الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
المطلب الأول: ضوابط اختيار القاضي:

نحت الشريعة الإسلامية في اختيار القضاة منحى الاعتدال، فلم تعهد إلى الخليفة أن ينصب القضاء من يشاء أو من يطلبه [1] ، وإنما حرصت على أن تحيط عملية الاختيار هذه بجملة من الضوابط الشرعية التي من شأنها أن تكفل حسن الاختيار، ومن المعلوم أن تحقيق العدل ورفع الظلم يتوقفان على حسن سير جهاز القضاء، ولا يتحقق ذلك إلا إذا أحسنا اختيار القضاة، إذ هم عصب القضاء وقوامه وعليهم يقع عبء الأحكام وتبعة القضايا.

وجملة الضوابط التي يستند إليها الخليفة في اختيار القضاة وتعيينهم قسمان:

القسم الأول: ضوابط تقيد تصرف الخليفة.

القسم الثاني: ضوابط تتعلق بالقاضي، وسيأتي قريبا تفصيل القول فيها. [ ص: 49 ]

فأما الضوابط التي تقيد تصرفات الخليفة أو من بيده سلطة اختيار القضاة وتعيينهم فهي: أولا: اختيار الأصلح، وثانيا: اختيار الأمثل، وثالثا: المساواة.

أولا: اختيار الأصلح للولاية [2] :

الأصل أن القضاء يتولاه الخليفة بنفسه باعتباره القائم بأمر الناس المفوض من الأمة في تسيير أمورها، وراعي الولايات والمصالح العامة والحافظ للدين وسياسة الدنيا وتنفيذ الشرع [3] ، إلا أن له حق تفويض أو إنابة غيره للقضاء بين الناس.

وقد تولى النبي صلى الله عليه وسلم القضاء في المدينة، وأوكله إلى غيره، كما في حديث عبد الله بن عمرو بن العـاص، رضي الله عنهـما، عن أبيه قـال: ( جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم خصمان يختصمان، فقال لعمرو: اقض بينهما يا عمرو، فقال: أنت أولى بذلك مني يا رسول الله، قال: وإن كان، قال: فإذا قضيت بينهما فما لي؟ قال: إن أنت قضيت بينهما فأصبت القضاء فلك عشر حسنات، وإن أنت اجتهدت فأخطأت فلك حسنة ) [4] .

يقول ابن خلدون في هذا: "أما القضاء، فهو من الوظائف الداخلة تحت الخلافة، لأنه منصب الفصل بين الناس في الخصومات حسما للتداعي وقطعا [ ص: 50 ] للتنازع، إلا أنه بالأحكام الشرعية المتلقاة من الكتاب والسنة، فكان لذلك من وظائف الخلافة ومندرجا في عمومها" [5] .

وتولية الأصلح تعود إلى قاعدة: "تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة" [6] ، هذه القاعدة نص عليها الشافعي، وقال: "منزلة الإمام من الرعية منزلة الولي من اليتيم" [7] .

وأصل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : ( من ولي من أمر المسلمين شيئا فأمر عليهم أحدا محاباة فعليه لعنة الله، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا حتى يدخله جهنم ) [8] ، وقوله أيضا: "من استعمل رجلا على عصابة وفي تلك العصابة من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله وخان المؤمنين" [9] .

ونص القرافي في "الذخيرة" أن "كل من ولي ولاية الخلافة فما دونها إلى الوصية، لا يحل له أن يتصرف إلا بجلب مصلحة أو درء مفسدة" [10] ، لقوله صلى الله عليه وسلم : [ ص: 51 ] ( ما من أمـير يلي أمر المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح إلا لم يدخل معهم الجنة ) [11] .

وأكد ابن تيمية هذا المعنى بقوله: فيجب على ولي الأمر أن يولي على كل عمل من أعمال المسلمين أصلح من يجده، فإن عدل عن الأصلح إلى غيره، لأجل قرابة بينهما أو مذهب أو لرشوة يأخذها منه من مال أو منفعة أو غير ذلك من الأسباب، فقد خان الله ورسوله والمؤمنين [12] .

فإذا أراد الإمام تولية أحد اجتهد في ذلك لنفسه وللمسلمين ولا يحابي أحدا ولا يقصد بالتولية إلا وجه الله تعالى [13] ، إذ القضاء من باب الأمانات التي أمرنا الله تعالى بأدائها لأصحابها بدليل قرنها بالحكم في قوله تعالى: ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) (النساء:58).

جاء في "معين الحكام" ما نصه: "وإذا أراد الإمام تولية أحد اجتهد لنفسه وللمسلمين ولا يحابي، ولا يقصد بالتولية إلا وجه الله تعالى، فقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: ما من أمير أمر أميرا أو استقضى قاضيا محاباة [ ص: 52 ] إلا كان عليه نصف ما اكتسب من الإثم، وإن أمره أو استقضاه نصيحة للمسلمين، كان شريكه فيما عمل من طاعة الله، ولم يكن عليه شيء من معصية الله" [14] .

وقد بين القرافي في الفرق السادس والتسعين بين قاعدة من يتعين تقديمه، وبين قاعدة من يتعين تأخيره في الولايات والمناصب والاستحقاقات الشرعية، "أنه يجب أن يقدم في كل ولاية من هو أقوم بمصالحها على من هو دونه" [15] .

فتبين إذن أن من مقاصد الشريعة تولية الأصلح لأنه الأقدر على الوفاء بحقوق المنصب، والأصلح في كل منصب من توفرت فيه القوة والأمانة لقوله تعالى: ( إن خير من استأجرت القوي الأمين ) (القصص:26)، والقوة في كل ولاية بحسبها، فيقدم في كل ولاية الأعرف بأركانها وشرائطها وسننها وآدابها، وسائر مصالحها ومفاسدها، مع القدرة على جلب مصالحها ودرء مفاسدها [16] ، وفي القضاء الأعرف بالأحكام الشرعية، والأشد تفطنا لحجاج [ ص: 53 ] الخصوم والأعلم بوجوه العدل الذي دل عليه الكتاب والسنة، والأقدر على تنفيذ الأحكام، والأمانة ترجع إلى خشية الله وترك خشية الناس [17] ، هذا إن وجد الأصلح، وقد لا يكون في الموجود من هو صالح لتلك الولاية، فيختار الأمثل فالأمثل في كل منصب بحسبه، وهذا هو الضابط الثاني لتصرفات الإمام.

ثانيا: اختيار الأمثل للولاية [18] :

مما تقدم بيانه، فقد راعت الشريعة الإسلامية، تحقيقا لمقاصد الوسائل، تولية الأصلح: "وذلك إنما يتم بمعرفة مقصود الولاية ومعرفة طريق المقصود، فإذا عرفت المقاصد والوسائل فقد تم الأمر" [19] ، مع أنه يجوز تولية غير الأهل للضرورة إذا كان أصلح الموجود [20] ، وقد نقل عن ابن أبي زيد القيرواني (تـ386هـ/996م): أنه إذا لم نجد في جهة إلا غير العدول أقمنا أصلحهم وأقلهم فجورا للشهادة عليهم ويلزم مثل ذلك في القضاة وغيرهم كيلا تضيع المصالح وتتعطل الحقوق والأحكام [21] . [ ص: 54 ]

وعلل ذلك القرافي باشتراط الإمكان في التكاليف [22] ولأجل كثرة فساد الزمان، وذكر في "الذخيرة" ما نصه: "أن الفساد قد كثر وانتشر بخلاف العصر الأول، ومقتضى ذلك اختلاف الأحكام بحيث لا يخرج عن الشرع بالكلية لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا ضرر ولا ضرار ) [23] ، وترك هذه القوانين يؤدي إلى الضرر، ويؤكد ذلك جميع النصوص الواردة بنفي الحرج" [24] .

وإلى هذا المعنى أشار ابن عبد السلام في كتابه "القواعد"، تحت قاعدة تعذر العدالة في الولايات، إلى أنه إذا لم نجد عدلا يقوم بالولايات العامة والخاصة، قدم الفاجر على الأفجر والخائن على الأخون؛ لأن حفظ البعض أولى من تضييع الكل [25] .

وعليه، إذا استولى الكفار على إقليم عظيم فولوا القضاء لمن يقوم بمصالح المسلمين العامة، فالذي يظهر إنفاذ ذلك كله جلبا للمصالح العامة ودفعا للمفاسد الشاملة، إذ يبعد عن رحمة الشارع ورعايته لمصالح عباده تعطيل المصالح العامة وتحمل المفاسد الشاملة، وكذا إذا تفاوت الحكام في الفسوق [ ص: 55 ] قدمنا أقلهم فسوقا، ولو قدمنا غـيره لفات من المصالح ما لنا عنه مندوحة، ولا يجوز بأي حال تفويت مصالح الإسلام إلا عند تعذر القيام بها [26] .

هذا من جهة العدالة، والأمر سواء من جهة العلم، فلو فرض خلو الزمان من مجتهد قدم أمثل مقلد.

جاء في "الاعتصام": أنه لو فرض خلو الزمان عن مجتهد يظهر بين الناس وافتقروا إلى إمام يقدمونه لجريان الأحكام وتسكين ثورة الثائرين والحياطة على دماء المسلمين وأموالهم، فلا بد من إقامة أمثل مقلد ممن ليس بمجتهد؛ لأنا بين أمرين، إما أن يترك الناس فوضى، وهو عين الفساد والهرج، وإما أن يقدموه فيزول الفساد بتة ولا يبقى إلا فوت الاجتهاد والتقليد كاف بحسبه، وإذا ثبت هذا فهو نظر مصلحي يشهد له وضع أصـل الإمامة، وهو مقطوع به بحيث لا يفتقر في صحته وملاءمته إلى شاهد [27] .

وهكذا نرى أن تولية أصحاب الولايات في مناصبهم مسؤولية خطيرة لاسيما إذا تعلق الأمر بولاية القضاء، لجلال موضوعه وخطـورة نتائجه، فكما أنه بعدل القضاء تحقن الدماء وتصان الأعراض وتحفظ الأموال، فكذا بجوره تسفك الدماء وتهتك الأعراض، وتضيع الأموال، وهو بهذا يعتبر المنصب المهيمن بحكمه على سائر المناصب والولايات بما فيها الولاية الكبرى، لهذا كله أولت الشريعة الإسلامية هذا المنصب أهمية بالغة. [ ص: 56 ]

على أن التشريع السياسي الإسلامي لم يحدد "طرائق العدل" فيما لم يرد فيه نص، وإن كان حدد معايير وخططا تشريعية اجتهادية كما هو مبسوط في كتب أصول الفقه، فمرجعية تعيين القضـاة سـواء كانت ضمن اختصاصات الخليفة أو تعود بالنظر إلى هيئات قضائية عليا وسواء وقع هذا الأمر عن طريق الاختيار [28] أو الاختبار [29] أو الانتخاب [30] ، لا تعدو أن تكون من طرائق تحقيق العدل، شريطـة أن يراعى في كل ذلك مقتضى المبدأ العام الذي مؤداه "توسيد الأمر إلى أهله"، وهو مبدأ مهم يؤدي التهاون في إقامته إلى الفوضى والظلم والفساد. [ ص: 57 ]

ثالثا: المساواة:

وهي أساس العدل ولذا كانت مبدأ عاما يطبق على الرعية داخل الدولة، "فالمساواة في التشريع للأمة ناظرة إلى تساويهم في الخلقة وفروعها مما لا يؤثر التمايز فيه أثرا في صلاح العالم" [31] ، وهـي في الولايات تعود إلى مبدأ تحقيق تكافؤ الفرص، لهذا كان المنع من تولية الأقارب الولايات أحد أهم الأسس التي انبنت عليها الشريعة الإسلامية، فقد روي عن أبي بكر رضي الله عنه أنه كان يقول ليزيد: "إن لك قرابة عساك أن تؤثرهم بالإمارة، وذلك أشد ما أخاف عليك"، بعدما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من ولي من أمر المسلمين شيئا فأمر عليهم أحدا محاباة فعليه لعنة الله، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا حتى يدخله جهنم )

ولهذا أيضا نهي عن الارتشاء لتحصيل المناصب، فلا تجوز تولية القاضي بالرشوة، ولو قضى لا ينفذ قضاؤه [32] .

جاء في "مواهب الجليل": أنه لا يجوز دفع المال لعزل قاض ليتولى مكانه وإن وقع فهو باطل [33] ، وفي "تبصرة الحكام": "وأما تحصيل القضاء بالرشوة، فهو أشد كراهة، ومن تقبل القضاء وأعطى عليه رشوة فولايته باطلة وقضاؤه مردود وإن كان قد حكم بحق، وكذلك إن أعطى رشوة على عزل قاضي ليتولى مكانه" [34] . [ ص: 58 ]

وفي الحديث: ( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي ) [35] ، وفي رواية: ( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي في الحكم ) [36] .

ويؤيد ما سقناه من منع التولية بالرشوة، أنها ذريعة لتولية غير الأكفاء فضلا عن كونها مما نهي عنه من أكل أموال الناس بالباطل، ولقد منيت الدولة الإسلامية في بعض الأحقاب بأناس يبذلون المال ليحصلوا على إحدى الولايات، وطرأ الفساد على ولاة أمور المسلمين ونوابهم في بعض الأزمنة، من ذلك أن محمد بن الحسن بن أبي الشـوارب ضمـن القضـاء بمـال مرتب لمعز الدولة، فكان يطالبه دائما ويكاد بابه لا يخلو من مطالب [37] .

ويذكر السيوطي (تـ911هـ/1505م) أن معز الدولة قلد أبا العباس عبد الله بن الحسن بن أبي الشوارب القضاء سنة 350 هـ، وركب بالخلع من دار معز الدولة وبين يديه الدبـادب





[38] والبوقات، وفي خدمته الجيش وشرط على نفسه أن يحمل في كل سنة إلى خزانة معز الدولة مائتي ألف درهم وكتب عليه بذلك سجلا [39] . [ ص: 59 ]

وتحقيقا لمبدأ المساواة نهي عن طلب الإمارة والحرص عليها وتضافرت الأدلة على التحذير من ذلك، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: ( من طلب القضاء واستعان عليه وكل إليه، ومن لم يطلبه ولم يستعن عليه أنزل الله ملكا يسدده ) [40] ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة، فنعم المرضعة وبئست الفاطمة ) [41] .

قال الشوكاني (تـ1250هـ/1834م): "ويدخل في الإمارة القضاء والحسبة ونحو ذلك، وإن من حرص على ذلك لا يعان، فإذا كان الطالب مسلوب الإعانة تورط فيما دخل فيه وخسر الدنيا والآخرة، ولهذا لا تحل تولية من كان كذلك فلربما كان الطالب للإمارة مريدا بها الظهور على الأعداء والتنكيل بهم فيكون في توليته مفسدة عظيمة" [42] .

وعلى ذلك إذا اجتمع طالب القضاء والممسك عنه الزاهد فيه وتساويا في الشروط فينبغي أن يقلد الممسـك دون الطالب، لأنه أرغب في السلامة [43] ، إلا أن ما تقدم بيانه لا يتنافى مع وجوب طلب القضاء في بعض الحالات، كأن تكون الحقوق مضاعة بجور أو عجز، والأحكام فاسدة بجهل أو هوى فيقصد [ ص: 60 ] إنسان من أهل القضاء أن يحفظ الحقوق ويحرس الأحكام مع وجوب الحاجة إليه وغيره لا يقوم مقامه [44] ، وقد نقل في هذا عن الإمام أحمد قوله: "لا بد للناس من حاكم، أتذهب حقوق الناس؟" [45] .

وسئل المازري (تـ536هـ/1141م) عن جواز السعي لطلب القضاء في من توفرت فيه الشـروط، فأجاب: "يجب على من هو من أهل الاجتهاد أو العدالة السعي في طلبه إن علم أنه إن لم يسـأله ضاعت الحقوق أو وليه من لا يحل له أن يولى" [46] .

وهذا جريا على ما ثبت بالاستقراء من أنه، "متى تعارضت مصلحتان رجحت المصلحة العظمى" [47] ، وقد تعارض هنا مقصد المساواة وهو المرجوح ومقصد العدل وهو الراجح، فوجب تقديم إقامة العدل بإقامة القضاء، وذلك بالسعي إلى طلبه المنهي عنه في أصل الشريعة، لأن في تفويت الطلب تفويتا للمقصد الأعظم من القضاء، وهو رفع التهارج ورد النوائب وقمع الظالم ونصر المظلوم وقطع الخصومات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكف الظالم عن ظلمه [48] . [ ص: 61 ]

ذكر ابن دقيق العيد (تـ702هـ/1302م): أن المقصود الأعظم من القضاء هو إيصال الحق إلى مستحقه، فانخرام هذه المراسم الحكمية مع تحصيل مقصود القضاء، وعدم تنصيص صاحب الشرع على وجوبها أولى من مخالفة هذا الحديث [49] .

فنهي الرسول صلى الله عليه وسلم يحمل على التحريم لمن طلبه لغرض دنيوي أو بغية إيذاء الناس والتباهي والظهور على الخصوم، وذلك لأن القضاء فرض على الأمة، فإذا توانت عن القيام به أثمت لما في القيام به من تحقيق لمقاصد الشريعة.

ويتخرج على هذا أن طلب القضاء والدخول فيه من باب الرخصة، إذا قصد به إقامة العدل والترك عزيمة، فلعله يخطئ ظنه ولا يوفق له أو لا يعينه عليه غيره إلا أن يكون أهلا للقضاء دون غيره فيفترض عليه التقلد صيانة لحقوق العباد وإخلاء للعالم عن الفساد [50] .

قال اللخمي (تـ478هـ/1085م): إقامة حاكم للناس واجب لما فيه من رفع الحرج والمظالم، فعلى الوالي على بلد النظر في أحكامهم إن كان أهلا، فإن اشتغل عن ذلك وجب عليه أن يقدم عليهم من كان أهلا لذلك [51] . [ ص: 62 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية