الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        [ ص: 32 ] فصل

                                                                                                                                                                        طهارة ما ولغ فيه الكلب أو تنجس بدمه ، أو بوله ، أو عرقه ، أو شعره ، أو غيرها من أجزائه وفضلاته ، أن يغسل سبع مرات ، إحداهن بتراب ، وفيما سوى الولوغ وجه شاذ أنه يكفي غسله مرة ، كسائر النجاسات . والخنزير ، كالكلب على الجديد ، وفي القديم : يكفي مرة كغيره ، وقيل : القديم كالجديد ، ولا يقوم الصابون والأشنان ونحوهما مقام التراب على الأظهر ، كالتيمم . ويقوم في الثاني : كالدباغ والاستنجاء . والثالث : إن وجد ترابا ، لم يقم . وإلا قام . وقيل : يقوم فيما يفسده التراب ، كالثياب ، دون الأواني .

                                                                                                                                                                        أما إذا اقتصر على الماء وغسله ثماني مرات ، ففيه أوجه . الأصح : لا يطهر . والثاني : يطهر . والثالث : يطهر عند عدم التراب دون وجوده . ولا يكفي غمس الإناء والثوب في الماء الكثير على الأصح . ولا يكفي التراب النجس على الأصح ، كالتيمم . ولو تنجست أرض ترابية بنجاسة الكلب ، كفى الماء وحده على الأصح ، إذ لا معنى لتعفير التراب ، ولا يكفي في استعمال التراب ذره على المحل ، بل لا بد من مائع يمزجه به ، ليصل التراب بواسطته إلى جميع أجزاء المحل . فإن كان المائع ماء ; حصل الغرض ، وإن كان غيره ، كالخل وماء الورد ، وغسله ستا بالماء ، لم يكف على الصحيح ، كما لو غسل السبع بالخل والتراب .

                                                                                                                                                                        قلت : لو ولغ في الإناء كلاب ، أو كلب مرات ، فثلاثة أوجه . الصحيح يكفيه للجميع سبع . والثاني : يجب لكل ولغة سبع . والثالث : يكفي لولغات الكلب الواحد سبع ، ويجب لكل كلب سبع . ولو وقعت نجاسة أخرى في الإناء الذي ولغ فيه الكلب ، كفى سبع ، ولو كانت نجاسة الكلب عينية ، كدمه ، فلم تزل إلا بست غسلات مثلا ، فهل يحسب ذلك ستا أم واحدة ، أم لا يحسب شيئا ؟ فيه [ ص: 33 ] ثلاثة أوجه . أصحها : واحدة . ويستحب أن يكون التراب في غير السابعة . والأولى أولى . ولو ولغ في ماء لم ينقص بولوغه عن قلتين ، فهو باق على طهوريته ، ولا يجب غسل الإناء . ولو ولغ في شيء نجسه ، فأصاب ذلك الشيء آخر ، وجب غسله سبعا . ولو ولغ في طعام جامد ، ألقى ما أصابه وما حوله ، وبقي الباقي على طهارته ، وإذا لم يرد استعمال الإناء الذي ولغ فيه ، لا يجب إراقته على الصحيح الذي قطع به الجمهور .

                                                                                                                                                                        وفي ( الحاوي ) وجه أنه يجب إراقته على الفور ، للحديث الصحيح بالأمر بإراقته . ولو ولغ في ماء كثير متغير بالنجاسة ، ثم أصاب ذلك الماء ثوبا ، قال الروياني : قال القاضي حسين : يجب غسله سبعا إحداهن بالتراب ، لأن الماء المتغير بالنجاسة ، كخل تنجس ، ولو ولغ حيوان تولد من كلب ، أو خنزير وغيره ، أو من كلب وخنزير ، فقد نقل فيه صاحب ( العدة ) الخلاف في الخنزير لأنه ليس كلبا . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        سؤر الهرة طاهر ، لطهارة عينها ، ولا يكره ، فلو تنجس فمها ، ثم ولغت في ماء قليل فثلاثة أوجه . الأصح أنها إن غابت واحتمل ولوغها في ماء يطهر فمها ، ثم ولغت ، لم تنجسه ، وإلا نجسته . والثاني : تنجسه مطلقا . والثالث : عكسه .

                                                                                                                                                                        قلت : وغير الماء من المائعات ، كالماء . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية