الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
1- المصدرية القرآنية

فالرسول صلى الله عليه وسلم ، دأب على ترسيخ الارتباط بالقرآن، باعتباره، مصدرا وحيدا للتربية [1] ، ذلك أن المصدرية القرآنية، باعتبارها أهم، وأول خصائص التربية التوحيدية،النبوية،كانت حاضرة حضورا قويا في التوجيه التربوي النبوي، قولا وفعلا.

فقد وضع البخاري ترجمة لباب من أبواب كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، نصها: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء) ، ثم قال ابن حجر معلقا: (هـذه الترجمة، لفظ حديث، أخرجه أحمد ، وابن أبي شيبة ، والبزار ، من حديث جابر ، ( أن عمر ، أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب، أصابه من بعض أهل الكتاب، فقرأه عليه، فغضب، وقال: لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء، فيخبروكم بحق، فتكذبوا به، أو باطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني ) [2] . [ ص: 70 ]

ومن هـنا توثق ارتباط الناس بالقرآن في العهد النبوي، ارتباطا عمق صلة القلوب بربها، إلى درجة أن الصحابة، رضوان الله عليهم، كانوا يتتبعون الوحي، تتبع المتلهف، الحريص على الترقي، في مدارج المعرفة بالله، والسلوك إليه سبحانه، ولم يكونوا يلتفتون إلى شيء غير القرآن والسنة، في تزكية نفوسهم، وتدينهم، فعمر بن الخطاب رضي الله عنه ، الذي نهاه الرسول صلى الله عليه وسلم ، عن الاستمداد من التوراة، يحكي لنا قصة ارتباطه بالقرآن والسنة في حديث له، إذ كان مكلفا، وصاحبا له، بالمرابطة في ثغر من ثغور المدينة، ترقبا لغزو متوقع، من ملك غسان " قال: كان لي جار من الأنصار، فكنا نتناوب النزول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فينزل يوما، وأنزل يوما، فيأتيني بخبر الوحي وغيره [3] وآتيه بمثل ذلك، وكنا نتحدث أن غسان تنعل الخيل لتغزونا " [4] .

فرغم أن الرجلين قد كلفا بمهمة المرابطة بالثغر، على حدود المدينة المنورة، فإنهما حريصان على تتبع أخبار القرآن والسنة،ونيل حظهما منهما، فجيل الصحابة إذن، كان جيلا قرآنيا حقا. [ ص: 71 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية