الفصل الثاني
في الحيض
وهن ست :
الأولى :
nindex.php?page=treesubj&link=26526المبتدأة إن انقطع دمها لعادة لداتها أو دونها طهرت ، وإن زاد فثلاث روايات ؛ ففي الكتاب تمكث خمسة عشر يوما ، ورواية
علي بن زياد : تغتسل مكانها .
[ ص: 383 ] ورواية
ابن وهب : تستظهر ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - : إذا رأت الدم على غالب الحيض ستا ، أو سبعا ، فمستحاضة .
حجة الأول
قوله عليه السلام تترك المرأة الصلاة نصف دهرها ، وهذا لا يفهم إلا إذا كانت تحيض من كل شهر نصفه ، وقد تقدم ما يرد على هذا الحديث ، ولأن الخمسة عشر قد تكون عادة ، فهي زمان حيض ، وقد أجمعنا على أن أول دمها حيض ، والأصل بقاء ما كان على ما كان عليه .
ووجه الاستظهار قال
ابن يونس : روى
المدنيون ،
والقاضي إسماعيل nindex.php?page=hadith&LINKID=10348380قوله عليه الصلاة والسلام لفاطمة بنت أبي حبيش لما سألته : اقعدي أيامك التي كنت تقعدين ، واستظهري بثلاثة أيام ، ثم اغتسلي وصلي ، ولأنه خارج من الجسد أشكل أمره ، فتستظهر له بثلاثة أيام أصله لبن المصراة ، ولأن الدم لما كان فضلة الغذاء ، وغسالة الجسد ، فلذلك يختلف باختلاف أحوال البدن من الدعة ، والغذاء ، والأحوال النفسانية ، فكان الاستظهار فيه متعينا .
ووجه عدم الاستظهار : أن إلحاقها بأقرانها أمر اجتهادي ، فلا يزاد عليه كدم الاستظهار ، وهذا هو الفرق بينها ، وبين المعتادة .
تمسك
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بما في
أبي داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ؛
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348381قالت حمنة بنت جحش : كنت أستحاض حيضة كثيرة شديدة ، فأتيت النبي عليه السلام أستفتيه ، وأخبره فوجدته في بيت أختي nindex.php?page=showalam&ids=15953زينب بنت جحش ، فقلت يا رسول الله إني أستحاض حيضة كثيرة شديدة ، فما ترى فيها قد منعتني الصلاة والصوم ، قال : أنعت لك الكرسف ، فإنه يذهب الدم قالت هو أكثر من ذلك قال : اتخذي ثوبا ، قالت هو أكثر من ذلك إنما أثج ثجا قال : سآمرك بأمرين أيهما فعلت أجزأ عن الآخر ، وإن قويت عليهما ، فأنت أعلم إنما هذه ركضة من ركضات الشيطان ، فتحيضي ستة أيام ، أو سبعة في علم الله تعالى ، ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت ، واستنقيت فصلي ثلاثا وعشرين ليلة ، وأيامها ، وصومي ، فإن ذلك يجزيك ، وكذلك فافعلي كل شهر حين تحيض النساء في ميقات حيضهن ، وطهرهن ، وإن قويت على أن [ ص: 384 ] تؤخري الظهر ، وتعجلي العصر ، فتغتسلين ، وتجمعين بين الصلاتين فافعلي ، وتغتسلين مع الفجر ، وتصلين فافعلي ، وصومي إن قدرت على ذلك ، وهذا أحب الأمرين إلي . قال
الترمذي : حسن صحيح . قال صاحب الطراز : يقال : إن
حمنة كانت مبتدئة ، وأراد بقوله ستا ، أو سبعا اعتبارا بلداتها إن كن يحضن ستا فستا ، أو سبعا فسبعا قال : وقيل : كانت لها عادة ، فنسيتها : هل هي ست ، أو سبع ، فأمرها أن تجتهد في عادتها ، ولهذا قال : في علم الله أي : ما علمه من ذلك ، وأما قوله من ركضات الشيطان . . قال
الخطابي : أصل الركض الضرب بالرجل ، ومعناه أن الشيطان وجد بتلك سبيلا للتشكيك عليها ، وأمرها بتأخير الصلاة ، وجمعها .
قال صاحب الطراز : هو الأصل في جمع المستحاضة ، وصاحب السلس .
فائدة : اللدات بكسر اللام جمع لدة ، وهي التي ولدت معها في عام واحد ، وكذلك الترب الذي خرج مع الإنسان إلى التراب في وقت واحد ، وجمعه أتراب . الثانية :
nindex.php?page=treesubj&link=640الصغيرة بنت ست سنين ، ونحوها ، فدمها ليس بحيض . قال صاحب الطراز : ويرجع بعد ذلك إلى ما يقوله النساء ، فإن شككن أخذن بالأحوط .
قال إمام الحرمين في النهاية : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : رأيت جدة
باليمن بنت عشرين سنة .
الثالثة :
nindex.php?page=treesubj&link=26526الآيسة قال
مالك - رحمه الله - في العتبية : يسأل عنها النساء ، فإن قلن إن مثلها تحيض كان حيضا ، وإن قلن مثلها لا تحيض قال في الموازية : تتوضأ ، وتصلي ، ولا يكون حيضا ، ولا تغتسل له ، وإن أشكل الأمر قال
ابن حبيب : كان حيضا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13256ابن شاس : والآيسة بنت السبعين ، والثمانين ، وبنت الخمسين عند
أبي إسحاق .
حجته : قول
عمر رضي الله عنه : بنت الخمسين عجوز في الغابرين ، وقول
عائشة رضي الله عنها إن امرأة تجاوز الخمسين ، فتحيض إلا أن تكون قرشية .
[ ص: 385 ] الرابعة :
nindex.php?page=treesubj&link=26521المعتادة ، فإن نقص دمها من عادتها ، أو تساوى طهرت ، وإن زاد ، فخمسة أقوال . قال
ابن القاسم : الذي كان يقوله
مالك طول عمره إنها تقعد خمسة عشر يوما ، ثم رجع عنه إلى الاقتصار على الاستظهار .
قال صاحب الطراز : قال
ابن حبيب : الذي رجع عنه
مالك الخمسة عشر ، وبه يقول
المدنيون ،
وابن مسلمة ، وبالثاني قال المصريون .
الثالث : تقتصر على العادة ، وهو
لابن عبد الحكم ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
وأبي حنيفة .
الرابع :
لأبي الجهم الاحتياط فيما بعد الثلاث فتصوم ، وتصلي ، ولا توطأ ، ثم تعيد الغسل ، وتعيد الصوم .
الخامس :
للمغيرة ،
وأبي مصعب الاحتياط من حين مفارقة العادة ، ولا تعيد الغسل إن تمادى بها الدم فوق خمسة عشر يوما ; لأن الغيب كشف أنه دم استحاضة ، والسابق يقول لعله حصل دم حيض في أثناء هذا الدم .
سؤال :
nindex.php?page=treesubj&link=626الصلاة من الحائض حرام ، ومن الطاهر واجبة ، والقاعدة متى تعارض المحرم ، والواجب قدم الحرام ترجيحا لدرء المفاسد على تحصيل المصالح ، وتغليبا لجانب الأصل ، فكان الاحتياط ها هنا ترك العبادة .
جوابه : أن تحريم الصلاة مشروط بالعلم بالحيض ، وهو غير حاصل ، فانتفى التحريم جزما .
حجة الأول : الحديث المتقدم في المبتدئة .
حجة الثاني : حديث الاستظهار .
حجة الثالث : أن الغالب البقاء على العوائد فيكون الزائد استحاضة ، وما في الموطأ ، والصحيحين من قوله عليه السلام
لفاطمة بنت أبي حبيش في الحيضة يتمادى دمها : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348382إذا ذهب قدرها ، فاغسلي عنك الدم وصلي ) وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري :
[ ص: 386 ] (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348383دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ، ثم اغتسلي وصلي ) وهو حجة الاستظهار ، فإن الحيضة قد يزيد قدرها ، وقد ينقص .
فروع ثلاثة :
الأول : في الكتاب إذا
nindex.php?page=treesubj&link=662_621كانت عادتها خمسة عشر يوما لا تستظهر بشيء ، وقال في كتاب
محمد : تستظهر يوما ، أو يومين ، وهو مشكل ، فإن رسول الله ذكر شطر العمر في سياق المبالغة في الدم ، فالظاهر أنه الغاية ، والنهاية .
الثاني : لو
nindex.php?page=treesubj&link=26521تأخر الدم من غير علة ، ثم خرج ، فزاد على قدره قال في النوادر : لا تزيد في الاستظهار على الثلاث .
الثالث :
nindex.php?page=treesubj&link=26526تثبت العادة بمرة . قاله
الغافقي . قال صاحب الطراز : وهو ظاهر قول
ابن القاسم في الواضحة لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=29كما بدأكم تعودون ) ، واعتبر
أبو حنيفة مرتين ، ومنه العيد .
الخامسة :
nindex.php?page=treesubj&link=26469المتحيرة ، ففي الكتاب : سئل
ابن القاسم عمن
nindex.php?page=treesubj&link=26470حاضت في شهر عشرة أيام ، وفي آخر ستة أيام ، وفي آخر ثمانية أيام ، ثم استحيضت كم تجعل عادتها قال : لا أحفظ عنه في ذلك شيئا ، ولكنها تستظهر على أكثر أيامها . قال صاحب الطراز : قال
ابن حبيب : تستظهر على أقل أيامها إن كانت هي الأخيرة لأنها المستقرة ، ويقول
ابن القاسم لعل عادتها الأولى عادت إليها بسبب زوال سدة من المجاري .
وقول
مالك الأول : إنها تمكث خمسة عشر يوما ; لأن العادة قد تنتقل .
قال : ويتخرج فيها قول آخر : أنها لا تستظهر بشيء على القول بنفي الاستظهار عموما .
السادسة : في الجلاب :
nindex.php?page=treesubj&link=660الحامل تحيض عندنا خلافا للحنفية محتجا بأن الله
[ ص: 387 ] تعالى جعل الدم دليل براءة الرحم ، فلو حاضت لبطل الدليل ، وأما قوله عليه الصلاة والسلام : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348384nindex.php?page=treesubj&link=661دم الحيض أسود يعرف ، فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة ) فمحمول على الحائل .
لنا : ما في الموطأ عن
عائشة رضي الله عنها أنها قالت في الحامل ترى الدم إنها تترك الصلاة من غير نكير ، فكان إجماعا ، وإجماع أهل
المدينة عليه ، وكما جاز النفاس مع الحمل إذا تأخر أحد الولدين ، فكذلك الحيض ، ولقول
عائشة رضي الله عنها لما راقها وجه رسول الله لو رآك الشاعر ما قال شعره إلا فيك ، وهو قوله :
ومبرأ من كل غبر حيضة وفساد مرضعة وداء مغيل
.
معناه أن الحيض إذا جرى على الولد في الرحم أكسبه بسواده غبرة في جلده فيكون أقتم عديم الوضاءة ، فدل ذلك على أنه أمر متعارف عندهم ، وأما دلالته على البراءة ، فهي على سبيل الغالب ، وحيض الحامل هو القليل ، والنادر ، فلا يناقض دلالة الغالب .
فروع ثلاثة :
الأول : قال
ابن القاسم في الكتاب : لم يقل
مالك في الحامل إنها تستظهر قديما ، ولا حديثا . قال صاحب الطراز : إن
nindex.php?page=treesubj&link=660استمر دمها على عادتها قبل الحمل ، وزاد دمها في بعض الشهور تجري فيها الخمسة الأقوال التي تقدمت في الحائل ، وإن لم تستمر على عادتها ، فإما أن تنقطع ، أو تنقص ، أو تزيد ، فإن انقطعت ، أو نقصت ، ودام ذلك حيضا ، ثم أتاها الدم ، فزاد على عادتها الأولى ، ففيها ثمانية أقوال : الخمسة السابقة .
السادس : يجتهد لها في ذلك قال في الكتاب : ليس أول الحمل كآخره ، وليس لذلك حد إلا الاجتهاد ، وقال
ابن القاسم : إن رأت ذلك بعد ثلاثة أشهر ونحوها تركت الصلاة خمسة عشر ونحوها . وفي التفريع إلى عشرين يوما ، وإن جاوزت ستة أشهر ، فإلى العشرين ، وقال في التفريع : إلى الثلاثين .
السابع : أنها تقعد أقصى عادة الحوامل
لمالك في المجموعة .
الثامن : أنها تضاعف
[ ص: 388 ] أيامها التي كانت لها قبل الحمل ، وتغتسل ؛ قاله
ابن وهب ، وقال : قال
مالك : تجلس في أول الشهور عادتها والاستظهار ، وفي الثاني : ضعف أيام حيضتها والاستظهار ، وفي الثالث : تجلس مثلها ثلاث مرات ، وفي الرابع : تربعها ، وهكذا حتى تبلغ ستين يوما ، فلا تزيد لأنه أقصى مدة النفاس ، فهو أعظم دم يجتمع في الرحم بسبب الحمل ، وأنكر
nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون ذلك من قول
مالك ، وقال : هو خطأ ، وقال : النفاس لا يكون إلا بعد الوضع ، والاستحاضة أولى بها ، ومذهبه أن الحامل لا تزيد على خمسة عشر يوما .
وأما إن رأته أولا بزيادة ، وقد كان قبل مستقيما فهي في أوله حائض للزيادة مستحاضة في قدر الزيادة على الخلاف الماضي ، فكأنه يكون حيضا بتلك الزيادة ، فهذه عادة انتقلت تبني عليها ما يفعل بالحامل .
وجه الاجتهاد : أن الحمل يحبس الدم عن الخروج ، فإذا خرج كان زائدا ، وربما استمر لطول المكث .
ووجه عدم الاستظهار هو أنه دم ثبت بالاجتهاد ، فلا يزاد عليه كأيام الاستظهار .
الثاني : لو
nindex.php?page=treesubj&link=660رأت الحامل صفرة ، أو كدرة ؛ قال
nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد في الكتاب : لا تصلي حتى تنقطع عنها ; لأن
عائشة رضي الله عنها كانت تأمر النساء بذلك .
الثالث : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=660رأت الحامل ماء أبيض عقيب سبب إسقاط أو نحوه روى
ابن القاسم وأشهب عن
مالك في العتبية عليها الوضوء دون الغسل ، ولا يلحق بالدم لخروجه عن صفته ، والوضوء لكونه خارجا معتادا من الفرج .
الْفَصْلُ الثَّانِي
فِي الْحُيَّضِ
وَهُنَّ سِتٌّ :
الْأُولَى :
nindex.php?page=treesubj&link=26526الْمُبْتَدَأَةُ إِنِ انْقَطَعَ دَمُهَا لِعَادَةِ لِدَاتِهَا أَوْ دُونِهَا طَهُرَتْ ، وَإِنْ زَادَ فَثَلَاثُ رِوَايَاتٍ ؛ فَفِي الْكِتَابِ تَمْكُثُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ، وَرِوَايَةُ
عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ : تَغْتَسِلُ مَكَانَهَا .
[ ص: 383 ] وَرِوَايَةُ
ابْنِ وَهْبٍ : تَسْتَظْهِرُ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : إِذَا رَأَتِ الدَّمَ عَلَى غَالِبِ الْحُيَّضِ سِتًّا ، أَوْ سَبْعًا ، فَمُسْتَحَاضَةٌ .
حُجَّةُ الْأَوَّلِ
قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَتْرُكُ الْمَرْأَةُ الصَّلَاةَ نِصْفَ دَهْرِهَا ، وَهَذَا لَا يُفْهَمُ إِلَّا إِذَا كَانَتْ تَحِيضُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ نِصْفَهُ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا يَرُدُّ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ ، وَلِأَنَّ الْخَمْسَةَ عَشَرَ قَدْ تَكُونُ عَادَةً ، فَهِيَ زَمَانُ حَيْضٍ ، وَقَدْ أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّ أَوَّلَ دَمِهَا حَيْضٌ ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ .
وَوَجْهُ الِاسْتِظْهَارِ قَالَ
ابْنُ يُونُسَ : رَوَى
الْمَدَنِيُّونَ ،
وَالْقَاضِي إِسْمَاعِيلُ nindex.php?page=hadith&LINKID=10348380قَوْلَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ لَمَّا سَأَلَتْهُ : اقْعُدِي أَيَّامَكِ الَّتِي كُنْتِ تَقْعُدِينَ ، وَاسْتَظْهِرِي بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ، ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي ، وَلِأَنَّهُ خَارِجٌ مِنَ الْجَسَدِ أَشْكَلَ أَمْرُهُ ، فَتَسْتَظْهِرُ لَهُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَصْلُهُ لَبَنُ الْمُصَرَّاةِ ، وَلِأَنَّ الدَّمَ لَمَّا كَانَ فَضْلَةَ الْغِذَاءِ ، وَغُسَالَةَ الْجَسَدِ ، فَلِذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْبَدَنِ مِنَ الدَّعَةِ ، وَالْغِذَاءِ ، وَالْأَحْوَالِ النَّفْسَانِيَّةِ ، فَكَانَ الِاسْتِظْهَارُ فِيهِ مُتَعَيَّنًا .
وَوَجْهُ عَدَمِ الِاسْتِظْهَارِ : أَنَّ إِلْحَاقَهَا بِأَقْرَانِهَا أَمْرٌ اجْتِهَادِيٌّ ، فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ كَدَمِ الِاسْتِظْهَارِ ، وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهَا ، وَبَيْنَ الْمُعْتَادَةِ .
تَمَسَّكَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ بِمَا فِي
أَبِي دَاوُدَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيِّ ؛
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348381قَالَتْ حَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ : كُنْتُ أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً كَثِيرَةً شَدِيدَةً ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَسْتَفْتِيهِ ، وَأُخْبِرُهُ فَوَجَدْتُهُ فِي بَيْتِ أُخْتِي nindex.php?page=showalam&ids=15953زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً كَثِيرَةً شَدِيدَةً ، فَمَا تَرَى فِيهَا قَدْ مَنَعَتْنِي الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ ، قَالَ : أَنْعِتُ لَكِ الْكُرْسُفَ ، فَإِنَّهُ يُذْهِبُ الدَّمَ قَالَتْ هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ : اتَّخِذِي ثَوْبًا ، قَالَتْ هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ إِنَّمَا أَثِجُّ ثَجًّا قَالَ : سَآمُرُكِ بِأَمْرَيْنِ أَيَّهُمَا فَعَلْتِ أَجْزَأَ عَنِ الْآخَرِ ، وَإِنْ قَوِيتِ عَلَيْهِمَا ، فَأَنْتِ أَعْلَمُ إِنَّمَا هَذِهِ رَكْضَةٌ مِنْ رَكَضَاتِ الشَّيْطَانِ ، فَتَحَيَّضِي سِتَّةَ أَيَّامٍ ، أَوْ سَبْعَةً فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى ، ثُمَّ اغْتَسِلِي حَتَّى إِذَا رَأَيْتِ أَنَّكِ قَدْ طَهُرْتِ ، وَاسْتَنْقَيْتِ فَصَلِّي ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً ، وَأَيَّامَهَا ، وَصُومِي ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِيكِ ، وَكَذَلِكَ فَافْعَلِي كُلَّ شَهْرٍ حِينَ تَحِيضُ النِّسَاءُ فِي مِيقَاتِ حَيْضِهِنَّ ، وَطُهْرِهِنَّ ، وَإِنْ قَوِيتِ عَلَى أَنْ [ ص: 384 ] تُؤَخِّرِي الظُّهْرَ ، وَتُعَجِّلِي الْعَصْرَ ، فَتَغْتَسِلِينَ ، وَتَجْمَعِينَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فَافْعَلِي ، وَتَغْتَسِلِينَ مَعَ الْفَجْرِ ، وَتُصَلِّينَ فَافْعَلِي ، وَصُومِي إِنْ قَدَرْتِ عَلَى ذَلِكَ ، وَهَذَا أَحَبُّ الْأَمْرَيْنِ إِلَيَّ . قَالَ
التِّرْمِذِيُّ : حَسَنٌ صَحِيحٌ . قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ : يُقَالُ : إِنَّ
حَمْنَةَ كَانَتْ مُبْتَدَئَةً ، وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ سِتًّا ، أَوْ سَبْعًا اعْتِبَارًا بَلِدَاتِهَا إِنْ كُنَّ يَحِضْنَ سِتًّا فَسِتًّا ، أَوْ سَبْعًا فَسَبْعًا قَالَ : وَقِيلَ : كَانَتْ لَهَا عَادَةً ، فَنَسِيَتْهَا : هَلْ هِيَ سِتٌّ ، أَوْ سَبْعٌ ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَجْتَهِدَ فِي عَادَتِهَا ، وَلِهَذَا قَالَ : فِي عِلْمِ اللَّهِ أَيْ : مَا عَلِمَهُ مِنْ ذَلِكَ ، وَأَمَّا قَوْلُهُ مِنْ رَكَضَاتِ الشَّيْطَانِ . . قَالَ
الْخَطَّابِيُّ : أَصْلُ الرَّكْضِ الضَّرْبُ بِالرِّجْلِ ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الشَّيْطَانَ وَجَدَ بِتِلْكَ سَبِيلًا لِلتَّشْكِيكِ عَلَيْهَا ، وَأَمَرَهَا بِتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ ، وَجَمْعِهَا .
قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ : هُوَ الْأَصْلُ فِي جَمْعِ الْمُسْتَحَاضَةِ ، وَصَاحِبِ السَّلَسِ .
فَائِدَةٌ : اللِّدَاتُ بِكَسْرِ اللَّامِ جَمْعُ لِدَةٍ ، وَهِيَ الَّتِي وُلِدَتْ مَعَهَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ ، وَكَذَلِكَ التَّرْبُ الَّذِي خَرَجَ مَعَ الْإِنْسَانِ إِلَى التُّرَابِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ ، وَجَمْعُهُ أَتْرَابٌ . الثَّانِيَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=640الصَّغِيرَةُ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ ، وَنَحْوِهَا ، فَدَمُهَا لَيْسَ بِحَيْضٍ . قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ : وَيَرْجِعُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى مَا يَقُولُهُ النِّسَاءُ ، فَإِنْ شَكَكْنَ أَخَذْنَ بِالْأَحْوَطِ .
قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي النِّهَايَةِ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : رَأَيْتُ جَدَّةً
بِالْيَمَنِ بِنْتَ عِشْرِينَ سَنَةً .
الثَّالِثَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=26526الْآيِسَةُ قَالَ
مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْعُتْبِيَّةِ : يُسْأَلُ عَنْهَا النِّسَاءُ ، فَإِنْ قُلْنَ إِنَّ مِثْلَهَا تَحِيضُ كَانَ حَيْضًا ، وَإِنْ قُلْنَ مِثْلُهَا لَا تَحِيضُ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ : تَتَوَضَّأُ ، وَتُصَلِّي ، وَلَا يَكُونُ حَيْضًا ، وَلَا تَغْتَسِلُ لَهُ ، وَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ قَالَ
ابْنُ حَبِيبٍ : كَانَ حَيْضًا .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13256ابْنُ شَاسٍ : وَالْآيِسَةُ بِنْتُ السَّبْعِينَ ، وَالثَّمَانِينَ ، وَبِنْتُ الْخَمْسِينَ عِنْدَ
أَبِي إِسْحَاقَ .
حُجَّتُهُ : قَوْلُ
عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : بِنْتُ الْخَمْسِينَ عَجُوزٌ فِي الْغَابِرِينَ ، وَقَوْلُ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِنِ امْرَأَةٌ تُجَاوِزُ الْخَمْسِينَ ، فَتَحِيضُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ قُرَشِيَّةً .
[ ص: 385 ] الرَّابِعَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=26521الْمُعْتَادَةُ ، فَإِنْ نَقَصَ دَمُهَا مِنْ عَادَتِهَا ، أَوْ تَسَاوَى طَهُرَتْ ، وَإِنْ زَادَ ، فَخَمْسَةُ أَقْوَالٍ . قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : الَّذِي كَانَ يَقُولُهُ
مَالِكٌ طُولَ عُمُرِهِ إِنَّهَا تَقْعُدُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ إِلَى الِاقْتِصَارِ عَلَى الِاسْتِظْهَارِ .
قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ : قَالَ
ابْنُ حَبِيبٍ : الَّذِي رَجَعَ عَنْهُ
مَالِكٌ الْخَمْسَةَ عَشَرَ ، وَبِهِ يَقُولُ
الْمَدَنِيُّونَ ،
وَابْنُ مَسْلَمَةَ ، وَبِالثَّانِي قَالَ الْمِصْرِيُّونَ .
الثَّالِثُ : تَقْتَصِرُ عَلَى الْعَادَةِ ، وَهُوَ
لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ ،
وَأَبِي حَنِيفَةَ .
الرَّابِعُ :
لِأَبِي الْجَهْمِ الِاحْتِيَاطُ فِيمَا بَعْدَ الثَّلَاثِ فَتَصُومُ ، وَتُصَلِّي ، وَلَا تُوطَأُ ، ثُمَّ تُعِيدُ الْغُسْلَ ، وَتُعِيدُ الصَّوْمَ .
الْخَامِسُ :
لِلْمُغِيرَةِ ،
وَأَبِي مُصْعَبٍ الِاحْتِيَاطُ مِنْ حِينِ مُفَارَقَةِ الْعَادَةِ ، وَلَا تُعِيدُ الْغُسْلَ إِنْ تَمَادَى بِهَا الدَّمُ فَوْقَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ; لِأَنَّ الْغَيْبَ كَشَفَ أَنَّهُ دَمُ اسْتِحَاضَةٍ ، وَالسَّابِقُ يَقُولُ لَعَلَّهُ حَصَلَ دَمُ حَيْضٍ فِي أَثْنَاءِ هَذَا الدَّمِ .
سُؤَالٌ :
nindex.php?page=treesubj&link=626الصَّلَاةُ مِنَ الْحَائِضِ حَرَامٌ ، وَمِنَ الطَّاهِرِ وَاجِبَةٌ ، وَالْقَاعِدَةُ مَتَى تَعَارَضَ الْمُحَرَّمُ ، وَالْوَاجِبُ قُدِّمَ الْحَرَامُ تَرْجِيحًا لِدَرْءِ الْمَفَاسِدِ عَلَى تَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ ، وَتَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْأَصْلِ ، فَكَانَ الِاحْتِيَاطُ هَا هُنَا تَرْكَ الْعِبَادَةِ .
جَوَابُهُ : أَنَّ تَحْرِيمَ الصَّلَاةِ مَشْرُوطٌ بِالْعِلْمِ بِالْحَيْضِ ، وَهُوَ غَيْرُ حَاصِلٍ ، فَانْتَفَى التَّحْرِيمُ جَزْمًا .
حُجَّةُ الْأَوَّلِ : الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ فِي الْمُبْتَدِئَةِ .
حُجَّةُ الثَّانِي : حَدِيثُ الِاسْتِظْهَارِ .
حُجَّةُ الثَّالِثِ : أَنَّ الْغَالِبَ الْبَقَاءُ عَلَى الْعَوَائِدِ فَيَكُونُ الزَّائِدُ اسْتِحَاضَةً ، وَمَا فِي الْمُوَطَّأِ ، وَالصَّحِيحَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ
لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ فِي الْحَيْضَةِ يَتَمَادَى دَمُهَا : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348382إِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا ، فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي ) وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ :
[ ص: 386 ] (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348383دَعِي الصَّلَاةَ قَدْرَ الْأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا ، ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي ) وَهُوَ حُجَّةُ الِاسْتِظْهَارِ ، فَإِنَّ الْحَيْضَةَ قَدْ يَزِيدُ قَدْرُهَا ، وَقَدْ يَنْقُصُ .
فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ :
الْأَوَّلُ : فِي الْكِتَابِ إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=662_621كَانَتْ عَادَتُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَا تَسْتَظْهِرُ بِشَيْءٍ ، وَقَالَ فِي كِتَابِ
مُحَمَّدٍ : تَسْتَظْهِرُ يَوْمًا ، أَوْ يَوْمَيْنِ ، وَهُوَ مُشْكِلٌ ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ذَكَرَ شَطْرَ الْعُمُرِ فِي سِيَاقِ الْمُبَالَغَةِ فِي الدَّمِ ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْغَايَةُ ، وَالنِّهَايَةُ .
الثَّانِي : لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=26521تَأَخَّرَ الدَّمُ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ ، ثُمَّ خَرَجَ ، فَزَادَ عَلَى قَدْرِهِ قَالَ فِي النَّوَادِرِ : لَا تَزِيدُ فِي الِاسْتِظْهَارِ عَلَى الثَّلَاثِ .
الثَّالِثُ :
nindex.php?page=treesubj&link=26526تَثْبُتُ الْعَادَةُ بِمَرَّةٍ . قَالَهُ
الْغَافِقِيُّ . قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ : وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ
ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْوَاضِحَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=29كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ ) ، وَاعْتَبَرَ
أَبُو حَنِيفَةَ مَرَّتَيْنِ ، وَمِنْهُ الْعِيدُ .
الْخَامِسَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=26469الْمُتَحَيِّرَةُ ، فَفِي الْكِتَابِ : سُئِلَ
ابْنُ الْقَاسِمِ عَمَّنْ
nindex.php?page=treesubj&link=26470حَاضَتْ فِي شَهْرٍ عَشَرَةَ أَيَّامٍ ، وَفِي آخَرَ سِتَّةَ أَيَّامٍ ، وَفِي آخَرَ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ ، ثُمَّ اسْتُحِيضَتْ كَمْ تَجْعَلُ عَادَتَهَا قَالَ : لَا أَحْفَظُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ شَيْئًا ، وَلَكِنَّهَا تَسْتَظْهِرُ عَلَى أَكْثَرِ أَيَّامِهَا . قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ : قَالَ
ابْنُ حَبِيبٍ : تَسْتَظْهِرُ عَلَى أَقَلِّ أَيَّامِهَا إِنْ كَانَتْ هِيَ الْأَخِيرَةَ لِأَنَّهَا الْمُسْتَقِرَّةُ ، وَيَقُولُ
ابْنُ الْقَاسِمِ لَعَلَّ عَادَتَهَا الْأُولَى عَادَتْ إِلَيْهَا بِسَبَبِ زَوَالِ سُدَّةٍ مِنَ الْمَجَارِي .
وَقَوْلُ
مَالِكٍ الْأَوَّلُ : إِنَّهَا تَمْكُثُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ; لِأَنَّ الْعَادَةَ قَدْ تَنْتَقِلُ .
قَالَ : وَيَتَخَرَّجُ فِيهَا قَوْلٌ آخَرُ : أَنَّهَا لَا تَسْتَظْهِرُ بِشَيْءٍ عَلَى الْقَوْلِ بِنَفْيِ الِاسْتِظْهَارِ عُمُومًا .
السَّادِسَةُ : فِي الْجِلَابِ :
nindex.php?page=treesubj&link=660الْحَامِلُ تَحِيضُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ مُحْتَجًّا بِأَنَّ اللَّهَ
[ ص: 387 ] تَعَالَى جَعَلَ الدَّمَ دَلِيلَ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ ، فَلَوْ حَاضَتْ لَبَطَلَ الدَّلِيلُ ، وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348384nindex.php?page=treesubj&link=661دَمُ الْحَيْضِ أَسُودُ يُعْرَفُ ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَنِ الصَّلَاةِ ) فَمَحْمُولٌ عَلَى الْحَائِلِ .
لَنَا : مَا فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ فِي الْحَامِلِ تَرَى الدَّمَ إِنَّهَا تَتْرُكُ الصَّلَاةَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ ، فَكَانَ إِجْمَاعًا ، وَإِجْمَاعُ أَهْلِ
الْمَدِينَةِ عَلَيْهِ ، وَكَمَا جَازَ النِّفَاسُ مَعَ الْحَمْلِ إِذَا تَأَخَّرَ أَحَدُ الْوَلَدَيْنِ ، فَكَذَلِكَ الْحَيْضُ ، وَلِقَوْلِ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا لَمَّا رَاقَهَا وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ لَوْ رَآكَ الشَّاعِرُ مَا قَالَ شِعْرَهُ إِلَّا فِيكَ ، وَهُوَ قَوْلُهُ :
وَمُبَرَّأً مِنْ كُلٍّ غُبَّرِ حَيْضَةٍ وَفَسَادِ مُرْضِعَةٍ وَدَاءِ مُغِيلِ
.
مَعْنَاهُ أَنَّ الْحَيْضَ إِذَا جَرَى عَلَى الْوَلَدِ فِي الرَّحِمِ أَكْسَبَهُ بِسَوَادِهِ غَبَرَةً فِي جِلْدِهِ فَيَكُونُ أَقْتَمَ عَدِيمَ الْوَضَاءَةِ ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ أَمْرٌ مُتَعَارَفٌ عِنْدَهُمْ ، وَأَمَّا دَلَالَتُهُ عَلَى الْبَرَاءَةِ ، فَهِيَ عَلَى سَبِيلِ الْغَالِبِ ، وَحَيْضُ الْحَامِلِ هُوَ الْقَلِيلُ ، وَالنَّادِرُ ، فَلَا يُنَاقِضُ دَلَالَةَ الْغَالِبِ .
فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ :
الْأَوَّلُ : قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ : لَمْ يَقُلْ
مَالِكٌ فِي الْحَامِلِ إِنَّهَا تَسْتَظْهِرُ قَدِيمًا ، وَلَا حَدِيثًا . قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ : إِنِ
nindex.php?page=treesubj&link=660اسْتَمَرَّ دَمُهَا عَلَى عَادَتِهَا قَبْلَ الْحَمْلِ ، وَزَادَ دَمُهَا فِي بَعْضِ الشُّهُورِ تَجْرِي فِيهَا الْخَمْسَةُ الْأَقْوَالُ الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي الْحَائِلِ ، وَإِنْ لَمْ تَسْتَمِرَّ عَلَى عَادَتِهَا ، فَإِمَّا أَنْ تَنْقَطِعَ ، أَوْ تَنْقُصَ ، أَوْ تَزِيدَ ، فَإِنِ انْقَطَعَتْ ، أَوْ نَقَصَتْ ، وَدَامَ ذَلِكَ حَيْضًا ، ثُمَّ أَتَاهَا الدَّمُ ، فَزَادَ عَلَى عَادَتِهَا الْأُولَى ، فَفِيهَا ثَمَانِيَةُ أَقْوَالٍ : الْخَمْسَةُ السَّابِقَةُ .
السَّادِسُ : يُجْتَهَدُ لَهَا فِي ذَلِكَ قَالَ فِي الْكِتَابِ : لَيْسَ أَوَّلُ الْحَمْلِ كَآخِرِهِ ، وَلَيْسَ لِذَلِكَ حَدٌّ إِلَّا الِاجْتِهَادُ ، وَقَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : إِنْ رَأَتْ ذَلِكَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَنَحْوِهَا تَرَكَتِ الصَّلَاةَ خَمْسَةَ عَشَرَ وَنَحْوَهَا . وَفِي التَّفْرِيعِ إِلَى عِشْرِينَ يَوْمًا ، وَإِنْ جَاوَزَتْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ، فَإِلَى الْعِشْرِينَ ، وَقَالَ فِي التَّفْرِيعِ : إِلَى الثَّلَاثِينَ .
السَّابِعُ : أَنَّهَا تَقْعُدُ أَقْصَى عَادَةِ الْحَوَامِلِ
لِمَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ .
الثَّامِنُ : أَنَّهَا تُضَاعِفُ
[ ص: 388 ] أَيَّامَهَا الَّتِي كَانَتْ لَهَا قَبْلَ الْحَمْلِ ، وَتَغْتَسِلُ ؛ قَالَهُ
ابْنُ وَهْبٍ ، وَقَالَ : قَالَ
مَالِكٌ : تَجْلِسُ فِي أَوَّلِ الشُّهُورِ عَادَتَهَا وَالِاسْتِظْهَارُ ، وَفِي الثَّانِي : ضِعْفَ أَيَّامِ حَيْضَتِهَا وَالِاسْتِظْهَارُ ، وَفِي الثَّالِثِ : تَجْلِسُ مِثْلَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، وَفِي الرَّابِعِ : تُرَبِّعُهَا ، وَهَكَذَا حَتَّى تَبْلُغَ سِتِّينَ يَوْمًا ، فَلَا تَزِيدُ لِأَنَّهُ أَقْصَى مُدَّةِ النِّفَاسِ ، فَهُوَ أَعْظَمُ دَمٍ يَجْتَمِعُ فِي الرَّحِمِ بِسَبَبِ الْحَمْلِ ، وَأَنْكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=12873ابْنُ الْمَاجِشُونِ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ
مَالِكٍ ، وَقَالَ : هُوَ خَطَأٌ ، وَقَالَ : النِّفَاسُ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ الْوَضْعِ ، وَالِاسْتِحَاضَةُ أَوْلَى بِهَا ، وَمَذْهَبُهُ أَنَّ الْحَامِلَ لَا تَزِيدُ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا .
وَأَمَّا إِنْ رَأَتْهُ أَوَّلًا بِزِيَادَةٍ ، وَقَدْ كَانَ قَبْلُ مُسْتَقِيمًا فَهِيَ فِي أَوَّلِهِ حَائِضٌ لِلزِّيَادَةِ مُسْتَحَاضَةٌ فِي قَدْرِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْخِلَافِ الْمَاضِي ، فَكَأَنَّهُ يَكُونُ حَيْضًا بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ ، فَهَذِهِ عَادَةٌ انْتَقَلَتْ تَبْنِي عَلَيْهَا مَا يَفْعَلُ بِالْحَامِلِ .
وَجْهُ الِاجْتِهَادِ : أَنَّ الْحَمْلَ يَحْبِسُ الدَّمَ عَنِ الْخُرُوجِ ، فَإِذَا خَرَجَ كَانَ زَائِدًا ، وَرُبَّمَا اسْتَمَرَّ لِطُولِ الْمُكْثِ .
وَوَجْهُ عَدَمِ الِاسْتِظْهَارِ هُوَ أَنَّهُ دَمٌ ثَبَتَ بِالِاجْتِهَادِ ، فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ كَأَيَّامِ الِاسْتِظْهَارِ .
الثَّانِي : لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=660رَأَتِ الْحَامِلُ صُفْرَةً ، أَوْ كُدْرَةً ؛ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17314يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فِي الْكِتَابِ : لَا تُصَلِّي حَتَّى تَنْقَطِعَ عَنْهَا ; لِأَنَّ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَتْ تَأْمُرُ النِّسَاءَ بِذَلِكَ .
الثَّالِثُ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=660رَأَتِ الْحَامِلُ مَاءً أَبْيَضَ عُقَيْبَ سَبَبِ إِسْقَاطٍ أَوْ نَحْوِهِ رَوَى
ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ عَنْ
مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَلَيْهَا الْوُضُوءُ دُونَ الْغُسْلِ ، وَلَا يَلْحَقُ بِالدَّمِ لِخُرُوجِهِ عَنْ صِفَتِهِ ، وَالْوُضُوءِ لِكَوْنِهِ خَارِجًا مُعْتَادًا مِنَ الْفَرْجِ .