًّا - عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ، وَقَتَلُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ شِيعَةِ الْأَنْبِيَاءِ كَثِيرًا ، فَعِنْدَ ذَلِكَ لَعَنَهُمَا اللَّهُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِاللَّعْنَةِ الَّتِي لَعَنَ بِهَا إِبْلِيسَ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ
أَزْدَشِيرُ بْنُ أَسْفَنْدِيَارَ مِائَتَيْنِ وَاثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَتْ
جَمَزَا بِنْتُ شَهْرَدَارَانَ ، فَمَلَكَتْ ثَلَاثِينَ سَنَةً ، فَعِنْدَ ذَلِكَ اسْتَوْدَعَ اللَّهُ تَعَالَى نُورَهُ وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ نَبِيًّا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يُقَالُ لَهُ
أَبُو شَائِغٍ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ
دَارَا بْنُ شَهْرَدَارَانَ ، فَمَلَكَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً ، فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَقْبِضَهُ أَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ يَسْتَوْدِعَ نُورَ اللَّهِ وَعِلْمَهُ وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ
[ ص: 1613 ] رُوبِيلَ بْنَ أَبِي شَايِغٍ ، فَفَعَلَ ذَلِكَ ، فَلَمْ يَزَلْ
رُوبِيلُ يُدَبِّرُ عِلْمَ اللَّهِ وَنُورَهُ وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ
دَارَا بْنُ دَارَا أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً ، وَعِلْمُ اللَّهِ وَنُورُهُ وَتَفْصِيلُ حِكْمَتِهِ عِنْدَ وَلِيِّ اللَّهِ
رُوبِيلَ بْنِ أَبِي شَايِغٍ وَأَصْحَابِهِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ
الْإِسْكَنْدَرُ قَيْصَرُ ، فَمَلَكَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً ، وَفِي سَنَتَيْنِ مِنْ مُلْكِهِ بَنَى مَدِينَةً
بِأَصْبَهَانَ ، وَسَمَّاهَا
جَيَّا ، وَعِلْمُ اللَّهِ وَحِكْمَتُهُ فِي
رُوبِيلَ بْنِ أَبِي شَائِغٍ وَمَنِ اتَّبَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ
أَشَحُّ بْنُ أَشْحَانَ الْكَبْشُ مِائَتَيْنِ وَسِتًّا وَسِتِّينَ سَنَةً ، فَعِنْدَ ذَلِكَ اخْتَارَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ
عِيسَى - عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ - ، فَاسْتَوْدَعَهُ ذَلِكَ النُّورَ وَالْحِكْمَةَ ، وَزَادَهُ مِنْ عِنْدِهِ الْإِنْجِيلَ ، فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَرْفَعَهُ إِلَيْهِ أَوْحَى إِلَيْهِ عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَوْدِعَ عِلْمَ اللَّهِ وَنُورَهُ وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ
يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى اسْتَوْدَعَ نُورَهُ وَاسْتَخْلَصَ لِرِسَالَتِهِ
دَانْيَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ
يَزْدَجِرُ بْنُ سَابُورَ ، وَوَلِيَ أَمْرَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ فِي الْأَرْضِ دَسِيخَا ، وَأَصْحَابُهُ الْمُؤْمِنُونَ ، وَشِيعَتُهُ الصِّدِّيقُونَ ، فَعَاشَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً وَخَمْسَةَ أَشْهُرٍ وَسَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا ، فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يَقْبِضَهُ أَوْحَى إِلَيْهِ فِي مَنَامِهِ أَنْ يَسْتَوْدِعَ عِلْمَ اللَّهِ وَنُورَهُ
نَسْطُورِسَ بْنَ دَسِيخَا ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ
بَهْرَامْ [ ص: 1614 ] حُورَ ، فَمَلَكَ سِتًّا وَعِشْرِينَ سَنَةً وَثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا ، وَوَلِيَ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى يَوْمَئِذٍ فِي الْأَرْضِ
نَسْطُورِسُ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ
فَيْرُوزُ بْنُ يَزْدَجِرَ ، فَمَلَكَ سَبْعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً ، وَوَلِي أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى يَوْمَئِذٍ فِي الْأَرْضِ
نَسْطُورِسُ بْنُ دَسِيخَا ، فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَقْبِضَهُ إِلَيْهِ أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ فِي مَنَامِهِ أَنْ يَسْتَوْدِعَ عِلْمَ اللَّهِ تَعَالَى وَنُورَهُ وَتَفْصِيلَ حِكْمَتِهِ ابْنَهُ يُقَالُ لَهُ
مُرْعِيدَا ، فَفَعَلَ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ
أَبَلَاسِنُ بْنُ فَيْرُوزَ ، فَمَلَكَ أَرْبَعَ سِنِينَ ، وَوَلِيَ أَمْرَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ فِي الْأَرْضِ
مُرْعِيدَا ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ
قِيَاذُ بْنُ فَيْرُوزَ خَمْسًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً ، وَوَلِيَ أَمْرَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ فِي الْأَرْضِ
مُرْعِيدَا ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ
كِسْرَى بْنُ قِبَاذَ ، فَمَلَكَ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً وَثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ ، وَوَلِيَ أَمْرَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ فِي الْأَرْضِ
مُرْعِيدَا وَأَصْحَابُهُ الْمُؤْمِنُونَ ، فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَقْبِضَ
مُرْعِيدَا أَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ يَسْتَوْدِعَ عِلْمَ اللَّهِ تَعَالَى وَنُورَهُ
بَحِيرَا الرَّاهِبَ ، فَفَعَلَ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ
هُرْمُزُ بْنُ كِسْرَى ، فَمَلَكَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً ، وَوَلِيَ أَمْرَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
بَحِيرَا الرَّاهِبُ ، وَأَصْحَابُهُ الْمُؤْمِنُونَ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ مَلَكَ
يَزْدَجِرُ بْنُ كِسْرَى ، فَمَلَكَ أَرْبَعَ
[ ص: 1615 ] سِنِينَ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى
مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا ، وَعَلَى آلِهِ ، وَعَلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَالرُّسُلِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " .
[ ص: 1616 ] [ ص: 1617 ] [ ص: 1618 ] [ ص: 1619 ]