الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بالطور في المغرب

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          172 170 - ( مالك عن ابن شهاب عن محمد بن جبير ) بضم الجيم وفتح الموحدة ( ابن مطعم ) النوفلي أبي سعيد المدني ، ثقة من رجال الجميع ، عارف بالأنساب مات على رأس المائة .

                                                                                                          ( عن أبيه ) جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف ، صحابي أسلم يوم فتح مكة وقيل قبله ، وكان أحد الأشراف ، ومن حلماء قريش وساداتهم عارفا بالأنساب ، مات سنة ثمان أو تسع وخمسين .

                                                                                                          ( أنه قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ ) كذا في نسخ الموطأ ، ومثله في البخاري من رواية ابن يوسف عن مالك قرأ بلفظ الماضي ، وفي فتح الباري قوله : قرأ في رواية ابن عساكر يقرأ ، وكذا هو في الموطأ ومسلم .

                                                                                                          ( بالطور في المغرب ) وللبخاري في الجهاد من طريق معمر عن الزهري وكان جاء في أسارى بدر ، ولابن حبان من طريق محمد بن عمرو عن الزهري في فداء أهل بدر ، وزاد الإسماعيلي من طريق معمر وهو يومئذ مشرك ، وللبخاري في المغازي من رواية معمر أيضا ، وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي ، وللطبراني من طريق أسامة بن زيد نحو : وزاد في آخره فأخذني من قراءته الكرب ، ولسعيد بن منصور عن هشيم عن الزهري فكأنما صدع قلبي حين سمعت القرآن ، واستدل به على صحة أداء ما تحمله الراوي في حال الكفر ، وكذا الفسق إذا أداه في حالة العدالة ، وقوله بالطور أي بسورة الطور .

                                                                                                          وقال ابن الجوزي : يحتمل أن الباء بمعنى من كقوله تعالى : ( يشرب بها عباد الله ) ( سورة الإنسان : الآية 6 ) واستدل الطحاوي [ ص: 303 ] لذلك بما رواه من طريق هشيم عن الزهري فسمعته يقول : ( إن عذاب ربك لواقع ) ( سورة الطور : الآية 7 ) قال : فأخبر أن الذي سمعه من هذه السورة هو هذه الآية خاصة ، قال الحافظ : وليس في السياق ما يقتضي قوله خاصة ، مع أن رواية هشيم بخصوصها مضعفة ، بل جاء في روايات أخرى ما يدل على أنه قرأ السورة كلها ، فعند البخاري في التفسير : فلما بلغ هذه الآية : ( أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون أم عندهم خزائن ربك أم هم المسيطرون ) ( سورة الطور : الآية 35 - 37 ) كاد قلبي يطير ، ونحوه لقاسم بن أصبغ .

                                                                                                          وللطبراني وابن حبان سمعته يقرأ : والطور وكتاب مسطور ( سورة الطور : الآية 1 ، 2 ) ومثله لابن سعد ، وزاد : فاستمعت قراءته حتى خرجت من المسجد انتهى .

                                                                                                          ورواه يزيد بن أبي حبيب عن الزهري فجعل موضع المغرب العتمة .

                                                                                                          ورواه سفيان بن حسين عن الزهري عن محمد عن أبيه : " أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأكلمه في أسارى بدر فوافقته وهو يصلي بأصحابه المغرب أو العشاء ، وهو يقرأ وقد خرج صوته من المسجد : إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع ( سورة الطور : الآية 7 ، 8 ) فكأنما صدع قلبي ، أخرجهما ابن عبد البر : فأما رواية الشك ، فالصحيح منه المغرب ، وأما رواية العتمة فضعيفة لأنها من رواية ابن لهيعة عن يزيد ، كما قال ابن عبد البر يعني وابن لهيعة لا يحتج به إذا انفرد ، فكيف إذا خالف ؟ والمحفوظ عن الزهري عند حفاظ أصحابه المغرب ، وقد أخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف ومسلم عن يحيى كلاهما عن مالك به .




                                                                                                          الخدمات العلمية