الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
62 الأصل

[ 31 ] أبنا الربيع، أبنا الشافعي، أبنا مالك، عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله، عن سليمان بن يسار، عن المقداد بن الأسود؛ أن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أمره أن يسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل إذا دنا من أهله فخرج منه المذي ماذا عليه؟

قال علي - رضي الله عنه -: فإن عندي ابنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أستحيي أن أسأله.

فقال المقداد: فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال: "إذا وجد أحدكم ذلك فلينضح فرجه وليتوضأ وضوءه للصلاة".
.

التالي السابق


الشرح

أبو النضر: هو سالم بن أبي أمية مولى عمر بن عبيد الله بن معمر القرشي التيمي.

سمع: أبا مرة مولى أم هانئ، وعامر بن [سعد] وبسر بن سعيد، وأبا سلمة، وسليمان بن يسار [ ص: 129 ]

وروى عنه: مالك، وابن عيينة، وموسى بن عقبة، والثوري، والمغيرة بن عبد الرحمن.

توفي في زمن مروان.

وسليمان بن يسار أبو أيوب أو أبو عبد الله مولى ميمونة بنت الحارث، هو أخو عطاء وعبد الله وعبد الملك.

سمع: ابن عباس، وعائشة، وأبا هريرة، ورافع بن خديج، وأبا رافع، و [عراك] بن مالك.

وروى عنه: الزهري، وعمرو بن ميمون، وبكير بن الأشج، وعبد الله بن دينار، ومكحول.

وكان من فقهاء المدينة وقرائها، توفي سنة سبع ومائة.

والمقداد بن الأسود: هو أبو معبد أو أبو الأسود المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة الكندي حليف لهم وكان في حجر الأسود بن عبد يغوث الزهري فنسب إليه وهو من الصحابة المشهورين يعد في أهل الحجاز.

روى عنه: علي بن أبي طالب، وعبيد الله بن عدي بن الخيار، وعبد الرحمن بن أبي ليلى.

مات سنة ثلاث وثلاثين.

وعلي - رضي الله عنه - أمير المؤمنين ويعسوب الدين ابن أبي طالب عبد مناف بن [ ص: 130 ] عبد المطلب بن [هاشم] بن عبد مناف بن قصي، أبو الحسن الهاشمي.

روى عنه: عبد الله بن عباس، وأبو جحيفة، وابناه الحسين ومحمد.

قتل بالكوفة صبيحة يوم الجمعة سنة أربعين في رمضان.

والحديث رواه القعنبي عن مالك كما رواه الشافعي، ومن روايته أخرجه أبو داود.

وعن الشافعي أنه قال في حرملة: حديث سليمان بن يسار عن المقداد مرسل لا نعلمه سمع منه شيئا، واستشهد لقوله بأن بكير بن الأشج رواه عن سليمان عن ابن عباس، عن علي قال: أرسلت المقداد بن الأسود إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسأله عن المذي... فذكره، ورواه جماعة عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن المقداد، عن علي؛ وآخرون عن هشام عن أبيه أن عليا - رضي الله عنه - قال للمقداد... إلى آخره.

وفي الباب عن علي، و [سهل] بن حنيف [ ص: 131 ]

والمذي: ماء يخرج عند الملاعبة أو التذكر، يقال: مذى الرجل وأمذى، وقد يقال: مذي كمني.

وقوله: إذا دنا من أهله يجوز أن يريد المجامعة، ويجوز أن يريد مطلق الدنو، والأول أشبه؛ لقوله: فإن عندي ابنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أستحيي أن أسأله، والحكم لا يختلف بين أن يخرج المذي إذا دنا من أهله وبين أن يخرج في غير تلك الحالة؛ لكن صاحب الواقعة يحسن أن يتعرض في السؤال للأوصاف التي يجوز أن تكون مؤثرة في حكم الواقعة، والدنو من الأهل من ذلك؛ لأن الرجل يحتاج إليه فيجوز أن يؤثر في نوع من التخفيف.

وقوله: فلينضح فرجه قد سبق أن النضح يطلق لمعنى الرش، وبمعنى الغسل، ويقرب من الرش قولهم: نضح عطشه إذا شرب دون الري، ونضحت القربة إذا رشحت، وحمله بعضهم على الرش وقالوا: يكفي الرش في المذي ونحن نحمله على الغسل؛ لما روي عن علي - رضي الله عنه - أنه قال: كنت رجلا مذاء فجعلت أغتسل حتى تشقق ظهري، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - أو ذكر له - فقال: إذا رأيت المذي فاغسل ذكرك وتوضأ فاستدل الشافعي بالحديث على أن خروج المذي يوجب الوضوء.

وقوله: وضوءه للصلاة يقطع احتمال حمل التوضؤ على [ ص: 132 ] الوضاءة الحاصلة لغسل الفرج، فإن غسل العضو الواحد قد يسمى وضوءا كما ورد أن الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر والمراد: غسل اليد، وقد يستدل به على نجاسة المذي حيث أمر بالغسل منه، وفيه إيقاع اسم الفرج على الذكر، وفيه ما يبين أنهم كانوا يعتمدون على خبر الواحد حيث أمر علي المقداد أن يسأل له.




الخدمات العلمية