الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2587 ) فصل : ويستحب أن يقف المودع في الملتزم ، وهو ما بين الركن والباب ، فيلتزمه ، ويلصق به صدره ووجهه ، ويدعو الله عز وجل ; لما روى أبو داود ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال طفت مع عبد الله ، فلما جاء دبر الكعبة ، قلت : ألا تتعوذ ؟ قال : نعوذ بالله من النار . ثم مضى حتى استلم الحجر ، فقام بين الركن والباب ، فوضع صدره ووجهه وذراعيه وكفيه هكذا - وبسطها بسطا - وقال : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله . وعن عبد الرحمن بن صفوان ، قال : لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ، انطلقت فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرج من الكعبة ، هو وأصحابه ، قد استلموا الركن من الباب إلى الحطيم ، ووضعوا خدودهم على البيت ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم وسطهم . رواه أبو داود . وقال منصور : سألت مجاهدا : إذا أردت الوداع ، كيف أصنع ؟ قال : تطوف بالبيت سبعا ، وتصلي ركعتين خلف المقام ، ثم تأتي زمزم فتشرب من مائها ، ثم تأتي الملتزم ما بين الحجر والباب ، فتستلمه ، ثم تدعو ، ثم تسأل حاجتك ، ثم تستلم الحجر ، وتنصرف .

                                                                                                                                            وقال بعض أصحابنا : ويقول في دعائه : اللهم هذا بيتك ، وأنا عبدك ، وابن عبدك ، حملتني على ما سخرت لي من خلقك ، وسيرتني في بلادك حتى بلغتني بنعمتك إلى بيتك ، وأعنتني على أداء نسكي ، فإن كنت رضيت عني ، فازدد عني رضا ، وإلا فمن الآن قبل أن تنأى عن بيتك داري ، فهذا أوان انصرافي إن أذنت لي ، غير مستبدل بك ولا ببيتك ، ولا راغب عنك ولا عن بيتك ، اللهم فأصحبني العافية في بدني ، والصحة في جسمي ، والعصمة في ديني ، وأحسن منقلبي ، وارزقني طاعتك أبدا ما أبقيتني ، واجمع لي بين خيري الدنيا والآخرة ، إنك على كل شيء قدير .

                                                                                                                                            وعن طاوس قال : رأيت أعرابيا أتى الملتزم ، فتعلق بأستار الكعبة ، فقال : بك أعوذ ، وبك ألوذ ، اللهم فاجعل لي في اللهف إلى جودك ، والرضا بضمانك ، مندوحا عن منع الباخلين ، وغنى عما في أيدي المستأثرين ، اللهم بفرجك القريب ، ومعروفك القديم ، وعادتك الحسنة . ثم أضلني في الناس ، فلقيته بعرفات قائما ، وهو يقول : اللهم إن كنت لم تقبل حجتي وتعبي ونصبي ، فلا تحرمني أجر [ ص: 240 ] المصاب على مصيبته ، فلا أعلم أعظم مصيبة ممن ورد حوضك ، وانصرف محروما من وجه رغبتك .

                                                                                                                                            وقال آخر : يا خير موفود إليه ، قد ضعفت قوتي ، وذهبت منتي ، وأتيت إليك بذنوب لا تغسلها البحار ، أستجير برضاك من سخطك ، وبعفوك من عقوبتك ، رب ارحم من شملته الخطايا ، وغمرته الذنوب ، وظهرت منه العيوب ، ارحم أسير ضر ، وطريد فقر ، أسألك أن تهب لي عظيم جرمي ، يا مستزادا من نعمه ، ومستعاذا من نقمه ، ارحم صوت حزين دعاك بزفير وشهيق ، اللهم إن كنت بسطت إليك يدي داعيا ، فطالما كفيتني ساهيا ، فبنعمتك التي تظاهرت علي عند الغفلة ، لا أيأس منها عند التوبة ، فلا تقطع رجائي منك لما قدمت من اقتراف ، وهب لي الإصلاح في الولد ، والأمن في البلد ، والعافية في الجسد ، إنك سميع مجيب ، اللهم إن لك علي حقوقا ، فتصدق بها علي ، وللناس قبلي تبعات فتحملها عني ، وقد أوجبت لكل ضيف قرى ، وأنا ضيفك الليلة ، فاجعل قراي الجنة ، اللهم إني سائلك عند بابك ، من ذهبت أيامه ، وبقيت آثامه ، وانقطعت شهوته ، وبقيت تبعته ، فارض عنه ، وإن لم ترض عنه فاعف عنه ، فقد يعفو السيد عن عبده ، وهو عنه غير راض . ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                            والمرأة إذا كانت حائضا لم تدخل المسجد ، ووقفت على بابه ، فدعت بذلك .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية