الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            5- التعليم العالي وهجرة العقول:

            وفي سياق الحديث عن إنتاج المعرفة وأثر ذلك في هجرة العقول، نتساءل عن نوع التعليم العالي في العالم العربي، الذي يخرج فئات العلماء والباحثين وحاملي المعرفة.

            أول ما يلاحظ في هذا السياق أن مؤسسات التعليم العالي في البلدان العربية حديثة العهد بالنشأة؛ فأكثر من نصف الجامعات العربية أنشئت في النصف الثاني من القرن الماضي، وللنشأة الحديثة دلالة مهمة؛ لأن المؤسسات الجامعية تستغرق زمنا لكي ترسخ بنيتها بوصفها مؤسسة ولتحسن قيمتها المعرفية. أما المؤسسات الجامعية العربية فقد تأثرت بظروف المجتمعات العربية والسياسات المتبعة [1] ؛ فأنتجت تلك العوامل جامعات من غير رؤى واضحة وسياسات محكمة تدبر شؤون التعليم العالي، واضطربت غاياتها بين خدمة الأهداف الوطنية وبناء هويات البلاد العربية الإسلامية وبين استلهام الأنموذج الغربي استلهاما كليا؛ فتأثرت النيات وتعددت المصالح وأسفر التعدد والاضطراب عن خلل في المسار الجامعي منذ البدء، نعم، لقد حاول جيل النهضة أن يرسخ ويثبت أسس البحث العلمي في الجامعـات العربية، ووفق إلى حد ما ولكن المحاولات لم يكتب لها الاستمرار. [ ص: 153 ]

            من آفات الجامعات العربية في عمومها قلة استقلالها، وخضوعها لقبضة السياسات الحاكمة وهيمنة الأنظمة، فتحول كثير منها إلى سـاحات للصـراع السياسي والعقدي، وغدت فضاء لخـدمة أغراض السلطـة السياسية، فانحسرت حرية التفكير بانحسار استقلال الجامعات. أما الفرص القليلة التي تتاح فيها معرفة جيدة وتكوين علمي مهم للباحثين، فإنها تفضي بالمتخرجين إلى الهجرة التماسا لما افتقدوه في مجتمعاتهم وجامعاتهم.

            التالي السابق


            الخدمات العلمية