الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 734 ) فصل : والمستحب أن يكون شروع المأموم في أفعال الصلاة ; من الرفع والوضع ، بعد فراغ الإمام منه ، ويكره فعله معه في قول أكثر أهل العلم . واستحب مالك أن تكون أفعاله مع أفعال الإمام . ولنا ، ما روى البراء قال { : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال : سمع الله لمن حمده ، لم نزل قياما حتى نراه قد وضع جبهته في الأرض ، ثم نتبعه } . متفق عليه . وللبخاري : { لم يحن أحد منا ظهره حتى يقع رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجدا ، ثم نقع سجودا بعده } .

                                                                                                                                            وعن أبي موسى ، قال { : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا ، فبين لنا سنتنا ، وعلمنا صلاتنا فقال : إذا صليتم فأقيموا صفوفكم ، وليؤمكم أحدكم ، فإذا كبر فكبروا - إلى قوله - فإذا ركع فاركعوا ، فإن الإمام يركع قبلكم ويرفع قبلكم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فتلك بتلك } . رواه مسلم ، وفي لفظ : { فمهما أسبقكم به إذا ركعت تدركوني به إذا رفعت } .

                                                                                                                                            وروى أبو هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { : إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فلا تختلفوا عليه ، فإذا كبر فكبروا ، وإذا ركع فاركعوا . وإذا قال : سمع الله لمن حمده . فقولوا : ربنا ولك الحمد . وإذا سجد فاسجدوا ، وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون } . متفق عليه .

                                                                                                                                            وقوله : " فإذا ركع فاركعوا " ، يقتضي أن يكون ركوعهم بعد ركوعه ; لأنه عقبه به بفاء التعقيب ، فيكون بعده ، كقولك : جاء زيد فعمرو . أي جاء بعده . وإن وافق إمامه في أفعال الصلاة ، فركع وسجد معه ، أساء ، وصحت صلاته .

                                                                                                                                            ( 735 ) فصل : ولا يجوز أن يسبق إمامه ; لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم { : لا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ; ولا بالقيام ، ولا بالانصراف } . رواه مسلم . وعن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { : أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله صورته صورة حمار } . متفق عليه .

                                                                                                                                            ولما روينا من الأخبار في الفصل الذي قبله ، ولأنه تابع له ، فلا ينبغي أن يسبقه ، كما في تكبيرة الإحرام . فإن سبق إمامه فعليه أن يرفع ليأتي بذلك مؤتما بإمامه ، وقد روي عن عمر ، أنه قال : إذا رفع أحدكم رأسه ، والإمام ساجد ، فليسجد ، وإذا رفع الإمام برأسه فليمكث قدر [ ص: 310 ] ما رفع . فإن لم يفعل حتى لحقه الإمام سهوا أو جهلا ، فلا شيء عليه ; لأن هذا سبق يسير .

                                                                                                                                            وإن سبق إمامه عمدا عالما بتحريمه ، فقال أحمد في رسالته : ليس لمن سبق الإمام صلاة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم { : أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار } . ولو كانت له صلاة لرجا له الثواب ، ولم يخش عليه العقاب . وعن ابن مسعود ، أنه نظر إلى من سبق الإمام ، فقال : لا وحدك صليت ، ولا بإمامك اقتديت ، وعن ابن عمر نحو من ذلك ، قال : وأمره بالإعادة . لأنه لم يأت بالركن مؤتما بإمامه . فأشبه ما لو سبقه بتكبيرة الإحرام أو السلام . وقال ابن حامد : في ذلك وجهان . قال القاضي : عندي أنه تصح صلاته ; لأنه اجتمع معه في الركن ، فصحت صلاته ، كما لو ركع معه ابتداء .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية