الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      وقال بعضهم صورة مفهوم الصفة أن تذكر ذات ، ثم تذكر صفتها ، كالغنم السائمة ، والرجل القائم . أما إذا ذكر الاسم المشتق كالقائم فقط ، أو السائمة فقط ، فهل هو كالصفة ، أو لا مفهوم له ، لأن الصفة إنما جعل لها مفهوم ، لأنه لا فائدة لها إلا نفي الحكم ، والكلام بدونها لا يحتمل ، وأما المشتق فكاللقب يختل الكلام بدونه ؟ اختلف أصحابنا في ذلك كما حكاه الشيخ أبو حامد وابن السمعاني وغيرهما ، وعبارة ابن السمعاني : الاسم المشتق كالمسلم والكافر والقاتل يجري مجرى تعليقه بالصفة في استعمال دليله في قول جمهور أصحاب الشافعي . وقال بعضهم : ينظر في الاسم المشتق ، فإن صلح للغلبة استعمل ، وإلا فلا . ا هـ . [ ص: 160 ] وجعل أبو الحسن السهيلي من أصحابنا في كتاب " أدب الجدل " له محل الخلاف في الاقتصار على الصفة دون الاسم ، فإن ذكرا جميعا كقوله : { في سائمة الغنم زكاة } فظاهره أنه حجة قطعا يستدل به على نفي الزكاة في المعلوفة ، لكن اختلفوا هل يستدل به على نفي الزكاة عن سائمة غير الغنم ؟ على وجهين : أحدهما : المنع ، وإلا لكان استدلالا بالألقاب . وأصحهما الجواز ، لأنه علق الحكم بشرطين : كونها غنما ، وكونها سائمة . والحكم المعلق بشرطين يسقط بسقوط أحدهما . ا هـ . وقد سبق الوجهان .

                                                      قال : فإن علق الحكم بنوع من جنس كقوله : حرمت عليكم لحم الخنزير ، فهل يدل على أن شحم الخنزير وجلده وشعره غير محرم ؟ وهل يدل على أن لحم الشاة والبقرة وغيره حلال أم لا ؟ على وجهين كما ذكرنا . ا هـ .

                                                      وقال الشيخ أبو حامد الإسفراييني ، وسليم الرازي : هذا إذا كانت الصفة مقصودة ، فإن كانت غير مقصودة لذلك الحكم ، كقوله تعالى : { لا جناح عليكم إن طلقتم النساء } إلى قوله : { ومتعوهن } لم يكن له دليل في أصح القولين ، لأن الصفة لم تذكر لتعليق الحكم بها ، وإنما قصد بيان رفع الحرج عمن طلق قبل المسيس والفرض ، هذا الحكم وهو إيجاب المتعة على وجه التبع ، فصار كأنه مذكور ابتداء غير معلق على الصفة . ا هـ .

                                                      وقال الشيخ أبو حامد : القياس تخصيص المتعة لها ، لأن الصفة علق بها حكمان ، فاقتضى انتفاء الحكمين معا بانتفائها . وقال الإبياري : موضع هذا الخلاف في الأوصاف التي تطرأ وتزول ، كقوله : { الثيب أحق بنفسها } ، { والسائمة فيها الزكاة } . وأما التخصيص بالصفات التي لا تطرأ ، ولا تزول ، كأسماء الأجناس ، نحو : { لا تبيعوا الطعام بالطعام } ففيه خلاف . [ ص: 161 ] وجزم العبدري ، وابن الحاج باشتراط هذا ، وزادا شرطا آخر ، وهو أن يكون نقيض الصفة يخطر بالبال . قال الإبياري : فأما إذا ذكر الاسم العام ثم ذكر الصفة الخاصة في معرض الاستدراك كقوله : { من باع ثمرة غير مؤبرة ، فثمرتها للبائع } وكقوله : من يلوم العلماء الصالحين ؟ فقد يقال : لو كان الحكم يعمها لما أنشأ بعد ذلك استدراكا . وهذا ضعيف . نعم ، التخصيص يفهم أن هذا هو المنطوق به ، أما إنه ينفي الحكم فيما عداه فلا . ا هـ . وقد سبق في كلام السهيلي هذه الصورة .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية