المانع الثاني : الظهارة ، وقد تقدمت نصوص تحريمها في النسب .
[ ص: 260 ] قاعدة : عقوق ذوي المحارم بعضهم لبعض حرام إجماعا من حيث الجملة .
قاعدة : الوسائل تتبع المقاصد في أحكامها ، فوسيلة المحرم محرمة ، وكذلك سائر الأحكام ، ووسيلة أقبح المحرمات أقبح الوسائل ، ووسيلة أفضل الواجبات أفضل الوسائل ، ومضارة المرأة بأخرى بجمعها معها في حال الوطء وسيلة الشحناء في العادة ، ومقتضى ذلك التحريم مطلقا ، وقد فعل ذلك في شريعة
عيسى - عليه السلام - فلا يتزوج الرجل إلا المرأة الواحدة تقديما لمصلحة النساء ، ودفعا للشحناء ، وعكس ذلك في التوراة فجوز الجمع غير محصور في عدد تغليبا لمصلحة الرجال على مصلحة النساء ، وجمع بين المصلحتين في شريعتنا المفضلة على سائر الشرائع بين مصلحة الرجال فشرع لهم أربع حرائر مع التسري ، ومصالح النساء فلا تضار زوجة منهن بأكثر من ثلاث لما كانت الثلاث مغتفرات في مواطن كثيرة اغتفرت هاهنا فتجوز هجرة المسلم ثلاثا ، والإحداد على غير الزوج ثلاث ، والخيار ثلاث ، ونحو ذلك ، هذا في الأجنبيات ، والبعيد من القرابات ، وحافظ الشرع على القرابة القريبة وصونها عن العقوق ، والشحناء فلا يجمع بين الأم وابنتها ، وهما أعظم القرابات حفظا لبر الأمهات ، والبنات ، ويلي ذلك الجمع بين الأختين ، ويلي ذلك الجمع بين المرأة وخالتها لكونها من جهة الأم ، وبرها آكد من الأب ، ويليه المرأة وعمتها ، ثم خالة أمها ، ثم خالة أبيها ، ثم عمة أمها ، ثم عمة أبيها ، فهذا من باب تحريم الوسائل لا من باب تحريم المقاصد ولما كانت الأم أشد برا
[ ص: 261 ] بابنتها من الابنة بأمها ، لم يكن العقد عليها كافيا في بغضتها لابنتها إذا عقد عليها لضعف ميلها للزوج بمجرد العقد ، وعدم مخالطته فاشترط في التحريم إضافة الدخول ، وكان ذلك كافيا في بغضة البنت لضعف ودها ، فيحرم العقد لئلا تعق أمها ، وقاله الأئمة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : يشترط الدخول فيهما لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23وأمهات نسائكم ) ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن ) فقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23اللاتي دخلتم بهن ) صفة تعقيب الجملتين فتعمهما كالاستثناء والشرط وجوابه ، إما بمنع عود الاستثناء على الجمل أو تسليمه ، ونقول : هو هاهنا متعذر ; لأن النساء في الجملة الأولى مخفوض بالإضافة ، وفي الثانية مخفوض بحرف الجر ، والعامل في الصفة هو العامل في الموصوف على الأصح ، فلو كان صفة للجملتين لعمل في الصفة الواحدة عاملان ، وهو ممتنع كما تقرر في علم النحو .
( قاعدة ) :
لما دلت النصوص على
nindex.php?page=treesubj&link=10978_10979تحريم أمهات النساء ، والربائب حمل على العقد ; إذ لا يفهم من نسائنا عرفا إلا الحرائر اللاتي لا يستبحن إلا بالعقد ، وألحق الملك بالعقد لاستوائهما في المعنى المتقدم ، وألحقت شبهتهما بهما في التحريم ; لأنها ألحقت بهما في لحوق الولد ، وسقوط الحد ، وغيرهما ، وأما الزنا المحض فمطلوب الإعدام فلو رتب عليه شيء من المقاصد لكان مطلوب الإيجاد ، فلا يثبت له أثر في تحريم المصاهرة على غير المشهور ، وهو مذهب ( الموطأ ) ولاحظ في الكتاب : كونه يوجب نسبة واختصاصا ، وربما أوجب ميلا شديدا فأفتى بالتحريم ، وبالغ حتى ، قال :
[ ص: 262 ] إذا التذ بها حراما كان كالوطء ، قاله في الكتاب ، وقاله ( ح ) ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل ، ووافق الأئمة في العقد والملك والشبهة ، ووافق ( ح ) في الملامسة بلذة ، والنظر إلى الفرج إلا أن ينزل لعدم إفضائه إلى الوطء ، وهو إنما حرم تحريم الوسائل ، والوسيلة إذا لم تفض إلى المقصد سقط اعتبارها ، ومنع ( ش ) التحريم بالملامسة للذة ، والنظر مطلقا ، وأثبتناه بهما مطلقا ، وقال
أبو الطاهر : اللمس للذة ( من البالغ ينشر حرمة الطهارة ، ومن غير البالغ قولان ، وبغير لذة لا ينشر مطلقا ، ونظر البالغ للذة ) المشهور نشره ; لأنه أحد الحواس ، والشاذ لا ينشر ; لأن النظر إلى الوجه لا يحرم اتفاقا ، وإنما الخلاف في باطن الجسد ، واكتفي في تحريم زوجات الآباء ، والأبناء بالعقد ; لأن أنفات الرجال وحمياتهم تنهض بالغضب والبغض بمجرد نسبة المرأة إليهم بذلك فيختل نظام ود الآباء للأبناء ، والأبناء للآباء ، وهو سياج عظيم عند الشرع جعل خرقه من الكبائر .
فرع
قال
ابن القاسم : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=10985تزوج امرأة فلم يدخل بها فماتت فقبلها وهي ميتة حرمت ابنتها ; لأنه التذ بها ، وهي زوجة يجوز له غسلها ، وعلى القول بمنع غسلها لا تحرم ، قال : والقياس عدم الحرمة ; لأن وطأها لا يوجب إحصانا ، ويجوز له الجمع بينها وبين أختها حينئذ والخامسة .
سؤال : المشهور في تحليل الزوجة بعد الطلاق الثلاث : اشتراط الوطء
[ ص: 263 ] في الحلال ، وحمل آية التحليل عليه ; لأن القاعدة : أن كل متكلم له عرف يحمل لفظه على عرفه ، فحمل النكاح فيها على النكاح الشرعي ، وخولفت هذه القاعدة في قوله تعالى في أمهات الربائب : ( إن كنتم دخلتم بهن ) فاعتبر
مالك مطلق الوطء حلالا أو حراما ، وهو خلاف القاعدة ، جوابه : أنه احتياط في الموضعين فخولفت القاعدة لمعارضة الاحتياط .
تفريع ، في الجواهر : تحرم بالعقد الصحيح أمهات الزوجة من النسب والرضاع ، وامرأة الابن ، والحفدة ، والأب ، والجد من النسب والرضاع .
وقال
ابن القاسم في الكتاب : كل نكاح مختلف فيه لم ينص الكتاب ولا السنة على تحريمه فهو كالصحيح ، وقال أيضا : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=11145_11149تزوج امرأة في عدتها ففرق بينهما قبل البناء ( جاز لابنه تزويجها . قال
مالك : العقد الفاسد إن كان يفسخ قبل البناء ) ويثبت بعده كالشغار الذي يسمى مهره ، والعقد بالصداق المجهول أو إلى أجل غير مسمى أو إلى موت أو فراق ، والعقد بالخمر والخنزير يحرمها على ابنه وأبيه ، وإن كان محرما في الكتاب والسنة كالخامسة ، والنكاح في العدة ، والأخت على الأخت ، وعلى العمة بنسب أو رضاع ، أو للتحليل أو غير مهر فلا يحرم ، ولا تحرم بنات الزوجة إلا بالوطء أو مقدماته ، كالقبلة ، والمباشرة للذة ، والنظر لباطن الجسد بشهوة على المشهور ، وقيل : لا يحرم ذلك ، ولا يشترط كونهن في حجره ; لأن قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23وربائبكم اللاتي في حجوركم ) خرج مخرج الغالب فلا يكون له مفهوم إجماعا حينئذ ، وفي الكتاب : إذا زنا بأم امرأته
[ ص: 264 ] يفارقها ، وفي الموطأ : لا يفارقها ، وعليه جميع أصحابه ، وفي حمل المفارقة المذكورة على الوجوب أو الندب قولان ، فإن انفردت الشبهة عن العقد والملك ، قال
أبو عمران : لا يختلف أصحابنا في التحريم إلا قول
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : إذا مد يده إلى امرأته ليلا فوقعت على ابنته منها فوطئها غلطا أن ذلك لا يحرم ، وإذا فرعنا على قول الأصحاب فاختلفوا إذا حاول وطء امرأته فوقعت يده على ابنته فالتذ بها هل تحرم الأم - وعليه الأكثرون - أم لا تحرم ؟ لأن الملموسة ليست ربيبة فيتناولها تحريم الربائب ، ولا من أمهات نسائه ; لأن ابنته لا تكون من نسائه ، وقاله
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون في الوطء نفسه ، وإذا فرعنا على الأول : فجمهور قائليه : إن مقتضى المذهب التحريم قولا واحدا ، ولا يتخرج على روايتي التحريم بالزنا ، قال ضعفاؤهم : بل يتخرج ، وجمهورهم على مفارقة الأم وجوبا ، وقال
أبو عمران ،
وأبو الحسن : استحبابا ، قال
اللخمي : على القول بتحريم الأم إذا غلط بابنته منها تحرم بنت الخالة إذا غلط بجدته ; لأنها من أمهات نسائه ، وعلى القول الآخر لا تحرم .
فرع
فلو وطئ امرأة مكرها ، قال
اللخمي : يتخرج إيجابه للحرمة على الخلاف في الحد ، فإن قلنا يخرج على روايتي الزنا ، وإلا فهو كوطء الغلط .
تفريع
في الكتاب :
nindex.php?page=treesubj&link=10972_10973الجدات كالأمهات ، وبنات الأبناء كالبنات ، كما اندرجن في تحريم النسب ، وإذا تزوجها في عدتها فلم يبن بها حتى تزوج أمها أو
[ ص: 265 ] أختها أقام مع الثانية ; لأن عقد الأولى غير منعقد ، وهي تحل لآبائه وأبنائه ما لم يلتذ بها ، وكذلك لو عقد على ذات محرم أو رضاع ، وزنى بامرأة أو التذ منها حرمت عليه أمها وابنتها ، وتحرم على آبائه وأبنائه ، وإن كانت في عصمة أحدهما ، وإذا تزوج امرأة وابنتها في عقد واحد لا يثبت نكاح البنت ، كصفقة جمعت حلالا وحراما وليس له حبس إحداهما ، ويفسخ العقد وله تزوج أيتهما شاء إن كان لم يبن بهما ، وقيل : تحرم الأم للشبهة في البنت ، وإن بنى بها حرمت عليه للأبد ، وإن بنى بإحداهما فسخ العقد ، وخطب التي بنى بها بعد الاستبراء أما كانت أو بنتا ، وحرمت الأخرى أبدا ، وإن تزوج امرأة فلم يبن بها حتى تزوج ابنتها وهو لا يعلم حتى دخل بالابنة فارقهما جميعا ، ولا صداق للأم ; لأنه فسخ مجبور عليه قبل الدخول كالرضاع ، ويتزوج الابنة بعد ذلك ، واستبراء ثلاث حيض أو وضع حمل ، تفريقا بين الماء الحلال والحرام ; لأن العقد عليها مع وجود الأم في العصمة لا يحل ، وتحرم الأم للأبد ; لأنها من أمهات نسائه ، وإن عقد على الأم أخيرا وهو لا يعلم فبنى بها أو بالأم حرمت للأبد ، أما الأم فللعقد على البنت ، وأما البنت فللدخول مع العقد في الأم ، ولا صداق للابنة إن لم يبن بها لما تقدم ، وإن كان الفسخ من قبله لكنه لم يتعمده ، وإن لم يبن بالآخرة ثبتت الأولى ، أما كانت أو بنتا بنى بها أم لا ، وتفسخ الثانية ، قال
ابن يونس : قال
مالك : إذا تزوج الأم بعد البنت أو البنت بعدها فوطئ الثانية وحدها فسخ نكاحهما بغير طلاق ، وللأولى نصف الصداق ، قال
أبو عمران : ولو تزوج الأم بعد البنت عالما بالتحريم ودخل بها فعليه نصف صداق البنت ; لأنه قصد إبطال عصمتها .
[ ص: 266 ] قال صاحب المقدمات : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=11411تزوج الأم والبنت واحدة بعد واحدة ، فله ست حالات : الحالة الأولى : أن يعقد عليهما قبل البناء فيفرق بينه وبين الثانية ويبقى مع الأولى إن كانت البنت بلا خلاف أو الأم بخلاف ، وإن جهل السبق فارقهما وله زواج البنت ، وتكون عنده على تطليقتين ، ولكل واحدة نصف صداقها ، وقيل : ربعه ، قال : والقياس : ربع أول الصداقين ، وذلك إن لم تدع كل واحدة منهما أنها الأولى ، ولا ادعت عليه معرفة ذلك ، فإن جرى ذلك وحلفت كل واحدة منهما كان لها نصف الأكثر من الصداقين يقتسمانه بينهما على قدر صداقيهما ، وإن نكلتا بعد حلفه كان لهما نصف أقل الصداقين يقتسمانه على ما تقدم ، وإن نكلت إحداهما فللحالفة نصف صداقها ، فإن نكل هو وحلفتا فلكل واحدة نصف صداقها ، فإن نكلت إحداهما بعد نكوله فلا شيء لها ، وللحالفة نصف صداقها ، وإن نكلت بعد نكوله فلهما أقل الصداقين لا بقدر صداقيهما ، وإن أقر لإحداهما أنها الأولى حلفت على ذلك ، ولها نصف صداقها وليس للثانية شيء ، فإن نكل وحلفت غرم لكل واحدة نصف صداقها .
فرع
قال : إن
nindex.php?page=treesubj&link=11408مات ولم تعلم الأولى فالميراث بينهما بعد أيمانهما ، وتعتد كل واحدة منهما عدة الوفاة .
الحالة الثانية : الدخول بهما فيفارقهما ، ولكل واحدة نصف صداقها
[ ص: 267 ] بالمسيس ، وعليهما الاستبراء بثلاث حيض ، وحرمتا للأبد ، ولا ميراث .
الحالة الثالثة : أن يدخل بالأولى فتقر معها إن كانت البنت اتفاقا ، أو الأم على الخلاف ، وتحرم الثانية أبدا .
الحالة الرابعة : الدخول بالثانية : يفارقهما ، وللمدخول بها صداقها ، وتحل له بعد الاستبراء بثلاث حيض إن كانت البنت ، أو الأم حرمتا أبدا ، ولا يرثانه إن مات .
الحالة الخامسة : دخوله بواحدة لا يعلم سبقها ، فإن كانت الأم حرمتا أبدا ، وإن كانت الابنة فراقها ، وله زواجها ، وعليها في العدة أقصى الأجلين ، ولها جميع صداقها ، قال
ابن حبيب : ونصف الميراث ، وقال
محمد : لا شيء لها ، قال : وهو الصواب ، ولا عدة على غير المدخول بها ولا صداق ولا ميراث .
الحالة السادسة : دخوله بواحدة غير معلومة حرمتا أبدا ، والقول قوله في تعيينها فيعطيها صداقها ، ولا شيء للأخرى ، فإن نكل حلفت كل واحدة منهما أنها هي المدخول بها ، واستحقت جملة صداقها ، فإن نكلت إحداهما فلا شيء لها .
فرع
قال إن مات فلكل واحدة نصف صداقها عند
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون ، قال : والقياس أقل الصداقين على قدر صداقهما بعد أيمانهما ، وتعتد أقصى الأجلين وبينهما نصف الميراث على مذهب
ابن حبيب ، ولا ميراث لهما .
[ ص: 268 ] عند
محمد ، وهو الصحيح ; لأن المدخول بها إن كانت الآخرة لم يرثا ، ولا ميراث مع الشك .
فرع
في الجواهر : يجوز جمعهما في الملك للخدمة أو إحداهما للخدمة ، والأخرى للوطء ، وأيهما وطئ حرمت الأخرى أبدا . وإن جمعهما في الوطء بالملك في أحديهما والعقد في الأخرى ، فإن وطئهما أو إحداهما فكما تقدم في المملوكتين ، وإلا فالمملوكة محرمة الجمع خاصة ما لم يدخل بالزوجة أو تكون البنت فيتأبد التحريم .
فرع
قال
اللخمي : وتحرم
nindex.php?page=treesubj&link=10978امرأة الجد للأم ، والجد للأب ; لاندراجهما في لفظ الآباء كما تندرج جدات امرأته ، وجدات أمها من قبل أمها ، وأبيها في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23وأمهات نسائكم ) ، وبنت بنت الزوجة ، وبنت ابنها وكل من نسب إليها بالبنوة ، وإن سفل في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23وربائبكم ) .
تنبيه : اعلم أن هذه الاندراجات ليست بمقتضى الوضع اللغوي ، ولذلك صرح الكتاب العزيز بالثلث للأم ولم يعطه الصحابة رضي الله عنهم للجدة بل حرموها حتى روي لهم الحديث في السدس ، وصرح بالنصف للبنت ، وللبنتين بالثلثين على التسوية ، وورثت بنت الابن مع البنت السدس بالسنة ، وابن الابن كالابن في الحجب ، والجد ليس كالأب ، والإخوة تحجب الأم .
[ ص: 269 ] وبنوهم لا يحجبون فعلمنا أن لفظ الأب حقيقة في الأب القريب مجاز في آبائه ، ولفظ الابن حقيقة في القريب مجاز في أبنائه إن دل إجماع على اعتبار المجاز ، وإلا ألغي ، وأن هذه الاندراجات في تحريم المصاهرة بالإجماع لا بالنص ، وأن الاستدلال بنفس اللفظ متعذر ; لأن الأصل عدم المجاز ، والاقتصار على الحقيقة .
فرع
قال : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=11409تزوج الابن امرأة فقال الأب كنت تزوجتها ، فإن فارقها لزمه نصف الصداق ، وتحلف المرأة إن كان الأب ثقة ، وإلا فلا ، وإن شهد عدل مع الأب ، وهو عدل حكم بالفراق ، قال : وفي الصداق نظر ; لأجل شهادة الأب .
فرع
قال صاحب البيان : قال
ابن القاسم : إذا زوج امرأته من غلامه فولدت جارية لا تحل الجارية لابنه ، وروى
ابن دينار الجواز ، قال ، وهو الصحيح لعدم الحرمة بينهما ، واتفقوا على حل ما ولدت امرأة ابنه قبل أبيه ، وفيما ولدته بعده ثلاثة أقوال : الجواز
لمالك والجمهور ، والمنع
لابن القاسم ، والكراهة
لابن حبيب ، قال : والذي تخيل في المنع بقاء ابن من
[ ص: 270 ] الأول بعد وطء الثاني ، وأن الولد من الأول ، حاضت عليه ثم انتعش بماء الثاني .
الْمَانِعُ الثَّانِي : الظِّهَارَةُ ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ نُصُوصُ تَحْرِيمِهَا فِي النَّسَبِ .
[ ص: 260 ] قَاعِدَةٌ : عُقُوقُ ذَوِي الْمَحَارِمِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ حَرَامٌ إِجْمَاعًا مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ .
قَاعِدَةٌ : الْوَسَائِلُ تَتْبَعُ الْمَقَاصِدَ فِي أَحْكَامِهَا ، فَوَسِيلَةُ الْمُحَرَّمِ مُحَرَّمَةٌ ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَحْكَامِ ، وَوَسِيلَةُ أَقْبَحِ الْمُحَرَّمَاتِ أَقْبَحُ الْوَسَائِلِ ، وَوَسِيلَةُ أَفْضَلِ الْوَاجِبَاتِ أَفْضَلُ الْوَسَائِلِ ، وَمُضَارَّةُ الْمَرْأَةِ بِأُخْرَى بِجَمْعِهَا مَعَهَا فِي حَالِ الْوَطْءِ وَسِيلَةُ الشَّحْنَاءِ فِي الْعَادَةِ ، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ التَّحْرِيمُ مُطْلَقًا ، وَقَدْ فُعِلَ ذَلِكَ فِي شَرِيعَةِ
عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَلَا يَتَزَوَّجُ الرَّجُلُ إِلَّا الْمَرْأَةَ الْوَاحِدَةَ تَقْدِيمًا لِمَصْلَحَةِ النِّسَاءِ ، وَدَفْعًا لِلشَّحْنَاءِ ، وَعَكْسُ ذَلِكَ فِي التَّوْرَاةِ فَجُوِّزَ الْجَمْعُ غَيْرَ مَحْصُورٍ فِي عَدَدٍ تَغْلِيبًا لِمَصْلَحَةِ الرِّجَالِ عَلَى مَصْلَحَةِ النِّسَاءِ ، وَجُمِعَ بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ فِي شَرِيعَتِنَا الْمُفَضَّلَةِ عَلَى سَائِرِ الشَّرَائِعِ بَيْنَ مَصْلَحَةِ الرِّجَالِ فَشُرِعَ لَهُمْ أَرْبَعُ حَرَائِرَ مَعَ التَّسَرِّي ، وَمَصَالِحِ النِّسَاءِ فَلَا تُضَارُّ زَوْجَةٌ مِنْهُنَّ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ لَمَّا كَانَتِ الثَّلَاثُ مُغْتَفَرَاتٍ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ اغْتُفِرَتْ هَاهُنَا فَتَجُوزُ هِجْرَةُ الْمُسْلِمِ ثَلَاثًا ، وَالْإِحْدَادُ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ ثَلَاثٌ ، وَالْخِيَارُ ثَلَاثٌ ، وَنَحْوُ ذَلِكَ ، هَذَا فِي الْأَجْنَبِيَّاتِ ، وَالْبَعِيدِ مِنَ الْقَرَابَاتِ ، وَحَافَظَ الشَّرْعُ عَلَى الْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ وَصَوْنِهَا عَنِ الْعُقُوقِ ، وَالشَّحْنَاءِ فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْأُمِّ وَابْنَتِهَا ، وَهُمَا أَعْظَمُ الْقَرَابَاتِ حِفْظًا لِبِرِّ الْأُمَّهَاتِ ، وَالْبَنَاتِ ، وَيَلِي ذَلِكَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ ، وَيَلِي ذَلِكَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا لِكَوْنِهَا مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ ، وَبِرُّهُا آكَدُ مِنَ الْأَبِ ، وَيَلِيهِ الْمَرْأَةُ وَعَمَّتُهَا ، ثُمَّ خَالَةُ أُمِّهَا ، ثُمَّ خَالَةُ أَبِيهَا ، ثُمَّ عَمَّةُ أُمِّهَا ، ثُمَّ عَمَّةُ أَبِيهَا ، فَهَذَا مِنْ بَابِ تَحْرِيمِ الْوَسَائِلِ لَا مِنْ بَابِ تَحْرِيمِ الْمَقَاصِدِ وَلَمَّا كَانَتِ الْأُمُّ أَشَدَّ بِرًّا
[ ص: 261 ] بِابْنَتِهَا مِنَ الِابْنَةِ بِأُمِّهَا ، لَمْ يَكُنِ الْعَقْدُ عَلَيْهَا كَافِيًا فِي بِغْضَتِهَا لِابْنَتِهَا إِذَا عُقِدَ عَلَيْهَا لِضَعْفِ مَيْلِهَا لِلزَّوْجِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ ، وَعَدَمِ مُخَالَطَتِهِ فَاشْتُرِطَ فِي التَّحْرِيمِ إِضَافَةُ الدُّخُولِ ، وَكَانَ ذَلِكَ كَافِيًا فِي بِغْضَةِ الْبِنْتِ لِضَعْفِ وُدِّهَا ، فَيَحْرُمُ الْعَقْدُ لِئَلَّا تَعُقَّ أُمَّهَا ، وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ : يُشْتَرَطُ الدُّخُولُ فِيهِمَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ ) ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ ) فَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ ) صِفَةُ تَعْقِيبِ الْجُمْلَتَيْنِ فَتَعُمُّهُمَا كَالِاسْتِثْنَاءِ وَالشَّرْطِ وَجَوَابِهِ ، إِمَّا بِمَنْعِ عَوْدِ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى الْجُمَلِ أَوْ تَسْلِيمِهِ ، وَنَقُولُ : هُوَ هَاهُنَا مُتَعَذِّرٌ ; لِأَنَّ النِّسَاءَ فِي الْجُمْلَةِ الْأُولَى مَخْفُوضٌ بِالْإِضَافَةِ ، وَفِي الثَّانِيَةِ مَخْفُوضٌ بِحَرْفِ الْجَرِّ ، وَالْعَامِلُ فِي الصِّفَةِ هُوَ الْعَامِلُ فِي الْمَوْصُوفِ عَلَى الْأَصَحِّ ، فَلَوْ كَانَ صِفَةً لِلْجُمْلَتَيْنِ لَعَمِلَ فِي الصِّفَةِ الْوَاحِدَةِ عَامِلَانِ ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ كَمَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ النَّحْوِ .
( قَاعِدَةٌ ) :
لَمَّا دَلَّتِ النُّصُوصُ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=10978_10979تَحْرِيمِ أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ ، وَالرَّبَائِبِ حُمِلَ عَلَى الْعَقْدِ ; إِذْ لَا يُفْهَمُ مِنْ نِسَائِنَا عُرْفًا إِلَّا الْحَرَائِرُ اللَّاتِي لَا يُسْتَبَحْنَ إِلَّا بِالْعَقْدِ ، وَأُلْحِقَ الْمِلْكُ بِالْعَقْدِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ ، وَأُلْحِقَتْ شُبْهَتُهُمَا بِهِمَا فِي التَّحْرِيمِ ; لِأَنَّهَا أُلْحِقَتْ بِهِمَا فِي لُحُوقِ الْوَلَدِ ، وَسُقُوطِ الْحَدِّ ، وَغَيْرِهِمَا ، وَأَمَّا الزِّنَا الْمَحْضُ فَمَطْلُوبُ الْإِعْدَامِ فَلَوْ رُتِّبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الْمَقَاصِدِ لَكَانَ مَطْلُوبَ الْإِيجَادِ ، فَلَا يَثْبُتُ لَهُ أَثَرٌ فِي تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ عَلَى غَيْرِ الْمَشْهُورِ ، وَهُوَ مَذْهَبُ ( الْمُوَطَّأِ ) وَلَاحَظَ فِي الْكِتَابِ : كَوْنَهُ يُوجِبُ نِسْبَةً وَاخْتِصَاصًا ، وَرُبَّمَا أَوْجَبَ مَيْلًا شَدِيدًا فَأَفْتَى بِالتَّحْرِيمِ ، وَبَالَغَ حَتَّى ، قَالَ :
[ ص: 262 ] إِذَا الْتَذَّ بِهَا حَرَامًا كَانَ كَالْوَطْءِ ، قَالَهُ فِي الْكِتَابِ ، وَقَالَهُ ( ح ) ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وَابْنُ حَنْبَلٍ ، وَوَافَقَ الْأَئِمَّةَ فِي الْعَقْدِ وَالْمِلْكِ وَالشُّبْهَةِ ، وَوَافَقَ ( ح ) فِي الْمُلَامَسَةِ بِلَذَّةٍ ، وَالنَّظَرِ إِلَى الْفَرْجِ إِلَّا أَنْ يُنْزِلَ لِعَدَمِ إِفْضَائِهِ إِلَى الْوَطْءِ ، وَهُوَ إِنَّمَا حُرِّمَ تَحْرِيمَ الْوَسَائِلِ ، وَالْوَسِيلَةُ إِذَا لَمْ تُفْضِ إِلَى الْمَقْصِدِ سَقَطَ اعْتِبَارُهَا ، وَمَنَعَ ( ش ) التَّحْرِيمَ بِالْمُلَامَسَةِ لِلَذَّةٍ ، وَالنَّظَرَ مُطْلَقًا ، وَأَثْبَتْنَاهُ بِهِمَا مُطْلَقًا ، وَقَالَ
أَبُو الطَّاهِرِ : اللَّمْسُ لِلَذَّةٍ ( مِنَ الْبَالِغِ يَنْشُرُ حُرْمَةَ الطَّهَارَةِ ، وَمِنْ غَيْرِ الْبَالِغِ قَوْلَانِ ، وَبِغَيْرِ لَذَّةٍ لَا يَنْشُرُ مُطْلَقًا ، وَنَظَرُ الْبَالِغِ لِلَذَّةٍ ) الْمَشْهُورُ نَشْرُهُ ; لِأَنَّهُ أَحَدُ الْحَوَاسِّ ، وَالشَّاذُّ لَا يَنْشُرُ ; لِأَنَّ النَّظَرَ إِلَى الْوَجْهِ لَا يَحْرُمُ اتِّفَاقًا ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي بَاطِنِ الْجَسَدِ ، وَاكْتُفِيَ فِي تَحْرِيمِ زَوْجَاتِ الْآبَاءِ ، وَالْأَبْنَاءِ بِالْعَقْدِ ; لِأَنَّ أَنَفَاتِ الرِّجَالِ وَحَمِيَّاتِهِمْ تَنْهَضُ بِالْغَضَبِ وَالْبُغْضِ بِمُجَرَّدِ نِسْبَةِ الْمَرْأَةِ إِلَيْهِمْ بِذَلِكَ فَيَخْتَلُّ نِظَامُ وُدِّ الْآبَاءِ لِلْأَبْنَاءِ ، وَالْأَبْنَاءِ لِلْآبَاءِ ، وَهُوَ سِيَاجٌ عَظِيمٌ عِنْدَ الشَّرْعِ جُعِلَ خَرْقُهُ مِنَ الْكَبَائِرِ .
فَرْعٌ
قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=10985تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَمَاتَتْ فَقَبَّلَهَا وَهِيَ مَيِّتَةٌ حُرِّمَتِ ابْنَتُهَا ; لِأَنَّهُ الْتَذَّ بِهَا ، وَهِيَ زَوْجَةٌ يَجُوزُ لَهُ غُسْلُهَا ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِمَنْعِ غُسْلِهَا لَا تَحْرُمُ ، قَالَ : وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ ; لِأَنَّ وَطْأَهَا لَا يُوجِبُ إِحْصَانًا ، وَيَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أُخْتِهَا حِينَئِذٍ وَالْخَامِسَةِ .
سُؤَالٌ : الْمَشْهُورُ فِي تَحْلِيلِ الزَّوْجَةِ بَعْدَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ : اشْتِرَاطُ الْوَطْءِ
[ ص: 263 ] فِي الْحَلَالِ ، وَحُمِلَ آيَةُ التَّحْلِيلِ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ : أَنَّ كُلَّ مُتَكَلِّمٍ لَهُ عُرْفٌ يُحْمَلُ لَفْظُهُ عَلَى عُرْفِهِ ، فَحُمِلَ النِّكَاحُ فِيهَا عَلَى النِّكَاحِ الشَّرْعِيِّ ، وَخُولِفَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي أُمَّهَاتِ الرَّبَائِبِ : ( إِنْ كُنْتُمْ دَخَلْتُمْ بِهِنَّ ) فَاعْتَبَرَ
مَالِكٌ مُطْلَقَ الْوَطْءِ حَلَالًا أَوْ حَرَامًا ، وَهُوَ خِلَافُ الْقَاعِدَةِ ، جَوَابُهُ : أَنَّهُ احْتِيَاطٌ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَخُولِفَتِ الْقَاعِدَةُ لِمُعَارَضَةِ الِاحْتِيَاطِ .
تَفْرِيعٌ ، فِي الْجَوَاهِرِ : تَحْرُمُ بِالْعَقْدِ الصَّحِيحِ أُمَّهَاتُ الزَّوْجَةِ مِنَ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ ، وَامْرَأَةُ الِابْنِ ، وَالْحَفَدَةِ ، وَالْأَبِ ، وَالْجَدِّ مِنَ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ .
وَقَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ : كُلُّ نِكَاحٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ لَمْ يَنُصَّ الْكِتَابُ وَلَا السُّنَّةُ عَلَى تَحْرِيمِهِ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ ، وَقَالَ أَيْضًا : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=11145_11149تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي عِدَّتِهَا فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ ( جَازَ لِابْنِهِ تَزْوِيجُهَا . قَالَ
مَالِكٌ : الْعَقْدُ الْفَاسِدُ إِنْ كَانَ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ ) وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ كَالشِّغَارِ الَّذِي يُسَمَّى مَهْرُهُ ، وَالْعَقْدِ بِالصَّدَاقِ الْمَجْهُولِ أَوْ إِلَى أَجَلٍ غَيْرِ مُسَمًّى أَوْ إِلَى مَوْتٍ أَوْ فِرَاقِ ، وَالْعَقْدُ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ يُحَرِّمُهَا عَلَى ابْنِهِ وَأَبِيهِ ، وَإِنْ كَانَ مُحَرَّمًا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَالْخَامِسَةِ ، وَالنِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ ، وَالْأُخْتِ عَلَى الْأُخْتِ ، وَعَلَى الْعَمَّةِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ ، أَوْ لِلتَّحْلِيلِ أَوْ غَيْرِ مَهْرٍ فَلَا يَحْرُمُ ، وَلَا تَحْرُمُ بَنَاتُ الزَّوْجَةِ إِلَّا بِالْوَطْءِ أَوْ مُقَدِّمَاتِهِ ، كَالْقُبْلَةِ ، وَالْمُبَاشَرَةِ لِلَذَّةٍ ، وَالنَّظَرِ لِبَاطِنِ الْجَسَدِ بِشَهْوَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَقِيلَ : لَا يَحْرُمُ ذَلِكَ ، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُنَّ فِي حِجْرِهِ ; لِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ ) خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فَلَا يَكُونُ لَهُ مَفْهُومٌ إِجْمَاعًا حِينَئِذٍ ، وَفِي الْكِتَابِ : إِذَا زَنَا بِأُمِّ امْرَأَتِهِ
[ ص: 264 ] يُفَارِقُهَا ، وَفِي الْمُوَطَّأِ : لَا يُفَارِقُهَا ، وَعَلَيْهِ جَمِيعُ أَصْحَابِهِ ، وَفِي حَمْلِ الْمُفَارَقَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى الْوُجُوبِ أَوِ النَّدْبِ قَوْلَانِ ، فَإِنِ انْفَرَدَتِ الشُّبْهَةُ عَنِ الْعَقْدِ وَالْمِلْكِ ، قَالَ
أَبُو عِمْرَانَ : لَا يَخْتَلِفُ أَصْحَابُنَا فِي التَّحْرِيمِ إِلَّا قَوْلَ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سَحْنُونٍ : إِذَا مَدَّ يَدَهُ إِلَى امْرَأَتِهِ لَيْلًا فَوَقَعَتْ عَلَى ابْنَتِهِ مِنْهَا فَوَطِئَهَا غَلَطًا أَنَّ ذَلِكَ لَا يُحَرِّمُ ، وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ فَاخْتَلَفُوا إِذَا حَاوَلَ وَطْءَ امْرَأَتِهِ فَوَقَعَتْ يَدُهُ عَلَى ابْنَتِهِ فَالْتَذَّ بِهَا هَلْ تَحْرُمُ الْأُمُّ - وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ - أَمْ لَا تَحْرُمُ ؟ لِأَنَّ الْمَلْمُوسَةَ لَيْسَتْ رَبِيبَةً فَيَتَنَاوَلَهَا تَحْرِيمُ الرَّبَائِبِ ، وَلَا مِنْ أُمَّهَاتِ نِسَائِهِ ; لِأَنَّ ابْنَتَهُ لَا تَكُونُ مِنْ نِسَائِهِ ، وَقَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سَحْنُونٌ فِي الْوَطْءِ نَفْسِهِ ، وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْأَوَّلِ : فَجُمْهُورُ قَائِلِيهِ : إِنَّ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ التَّحْرِيمُ قَوْلًا وَاحِدًا ، وَلَا يَتَخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيِ التَّحْرِيمِ بِالزِّنَا ، قَالَ ضُعَفَاؤُهُمْ : بَلْ يَتَخَرَّجُ ، وَجُمْهُورُهُمْ عَلَى مُفَارَقَةِ الْأُمِّ وُجُوبًا ، وَقَالَ
أَبُو عِمْرَانَ ،
وَأَبُو الْحَسَنِ : اسْتِحْبَابًا ، قَالَ
اللَّخْمِيُّ : عَلَى الْقَوْلِ بِتَحْرِيمِ الْأُمِّ إِذَا غَلِطَ بِابْنَتِهِ مِنْهَا تَحْرُمُ بِنْتُ الْخَالَةِ إِذَا غَلِطَ بِجَدَّتِهِ ; لِأَنَّهَا مِنْ أُمَّهَاتِ نِسَائِهِ ، وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ لَا تَحْرُمُ .
فَرْعٌ
فَلَوْ وَطِئَ امْرَأَةً مُكْرَهًا ، قَالَ
اللَّخْمِيُّ : يَتَخَرَّجُ إِيجَابُهُ لِلْحُرْمَةِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْحَدِّ ، فَإِنْ قُلْنَا يَخْرُجُ عَلَى رِوَايَتَيِ الزِّنَا ، وَإِلَّا فَهُوَ كَوَطْءِ الْغَلَطِ .
تَفْرِيعٌ
فِي الْكِتَابِ :
nindex.php?page=treesubj&link=10972_10973الْجَدَّاتُ كَالْأُمَّهَاتِ ، وَبَنَاتُ الْأَبْنَاءِ كَالْبَنَاتِ ، كَمَا انْدَرَجْنَ فِي تَحْرِيمِ النَّسَبِ ، وَإِذَا تَزَوَّجَهَا فِي عِدَّتِهَا فَلَمْ يَبْنِ بِهَا حَتَّى تَزَوَّجَ أُمَّهَا أَوْ
[ ص: 265 ] أُخْتَهَا أَقَامَ مَعَ الثَّانِيَةِ ; لِأَنَّ عَقْدَ الْأُولَى غَيْرُ مُنْعَقِدٍ ، وَهِيَ تَحِلُّ لِآبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ مَا لَمْ يَلْتَذَّ بِهَا ، وَكَذَلِكَ لَوْ عَقَدَ عَلَى ذَاتِ مَحْرَمٍ أَوْ رَضَاعٍ ، وَزَنَى بِامْرَأَةٍ أَوِ الْتَذَّ مِنْهَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَابْنَتُهَا ، وَتَحْرُمُ عَلَى آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ ، وَإِنْ كَانَتْ فِي عِصْمَةِ أَحَدِهِمَا ، وَإِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَابْنَتَهَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ لَا يَثْبُتُ نِكَاحُ الْبِنْتِ ، كَصَفْقَةٍ جَمَعَتْ حَلَالًا وَحَرَامًا وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُ إِحْدَاهُمَا ، وَيُفْسَخُ الْعَقْدُ وَلَهُ تَزَوُّجُ أَيَّتِهِمَا شَاءَ إِنْ كَانَ لَمْ يَبْنِ بِهِمَا ، وَقِيلَ : تَحْرُمُ الْأُمُّ لِلشُّبْهَةِ فِي الْبِنْتِ ، وَإِنْ بَنَى بِهَا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ لِلْأَبَدِ ، وَإِنْ بَنَى بِإِحْدَاهُمَا فُسِخَ الْعَقْدُ ، وَخَطَبَ الَّتِي بَنَى بِهَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ أُمًّا كَانَتْ أَوْ بِنْتًا ، وَحُرِّمَتِ الْأُخْرَى أَبَدًا ، وَإِنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَمْ يَبْنِ بِهَا حَتَّى تَزَوَّجَ ابْنَتَهَا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ حَتَّى دَخَلَ بِالِابْنَةِ فَارَقَهُمَا جَمِيعًا ، وَلَا صَدَاقَ لِلْأُمِّ ; لِأَنَّهُ فَسْخٌ مَجْبُورٌ عَلَيْهِ قَبْلَ الدُّخُولِ كَالرَّضَاعِ ، وَيَتَزَوَّجُ الِابْنَةَ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَاسْتِبْرَاءِ ثَلَاثِ حِيَضٍ أَوْ وَضْعِ حَمْلٍ ، تَفْرِيقًا بَيْنَ الْمَاءِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ ; لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَيْهَا مَعَ وُجُودِ الْأُمِّ فِي الْعِصْمَةِ لَا يَحِلُّ ، وَتَحْرُمُ الْأُمُّ لِلْأَبَدِ ; لِأَنَّهَا مِنْ أُمَّهَاتِ نِسَائِهِ ، وَإِنْ عَقَدَ عَلَى الْأُمِّ أَخِيرًا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَبَنَى بِهَا أَوْ بِالْأُمِّ حُرِّمَتْ لِلْأَبَدِ ، أَمَّا الْأُمُّ فَلِلْعَقْدِ عَلَى الْبِنْتِ ، وَأَمَّا الْبِنْتُ فَلِلدُّخُولِ مَعَ الْعَقْدِ فِي الْأُمِّ ، وَلَا صَدَاقَ لِلِابْنَةِ إِنْ لَمْ يَبْنِ بِهَا لِمَا تَقَدَّمَ ، وَإِنْ كَانَ الْفَسْخُ مِنْ قِبَلِهِ لَكِنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْهُ ، وَإِنْ لَمْ يَبْنِ بِالْآخِرَةِ ثَبَتَتِ الْأُولَى ، أُمًّا كَانَتْ أَوْ بِنْتًا بَنَى بِهَا أَمْ لَا ، وَتُفْسَخُ الثَّانِيَةُ ، قَالَ
ابْنُ يُونُسَ : قَالَ
مَالِكٌ : إِذَا تَزَوَّجَ الْأُمَّ بَعْدَ الْبِنْتِ أَوِ الْبِنْتَ بَعْدَهَا فَوَطِئَ الثَّانِيَةَ وَحْدَهَا فُسِخَ نِكَاحُهُمَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ ، وَلِلْأُولَى نِصْفُ الصَّدَاقِ ، قَالَ
أَبُو عِمْرَانَ : وَلَوْ تَزَوَّجَ الْأُمَّ بَعْدَ الْبِنْتِ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ وَدَخَلَ بِهَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ صَدَاقِ الْبِنْتِ ; لِأَنَّهُ قَصَدَ إِبْطَالَ عِصْمَتِهَا .
[ ص: 266 ] قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=11411تَزَوَّجَ الْأُمَّ وَالْبِنْتَ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ ، فَلَهُ سِتُّ حَالَاتٍ : الْحَالَةُ الْأُولَى : أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهِمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَيُفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّانِيَةِ وَيَبْقَى مَعَ الْأُولَى إِنْ كَانَتِ الْبِنْتَ بِلَا خِلَافٍ أَوِ الْأُمَّ بِخِلَافٍ ، وَإِنْ جَهِلَ السَّبْقَ فَارَقَهُمَا وَلَهُ زَوَاجُ الْبِنْتِ ، وَتَكُونُ عِنْدَهُ عَلَى تَطْلِيقَتَيْنِ ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ صَدَاقِهَا ، وَقِيلَ : رُبُعُهُ ، قَالَ : وَالْقِيَاسُ : رُبُعُ أَوَّلِ الصَّدَاقَيْنِ ، وَذَلِكَ إِنْ لَمْ تَدَّعِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَنَّهَا الْأُولَى ، وَلَا ادَّعَتْ عَلَيْهِ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ ، فَإِنْ جَرَى ذَلِكَ وَحَلَفَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا كَانَ لَهَا نِصْفُ الْأَكْثَرِ مِنَ الصَّدَاقَيْنِ يَقْتَسِمَانِهِ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ صَدَاقَيْهِمَا ، وَإِنْ نَكَلَتَا بَعْدَ حَلِفِهِ كَانَ لَهُمَا نِصْفُ أَقَلِّ الصَّدَاقَيْنِ يَقْتَسِمَانِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ، وَإِنْ نَكَلَتْ إِحْدَاهُمَا فَلِلْحَالِفَةِ نِصْفُ صَدَاقِهَا ، فَإِنْ نَكَلَ هُوَ وَحَلَفَتَا فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ صَدَاقِهَا ، فَإِنْ نَكَلَتْ إِحْدَاهُمَا بَعْدَ نُكُولِهِ فَلَا شَيْءَ لَهَا ، وَلِلْحَالِفَةِ نِصْفُ صَدَاقِهَا ، وَإِنْ نَكَلَتْ بَعْدَ نُكُولِهِ فَلَهُمَا أَقَلُّ الصَّدَاقَيْنِ لَا بِقَدْرِ صَدَاقَيْهِمَا ، وَإِنْ أَقَرَّ لِإِحْدَاهُمَا أَنَّهَا الْأُولَى حَلَفَتْ عَلَى ذَلِكَ ، وَلَهَا نِصْفُ صَدَاقِهَا وَلَيْسَ لِلثَّانِيَةِ شَيْءٌ ، فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ غَرِمَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفَ صَدَاقِهَا .
فَرْعٌ
قَالَ : إِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=11408مَاتَ وَلَمْ تَعْلَمِ الْأُولَى فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا ، وَتَعْتَدُّ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عِدَّةَ الْوَفَاةِ .
الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ : الدُّخُولُ بِهِمَا فَيُفَارِقُهُمَا ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ صَدَاقِهَا
[ ص: 267 ] بِالْمَسِيسِ ، وَعَلَيْهِمَا الِاسْتِبْرَاءُ بِثَلَاثِ حِيَضٍ ، وَحُرِّمَتَا لِلْأَبَدِ ، وَلَا مِيرَاثَ .
الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ : أَنْ يَدْخُلَ بِالْأُولَى فَتَقَرَّ مَعَهَا إِنْ كَانَتِ الْبِنْتَ اتِّفَاقًا ، أَوِ الْأُمَّ عَلَى الْخِلَافِ ، وَتَحْرُمُ الثَّانِيَةُ أَبَدًا .
الْحَالَةُ الرَّابِعَةُ : الدُّخُولُ بِالثَّانِيَةِ : يُفَارِقُهُمَا ، وَلِلْمَدْخُولِ بِهَا صَدَاقُهَا ، وَتَحِلُّ لَهُ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ بِثَلَاثِ حِيَضٍ إِنْ كَانَتِ الْبِنْتَ ، أَوِ الْأُمَّ حُرِّمَتَا أَبَدًا ، وَلَا يَرِثَانِهِ إِنْ مَاتَ .
الْحَالَةُ الْخَامِسَةُ : دُخُولُهُ بِوَاحِدَةٍ لَا يَعْلَمُ سَبْقَهَا ، فَإِنْ كَانَتِ الْأُمَّ حُرِّمَتَا أَبَدًا ، وَإِنْ كَانَتْ الِابْنَةَ فِرَاقُهَا ، وَلَهُ زَوَاجُهَا ، وَعَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ ، وَلَهَا جَمِيعُ صَدَاقِهَا ، قَالَ
ابْنُ حَبِيبٍ : وَنِصْفُ الْمِيرَاثِ ، وَقَالَ
مُحَمَّدٌ : لَا شَيْءَ لَهَا ، قَالَ : وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَلَا عِدَّةَ عَلَى غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَا صَدَاقَ وَلَا مِيرَاثَ .
الْحَالَةُ السَّادِسَةُ : دُخُولُهُ بِوَاحِدَةٍ غَيْرِ مَعْلُومَةٍ حُرِّمَتَا أَبَدًا ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي تَعْيِينِهَا فَيُعْطِيهَا صَدَاقَهَا ، وَلَا شَيْءَ لِلْأُخْرَى ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَنَّهَا هِيَ الْمَدْخُولُ بِهَا ، وَاسْتَحَقَّتْ جُمْلَةَ صَدَاقِهَا ، فَإِنْ نَكَلَتْ إِحْدَاهُمَا فَلَا شَيْءَ لَهَا .
فَرْعٌ
قَالَ إِنْ مَاتَ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ صَدَاقِهَا عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سَحْنُونٍ ، قَالَ : وَالْقِيَاسُ أَقَلُّ الصَّدَاقَيْنِ عَلَى قَدْرِ صَدَاقِهِمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا ، وَتَعْتَدُّ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَبَيْنَهُمَا نِصْفُ الْمِيرَاثِ عَلَى مَذْهَبِ
ابْنِ حَبِيبٍ ، وَلَا مِيرَاثَ لَهُمَا .
[ ص: 268 ] عِنْدَ
مُحَمَّدٍ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ; لِأَنَّ الْمَدْخُولَ بِهَا إِنْ كَانَتِ الْآخِرَةَ لَمْ يَرِثَا ، وَلَا مِيرَاثَ مَعَ الشَّكِّ .
فَرْعٌ
فِي الْجَوَاهِرِ : يَجُوزُ جَمْعُهُمَا فِي الْمِلْكِ لِلْخِدْمَةِ أَوْ إِحْدَاهُمَا لِلْخِدْمَةِ ، وَالْأُخْرَى لِلْوَطْءِ ، وَأَيُّهُمَا وَطِئَ حُرِّمَتِ الْأُخْرَى أَبَدًا . وَإِنْ جَمْعَهُمَا فِي الْوَطْءِ بِالْمِلْكِ فِي أَحَدَيْهِمَا وَالْعَقْدِ فِي الْأُخْرَى ، فَإِنْ وَطِئَهَمَا أَوْ إِحْدَاهُمَا فَكَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَمْلُوكَتَيْنِ ، وَإِلَّا فَالْمَمْلُوكَةُ مُحَرَّمَةُ الْجَمْعِ خَاصَّةً مَا لَمْ يَدْخُلْ بِالزَّوْجَةِ أَوْ تَكُونُ الْبِنْتَ فَيَتَأَبَّدَ التَّحْرِيمُ .
فَرْعٌ
قَالَ
اللَّخْمِيُّ : وَتَحْرُمُ
nindex.php?page=treesubj&link=10978امْرَأَةُ الْجَدِّ لِلْأُمِّ ، وَالْجَدِّ لِلْأَبِ ; لِانْدِرَاجِهِمَا فِي لَفْظِ الْآبَاءِ كَمَا تَنْدَرِجُ جَدَّاتُ امْرَأَتِهِ ، وَجَدَّاتُ أُمِّهَا مِنْ قِبَلِ أُمِّهَا ، وَأَبِيهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ ) ، وَبِنْتُ بِنْتِ الزَّوْجَةِ ، وَبِنْتُ ابْنِهَا وَكُلُّ مَنْ نُسِبَ إِلَيْهَا بِالْبُنُوَّةِ ، وَإِنْ سَفَلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=23وَرَبَائِبُكُمُ ) .
تَنْبِيهٌ : اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الِانْدِرَاجَاتِ لَيْسَتْ بِمُقْتَضَى الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ ، وَلِذَلِكَ صَرَّحَ الْكِتَابُ الْعَزِيزُ بِالثُّلُثِ لِلْأُمِّ وَلَمْ يُعْطِهِ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لِلْجَدَّةِ بَلْ حَرَمُوهَا حَتَّى رُوِيَ لَهُمُ الْحَدِيثُ فِي السُّدُسِ ، وَصُرِّحَ بِالنِّصْفِ لِلْبِنْتِ ، وَلِلْبِنْتَيْنِ بِالثُّلُثَيْنِ عَلَى التَّسْوِيَةِ ، وَوَرِثَتْ بِنْتُ الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ السُّدُسَ بِالسُّنَّةِ ، وَابْنُ الِابْنِ كَالِابْنِ فِي الْحَجْبِ ، وَالْجَدُّ لَيْسَ كَالْأَبِ ، وَالْإِخْوَةُ تَحْجُبُ الْأُمَّ .
[ ص: 269 ] وَبَنُوهُمْ لَا يَحْجُبُونَ فَعَلِمْنَا أَنَّ لَفْظَ الْأَبِ حَقِيقَةٌ فِي الْأَبِ الْقَرِيبِ مَجَازٌ فِي آبَائِهِ ، وَلَفْظَ الِابْنِ حَقِيقَةٌ فِي الْقَرِيبِ مَجَازٌ فِي أَبْنَائِهِ إِنْ دَلَّ إِجْمَاعٌ عَلَى اعْتِبَارِ الْمَجَازِ ، وَإِلَّا أُلْغِيَ ، وَأَنَّ هَذِهِ الِانْدِرَاجَاتِ فِي تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ بِالْإِجْمَاعِ لَا بِالنَّصِّ ، وَأَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِنَفْسِ اللَّفْظِ مُتَعَذِّرٌ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمَجَازِ ، وَالِاقْتِصَارُ عَلَى الْحَقِيقَةِ .
فَرْعٌ
قَالَ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=11409تَزَوَّجَ الِابْنُ امْرَأَةً فَقَالَ الْأَبُ كُنْتُ تَزَوَّجْتُهَا ، فَإِنْ فَارَقَهَا لَزِمَهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ ، وَتَحْلِفُ الْمَرْأَةُ إِنْ كَانَ الْأَبُ ثِقَةً ، وَإِلَّا فَلَا ، وَإِنْ شَهِدَ عَدْلٌ مَعَ الْأَبِ ، وَهُوَ عَدْلٌ حُكِمَ بِالْفِرَاقِ ، قَالَ : وَفِي الصَّدَاقِ نَظَرٌ ; لِأَجْلِ شَهَادَةِ الْأَبِ .
فَرْعٌ
قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ : قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : إِذَا زَوَّجَ امْرَأَتَهُ مِنْ غُلَامِهِ فَوَلَدَتْ جَارِيَةً لَا تَحِلُّ الْجَارِيَةُ لِابْنِهِ ، وَرَوَى
ابْنُ دِينَارٍ الْجَوَازَ ، قَالَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ لِعَدَمِ الْحُرْمَةِ بَيْنَهُمَا ، وَاتَّفَقُوا عَلَى حِلِّ مَا وَلَدَتِ امْرَأَةُ ابْنِهِ قَبْلَ أَبِيهِ ، وَفِيمَا وَلَدَتْهُ بَعْدَهُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ : الْجَوَازُ
لِمَالِكٍ وَالْجُمْهُورِ ، وَالْمَنْعُ
لِابْنِ الْقَاسِمِ ، وَالْكَرَاهَةُ
لِابْنِ حَبِيبٍ ، قَالَ : وَالَّذِي تُخُيِّلَ فِي الْمَنْعِ بَقَاءُ ابْنٍ مِنَ
[ ص: 270 ] الْأَوَّلِ بَعْدَ وَطْءِ الثَّانِي ، وَأَنَّ الْوَلَدَ مِنَ الْأَوَّلِ ، حَاضَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ انْتَعَشَ بِمَاءِ الثَّانِي .