الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين

                                                                                                                                                                                                                                      حتى إذا استيئس الرسل غاية لمحذوف دل عليه السياق، أي: لا يغرنهم تماديهم فيما هم فيه من الدعة والرخاء، فإن من قبلهم قد أمهلوا حتى أيس الرسل عن النصر عليهم في الدنيا، أو عن إيمانهم لانهماكهم في الكفر وتماديهم في الطغيان من غير وازع وظنوا أنهم قد كذبوا كذبتهم أنفسهم حين حدثتهم بأنهم ينصرون عليهم، أو كذبهم رجاؤهم فإنه يوصف بالصدق والكذب، والمعنى: أن مدة التكذيب والعداوة من الكفار وانتظار النصر من الله تعالى قد تطاولت وتمادت حتى استشعروا القنوط وتوهموا أن لا نصر لهم في الدنيا جاءهم نصرنا فجأة، وعن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -: وظنوا أنهم قد أخلفوا ما وعدهم الله من النصر، فإن صح ذلك عنه فلعله أراد بالظن ما يخطر بالبال من شبه الوسوسة وحديث النفس، وإنما عبر عنه بالظن تهويلا للخطب، وأما الظن الذي هو ترجح أحد الجانبين على الآخر فلا يتصور ذلك من آحاد الأمة، فما ظنك بالأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - وهم هم، ومنزلتهم في معرفة شئون الله سبحانه منزلتهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: الضميران للمرسل إليهم، وقيل: الأول لهم، والثاني للرسل، وقرئ بالتشديد، أي: ظن الرسل أن القوم كذبوهم فيما أوعدوهم، وقرئ بالتخفيف على بناء الفاعل على أن الضمير للرسل، أي: ظنوا أنهم كذبوا عند قومهم فيما حدثوا به لما تراخى عنهم ولم يروا له أثرا، [ ص: 311 ] أو على أن الأول لقومهم فنجي من نشاء هم الرسل والمؤمنون بهم، وقرئ (فننجي) على لفظ المستقبل بالتخفيف والتشديد وقرئ (فنجا) ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين إذا نزل بهم وفيه بيان لمن تعلق بهم المشيئة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية