الفصل الثالث في دم الاستحاضة
وهو ما زاد على الدم المعتبر . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13256ابن شاس : إذا حكمنا بالاستحاضة ، فالحائض إما مبتدأة ، أو معتادة ، وكلاهما إما مميزة ، أو غير مميزة ، فهذه أقسام أربعة :
[ ص: 389 ] الأول :
nindex.php?page=treesubj&link=644المبتدأة المميزة ، فحيضتها مدة تمييزها ما لم يزد على خمسة عشر يوما ، وأما المبتدأة غير المميزة ، فقد تقدم حكمها ، وأما المعتادة المميزة ، فحيضتها مدة التمييز لحديث
فاطمة بنت أبي حبيش ، ولأن العادة تختلف ، والتمييز لا يختلف ، والنظر إلى اللون اجتهاد ، والعادة تقليد ، والاجتهاد أولى ، وأما
nindex.php?page=treesubj&link=26470المعتادة غير المميزة فثلاثة أقوال : الاقتصار على العادة
للمغيرة وأبي مصعب ، فإذا شكت أهو انتقال عادة ، أو استحاضة اغتسلت وصلت ، وصامت ، ولا يصيبها زوجها احتياطا ، فإن انقطع الدم لخمسة عشر يوما علمت انتقال العادة ، فكانت المدة كلها حيضا ، وإن استمر الدم علم أنها استحاضة ، وثبت حيضها على ما تقدم من عادتها ، وتقضي الصوم فيما بين ذلك ، وبين الزيادة على الخمسة عشر يوما .
الثاني : قال
مطرف : تبلغ خمسة عشر يوما .
الثالث : الاستظهار على العادة ، والمشهور أنها لا تتجاوز الخمسة عشر يوما ، وقال في كتاب
محمد : تتجاوز باليومين ، وقال
ابن نافع : وأنكره
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون .
فروع تسعة :
الأول : استحب
nindex.php?page=treesubj&link=681للمستحاضة في الكتاب أن تتوضأ لكل صلاة . قال صاحب الطراز : لا يختلف في وجوب الصلاة عليها ، واختلف إذا كانت جاهلة ، فتركت الصلاة ، فأنكر
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون ما ذكر من سقوطها بالجهل ، واستحب لها الوضوء ، ولم يستحب لها الغسل كما جاء في حديث
حمنة ; لأن ترك الغسل ( متفق عليه ) ، وإنما الخلاف في الوضوء . قال
الخطابي : اتفق العلماء على عدم وجوب الغسل إلا أن تشك ، وذهب أبو ح ، و ش ، وجماعة إلى وجوب الوضوء عليها ، ويدل على عدم الوجوب أن حديث وجوبه لم يخرجه أحد ممن اشترط الصحة . قال
أبو داود : زاد
عروة : ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت ، وقال : هذه الزيادة موقوفة على
عائشة رضي الله عنها ، وأنكرها صاحب الطراز ، ويدل على عدم الوجوب اتفاق الجميع على أنه إذا خرج في الصلاة أتمتها ، وأجزأتها .
[ ص: 390 ] ووجه الاستحباب أنه من جنس الأحداث كالسلس ، والفرق بينه وبين فضلة المني أنها توجب الوضوء دون الغسل - عدم الحرج فيها لندرتها بخلافه ، وإنما وزانه سلس المني لا جرم يستحب منه الوضوء ، ولو خرجت فضلة المني في الصلاة أبطلتها وفاقا بخلاف دم الاستحاضة .
الثاني : قال في الكتاب :
nindex.php?page=treesubj&link=683إذا انقطع دم الاستحاضة لا غسل عليها ، ثم رجع إلى الغسل ، وجه الأول أن الوضوء مستحب ، فلا يستحب الغسل كالسلس ، ووجه الثاني أمره عليه السلام
لحمنة به حين أمرها بالجمع بين الصلاتين ، وكان الأصل أن تغتسل ، وتتوضأ لكل صلاة . ترك العمل بالغسل في الابتداء ، وكان
علي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس رضي الله عنهما يأمران المستحاضة به في كل صلاة إن قويت على ذلك ؛ نقله
أبو داود . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13256ابن شاس : تغتسل من طهر إلى طهر إن كانت مميزة ، وإلا فغسلها عند الحكم عليها بالاستحاضة يكفي .
الثالث :
nindex.php?page=treesubj&link=24587المستحاضة توطأ خلافا
nindex.php?page=showalam&ids=13382لابن علية ؛ لما في
أبي داود أن
حمنة بنت جحش كانت مستحاضة يأتيها زوجها ، ولقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222حتى يطهرن ) وهذه طاهر ، ولأن مطلقها لا يجبر على الرجعة ، فتوطأ قياسا على موضع الإجماع .
الرابع : قال في الكتاب : إذا رأت الدم خمسة عشر يوما ، ثم الطهر خمسة ، ثم الدم أياما ، ثم الطهر سبعة ، فهي مستحاضة . قال صاحب الطراز : قال بعض المتأخرين : أراد مستحاضة في الدم الثاني ، وقيل : في السبعة ، وفيه نظر ؛ لأنه لا معنى لربط هذا الدم بالسبعة بعده ، وأرى أنه يريد : بعد السبعة ، واختلف في هذا أيضا ، فقال
التونسي : راعي الطهر خمسة ، والأيام أقلها يومان فيكون الجميع سبعة مع سبعة . الطهر أربعة عشر يوما ، فجاء الدم ، ولم يكمل الطهر .
وقيل : الدم الآتي بعد السبعة على
nindex.php?page=treesubj&link=668صفة الاستحاضة قبلها . قال
التونسي : يمكن أن تكون أيام الدم ثلاثة ، والدم الآتي بعد السبعة من جنس الآتي في الثلاثة التي بعد الخمسة ، فلذلك جعلها مستحاضة ، وينبغي إذا كان على صفة الحيض أن يكون حيضا ، والمستحاضة ترى دما تنكره قال : والذي قاله صواب .
[ ص: 391 ] الخامس : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=668تغير دم الاستحاضة إلى الغلظ والسواد ، قال صاحب الطراز : إن لم يمض بعد الحيض زمان هو أقل الطهر على ما تقدم ، فالاستحاضة باقية ، وإن مضى فهو حيض ، فإن تمادى على صفته ، أو تغير قال مطرف : تجلس خمسة عشر يوما ، وفرق
عبد الملك بين هذه ، وبين ابتداء الاستحاضة ، فقال في تلك تجلس خمسة عشر ، وفي هذه تستظهر بثلاث ، ورواه
ابن القاسم عن
مالك ، وقال : إن علق بها دم الاستحاضة بعد أيام حيضتها لن تستظهر ؛ يريد بعد أن تغتسل .
وقال
ابن القاسم مرة : تستظهر ، ومرة : لا تستظهر .
قال
اللخمي : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=668جاء المستحاضة دم الحيض ، وزاد على العادة ، وهو مثل الاستحاضة ، فلا تحاط له ، وإن كان مثل دم الحيض ، فهي حائض ، وإن أشكل فالأحسن أنها مستحاضة ، وقيل : تستظهر بثلاثة أيام ، وقيل : تجلس خمسة عشر يوما .
السادس : لو
nindex.php?page=treesubj&link=668تمادى دم الاستحاضة عشرة أيام تفريعا على أن الطهر خمسة عشر يوما ، ثم رأت الدم بعد الاستحاضة بخمسة أيام قال
التونسي : إن أشبه الحيض فهو حيض ، وإن أشبه الاستحاضة فهو استحاضة . قال صاحب الطراز : وهذا مشكل بأنها رأت ابتداء الدم بعد طهر تام ، فلا تراعي صفته كما لو انقطعت الاستحاضة مدة أقل الطهر ، ثم رأت الدم . نعم لو جاء في أيام العادة دلت قرينتها على أنه حيض ، أو قبل العادة على صفة الحيض ، فقرينة الصفة تدل على الحيض .
فإن كان قبل العادة على غير صفة الحيض ، فاستحاضة لانتفاء القرائن ، وفيه على هذا نظر ; لأن دم المرض قد انقطع ، والحيض لا يتغير زمانه ، والاحتياط أحسن ، فلا تدع الصلاة إلا بما لا يشكل أنه دم حيض ، وهو معنى قول
مالك .
السابع : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=668كانت لا ترى الدم إلا عند وضوئها ، فإذا قامت ذهب عنها . قال صاحب الطراز : روى
ابن القاسم : لا تدع الصلاة إلا أن ترى دما تنكره - يعني المستحاضة - أما غيرها فتغتسل منه ، ولا تدع الصلاة عند انقطاعه ، فإذا جاوز ذلك أيامها ، فهي مستحاضة لا تغتسل له ، وروى
ابن القاسم في هذه أنها تشده ، وتصلي من غير غسل كالمستحاضة . قال صاحب البيان : لأنها مستنكحة بذلك من قبل الشيطان قال : قال
ابن أبي زيد : معنى قول
مالك رضي الله عنه أنها تغتسل عند
[ ص: 392 ] كل وضوء حتى تجاوز الأيام والاستظهار ثم هي مستحاضة . قال : وقد قال
مالك : ليس عليها غسل ، وهو أولى بتفسير قوله من
ابن أبي زيد .
والمستند في هذا الحكم أن امرأة استفتت
عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، فقالت كلما أقبلت أريد الطواف هرقت الدم ، ثم إذا ذهبت ذهب . قال : إنما ذلك ركضة من الشيطان ، فاغتسلي ، ثم استثفري بثوب ، وطوفي ، وقال أيضا في موضع آخر : ومراده بعدم الغسل إذا أصابها ذلك في زمن الاستحاضة كما قاله
ابن أبي زيد .
الثامن : قال صاحب الطراز : يستحب
nindex.php?page=treesubj&link=680للمستحاضة والحائض والنفساء إذا تطهرن أن يطيبن فروجهن ؛ لما في
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=hadith&LINKID=10348385أن امرأة سألته عليه الصلاة والسلام عن غسلها من الحيض ، فأراها كيف تغتسل قال : ( خذي فرصة من مسك ، فتطهري بها قالت كيف أتطهر بها قال : سبحان الله تطهري بها ، قالت عائشة ، فأخذتها إلي ، فقلت لها : تتبعي بها أثر الدم ) .
التاسع : قال صاحب البيان : قال
مالك : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=32560تركت المستحاضة الصلاة بعد انقضاء الاستظهار جاهلة لا إعادة عليها . قال
ابن القاسم : الإعادة أحب إلي قال : ولو طال ذلك أيضا عليها لأنها متأولة ، والقضاء إنما ورد في الناسي والنائم لتفريطهما ، وقيل : تعيد إن كان يسيرا ، وإن كان كثيرا لم تعده قال : وقد سألت شيخنا
ابن رزق ، فقال : ذلك محمول على ما بينها وبين خمسة عشر يوما للخلاف أما غير ذلك ، فلا بد من قضائه ; لأن ذلك ليس بحجة ، وكذلك قاله
ابن حبيب .
الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ
وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى الدَّمِ الْمُعْتَبَرِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13256ابْنُ شَاسٍ : إِذَا حَكَمْنَا بِالِاسْتِحَاضَةِ ، فَالْحَائِضُ إِمَّا مُبْتَدَأَةٌ ، أَوْ مُعْتَادَةٌ ، وَكِلَاهُمَا إِمَّا مُمَيِّزَةٌ ، أَوْ غَيْرُ مُمَيِّزَةٍ ، فَهَذِهِ أَقْسَامٌ أَرْبَعَةٌ :
[ ص: 389 ] الْأَوَّلُ :
nindex.php?page=treesubj&link=644الْمُبْتَدَأَةُ الْمُمَيِّزَةُ ، فَحَيْضَتُهَا مُدَّةُ تَمْيِيزِهَا مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ، وَأَمَّا الْمُبْتَدَأَةُ غَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ ، فَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهَا ، وَأَمَّا الْمُعْتَادَةُ الْمُمَيِّزَةُ ، فَحَيْضَتُهَا مُدَّةُ التَّمْيِيزِ لِحَدِيثِ
فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ ، وَلِأَنَّ الْعَادَةَ تَخْتَلِفُ ، وَالتَّمْيِيزَ لَا يَخْتَلِفُ ، وَالنَّظَرَ إِلَى اللَّوْنِ اجْتِهَادٌ ، وَالْعَادَةَ تَقْلِيدٌ ، وَالِاجْتِهَادَ أَوْلَى ، وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=26470الْمُعْتَادَةُ غَيْرُ الْمُمَيِّزَةِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ : الِاقْتِصَارُ عَلَى الْعَادَةِ
لِلْمُغِيرَةِ وَأَبِي مُصْعَبٍ ، فَإِذَا شَكَّتْ أَهُوَ انْتِقَالُ عَادَةٍ ، أَوِ اسْتِحَاضَةٌ اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ ، وَصَامَتْ ، وَلَا يُصِيبُهَا زَوْجُهَا احْتِيَاطًا ، فَإِنِ انْقَطَعَ الدَّمُ لِخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا عَلِمَتِ انْتِقَالَ الْعَادَةِ ، فَكَانَتِ الْمُدَّةُ كُلُّهَا حَيْضًا ، وَإِنِ اسْتَمَرَّ الدَّمُ عُلِمَ أَنَّهَا اسْتِحَاضَةٌ ، وَثَبَتَ حَيْضُهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَادَتِهَا ، وَتَقْضِي الصَّوْمَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ ، وَبَيْنَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا .
الثَّانِي : قَالَ
مُطَرِّفٌ : تَبْلُغُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا .
الثَّالِثُ : الِاسْتِظْهَارُ عَلَى الْعَادَةِ ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا لَا تَتَجَاوَزُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ، وَقَالَ فِي كِتَابِ
مُحَمَّدٍ : تَتَجَاوَزُ بِالْيَوْمَيْنِ ، وَقَالَ
ابْنُ نَافِعٍ : وَأَنْكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سَحْنُونٌ .
فُرُوعٌ تِسْعَةٌ :
الْأَوَّلُ : اسْتُحِبَّ
nindex.php?page=treesubj&link=681لِلْمُسْتَحَاضَةِ فِي الْكِتَابِ أَنْ تَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلَاةٍ . قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ : لَا يُخْتَلَفُ فِي وُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا ، وَاخْتُلِفَ إِذَا كَانَتْ جَاهِلَةً ، فَتَرَكَتِ الصَّلَاةَ ، فَأَنْكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سَحْنُونٌ مَا ذُكِرَ مِنْ سُقُوطِهَا بِالْجَهْلِ ، وَاسْتُحِبَّ لَهَا الْوُضُوءُ ، وَلَمْ يُسْتَحَبَّ لَهَا الْغُسْلُ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ
حَمْنَةَ ; لِأَنَّ تَرْكَ الْغُسْلِ ( مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ) ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْوُضُوءِ . قَالَ
الْخَطَّابِيُّ : اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْغُسْلِ إِلَّا أَنْ تَشُكَّ ، وَذَهَبَ أَبُو ح ، وَ ش ، وَجَمَاعَةٌ إِلَى وُجُوبِ الْوُضُوءِ عَلَيْهَا ، وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ أَنَّ حَدِيثَ وُجُوبِهِ لَمْ يُخَرِّجْهُ أَحَدٌ مِمَّنِ اشْتَرَطَ الصِّحَّةَ . قَالَ
أَبُو دَاوُدَ : زَادَ
عُرْوَةُ : ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ الْوَقْتُ ، وَقَالَ : هَذِهِ الزِّيَادَةُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، وَأَنْكَرَهَا صَاحِبُ الطَّرَّازِ ، وَيَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ اتِّفَاقُ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّهُ إِذَا خَرَجَ فِي الصَّلَاةِ أَتَمَّتْهَا ، وَأَجْزَأَتْهَا .
[ ص: 390 ] وَوَجْهُ الِاسْتِحْبَابِ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْأَحْدَاثِ كَالسَّلَسِ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَضْلَةِ الْمَنِيِّ أَنَّهَا تُوجِبُ الْوُضُوءَ دُونَ الْغُسْلِ - عَدَمُ الْحَرَجِ فِيهَا لِنُدْرَتِهَا بِخِلَافِهِ ، وَإِنَّمَا وِزَانُهُ سَلَسُ الْمَنِيِّ لَا جَرَمَ يُسْتَحَبُّ مِنْهُ الْوُضُوءُ ، وَلَوْ خَرَجَتْ فَضْلَةُ الْمَنِيِّ فِي الصَّلَاةِ أَبْطَلَتْهَا وِفَاقًا بِخِلَافِ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ .
الثَّانِي : قَالَ فِي الْكِتَابِ :
nindex.php?page=treesubj&link=683إِذَا انْقَطَعَ دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ لَا غُسْلَ عَلَيْهَا ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْغُسْلِ ، وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْوُضُوءَ مُسْتَحَبٌّ ، فَلَا يُسْتَحَبُّ الْغُسْلُ كَالسَّلَسِ ، وَوَجْهُ الثَّانِي أَمْرُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ
لِحَمْنَةَ بِهِ حِينَ أَمَرَهَا بِالْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ ، وَكَانَ الْأَصْلُ أَنْ تَغْتَسِلَ ، وَتَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلَاةٍ . تُرِكَ الْعَمَلُ بِالْغُسْلِ فِي الِابْتِدَاءِ ، وَكَانَ
عَلِيٌّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَأْمُرَانِ الْمُسْتَحَاضَةَ بِهِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ إِنْ قَوِيَتْ عَلَى ذَلِكَ ؛ نَقَلَهُ
أَبُو دَاوُدَ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13256ابْنُ شَاسٍ : تَغْتَسِلُ مِنْ طُهْرٍ إِلَى طُهْرٍ إِنْ كَانَتْ مُمَيِّزَةً ، وَإِلَّا فَغُسْلُهَا عِنْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهَا بِالِاسْتِحَاضَةِ يَكْفِي .
الثَّالِثُ :
nindex.php?page=treesubj&link=24587الْمُسْتَحَاضَةُ تُوطَأُ خِلَافًا
nindex.php?page=showalam&ids=13382لِابْنِ عُلَيَّةَ ؛ لِمَا فِي
أَبِي دَاوُدَ أَنَّ
حَمْنَةَ بِنْتَ جَحْشٍ كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً يَأْتِيهَا زَوْجُهَا ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222حَتَّى يَطْهُرْنَ ) وَهَذِهِ طَاهِرٌ ، وَلِأَنَّ مُطَلِّقَهَا لَا يُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ ، فَتُوطَأُ قِيَاسًا عَلَى مَوْضِعِ الْإِجْمَاعِ .
الرَّابِعُ : قَالَ فِي الْكِتَابِ : إِذَا رَأَتِ الدَّمَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ، ثُمَّ الطُّهْرَ خَمْسَةً ، ثُمَّ الدَّمَ أَيَّامًا ، ثُمَّ الطُّهْرَ سَبْعَةً ، فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ . قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ : قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ : أَرَادَ مُسْتَحَاضَةً فِي الدَّمِ الثَّانِي ، وَقِيلَ : فِي السَّبْعَةِ ، وَفِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِرَبْطِ هَذَا الدَّمِ بِالسَّبْعَةِ بَعْدَهُ ، وَأَرَى أَنَّهُ يُرِيدُ : بَعْدَ السَّبْعَةِ ، وَاخْتُلِفَ فِي هَذَا أَيْضًا ، فَقَالَ
التُّونِسِيُّ : رَاعِي الطُّهْرَ خَمْسَةً ، وَالْأَيَّامُ أَقَلُّهَا يَوْمَانِ فَيَكُونُ الْجَمِيعُ سَبْعَةً مَعَ سَبْعَةٍ . الطُّهْرُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا ، فَجَاءَ الدَّمُ ، وَلَمْ يَكْمُلِ الطُّهْرُ .
وَقِيلَ : الدَّمُ الْآتِي بَعْدَ السَّبْعَةِ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=668صِفَةِ الِاسْتِحَاضَةِ قَبْلَهَا . قَالَ
التُّونِسِيُّ : يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ أَيَّامُ الدَّمِ ثَلَاثَةً ، وَالدَّمُ الْآتِي بَعْدَ السَّبْعَةِ مِنْ جِنْسِ الْآتِي فِي الثَّلَاثَةِ الَّتِي بَعْدَ الْخَمْسَةِ ، فَلِذَلِكَ جَعَلَهَا مُسْتَحَاضَةً ، وَيَنْبَغِي إِذَا كَانَ عَلَى صِفَةِ الْحَيْضِ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا ، وَالْمُسْتَحَاضَةُ تَرَى دَمًا تُنْكِرُهُ قَالَ : وَالَّذِي قَالَهُ صَوَابٌ .
[ ص: 391 ] الْخَامِسُ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=668تَغَيَّرَ دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ إِلَى الْغِلَظِ وَالسَّوَادِ ، قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ : إِنْ لَمْ يَمْضِ بَعْدَ الْحَيْضِ زَمَانٌ هُوَ أَقَلُّ الطُّهْرِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ، فَالِاسْتِحَاضَةُ بَاقِيَةٌ ، وَإِنْ مَضَى فَهُوَ حَيْضٌ ، فَإِنْ تَمَادَى عَلَى صِفَتِهِ ، أَوْ تَغَيَّرَ قَالَ مُطَرِّفٌ : تَجْلِسُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ، وَفَرَّقَ
عَبْدُ الْمَلِكِ بَيْنَ هَذِهِ ، وَبَيْنَ ابْتِدَاءِ الِاسْتِحَاضَةِ ، فَقَالَ فِي تِلْكَ تَجْلِسُ خَمْسَةَ عَشَرَ ، وَفِي هَذِهِ تَسْتَظْهِرُ بِثَلَاثٍ ، وَرَوَاهُ
ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ
مَالِكٍ ، وَقَالَ : إِنْ عَلِقَ بِهَا دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ بَعْدَ أَيَّامِ حَيْضَتِهَا لَنْ تَسْتَظْهِرَ ؛ يُرِيدُ بَعْدَ أَنْ تَغْتَسِلَ .
وَقَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ مَرَّةً : تَسْتَظْهِرُ ، وَمَرَّةً : لَا تَسْتَظْهِرُ .
قَالَ
اللَّخْمِيُّ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=668جَاءَ الْمُسْتَحَاضَةَ دَمُ الْحَيْضِ ، وَزَادَ عَلَى الْعَادَةِ ، وَهُوَ مِثْلُ الِاسْتِحَاضَةِ ، فَلَا تُحَاطُ لَهُ ، وَإِنْ كَانَ مِثْلَ دَمِ الْحَيْضِ ، فَهِيَ حَائِضٌ ، وَإِنْ أَشْكَلَ فَالْأَحْسَنُ أَنَّهَا مُسْتَحَاضَةٌ ، وَقِيلَ : تَسْتَظْهِرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ، وَقِيلَ : تَجْلِسُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا .
السَّادِسُ : لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=668تَمَادَى دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّ الطُّهْرَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ، ثُمَّ رَأَتِ الدَّمَ بَعْدَ الِاسْتِحَاضَةِ بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ قَالَ
التُّونِسِيُّ : إِنْ أَشْبَهَ الْحَيْضَ فَهُوَ حَيْضٌ ، وَإِنْ أَشْبَهَ الِاسْتِحَاضَةِ فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ . قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ : وَهَذَا مُشْكِلٌ بِأَنَّهَا رَأَتِ ابْتِدَاءَ الدَّمِ بَعْدَ طُهْرٍ تَامٍّ ، فَلَا تُرَاعِي صِفَتَهُ كَمَا لَوِ انْقَطَعَتِ الِاسْتِحَاضَةُ مُدَّةَ أَقَلِّ الطُّهْرِ ، ثُمَّ رَأَتِ الدَّمَ . نَعَمْ لَوْ جَاءَ فِي أَيَّامِ الْعَادَةِ دَلَّتْ قَرِينَتُهَا عَلَى أَنَّهُ حَيْضٌ ، أَوْ قَبْلَ الْعَادَةِ عَلَى صِفَةِ الْحَيْضِ ، فَقَرِينَةُ الصِّفَةِ تَدُلُّ عَلَى الْحَيْضِ .
فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْعَادَةِ عَلَى غَيْرِ صِفَةِ الْحَيْضِ ، فَاسْتِحَاضَةٌ لِانْتِفَاءِ الْقَرَائِنِ ، وَفِيهِ عَلَى هَذَا نَظَرٌ ; لِأَنَّ دَمَ الْمَرَضِ قَدِ انْقَطَعَ ، وَالْحَيْضُ لَا يَتَغَيَّرُ زَمَانُهُ ، وَالِاحْتِيَاطُ أَحْسَنُ ، فَلَا تَدَعُ الصَّلَاةَ إِلَّا بِمَا لَا يُشْكِلُ أَنَّهُ دَمُ حَيْضٍ ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ
مَالِكٍ .
السَّابِعُ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=668كَانَتْ لَا تَرَى الدَّمَ إِلَّا عِنْدَ وُضُوئِهَا ، فَإِذَا قَامَتْ ذَهَبَ عَنْهَا . قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ : رَوَى
ابْنُ الْقَاسِمِ : لَا تَدَعُ الصَّلَاةَ إِلَّا أَنْ تَرَى دَمًا تُنْكِرُهُ - يَعْنِي الْمُسْتَحَاضَةَ - أَمَّا غَيْرُهَا فَتَغْتَسِلُ مِنْهُ ، وَلَا تَدَعُ الصَّلَاةَ عِنْدَ انْقِطَاعِهِ ، فَإِذَا جَاوَزَ ذَلِكَ أَيَّامَهَا ، فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ لَا تَغْتَسِلُ لَهُ ، وَرَوَى
ابْنُ الْقَاسِمِ فِي هَذِهِ أَنَّهَا تَشُدُّهُ ، وَتُصَلِّي مِنْ غَيْرِ غُسْلٍ كَالْمُسْتَحَاضَةِ . قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ : لِأَنَّهَا مُسْتَنْكَحَةٌ بِذَلِكَ مِنْ قِبَلِ الشَّيْطَانِ قَالَ : قَالَ
ابْنُ أَبِي زَيْدٍ : مَعْنَى قَوْلِ
مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهَا تَغْتَسِلُ عِنْدَ
[ ص: 392 ] كُلِّ وُضُوءٍ حَتَّى تُجَاوِزَ الْأَيَّامَ وَالِاسْتِظْهَارَ ثُمَّ هِيَ مُسْتَحَاضَةٌ . قَالَ : وَقَدْ قَالَ
مَالِكٌ : لَيْسَ عَلَيْهَا غُسْلٌ ، وَهُوَ أَوْلَى بِتَفْسِيرِ قَوْلِهِ مِنَ
ابْنِ أَبِي زَيْدٍ .
وَالْمُسْتَنَدُ فِي هَذَا الْحُكْمِ أَنَّ امْرَأَةً اسْتَفْتَتْ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، فَقَالَتْ كُلَّمَا أَقْبَلْتُ أُرِيدُ الطَّوَافَ هَرَقْتُ الدَّمَ ، ثُمَّ إِذَا ذَهَبْتُ ذَهَبَ . قَالَ : إِنَّمَا ذَلِكَ رَكْضَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ ، فَاغْتَسِلِي ، ثُمَّ اسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ ، وَطُوفِي ، وَقَالَ أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ : وَمُرَادُهُ بِعَدَمِ الْغُسْلِ إِذَا أَصَابَهَا ذَلِكَ فِي زَمَنِ الِاسْتِحَاضَةِ كَمَا قَالَهُ
ابْنُ أَبِي زَيْدٍ .
الثَّامِنُ : قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ : يُسْتَحَبُّ
nindex.php?page=treesubj&link=680لِلْمُسْتَحَاضَةِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ إِذَا تَطَهَّرْنَ أَنْ يُطَيِّبْنَ فُرُوجَهُنَّ ؛ لِمَا فِي
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ nindex.php?page=hadith&LINKID=10348385أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَنْ غُسْلِهَا مِنَ الْحَيْضِ ، فَأَرَاهَا كَيْفَ تَغْتَسِلُ قَالَ : ( خُذِي فُرْصَةً مِنْ مِسْكٍ ، فَتَطَهَّرِي بِهَا قَالَتْ كَيْفَ أَتَطَهَّرُ بِهَا قَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ تَطَهَّرِي بِهَا ، قَالَتْ عَائِشَةُ ، فَأَخَذْتُهَا إِلَيَّ ، فَقُلْتُ لَهَا : تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ ) .
التَّاسِعُ : قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ : قَالَ
مَالِكٌ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=32560تَرَكَتِ الْمُسْتَحَاضَةُ الصَّلَاةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الِاسْتِظْهَارِ جَاهِلَةً لَا إِعَادَةَ عَلَيْهَا . قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : الْإِعَادَةُ أَحَبُّ إِلَيَّ قَالَ : وَلَوْ طَالَ ذَلِكَ أَيْضًا عَلَيْهَا لِأَنَّهَا مُتَأَوِّلَةٌ ، وَالْقَضَاءُ إِنَّمَا وَرَدَ فِي النَّاسِي وَالنَّائِمِ لِتَفْرِيطِهِمَا ، وَقِيلَ : تُعِيدُ إِنْ كَانَ يَسِيرًا ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَمْ تُعِدْهُ قَالَ : وَقَدْ سَأَلْتُ شَيْخَنَا
ابْنَ رِزْقٍ ، فَقَالَ : ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لِلْخِلَافِ أَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ ، فَلَا بُدَّ مِنْ قَضَائِهِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ ، وَكَذَلِكَ قَالَهُ
ابْنُ حَبِيبٍ .