الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      له مقاليد السماوات والأرض والذين كفروا بآيات الله أولئك هم الخاسرون

                                                                                                                                                                                                                                      له مقاليد السماوات والأرض لا يملك أمرها، ولا يتمكن من التصرف فيها غيره، وهو عبارة عن قدرته تعالى وحفظه لها . وفيها مزيد دلالة على الاستقلال والاستبداد; لأن الخزائن لا يدخلها، ولا يتصرف فيها إلا من بيده مفاتيحها، وهو جمع مقليد أو مقلاد من قلدته إذا ألزمته . وقيل : جمع إقليد معرب كليد على الشذوذ كالمذاكير . وعن عثمان رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المقاليد فقال صلى الله عليه وسلم : "تفسيرها لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله وبحمده، وأستغفر الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، هو الأول والآخر، والظاهر والباطن، بيده الخير، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير" . والمعنى على هذا أن لله هذه الكلمات يوحد بها، ويمجد . وهي مفاتيح خير السماوات والأرض من تكلم بها أصابه . والذين كفروا بآيات الله أولئك هم الخاسرون متصل بما قبله، والمعنى أن الله تعالى خالق لجميع الأشياء [ ص: 262 ] ومتصرف فيها كيفما يشاء بالإحياء والإماتة، بيده مقاليد العالم العلوي والسفلي، والذين كفروا بآياته التكوينية المنصوبة في الآفاق والأنفس، والتنزيلية التي من جملتها هاتيك الآيات الناطقة بذلك، هم الخاسرون خسرانا لا خسار وراءه . هذا وقيل : هو متصل بقوله تعالى : "وينجي الله" وما بينهما اعتراض فتدبر .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية