الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن إسحق بن عبد الله بن أبي طلحة عن حميدة بنت عبيد بن رفاعة عن خالتها كبشة بنت كعب بن مالك وكانت تحت ابن أبي قتادة الأنصاري أنها أخبرتها أن أبا قتادة دخل عليها فسكبت له وضوءا فجاءت هرة لتشرب منه فأصغى لها الإناء حتى شربت قالت كبشة فرآني أنظر إليه فقال أتعجبين يا ابنة أخي قالت فقلت نعم فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالإنها ليست بنجس إنما هي من الطوافين عليكم أو الطوافات قال يحيى قال مالك لا بأس به إلا أن يرى على فمها نجاسة

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          44 42 - ( مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ) زيد بن سهل الأنصاري ( عن ) زوجته ( حميدة ) بضم الحاء المهملة وفتح الميم عند رواة الموطأ إلا يحيى الليثي فقال : إنها بفتح الحاء وكسر الميم نبه عليه أبو عمر ( بنت أبي عبيدة بن فروة ) كذا قال يحيى وهو غلط منه لم يتابعه عليه أحد ، وإنما يقول رواة الموطأ كلهم ابنة عبيد بن رفاعة ، إلا أن زيد بن الحباب قال فيه عن مالك حميدة بنت عبيد بن رافع نسب أباها إلى جده وهو عبيد بن رفاعة بن رافع بن مالك بن العجلان ، وحميدة هذه امرأة إسحاق ، وبه صرح في رواية يحيى القطان ومحمد بن الحسن وابن المبارك عن مالك عن إسحاق قال : حدثتني امرأتي حميدة وتكنى أم يحيى قاله ابن عبد البر أي باسم ابنها يحيى بن إسحاق وهي أنصارية مدنية مقبولة من التابعيات روى لها أصحاب السنن ( عن خالتها كبشة ) بفتح الكاف والشين المعجمة بينهما موحدة ساكنة ( بنت كعب بن مالك ) الأنصارية ، قال ابن حبان : لها صحبة وتبعه المستغفري ( وكانت تحت ) عبد الله ( ابن أبي قتادة الأنصاري ) المدني الثقة التابعي المتوفى سنة خمس وتسعين ، وقال ابن سعد : تزوجها ثابت بن أبي قتادة فولدت له ، وفي رواية ابن المبارك عن مالك : وكانت امرأة أبي قتادة ، قال ابن عبد البر : وهو وهم منه إنما هي امرأة ابنه ، ووقع في الأم للشافعي عن مالك : وكانت تحت ابن أبي قتادة أو أبي [ ص: 135 ] قتادة ، الشك من الربيع كذا وقع في الأصل ، قال الرافعي : وفي نسبة الشك إليه شبهة لأن عبد الملك بن محمد بن عدي روى عن الحسن بن محمد الزعفران عن الشافعي عن مالك الحديث وقال فيه كذلك وهذا يوهم أن الشك من غير الربيع ، وفي رواية عبد الرزاق وغيره عن مالك وكانت عند أبي قتادة وهذا يصدق على التقديرين ، قال : والواقع على ما رواه الأكثرون الأولى أي إنها زوج ابنه ، وكذا رواه الربيع عن الشافعي في موضع آخر بلا شك ، ويدل عليه قوله لها : يابنة أخي ولا يحسن تسمية الزوجة باسم المحارم .

                                                                                                          ( أنها ) أي كبشة ( أخبرتها ) أي حميدة ( أن أبا قتادة ) الأنصاري اسمه الحارث ويقال عمرو ويقال النعمان بن ربعي بكسر الراء وسكون الموحدة بعدها مهملة السلمي بفتحتين المدني شهد أحدا وما بعدها ولم يصح شهوده بدرا ، ومات سنة أربع وخمسين على الأصح الأشهر .

                                                                                                          ( دخل عليها فسكبت ) أي صبت ( له وضوءا ) أي الماء الذي يتوضأ به .

                                                                                                          ( فجاءت هرة لتشرب منه فأصغى ) بغين معجمة أي أمال ( لها الإناء حتى شربت ) منه ( قالت كبشة : فرآني أنظر إليه ) نظر المنكر أو المتعجب ( فقال : أتعجبين يابنة أخي ؟ ) في الصحبة لأن أباها صحابي مثله وسلمي من قبيلته وهو أحد الثلاثة ( قالت : فقلت ) له : ( نعم ) أعجب ( فقال : ) لا تعجبي ( إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إنها ليست بنجس ) وصف بالمصدر فيستوي فيه المذكر والمؤنث ، قاله الرافعي وضبطه المنذري والنووي وابن دقيق العيد وابن سيد الناس بفتح الجيم من النجاسة ، قال تعالى : إنما المشركون نجس ( سورة التوبة : الآية 28 ) ذكره السيوطي على النسائي ( إنما هي من الطوافين عليكم ) أي الذين يداخلونكم ويخالطونكم قاله أبو عمر .

                                                                                                          ( أو الطوافات ) شك من الراوي أو تنويع أي ذكورها من ذكور من يطوف وإناثها من الإناث ، ويؤيده أن في رواية بالواو ، قاله الرافعي وهي رواية محمد بن الحسن للموطأ .

                                                                                                          وقال البوني : الطوافين الخدم والطوافات الخادمات ، ونظيره قوله تعالى : ويطوف عليهم ولدان ( سورة الإنسان : الآية 19 ) فالهر في اختلاطه كبعض الخدم .

                                                                                                          وروى ابن ماجه والحاكم وابن عدي عن أبي هريرة مرفوعا : " الهرة لا تقطع الصلاة إنما هي من متاع البيت " والدارقطني عن عائشة مرفوعا : " إنها ليست بنجس هي كبعض أهل البيت " قال الرافعي : ولو قرئ تنجس أي بفوقية قبل النون وشد الجيم أي ما تلغ فيه لصح معناه وكان قوله : إنما [ ص: 136 ] هي من الطوافين حسن الموقع أي إذا كانت تطوف في البيت ولا يستغنى عنها يخفف الأمر فيما ولغت فيه ، ولذا صار بعضهم إلى العفو مع تيقن نجاسة فمها لكن الرواية لا تساعده . اهـ .

                                                                                                          وهذا الحديث أخرجه الشافعي في الأم عن مالك به ، ورواه أصحاب السنن الأربعة ، وأخرج أحمد والدارقطني والحاكم والبيهقي عن أبي هريرة : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعي إلى دار قوم فأجاب ودعي إلى دار آخرين فلم يجب فقيل له في ذلك فقال - صلى الله عليه وسلم - : " إن في دار فلان كلبا وفي دار الآخر هرة والهرة ليست بنجسة إنما هي من الطوافين عليكم والطوافات " .

                                                                                                          ( قال مالك : لا بأس به ) أي يجوز الوضوء بما شربت منه ( إلا أن يرى على فمها نجاسة ) فإن غيرت الماء منع .




                                                                                                          الخدمات العلمية