الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
(ج) المرحلة العلمية

كان من بين آخر ما نزل من القرآن، سورة التوبة [1] ، ومنها قوله تعالى: ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ) (التوبة: 122 ) وذلك أن المنهج التربوي التوحيدي، صار يكتسي وجها علميا وتعليميا، في أواخر حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ، حيث حصل تراكم من ناحيتين:

الأولى: ناحية النصوص القرآنية والحديثية، فقد مضى على عمر الدعوة [ ص: 101 ] ما يربو على العشرين عاما، مما يجعل تنزيل النصوص على الواقع، يزداد عمقا، ويحتاج بصرة واجتهادا، فهناك المكي والمدني من القرآن، والناسخ والمنسوخ، من القرآن والسنة معا،والتفصيلات السنية، المبينة لمجملات القرآن.. إلخ.

والثانية : ناحية الأفواج الهائلة، والأعداد الكبيرة، التي دخلت الإسلام بعد فتح مكة ، مما يجعل الاستيعاب التربوي لها جميعا، بالمنهج الأرقمي أو المنبري فقط، غير ممكن تماما.

( فعن عمرو بن سلمة ، رضي الله عنه ، قال: كانت العرب تلوم [2] بإسلامهم الفتح، فيقولون: اتركوه وقومه، فإنه إن ظهر عليهم، فهو نبي صادق.. فلما كانت وقعة أهل الفتح، بادر كل قوم بإسلامهم ) [3] .

وقال المباركفوري معلقا: (هذا الحديث يدل على مدى أثر فتح مكة في تطوير الظروف، وتعزيز الإسلام، وتعيين الموقف للعرب، واستسلامهم للإسلام، وتأكد ذلك، أي تأكد بعد غزوة تبوك ، ولذلك نرى الوفود تقصد المدينة تترى في هـذين العامين - التاسع والعاشر - ونرى الناس يدخلون في دين الله أفواجا، حتى إن الجيش الإسلامي، الذي كان قوامه عشرة آلاف مقاتل [ ص: 102 ] في غزوة الفتح إذا هـو يزخر في ثلاثين ألف مقاتل في غزوة تبوك ، قبل أن يمضي على فتح مكة عام كامل.. ثم نرى في حجة الوداع، بحرا من رجال الإسلام - مائة ألف من الناس، أو مائة وأربعة وأربعون ألفا منهم - يموج حول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بالتلبية، والتكبير، والتسبيح، والتحميد، تدوي له الآفاق، وترتج له الأرجاء ) [4] . فكان لا بد إذن من التفكير في الشكل التنزيلي للمنهج التوحيدي، فالنصوص هـي النصوص، قرأنا كانت أو سنة، لكن أغلب الناس بعد الفتح، لم تتح له الفرصة لفهم مقاصدها الشرعية، في الجلسات الأرقمية، أو اللقاءات المنبرية، فشرع نصا وفقها.

وقد كان صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك قبل الفتح طبعا، لكن معظمه إنما كان بعد آخر حياته صلى الله عليه وسلم ، فكان يرسل مع كل وفد من الوفود، التي جاءت تعلن إسلامها، بعد الفتح، من قبائل العرب، رجلا يقرئهم القرآن، ويعلمهم فقهه من السنة النبوية. وقد أربت الوفود على السبعين وفدا [5] ، وربما أمر على الوفد رجلا منهم، على أساس أن يكون أقرأهم لكتاب الله، وأعلمهم بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، كما أمر عثمان بن أبي العاص الثقفي ، على ثقيف ، ليعلمهم [ ص: 103 ] ( لأنه كان أحرصهم على التفقه في الإسلام، وتعلم الدين والقرآن ) [6] ، وجعل على بني الحارث بن كعب ، عمرو بن حزم ، قال ابن هـشام : ( ليفقههم في الدين، ويعلمهم السنة، ومعالم الإسلام ) [7] ، وأرسل أبا عبيدة بن الجراح ، مع وفد نجران [8] . كما أرسل معاذ بن جبل ، وأبا موسى الأشعري إلى اليمن ،كلا منهما إلى منطقة، ثم قال لهما: ( يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا ) [9] ، ثم إنه صلى الله عليه وسلم جعل المسئولية التعليمية في عنق كل متعلم من الصحابة، بل كل من تعلم، ولو آية.

إن هـذه المرحلة من حياة الدعوة الإسلامية، صارت التربية فيها تقوم أساسا على تبليغ نصوص الإسلام : القرآن أولا، ثم ما يقوم مقام فهمه وبيانه، وهو الحديث النبوي الشريف، فتكون مدارسة الناس لذلك - علما وتعلما - هـي التربية، وكان الناس إذا علموا شيئا، علموا به، وصارت عملية نقل نصوص الدين، وتربية الناس عليها، وتكوينهم على مبادئها، تسمى (علما) ، وصار لمصطلح العلم في هـذه المرحلة رواج كبير، أكثر مما مضى... وكانت دلالته تنحصر في معرفة النصوص الشرعية، وما يستنبط منها، وصار الناس يسمون كل ما نقل عن الصحابة رضي الله عنهم ، مسندا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم علما. [ ص: 104 ] وبقي هـذا الاصطلاح ساريا بهذا المعنى إلى مرحلة التابعين، وأتباعهم، " فعن بقية بن الوليد قال: قال لي الأوزاعي : يا بقية، العلم ما جاء عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، وما لم يجئ عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فليس بعلم " [10] ولم يكن العلم بهذا المعنى في أواخر حياة الرسول صلى الله عليه وسلم يقصد به شيئا غير العمل. فهو لذلك إذن، تربية. ثم إنه إنما يقوم على مدارسة النصوص الشرعية، وفقهها، كما قلنا، وهو لذلك مرة أخرى توحيد، أو تربية توحيدية.

وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم ، يرى التربية تأخذ شكلها الجديد، أي تبليغ العلم وتعلمه، فسعى صلى الله عليه وسلم إلى الحث على ذلك، وإحاطته بمجموعة من الضوابط والتوجيهات، حتى لا يزيغ القالب العلمي عن قصده التربوي المحض، ومضمونه التوحيدي الأصيل، فيعطي الأولوية في ذلك لكتاب الله عز وجل ، حفظا وفقها، فيقول ( صلى الله عليه وسلم : خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) [11] ثم ( يقول عن سنته صلى الله عليه وسلم : نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها، ثم بلغها، عني فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هـو أفقه منه ) [12] [ ص: 105 ]

والحديث هـذا، يشير إلى أن العلم لا يقتصر على نقل النصوص فقط، ولكن يتعداه إلى فقهها،وفهمها، فينحصر العلم وقتذاك إذن في القرآن والسنة والفقه منهما، دون الرأي المحض، وذلك صلب التربية التوحيدية، من حيث المصدرية الشرعية. ثم مضى الرسول صلى الله عليه وسلم ، يؤكد أهمية العمل بالعلم وضرورته بالنسبة للعالم، والمتعلم، على السواء، حتى يحافظ العلم على مغزاه التربوي، الذي نشأ من أجله، ( فيقول صلى الله عليه وسلم في العلم: مثل العالم الذي يعلم الناس الخير، وينسى نفسه كمثل السراج يضئ للناس، ويحرق نفسه ) [13] ، ( ويقول عن المتعلم : سلوا الله علما نافعا، وتعوذوا بالله من علم لا ينفع ) [14] ، ( وقال: من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله، لا يتعلمه إلا ليصيب به عوضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة ) [15] وقال عن هـؤلاء وأولئك : ( من تعلم العلم ليباهي به العلماء، أو يماري به السفهاء، أو يصرف به وجوه الناس إليه، أدخله الله جهنم ) [16] ، وكان هـذا التحذير النبوي إنما هـو توجيه، حتى يبقى العلم في الناس، قائما على [ ص: 106 ] دوره التربوي أساسا. وهذا هو المصرح به في قوله صلى الله عليه وسلم : ( من علم علما، فله أجر من عمل به، لا ينقص من أجر العامل ) [17] وأبين منه، ( ما رواه جبير بن نفير ، عن عوف بن مالك الأشجعي ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم : نظر إلى السماء يوما فقال : هـذا أوان يرفع العلم، فقال له رجل من الأنصار، يقال له زياد بن لبيد : يا رسول الله ! يرفع العلم وقد أثبت، ووعته القلوب؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن كنت لأحسبك من أفقه أهل المدينة، ثم ذكر ضلالة اليهود والنصارى، على ما في أيديهم من كتاب الله.. قال جبير فلقيت شداد بن أوس ، فحدثته بحديث عوف، فقال: صدق عوف، ألا أخبرك بأقل ذلك يرفع؟ قلت: بلى، قال الخشوع: حتى لا ترى خاشعا ) [18] .

فهذا المضمون التربوي للعلم، هـو الذي كان يحث عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ، عند انطلاق الحركة العلمية في آخر حياته صلى الله عليه وسلم ، وانتداب الصاحبة لذلك، وإرسالهم إلى جهات مختلفة من الجزيرة العربية ليتم الاستيعاب التربوي الشامل، لكل المسلمين، في كل مكان. [ ص: 107 ]

بيد أن طبيعة المنهج العلمي، أو التعليمي، كأسلوب من أساليب التربية التوحيدية،كانت هـي العمل على تعميق التدين، في أفراد المجتمع، فهما، وتنزيلا. ويختلف تطبيق ذلك من صحابي لآخر، فمنهم من جعل العلم مضمونا في إطار أرقمي، وهم الصحابة الذين ساروا على منهج الجلسات، بقواعدها التربوية، وهم يعلمون الناس.. ومنهم من بلغ العلم في إطار منبري، ومنهم من علمه في إطار (تحديثي) ، عابر، لا هـو بذا ولا هـو بذاك، ولكن القصد منه كان مجرد التبليغ. ولذلك تخرج من أجيال التابعين، العلماء القياديون، والجنود العاملون، والمسلمون العاديون، وكلهم من مادة تربوية واحدة، هـي العلم بالكتاب والسنة، وما ينبني عليهما.

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يرى التربية التوحيدية، قد أخذت تكتسي طابعا تعليميا في آخر عهده صلى الله عليه وسلم ، فجعل يؤكد ضرورة إقبال علماء الصحابة على التعليم، وإقبال جمهور الأمة على التعلم، موجها بين ترغيب وترهيب. فيقول في شأن العلماء المربين: ( من سئل عن علم فكتمه، ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار ) [19] ، ويقول: ( علموا ويسروا، ولا تعسروا، وبشروا، ولا تنفروا، فإذا غضب أحدكم فليسكت ) [20] ، وهذا حديث فيه دلالة واضحة على ضرورة إعطاء البعد التربوي للمسألة العلمية والتعليمية، [ ص: 108 ] ولذلك فإنه صلى الله عليه وسلم حمل علماء الصحابة ومن بعدهم مسئولية التربية بالتعليم، وهذا بين مما سبق من نصوص، كما يتبين أيضا من قوله صلى الله عليه وسلم : ( مثل الذي يتعلم العلم ثم لا يحدث به كمثل الذي يكنز، فلا ينفق منه ) [21] .

وقال في خطبة حجة الوداع: ( ليبلغ الشاهد الغائب، فإن الشاهد عسى أن يبلغ من هـو أوعى منه ) [22] .

كما عمل صلى الله عليه وسلم على ترغيب جمهور الأمة في طلب العلم المفيد، للعمل، أي الذي له ثمرة تربوية، فقال: ( من جاء مسجدي هـذا، لم يأته إلا لخير يتعلمه، أو يعلمه، فهو في منزلة المجاهد في سبيل الله، ومن جاء لغير ذلك، فهو بمنزلة الرجل ينظر إلى متاع غيره ) [23] .

وقال صلى الله عليه وسلم : ( من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ) [24] ، وقال في الاجتماع على مدارسة القرآن: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه فيما بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ) [25] وشجع صلى الله عليه وسلم من لم يجد مسجدا أو مكانا قريبا، فيه علم أو لم يجد عالما بموطنه، [ ص: 109 ] أن يرحل في طلب العلم، فقال صلى الله عليه وسلم : ( من سلك طريقا، يبتغي فيه علما، سهل الله له به طريقا إلى الجنة، ومن أبطأ به عمله، لم يسرع به نسبه ) [26] ، إشارة منه صلى الله عليه وسلم إلى أن العلم هـو الطريق الصحيح للعمل ‍، وللحديث تتمة في رواية أخرى صحيحة، ‍‍‍فيها: ( وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع.. وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض، والحيتان في جوف الماء.. وإن فضل العالم على العابد، كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب.. وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر ) [27] هكذا تتضافر النصوص، لتجعل من العلم، تعليما وتعلما، قضية أساسية في المنهجية الإسلامية جملة، لأنه السبيل الأضبط لاستمرارية التدين السليم، في الفكر والتصور، وفي العمل والسلوك. وتفرق الصحابة في كل اتجاه حاملين الدعوة إلى الناس، مربين إياهم على دين الله، فكانت بداية ذلك في آخر عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،كما رأينا، واتسع ليشمل الأمر عددا أكثر من الصحابة المربين، ومناطق أخرى من بلاد المسلمين، وذلك في عهد الخلفاء الراشدين.. [ ص: 110 ]

فكانت التربية العلمية، التي مارسها الصحابة في الأمصار، هـي النواة التي تطورت عنها العلوم الشرعية، فيما بعد، كعلم التفسير، وعلم الحديث والفقه ... إلخ

كأنما الرسول صلى الله عليه وسلم ، علم أن رجالا من أمته، سينصرفون عن العلم إلى العبادة، بمعناها الضيق، أي الذكر والصلاة والصيام والزهد، فبين عليه الصلاة والسلام ، أن العلم هـو صلب العبادة وأنه الصفة التي ورثها الأنبياء للعلماء،كما تبين من الحديث السابق. ففضل العالم على العابد، بهذا المعنى، كما رأيت،كما فضل البدر على سائر الكواكب، وندب من وجد فراغا أن يبادر إلى العلم النافع لأن فضله خير من فضل التعبد، بالمعنى المذكور، إذ العلم عبادة متعدية بالخير إلى الناس، والتعبد عبادة لازمة لصاحبها فقط، فقال صلى الله عليه وسلم : ( فضل العالم على العابد، كفضلي على أدناكم، إن الله عز وجل ، وملائكته وأهل السماوات والأرض، حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت، ليصلون على معلم الناس الخير ) [28] ولذلك كان العلم شرط الإمارة في عهده صلى الله عليه وسلم ، كما رأيت، وبقي شرطها فيما بعد،وشرط كل عمل تربوي ودعوي كيفما كان، ( قال صلى الله عليه وسلم : إن الله لا يقبض العلم انتزاعا، ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما، اتخذ الناس رءوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا ) [29] [ ص: 111 ] ، وكما قد تكون الفتوى فقهية، فقد تكون تنفيذية، أو تربوية أو توجيهية، في هـذا المجال الدعوي، أو ذاك وكل ذلك فتوى تحتاج إلى علم بالكتاب والسنة.

وهكذا ختم الرسول صلى الله عليه وسلم حياته الدعوية، الحافلة بالعمل التربوي، هـو يوصي العلماء المربين من صحابته، الذين حملوا الرسالة التربوية، من بعده صلى الله عليه وسلم بالحلم والتيسير، والتبشير بالخير، وقال فيما كان يقول في هـذا المجال صلى الله عليه وسلم : ( إن الله لم يبعثني معنتا ولا متعنتا، ولكن بعثني معلما، ميسرا ) [30] ، وكان المنهج التربوي النبوي توحيديا، في كل مراحله الثلاث، فلم يتعد مصدريته، أي كتاب الله عز وجل ، وبيانه النبوي.. فالقرآن كان هـو الينبوع الصافي، الذي لم يشبه توجيه فلسفي، ولا قصص إسرائيلي، ولا حكم هـندية، أو إغريقية، به تربى الرسول صلى الله عليه وسلم ، وعليه ربى أصحابه، سواء كان مؤسسا للنخبة الأولى بدار الأرقم، أو صانعا للجندية الأنصارية بمنبر المدنية، أو معلما للآفاق، فقه الدين والتدين، عبر رسله وتلامذته، صلى الله عليه وسلم . [ ص: 112 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية