[ ص: 370 ] [ ص: 371 ] 2 ( الباب السادس )
3 ( في الحيض )
ولنقدم الكلام على لفظه ، وحقيقته ، وسببه ، ثم الكلام على فقهه . أما لفظه ، فحكى صاحب التنبيهات فيه احتمالين :
الأول : أنه مأخوذ من قول العرب : حاضت السمرة إذا خرج منها ماء أحمر ، فشبه دم الحيض به .
وثانيهما : أن
nindex.php?page=treesubj&link=618الحيض ، والمحيض مجتمع الدم ، ومنه الحوض لاجتماع الماء فيه ، وهو مشكل ; لأن الحوض من ذوات الواو ، والحيض من ذوات الياء ، فهما متباينان ، ولذلك جعلهما صاحب الصحاح في بابين ، وتقول : حاضت المرأة تحيض حيضا ، ومحيضا ، فهي حائض ، وحائضة ، وقال بعض أئمة اللغة : إن أردت الحالة المستمرة ، والصفة المعتادة قلت حائض ، وطاهر ، وطالق ، وإن أردت الحالة الحاضرة قلت حائضة ، وطاهرة ، وطالقة ، والحيضة المرة الواحدة ولو دفعة بفتح الحاء ، ولكن اصطلاح المذهب على أنها المدة التي تعتد بها من زمان الحيض في العدد ، والاستبراء ، والحيضة - بكسر الحاء - الاسم ، والخرقة التي تستثفر بها ، وكذلك المحيضة .
nindex.php?page=treesubj&link=618والحيض ، والطهر يسمى كل واحد منهما قرءا ، وقرءا بضم القاف ، وفتحها .
[ ص: 372 ] ومن العلماء من يفرق بينهما على المذهبين قيل : الإطلاق على سبيل الاشتراك ، وقيل : متواطئ موضوع للقدر المشترك ، واختلف في ذلك المشترك ، فقيل : اجتماع الدم في الجسد زمان الطهر ، أو في الرحم زمان الحيض ، فإن أصل القرء الجمع ، ومنه قرأت الماء في الحوض إذا جمعته ، ومنه القراءة للكتب ، فإنه جمع حرف إلى حرف ، وكلمة إلى كلمة ، وقيل : المشترك الزمان لقولهم : جاء فلان لقرئه ؛ أي : لزمانه ، ولما كان لكل واحد منهما زمان يخصه قيل له قرء ، وتقول العرب : استحيضت المرأة إذا استمر دمها بعد أيامه ، فهي مستحاضة ، وتحيضت ؛ أي : قعدت أيام حيضها ، وفي الحديث : ( تحيضي في علم الله ستا ، أو سبعا ) .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=618حقيقته ، فهو غسالة الجسد ، وفضلات الأغذية التي لا تصلح للبقاء ، ولذلك عظم نتنه ، وقبح لونه ، واشتد لذعه ، وامتاز على دم الجسد ، وكذلك على الذي منه دم الاستحاضة ، وإليه الإشارة بقوله عليه الصلاة والسلام : ذلك عرق ، وليس بحيضة . أي عرق انشق ، فخرج منه دم الجسد ، وليس بغسالة ، فيجتمع ذلك من الوقت إلى الوقت ، ثم يندفع في عروق الدم فيخرج من فوهاتها إلى تجويف الرحم فيجتمع هناك ، ثم يندفع في عنق الرحم الذي هو محل الوطء ، وجعل الله سبحانه وتعالى ذلك علما على براءة الأرحام ، وحفظا للأنساب .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=619سببه ، فقيل : لما أعانت
حواء آدم على الأكل من الشجرة أرسل الله تعالى عليها هذا الدم عقوبة لها يبعدها عن طاعة ربها حالة ملابسته لها ، وأقر ذلك في بناتها ، وقيل : أول ما امتحن به بنو إسرائيل .
وأما فقهه ، فنمهد له بالنظر في أحكام الحيض ، والطهر ، وأقسام الحيض ، ودم الاستحاضة ، ودم النفاس ، فهذه أربعة فصول .
[ ص: 373 ] الفصل الأول
في أحكام الحيض ، والطهر
nindex.php?page=treesubj&link=623وأقل الحيض غير محدود بل الصفرة والكدرة حيض سواء كانتا في أوله ، أو في آخره خلافا
لمكحول ؛ لما في الموطأ عن
عائشة رضي الله عنها أن النساء كن يبعثن إليها بالدرجة فيها الكرسف فيه الصفرة ، فتقول لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء ، والدرجة بكسر الدال ، وفتح الراء جمع درجة بضم الدال ، وسكون الراء : الخرقة ، والكرسف القطن ، وهو أليق بالرحم اللينة وتجفيفه لما يجده وصفائه .
والدفعة من الدم حيض خلافا لأبي حنيفة
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في أنهما لا يعدان حيضا إلا ما كان يعتد به في العدة والاستبراء ، فحدده
أبو حنيفة ، وابن مسلمة بثلاثة أيام ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي بيوم وليلة .
وفي التفريع : أقل الحيض خمسة أيام في العدد ، والاستبراء
لعبد الملك . قال
المازري : قال بعض أصحابنا : أقله ثلاثة أيام في العدة والاستبراء ، وفي الكتاب في كتاب الاستبراء إذا رأت الدم يوما ، أو يومين ، فتسأل عنه النساء ، فإن قلن يقع به الاستبراء استبرأت به . قال صاحب الطراز قال :
محمد بن خويز منداد : تفرقة مالك بين العدد ، والصلاة استحسان ، والقياس عدم التفرقة ، فتكون الدفعة تحرم بها الصلاة ، وتنقضي بها العدة ، فتنقضي العدة بعشرة أيام ، وبعض يوم .
والمعروف من المذهب التفرقة لقوله عليه السلام : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348372دم الحيض أسود يعرف ، فإذا رأيت ذلك ، فاتركي الصلاة ) وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ) واتفق الجميع على أن
nindex.php?page=treesubj&link=687أول النفاس غير محدود ، فكذلك
[ ص: 374 ] الحيض ، وأما العدد ، فالمقصود منها البراءة ، وذلك لا تكفي فيه الدفعة ; لأن الشرع قد أكد ذلك حتى لم يكتف بحيضة تامة ، فضلا عن الدفعة .
وأما أكثره ، فخمسة عشر يوما على المنصوص ، واستقرأ
أبو الطاهر من القول بإضافة الاستظهار إلى الخمسة عشر أن أكثره ثمانية عشر .
وأكثر الطهر لا حد له إجماعا ، وأقله فيه خمسة أقوال : يرجع فيه إلى العادة ، وهو مذهب الكتاب ، وخمسة عشر يوما عند
محمد بن مسلمة ، وعشرة عند
ابن حبيب ، وثمانية
لسحنون ،
nindex.php?page=showalam&ids=12502وابن أبي زيد في الرسالة قال : من ثمانية لعشرة ، وخمسة لعبد الملك .
في الجلاب : والمستند اختلاف العوائد عند قائل الخمسة عشر ، ولقوله عليه السلام : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348373تمكث إحداكن شطر عمرها لا تصلي ) والشطر النصف فيكون الطهر نصف شهر ، ولأن الله تبارك وتعالى جعل العدة ثلاثة أشهر بدل الأقراء ، ويستحيل أن يكون بدلا من أكثرها ، أو أقلها ، وأكثر الطهر ، وأقل الحيض ، فتعين
nindex.php?page=treesubj&link=624أكثر الحيض ،
nindex.php?page=treesubj&link=622وأقل الطهر .
وهاهنا مناسبات ، وهي : أن العشرة نهاية المرتبة الأولى في العدد ، وما فوقها فمضاف إليها ، فكانت نهاية أقل الطهر .
وأما الثمانية ، فلأن العشرة نهاية ، والكلام في أقل الطهر فيناسب أقل من النهاية فينقص منها أقل الجمع ، وهو اثنان .
تنبيه : يروى هذا الحديث : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348374تمكث إحداكن نصف عمرها ، وشطر عمرها لا تصلي ) ، وعليه أسئلة :
أحدها : أنه ليس في الصحيح ، وثانيها : أن أيام الصبا تدخل فيه فيسقط به الاستدلال ، وثالثها : أنه لو كانت تحيض عشرة ، وتطهر عشرة استقام ، فلا دلالة فيه على الخمسة عشر ، ورابعها : أن الحديث لا عموم فيه ، والدعوى عامة ، فلا يفيدها .
[ ص: 375 ] فروع أربعة :
الأول : الحيض والنفاس قال في التلقين : يمنعان أحد عشر حكما :
nindex.php?page=treesubj&link=626وجوب الصلاة ، وصحة فعلها ،
nindex.php?page=treesubj&link=655_627وفعل الصوم دون وجوبه ،
nindex.php?page=treesubj&link=638والجماع في الفرج ، وما دونه ،
nindex.php?page=treesubj&link=26702والعدة ،
nindex.php?page=treesubj&link=639_11750_11751والطلاق ،
nindex.php?page=treesubj&link=654_632والطواف ،
nindex.php?page=treesubj&link=629ومس المصحف ،
nindex.php?page=treesubj&link=631ودخول المسجد ،
nindex.php?page=treesubj&link=2578والاعتكاف ، وفي
nindex.php?page=treesubj&link=628القراءة روايتان . أما الأول والثاني فبالإجماع .
فرع : قال صاحب الطراز : لو بقي من النهار ركعة ،
nindex.php?page=treesubj&link=653فابتدأت تصلي العصر ، فلما فرغت الركعة غابت الشمس ، وحاضت . قال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : تقضيها لأنها لم تحض إلا بعد خروج وقتها كما لو لم تصلها ، وقال
أصبغ : لا تقضيها ; لأن ما توقعه بعد الغروب لو كان زمن أداء لكانت من إذا حاضت فيه ولم تصل العصر يسقط عنها ، وأما الحديث فمعناه : فقد أدرك وجوبها لأنه قد لا يصليها ، فلا يكون أداء ، وخبر الشرع يجب أن يكون صادقا .
وأما الثالث : وهو وجوب الصوم . قال المازري : أنكره على القاضي جماعة من العلماء ; لأن حقيقة الواجب ما يعاقب تاركه ، والحائض لا تعاقب على الصوم ، والشيء لا يوجد بدون حقيقته وحده ، فلا يكون الصوم واجبا ، وهو محرم ، ووافق القاضي على ذلك
أبو الطاهر ، وجماعة ، شبهتهم أمران :
أحدهما أن الحائض تنوي القضاء إجماعا ، والقضاء فرع وجوب الأداء .
الثاني : لو كان الصوم لا يجب أداؤه لكان وجوبه منشأ في زمن القضاء ، ولو كان كذلك لما احتاجت إلى إضافته لرمضان السابق .
وجواب الأول : أن القضاء فرع تحقق سبب وجوب الأداء لا الأداء ، والسبب متحقق في حقها ، وهو رؤية الهلال .
[ ص: 376 ] وجواب الثاني : أن الحاجة لإضافته لما سبق لتعين نسبته إليه ، فإن الوجوب يثبت حالة الطهر مضافا لذلك السبب ، ومقصود النية تمييز العبادات عن العادات ، أو تمييز مراتب العبادات ، ولا تمييز لهذا الصوم إلا بسببه ، فوجبت إضافته إليه كما تضاف الصلوات إلى أسبابها .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=637_17313الوطء ، فلقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ) فحرم ، ونبه على سبب المنع ، وهو الأذى ، وهذا الظاهر يقتضي اعتزالهن على الإطلاق ، وقد قال به بعض العلماء ، لا سيما إذا قلنا في المحيض اسم زمان الحيض ، فإن هذا البناء يصلح للمصدر ، والزمان ، والمكان ، وظاهر التعليل يقتضي اقتصار تحريم المباشرة للفرج فقط لا سيما إن قلنا إن المحيض اسم مكان الحيض ، وهو قول
أصبغ ،
وابن حبيب ، ولولا السنة لكان النظر معهما ; لأن النصوص تتسع عللها .
والمذهب المشهور جمع بين الكتاب والسنة ، ففي الموطأ والصحيحين
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348375عن عائشة رضي الله عنها كانت إحدانا إذا كانت حائضا أمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - فتأتزر بإزار ، ثم يباشرها ، وفي
أبي داود nindex.php?page=hadith&LINKID=10348376عن ميمونة زوج النبي عليه السلام كان - صلى الله عليه وسلم - يباشر المرأة من نسائه ، وهي حائض إذا كان عليها إزار يبلغ أنصاف الفخذين ، أو الركبتين .
فائدتان :
الأولى : سبب سؤالهم له حتى نزل قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222ويسألونك عن المحيض ) فقيل : كانوا يعتزلون مواضع الحيض كاليهود ، فسألوا عن ذلك ، فأخبرهم الله تعالى أن الحرام الجماع بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222في المحيض ) يدل على ذلك في الآية أمران : أحدهما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222فإذا تطهرن فأتوهن ) والمراد بالإتيان الوطء ، فدل ذلك على أن الممنوع منه هو الوطء ، وأنه هو المغيا بحتى ليلتئم السياق ، وثانيهما : أنا نحمل المحيض على اسم مكان الحيض ، وقيل : سألوا لأنهم يجتنبون
[ ص: 377 ] الحيض في القبل ، ويأتونهن في الدبر ، فأمرهم الله تعالى بالاعتزال في الموضعين ، وأباح بعد الطهر القبل فقط بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222من حيث أمركم الله ) .
الثانية :
nindex.php?page=treesubj&link=663ليس على واطئ الحائض كفارة لأنها ليست من لوازم التحريم بدليل الغصب ، والغيبة ، والنميمة ، وغير ذلك ، فلا بد حينئذ من دليل يقررها ، ولم يوجد فيقرر .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل ، وجماعة : يكفر ، وأوجب الحسن كفارة رمضان ،
وأحمد يخيره بين دينار ، ونصف دينار ،
وقتادة يوجب بإصابته في الدم دينارين ، وبعد انقطاعه نصف دينار ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس يوجب إن أصابها أول الدم دينارا ، وفي آخره نصف دينار ، ولعل هذه الأمور منهم استحسان لدفع السيئة بالحسنة .
فرع : في الجواهر : يحرم
nindex.php?page=treesubj&link=26634وطؤها بعد انقطاع الدم ، وقبل الغسل خلافا
لأبي حنيفة في إباحته ذلك إذا انقضى أكثر الحيض ، وهو عشرة أيام عنده ، أو وجد معنى ينافي حكم الحيض مثل حضور آخر وقت الصلاة ; لأن الوجوب عنده متعلق بآخر الوقت ، أو يتيمم للصلاة ، ووافقه
ابن بكير من أصحابنا في الإباحة .
لنا : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن ) فاشترط انقطاع الدم ، والغسل ، ويدل على أن المراد الغسل قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ) مدحا وحثا على التطهير ، وذلك يدل على أنه مكتسب ، وانقطاع الدم ليس بمكتسب .
وأما قول
أبي حنيفة : إن علة المنع الدم فيزول بزوال علته فيشكل عليه بانقطاعه قبل العشرة الأيام ، فلو تيممت على مذهبنا ، ففي جواز وطئها بعد أيام الدم قولان مبنيان على أن التيمم هل يرفع الحدث أم لا .
[ ص: 378 ] فرع : في الكتاب :
nindex.php?page=treesubj&link=26634يجبر المسلم زوجته الذمية على غسل الحيض دون الجنابة لأنه لا يطؤها حتى تغسل ، وعن
مالك في غير الكتاب لا يجبرها ; لأن الغسل الذي هو شرط هو الغسل الشرعي ، وهو متعذر منها لأنها لا تنوي الوجوب ، قيل : هو ينوي عنها ، فقيل : كيف ينوي الإنسان عن غيره ؟ قيل : كغسل الميت ؛ ينوي غير المغسول .
أجيب : بأن غسل الميت فعل الناوي ، فلذلك صحت نيته ، فإن نية الإنسان إنما تخصص فعله دون فعل غسل غيره ، وغسل الذمية ليس فعل الزوج ، فنيته له كنيته لصلاة غيره ، وأما غسل الميت ففعل الناوي ، فظهر الفرق ، وعلم أن الممكن من الذمية ليس هو شرط الوطء ، وشرط الوطء ليس ممكنا منها حالة الكفر ، وفي هذا المقام اضطربت آراء الأصحاب ، وتزلزلت عليهم القواعد ، فرأوا أن أحد الإشكالين لازم : إما إباحة الوطء بدون شرطه ، أو اعتقاد ما ليس بشرط شرطا ، وكشف الغطاء عن هذه المسألة أن تقول :
قاعدة : خطاب الشرع قسمان : خطاب وضع لا يفتقر إلى علم المكلف ، ولا قدرته ، ولا إرادته ، ولا نيته ، وهو الخطاب بالأسباب ، والشروط ، والموانع ، وخطاب تكليف يفتقر إلى ذلك ، وقد تقدم بسطه في مقدمة الكتاب ، والغسل من الحيض فيه لله تعالى خطابان : خطاب وضع من جهة أنه شرط ، وخطاب تكليف من جهة أنه عبادة ، والخطاب الثاني هو المحتاج إلى النية ، فعدم النية يقدح فيه دون الأول فيبطل كون هذا الغسل عبادة ، ويبقى كونه شرطا ، ولا يلزم إباحة المسلمة إذا اغتسلت من غير نية لأنها مكلفة بخلاف الذمية ، وكان الأصل إباحتها ، خولف الدليل ثمت فيبقى ها هنا على مقتضى القاعدة .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=629مس المصحف ، فلقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=79لا يمسه إلا المطهرون ) ، ولقوله عليه السلام
لعمرو بن حزم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348377لا يمس المصحف إلا طاهر .
[ ص: 379 ] وأما
nindex.php?page=treesubj&link=631المسجد ، فلقوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348378لا يحل المسجد لحائض ، ولا جنب . قال
المازري : وأجازه
nindex.php?page=showalam&ids=13521ابن مسلمة ، وقال : هما طاهران ، وإنما يخشى من دم الحيض .
وأما جواز
nindex.php?page=treesubj&link=628القراءة ، فلما يروى عن
عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقرأ القرآن ، وهي حائض ، والظاهر اطلاعه عليه السلام ، وأما المنع ، فقياسا على الجنب ، والفرق للأول من وجهين : أن الجنابة مكتسبة ، وزمانها لا يطول بخلاف الحيض .
فروع :
الأول : قال صاحب النكت : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=26634وقع دم الحيض ، ولم تغتسل ، فهي كالجنب في المنع من القراءة ، والوضوء للنوع لأنها ملكت أمرها .
الثاني : قال
ابن القاسم في الكتاب :
nindex.php?page=treesubj&link=26521إذا رأت الدم قبل أيام حيضتها قبل وقت العادة إن كان حيضها من الأمام ما يمنع الإصابة جعل حيضا ، وإلا كان حيضة واحدة . قال صاحب الطراز : وفي القدر المانع خمسة أقوال : أحدها ما في الكتاب من الإحالة على العرف ، والأربعة المتقدمة .
الثالث : إذا انقطعت الحيضة ، فحاضت يوما ، وطهرت يوما قال في الكتاب : تلغي أيام النقاء خلافا لأبي ح ، فإذا كمل من أيام الدم خمسة عشر يوما اغتسلت وصلت قال أيضا في الكتاب : تلفق من أيام الدم أيامها ، وتستطهر بثلاث ، والأيام التي تلغى هي فيها طاهر تصلي ، ويأتيها زوجها ، ثم هي مستحاضة تتوضأ لكل صلاة ، وتغتسل كل يوم إذا انقطع الدم إذ لعله لا يرجع إليها ، ولا تكون حائضا بعد ذلك إلا أن تتيقن دم الحيض . قال صاحب الطراز : وأما قوله تستطهر يرد إذا كانت دون الخمسة عشر ، وفيها خمسة أقوال التي تأتي في المعتادة إذا جاوز دمها عادتها ، وأما قوله : تكون مستحاضة ، فخالف فيه
nindex.php?page=showalam&ids=13521ابن مسلمة على تفصيل ، فإن أقل الطهر عنده خمسة عشر يوما ، فإذا مضى
[ ص: 380 ] من الأيام أكثر الحيض ، وأقل الطهر كان الآتي بعد ذلك حيضا تاما ، وتلفق أيام الطهر كما يلفق الحيض ، فإذا كان الحيض يوما بيوم لفقت من أيام الدم خمسة عشر يوما ، ولا تكون مستحاضة ، وإن كان الحيض يوما ، والطهر يومين لم تلفق أيام
nindex.php?page=treesubj&link=650الحيض ، وإلا فقد بقي أقل من أقل الطهر ، فتكون مستحاضة .
وضابطه : أن أيام الدم إن كانت أكثر من أيام الطهر ، فهي مستحاضة ; لأن المرأة لا تحيض أكثر من زمن طهرها ، وإن كان زمن الطهر أكثر ، أو مساويا ، فهي عنده حائض بعد ذلك في أيام الدم ، وطاهر في أيام الانقطاع ، والمذهب أظهر لأنه إذا يعلم أن الدم الأول والأخير حيضة ، فالأيام المتخللة ليست فاصلة بين حيضين ، فلا يكون طهرا .
حجة
أبي حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في أحد قوليه أن حد الطهر غير موجود ها هنا فيلزم انتفاء المحدود ، فلا يكون يوم النقاء طهرا ، فيكون حيضا إذ لا واسطة .
جوابه من وجهين : أحدهما أن الطهر محدود بحسب العدد لا بحسب العبادة ، وثانيهما : أن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة قد يجوز وطأها في يوم النقاء إذا اغتسلت ، أو تيممت ، وذلك دليل الطهر ، وأما قوله تغتسل كل يوم ، فلما في
أبي داود عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنه
nindex.php?page=treesubj&link=678_680إذا رأت المستحاضة الطهر ولو ساعة فلتغتسل .
فرعان مرتبان :
الأول : قول
ابن القاسم في المجموعة والعتبية : إذا رأت الدم في اليوم ، ولو ساعة حسبته من أيام الدم ، وإن اغتسلت في باقيه وصلت .
الثاني : لو طلقها في إبان النقاء قال
التونسي : مخير على رجعتها ، وفي النكت عن جماعة من الشيوخ : لا يخير لأنه زمان يجوز الوطء فيه ، والأول أظهر ؛ لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1فطلقوهن لعدتهن ) أي لاستقبالها ، وهذه لا تستقبل عدتها .
[ ص: 381 ] الرابع : قال في الكتاب :
nindex.php?page=treesubj&link=661علامة الطهر القصة البيضاء إن كانت تراها ، وإلا فالجفوف . قال
ابن القاسم : وهي أن تدخل الخرقة جافة ، فتخرج جافة كذلك .
والقصة بفتح القاف ، والصاد المهملة من القص بفتح القاف ، وهو الجير ، ومنه نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن
nindex.php?page=treesubj&link=2232تقصيص القبور ، وروى
ابن القاسم عنه أنها تشبه البول ، وروى أنها تشبه المني ، ولعل ذلك مختلف في النساء . قال
ابن يونس : وروى
ابن القاسم أنها إن رأت الجفوف ، وعادتها القصة ، فلا تصلي حتى تراها إلا أن يطول ذلك قال : قال
أبو محمد : الطول خوف فوات الصلاة ، واختلف هل هو الاختياري ، أو هو الضروري ؟ قال : قال بعض شيوخنا : لا تنتظر زوال القصة بل تغتسل إذا رأتها لأنها علامة الطهر ، قال : قال
ابن حبيب : من عادتها الجفوف لا تطهر بالقصة ، ومن عادتها القصة تطهر بالجفوف ; لأن الحيض دم ، ثم صفرة ، ثم ترية ، ثم كدرة ، ثم قصة ، ثم جفاف . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13256ابن شاس : قال القاضي
أبو محمد : كل واحد منهما علامة مستقلة في حق من اعتادتها فيكون فيها ثلاثة أقوال ، ويدل للمذهب على أن القصة أبلغ أنها متصلة بداخل الرحم ، والخرقة لا تصل إلى ذلك ، وقول
عائشة رضي الله عنها : لا تعجلين حتى ترين القصة البيضاء . قال
ابن يونس : قال
ابن القاسم : لا تطهر حتى ترى الجفاف ، ثم تجري بعد ذلك على ما تقرر من عادتها . قال صاحب الطراز : ويتخرج فيها قولان : أحدهما أنها لا تغتسل حتى ترى القصة لأنها أبلغ ، والثاني : أنها تنتظر عادة أقاربها من أهلها ، فإن رأت عادتهن اتبعتها ، وإلا كانت على حكمين إذا رأت خلاف عادتهن ، فإن اختلف أقاربها ، فأخواتها أقرب ، فإن لم يكن ، فأمها ، وخالاتها أقرب من عماتها .
فروع ثلاثة :
الأول : قال
عبد الملك : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=659اغتسلت من حيض ، أو نفاس ، ثم رأت قطرة دم ، أو غسالته لم تعد الغسل ، وتتوضأ ، وهذه تسمى الترية - بالتاء المثناة ، وكسر
[ ص: 382 ] الراء ، وتشديد الياء التحتية - لقول
nindex.php?page=showalam&ids=62أم عطية رضي الله عنها : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348379كنا لا نعد الصفرة ، والكدرة بعد الطهر شيئا ) وفي الكتاب عن
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب : لا تصلي ما دامت ترى الترية شيئا من حيض أو حمل لأنه دم من الرحم ، وقياسا على ما إذا تمادى يوما ، ويمكن حمل الحديث على أنها لا تعدهما طهرا .
الثاني : قال صاحب الطراز : إن خرجت الخرقة بالدم ، وحشت غيرها ، ثم أخرجتها آخر النهار جافة كانت طاهرا من قبل هذا الحشو بخلاف ما إذا رأت في الحشو الثاني القصة ، فإنها تكون طاهرا من حين خروجها لأنها من توابع الدم كالصديد ، ثم عليها اعتبار حال خروجها ، فإن تيقنته ، وإلا عملت بالأحوط .
الثالث : قال صاحب البيان : قال
مالك : ليس على المرأة أن تقوم قبل الفجر لتنظر طهرها ، وليس ذلك من عمل الناس ، ولم يكن في ذلك الزمان مصابيح ، قال : والقياس ذلك لكن العمل أسقطه ، فتعتبره عند إرادة النوم ، فإن استيقظت بعد الفجر ، وهي طاهر ، وحزرت تقدمه من الليل عملت على ما قامت عليه ، ولا تقضي الصلاة حتى تتيقن الطهر ، ويجب عليها أيضا أن تنظر عند أوقات الصلاة في أوائلها وجوبا موسعا ، وفي أواخرها وجوبا مضيقا بقدر ما يمكنها أن تغتسل ، وتصلي ، وروى صاحب المنتقى عن
عائشة رضي الله عنها إنكار قيام النساء بالمصابيح بالليل فيتفقدن الطهر ، وقالت : لم يكن النساء يفعلن ذلك ، وهي أكثر علما ودينا .
[ ص: 370 ] [ ص: 371 ] 2 ( الْبَابُ السَّادِسُ )
3 ( فِي الْحَيْضِ )
وَلْنُقَدِّمِ الْكَلَامَ عَلَى لَفْظِهِ ، وَحَقِيقَتِهِ ، وَسَبَبِهِ ، ثُمَّ الْكَلَامَ عَلَى فِقْهِهِ . أَمَّا لَفْظُهُ ، فَحَكَى صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ فِيهِ احْتِمَالَيْنِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ : حَاضَتِ السَّمُرَةُ إِذَا خَرَجَ مِنْهَا مَاءٌ أَحْمَرُ ، فَشَبَّهَ دَمَ الْحَيْضِ بِهِ .
وَثَانِيهِمَا : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=618الْحَيْضَ ، وَالْمَحِيضَ مُجْتَمَعُ الدَّمِ ، وَمِنْهُ الْحَوْضُ لِاجْتِمَاعِ الْمَاءِ فِيهِ ، وَهُوَ مُشْكِلٌ ; لِأَنَّ الْحَوْضَ مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ ، وَالْحَيْضَ مِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ ، فَهُمَا مُتَبَايِنَانِ ، وَلِذَلِكَ جَعَلَهُمَا صَاحِبُ الصِّحَاحِ فِي بَابَيْنِ ، وَتَقُولُ : حَاضَتِ الْمَرْأَةُ تَحِيضُ حَيْضًا ، وَمَحِيضًا ، فَهِيَ حَائِضٌ ، وَحَائِضَةٌ ، وَقَالَ بَعْضُ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ : إِنْ أَرَدْتَ الْحَالَةَ الْمُسْتَمِرَّةَ ، وَالصِّفَةَ الْمُعْتَادَةَ قُلْتَ حَائِضٌ ، وَطَاهِرٌ ، وَطَالِقٌ ، وَإِنْ أَرَدْتَ الْحَالَةَ الْحَاضِرَةَ قُلْتَ حَائِضَةٌ ، وَطَاهِرَةٌ ، وَطَالِقَةٌ ، وَالْحَيْضَةُ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ وَلَوْ دَفْعَةً بِفَتْحِ الْحَاءِ ، وَلَكِنَّ اصْطِلَاحَ الْمَذْهَبِ عَلَى أَنَّهَا الْمُدَّةُ الَّتِي تَعْتَدُّ بِهَا مِنْ زَمَانِ الْحَيْضِ فِي الْعَدَدِ ، وَالِاسْتِبْرَاءِ ، وَالْحِيضَةُ - بِكَسْرِ الْحَاءِ - الِاسْمُ ، وَالْخِرْقَةُ الَّتِي تَسْتَثْفِرُ بِهَا ، وَكَذَلِكَ الْمَحِيضَةُ .
nindex.php?page=treesubj&link=618وَالْحَيْضُ ، وَالطُّهْرُ يُسَمَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قُرْءًا ، وَقُرْءًا بِضَمِّ الْقَافِ ، وَفَتْحِهَا .
[ ص: 372 ] وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْمَذْهَبَيْنِ قِيلَ : الْإِطْلَاقُ عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِرَاكِ ، وَقِيلَ : مُتَوَاطِئٌ مَوْضُوعٌ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ ، وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ الْمُشْتَرَكِ ، فَقِيلَ : اجْتِمَاعُ الدَّمِ فِي الْجَسَدِ زَمَانَ الطُّهْرِ ، أَوْ فِي الرَّحِمِ زَمَانَ الْحَيْضِ ، فَإِنَّ أَصْلَ الْقُرْءِ الْجَمْعُ ، وَمِنْهُ قَرَأْتُ الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ إِذَا جَمَعْتُهُ ، وَمِنْهُ الْقِرَاءَةُ لِلْكُتُبِ ، فَإِنَّهُ جَمْعُ حَرْفٍ إِلَى حَرْفٍ ، وَكَلِمَةٍ إِلَى كَلِمَةٍ ، وَقِيلَ : الْمُشْتَرَكُ الزَّمَانُ لِقَوْلِهِمْ : جَاءَ فُلَانٌ لِقُرْئِهِ ؛ أَيْ : لِزَمَانِهِ ، وَلَمَّا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا زَمَانٌ يَخُصُّهُ قِيلَ لَهُ قُرْءٌ ، وَتَقُولُ الْعَرَبُ : اسْتُحِيضَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا اسْتَمَرَّ دَمُهَا بَعْدَ أَيَّامِهِ ، فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ ، وَتَحَيَّضَتْ ؛ أَيْ : قَعَدَتْ أَيَّامَ حَيْضِهَا ، وَفِي الْحَدِيثِ : ( تَحَيَّضِي فِي عِلْمِ اللَّهِ سِتًّا ، أَوْ سَبْعًا ) .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=618حَقِيقَتُهُ ، فَهُوَ غُسَالَةُ الْجَسَدِ ، وَفَضَلَاتِ الْأَغْذِيَةِ الَّتِي لَا تَصْلُحُ لِلْبَقَاءِ ، وَلِذَلِكَ عَظُمَ نَتَنُهُ ، وَقَبُحَ لَوْنُهُ ، وَاشْتَدَّ لَذْعُهُ ، وَامْتَازَ عَلَى دَمِ الْجَسَدِ ، وَكَذَلِكَ عَلَى الَّذِي مِنْهُ دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : ذَلِكَ عِرْقٌ ، وَلَيْسَ بِحَيْضَةٍ . أَيْ عِرْقٌ انْشَقَّ ، فَخَرَجَ مِنْهُ دَمُ الْجَسَدِ ، وَلَيْسَ بِغُسَالَةٍ ، فَيَجْتَمِعُ ذَلِكَ مِنَ الْوَقْتِ إِلَى الْوَقْتِ ، ثُمَّ يَنْدَفِعُ فِي عُرُوقِ الدَّمِ فَيَخْرُجُ مِنْ فُوَّهَاتِهَا إِلَى تَجْوِيفِ الرَّحِمِ فَيَجْتَمِعُ هُنَاكَ ، ثُمَّ يَنْدَفِعُ فِي عُنُقِ الرَّحِمِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ الْوَطْءِ ، وَجَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذَلِكَ عَلَمًا عَلَى بَرَاءَةِ الْأَرْحَامِ ، وَحِفْظًا لِلْأَنْسَابِ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=619سَبَبُهُ ، فَقِيلَ : لَمَّا أَعَانَتْ
حَوَّاءُ آدَمَ عَلَى الْأَكْلِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَرْسَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا هَذَا الدَّمَ عُقُوبَةً لَهَا يُبْعِدُهَا عَنْ طَاعَةِ رَبِّهَا حَالَةَ مُلَابَسَتِهِ لَهَا ، وَأَقَرَّ ذَلِكَ فِي بَنَاتِهَا ، وَقِيلَ : أَوَّلُ مَا امْتُحِنَ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ .
وَأَمَّا فِقْهُهُ ، فَنُمَهِّدُ لَهُ بِالنَّظَرِ فِي أَحْكَامِ الْحَيْضِ ، وَالطُّهْرِ ، وَأَقْسَامِ الْحَيْضِ ، وَدَمِ الِاسْتِحَاضَةِ ، وَدَمِ النِّفَاسِ ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ .
[ ص: 373 ] الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
فِي أَحْكَامِ الْحَيْضِ ، وَالطُّهْرِ
nindex.php?page=treesubj&link=623وَأَقَلُّ الْحَيْضِ غَيْرُ مَحْدُودٍ بَلِ الصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ حَيْضٌ سَوَاءٌ كَانَتَا فِي أَوَّلِهِ ، أَوْ فِي آخِرِهِ خِلَافًا
لِمَكْحُولٍ ؛ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يَبْعَثْنَ إِلَيْهَا بِالدِّرَجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ فِيهِ الصُّفْرَةُ ، فَتَقُولُ لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ ، وَالدِّرَجَةُ بِكَسْرِ الدَّالِّ ، وَفَتْحِ الرَّاءِ جَمْعُ دُرْجَةٍ بِضَمِّ الدَّالِّ ، وَسُكُونِ الرَّاءِ : الْخِرْقَةُ ، وَالْكُرْسُفُ الْقُطْنُ ، وَهُوَ أَلْيَقُ بِالرَّحِمِ اللَّيِّنَةِ وَتَجْفِيفِهِ لِمَا يَجِدُهُ وَصَفَائِهِ .
وَالدَّفْعَةُ مِنَ الدَّمِ حَيْضٌ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ فِي أَنَّهُمَا لَا يُعِدَّانِ حَيْضًا إِلَّا مَا كَانَ يَعْتَدُّ بِهِ فِي الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ ، فَحَدَّدَهُ
أَبُو حَنِيفَةَ ، وَابْنُ مَسْلَمَةَ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ بِيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ .
وَفِي التَّفْرِيعِ : أَقَلُّ الْحَيْضِ خَمْسَةُ أَيَّامٍ فِي الْعِدَدِ ، وَالِاسْتِبْرَاءِ
لِعَبْدِ الْمَلِكِ . قَالَ
الْمَازِرِيُّ : قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : أَقَلُّهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ ، وَفِي الْكِتَابِ فِي كِتَابِ الِاسْتِبْرَاءِ إِذَا رَأَتِ الدَّمَ يَوْمًا ، أَوْ يَوْمَيْنِ ، فَتَسْأَلُ عَنْهُ النِّسَاءَ ، فَإِنْ قُلْنَ يَقَعُ بِهِ الِاسْتِبْرَاءُ اسْتَبْرَأَتْ بِهِ . قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ قَالَ :
مُحَمَّدُ بْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادَ : تَفْرِقَةُ مَالِكٍ بَيْنَ الْعَدَدِ ، وَالصَّلَاةِ اسْتِحْسَانٌ ، وَالْقِيَاسُ عَدَمُ التَّفْرِقَةِ ، فَتَكُونُ الدَّفْعَةُ تَحْرُمُ بِهَا الصَّلَاةُ ، وَتَنْقَضِي بِهَا الْعِدَّةُ ، فَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ ، وَبَعْضِ يَوْمٍ .
وَالْمَعْرُوفُ مِنَ الْمَذْهَبِ التَّفْرِقَةُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348372دَمُ الْحَيْضِ أَسْوَدُ يُعْرَفُ ، فَإِذَا رَأَيْتِ ذَلِكَ ، فَاتْرُكِي الصَّلَاةَ ) وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ) وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=687أَوَّلَ النِّفَاسِ غَيْرُ مَحْدُودٍ ، فَكَذَلِكَ
[ ص: 374 ] الْحَيْضُ ، وَأَمَّا الْعِدَدُ ، فَالْمَقْصُودُ مِنْهَا الْبَرَاءَةُ ، وَذَلِكَ لَا تَكْفِي فِيهِ الدَّفْعَةُ ; لِأَنَّ الشَّرْعَ قَدْ أَكَّدَ ذَلِكَ حَتَّى لَمْ يَكْتَفِ بِحَيْضَةٍ تَامَّةٍ ، فَضْلًا عَنِ الدَّفْعَةِ .
وَأَمَّا أَكْثَرُهُ ، فَخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا عَلَى الْمَنْصُوصِ ، وَاسْتَقْرَأَ
أَبُو الطَّاهِرِ مِنَ الْقَوْلِ بِإِضَافَةِ الِاسْتِظْهَارِ إِلَى الْخَمْسَةَ عَشَرَ أَنَّ أَكْثَرَهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ .
وَأَكْثَرُ الطُّهْرِ لَا حَدَّ لَهُ إِجْمَاعًا ، وَأَقَلُّهُ فِيهِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ : يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى الْعَادَةِ ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْكِتَابِ ، وَخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا عِنْدَ
مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ ، وَعَشَرَةٌ عِنْدَ
ابْنِ حَبِيبٍ ، وَثَمَانِيَةٌ
لِسَحْنُونَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12502وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ فِي الرِّسَالَةِ قَالَ : مِنْ ثَمَانِيَةٍ لِعَشَرَةٍ ، وَخَمْسَةٌ لِعَبْدِ الْمَلِكِ .
فِي الْجِلَابِ : وَالْمُسْتَنَدُ اخْتِلَافُ الْعَوَائِدِ عِنْدَ قَائِلِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ ، وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348373تَمْكُثُ إِحْدَاكُنَّ شَطْرَ عُمُرِهَا لَا تُصَلِّي ) وَالشَّطْرُ النِّصْفُ فَيَكُونُ الطُّهْرُ نِصْفَ شَهْرٍ ، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى جَعَلَ الْعِدَّةَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ بَدَلَ الْأَقْرَاءِ ، وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ أَكْثَرِهَا ، أَوْ أَقَلِّهَا ، وَأَكْثَرِ الطُّهْرِ ، وَأَقَلِّ الْحَيْضِ ، فَتَعَيَّنَ
nindex.php?page=treesubj&link=624أَكْثَرُ الْحَيْضِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=622وَأَقَلُّ الطُّهْرِ .
وَهَاهُنَا مُنَاسَبَاتٌ ، وَهِيَ : أَنَّ الْعَشَرَةَ نِهَايَةُ الْمَرْتَبَةِ الْأُولَى فِي الْعِدَدِ ، وَمَا فَوْقَهَا فَمُضَافٌ إِلَيْهَا ، فَكَانَتْ نِهَايَةَ أَقَلِّ الطُّهْرِ .
وَأَمَّا الثَّمَانِيَةُ ، فَلِأَنَّ الْعَشَرَةَ نِهَايَةٌ ، وَالْكَلَامُ فِي أَقَلِّ الطُّهْرِ فَيُنَاسِبُ أَقَلَّ مِنَ النِّهَايَةِ فَيَنْقُصُ مِنْهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ ، وَهُوَ اثْنَانِ .
تَنْبِيهٌ : يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348374تَمْكُثُ إِحْدَاكُنَّ نِصْفَ عُمُرِهَا ، وَشَطْرَ عُمُرِهَا لَا تُصَلِّي ) ، وَعَلَيْهِ أَسْئِلَةٌ :
أَحَدُهَا : أَنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّحِيحِ ، وَثَانِيهَا : أَنَّ أَيَّامَ الصِّبَا تَدْخُلُ فِيهِ فَيَسْقُطُ بِهِ الِاسْتِدْلَالُ ، وَثَالِثُهَا : أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ تَحِيضُ عَشَرَةً ، وَتَطْهُرُ عَشَرَةً اسْتَقَامَ ، فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى الْخَمْسَةَ عَشَرَ ، وَرَابِعُهَا : أَنَّ الْحَدِيثَ لَا عُمُومَ فِيهِ ، وَالدَّعْوَى عَامَّةٌ ، فَلَا يُفِيدُهَا .
[ ص: 375 ] فُرُوعٌ أَرْبَعَةٌ :
الْأَوَّلُ : الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ قَالَ فِي التَّلْقِينِ : يَمْنَعَانِ أَحَدَ عَشَرَ حُكْمًا :
nindex.php?page=treesubj&link=626وُجُوبَ الصَّلَاةِ ، وَصِحَّةَ فِعْلِهَا ،
nindex.php?page=treesubj&link=655_627وَفِعْلَ الصَّوْمِ دُونَ وُجُوبِهِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=638وَالْجِمَاعُ فِي الْفَرْجِ ، وَمَا دُونَهُ ،
nindex.php?page=treesubj&link=26702وَالْعِدَّةُ ،
nindex.php?page=treesubj&link=639_11750_11751وَالطَّلَاقُ ،
nindex.php?page=treesubj&link=654_632وَالطَّوَافُ ،
nindex.php?page=treesubj&link=629وَمَسُّ الْمُصْحَفِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=631وَدُخُولُ الْمَسْجِدِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=2578وَالِاعْتِكَافُ ، وَفِي
nindex.php?page=treesubj&link=628الْقِرَاءَةِ رِوَايَتَانِ . أَمَّا الْأَوَّلُ وَالثَّانِي فَبِالْإِجْمَاعِ .
فَرْعٌ : قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ : لَوْ بَقِيَ مِنَ النَّهَارِ رَكْعَةٌ ،
nindex.php?page=treesubj&link=653فَابْتَدَأَتْ تُصَلِّي الْعَصْرَ ، فَلَمَّا فَرَغَتِ الرَّكْعَةُ غَابَتِ الشَّمْسُ ، وَحَاضَتْ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سَحْنُونُ : تَقْضِيهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَحِضْ إِلَّا بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا كَمَا لَوْ لَمْ تُصَلِّهَا ، وَقَالَ
أَصْبَغُ : لَا تَقْضِيهَا ; لِأَنَّ مَا تَوَقَّعَهُ بَعْدَ الْغُرُوبِ لَوْ كَانَ زَمَنَ أَدَاءٍ لَكَانَتْ مَنْ إِذَا حَاضَتْ فِيهِ وَلَمْ تُصَلِّ الْعَصْرَ يَسْقُطُ عَنْهَا ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَمَعْنَاهُ : فَقَدْ أَدْرَكَ وَجُوبَهَا لِأَنَّهُ قَدْ لَا يُصَلِّيهَا ، فَلَا يَكُونُ أَدَاءً ، وَخَبَرُ الشَّرْعِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ صَادِقًا .
وَأَمَّا الثَّالِثُ : وَهُوَ وُجُوبُ الصَّوْمِ . قَالَ الْمَازِرِيُّ : أَنْكَرَهُ عَلَى الْقَاضِي جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ ; لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْوَاجِبِ مَا يُعَاقَبُ تَارِكُهُ ، وَالْحَائِضُ لَا تُعَاقَبُ عَلَى الصَّوْمِ ، وَالشَّيْءُ لَا يُوجَدُ بِدُونِ حَقِيقَتِهِ وَحْدَهُ ، فَلَا يَكُونُ الصَّوْمُ وَاجِبًا ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ ، وَوَافَقَ الْقَاضِيَ عَلَى ذَلِكَ
أَبُو الطَّاهِرِ ، وَجَمَاعَةٌ ، شُبْهَتُهُمْ أَمْرَانِ :
أَحَدُهُمَا أَنَّ الْحَائِضَ تَنْوِي الْقَضَاءَ إِجْمَاعًا ، وَالْقَضَاءُ فَرْعُ وُجُوبِ الْأَدَاءِ .
الثَّانِي : لَوْ كَانَ الصَّوْمُ لَا يَجِبُ أَدَاؤُهُ لَكَانَ وُجُوبُهُ مُنْشَأً فِي زَمَنِ الْقَضَاءِ ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا احْتَاجَتْ إِلَى إِضَافَتِهِ لِرَمَضَانَ السَّابِقِ .
وَجَوَابُ الْأَوَّلِ : أَنَّ الْقَضَاءَ فَرْعُ تَحَقُّقِ سَبَبِ وُجُوبِ الْأَدَاءِ لَا الْأَدَاءِ ، وَالسَّبَبُ مُتَحَقِّقٌ فِي حَقِّهَا ، وَهُوَ رُؤْيَةُ الْهِلَالِ .
[ ص: 376 ] وَجَوَابُ الثَّانِي : أَنَّ الْحَاجَةَ لِإِضَافَتِهِ لِمَا سَبَقَ لَتَعَيَّنَ نِسْبَتُهُ إِلَيْهِ ، فَإِنَّ الْوُجُوبَ يَثْبُتُ حَالَةَ الطُّهْرِ مُضَافًا لِذَلِكَ السَّبَبِ ، وَمَقْصُودُ النِّيَّةِ تَمْيِيزُ الْعِبَادَاتِ عَنِ الْعَادَاتِ ، أَوْ تَمْيِيزُ مَرَاتِبِ الْعِبَادَاتِ ، وَلَا تَمْيِيزَ لِهَذَا الصَّوْمِ إِلَّا بِسَبَبِهِ ، فَوَجَبَتْ إِضَافَتُهُ إِلَيْهِ كَمَا تُضَافُ الصَّلَوَاتُ إِلَى أَسْبَابِهَا .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=637_17313الْوَطْءُ ، فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ) فَحَرُمَ ، وَنَبَّهَ عَلَى سَبَبِ الْمَنْعِ ، وَهُوَ الْأَذَى ، وَهَذَا الظَّاهِرُ يَقْتَضِي اعْتِزَالَهُنَّ عَلَى الْإِطْلَاقِ ، وَقَدْ قَالَ بِهِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ ، لَا سِيَّمَا إِذَا قُلْنَا فِي الْمَحِيضِ اسْمُ زَمَانِ الْحَيْضِ ، فَإِنَّ هَذَا الْبِنَاءَ يَصْلُحُ لِلْمَصْدَرِ ، وَالزَّمَانِ ، وَالْمَكَانِ ، وَظَاهِرُ التَّعْلِيلِ يَقْتَضِي اقْتِصَارَ تَحْرِيمِ الْمُبَاشَرَةِ لِلْفَرْجِ فَقَطْ لَا سِيَّمَا إِنْ قُلْنَا إِنَّ الْمَحِيضَ اسْمُ مَكَانِ الْحَيْضِ ، وَهُوَ قَوْلُ
أَصْبَغَ ،
وَابْنِ حَبِيبٍ ، وَلَوْلَا السُّنَّةُ لَكَانَ النَّظَرُ مَعَهُمَا ; لِأَنَّ النُّصُوصَ تَتَّسِعُ عِلَلُهَا .
وَالْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ جَمَعَ بَيْنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، فَفِي الْمُوَطَّأِ وَالصَّحِيحَيْنِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348375عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَتْ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا أَمَرَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَأْتَزِرُ بِإِزَارٍ ، ثُمَّ يُبَاشِرُهَا ، وَفِي
أَبِي دَاوُدَ nindex.php?page=hadith&LINKID=10348376عَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُبَاشِرُ الْمَرْأَةَ مِنْ نِسَائِهِ ، وَهِيَ حَائِضٌ إِذَا كَانَ عَلَيْهَا إِزَارٌ يَبْلُغُ أَنْصَافَ الْفَخِذَيْنِ ، أَوِ الرُّكْبَتَيْنِ .
فَائِدَتَانِ :
الْأُولَى : سَبَبُ سُؤَالِهِمْ لَهُ حَتَّى نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ) فَقِيلَ : كَانُوا يَعْتَزِلُونَ مَوَاضِعَ الْحُيَّضِ كَالْيَهُودِ ، فَسَأَلُوا عَنْ ذَلِكَ ، فَأَخْبَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْحَرَامَ الْجِمَاعُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222فِي الْمَحِيضِ ) يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فِي الْآيَةِ أَمْرَانِ : أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ ) وَالْمُرَادُ بِالْإِتْيَانِ الْوَطْءُ ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمَمْنُوعَ مِنْهُ هُوَ الْوَطْءُ ، وَأَنَّهُ هُوَ الْمُغَيَّا بِحَتَّى لِيَلْتَئِمَ السِّيَاقُ ، وَثَانِيهِمَا : أَنَّا نَحْمِلُ الْمَحِيضَ عَلَى اسْمِ مَكَانِ الْحَيْضِ ، وَقِيلَ : سَأَلُوا لِأَنَّهُمْ يَجْتَنِبُونَ
[ ص: 377 ] الْحُيَّضَ فِي الْقُبُلِ ، وَيَأْتُونَهُنَّ فِي الدُّبُرِ ، فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِالِاعْتِزَالِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ ، وَأَبَاحَ بَعْدَ الطُّهْرِ الْقُبُلَ فَقَطْ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ) .
الثَّانِيَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=663لَيْسَ عَلَى وَاطِئِ الْحَائِضِ كَفَّارَةٌ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ لَوَازِمِ التَّحْرِيمِ بِدَلِيلِ الْغَصْبِ ، وَالْغَيْبَةِ ، وَالنَّمِيمَةِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ ، فَلَا بُدَّ حِينَئِذٍ مِنْ دَلِيلٍ يُقَرِّرُهَا ، وَلَمْ يُوجَدْ فَيُقَرَّرَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وَابْنُ حَنْبَلٍ ، وَجَمَاعَةٌ : يُكَفِّرُ ، وَأَوْجَبَ الْحَسَنُ كَفَّارَةَ رَمَضَانَ ،
وَأَحْمَدُ يُخَيِّرُهُ بَيْنَ دِينَارٍ ، وَنِصْفِ دِينَارٍ ،
وَقَتَادَةُ يُوجِبُ بِإِصَابَتِهِ فِي الدَّمِ دِينَارَيْنِ ، وَبَعْدَ انْقِطَاعِهِ نِصْفَ دِينَارٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ يُوجِبُ إِنْ أَصَابَهَا أَوَّلَ الدَّمِ دِينَارًا ، وَفِي آخِرِهِ نِصْفَ دِينَارٍ ، وَلَعَلَّ هَذِهِ الْأُمُورَ مِنْهُمُ اسْتِحْسَانٌ لِدَفْعِ السَّيِّئَةِ بِالْحَسَنَةِ .
فَرْعٌ : فِي الْجَوَاهِرِ : يَحْرُمُ
nindex.php?page=treesubj&link=26634وَطْؤُهَا بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ ، وَقَبْلَ الْغُسْلِ خِلَافًا
لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي إِبَاحَتِهِ ذَلِكَ إِذَا انْقَضَى أَكْثَرُ الْحَيْضِ ، وَهُوَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ عِنْدَهُ ، أَوْ وُجِدَ مَعْنًى يُنَافِي حُكْمَ الْحَيْضِ مِثْلَ حُضُورِ آخِرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ ; لِأَنَّ الْوُجُوبَ عِنْدَهُ مُتَعَلِّقٌ بِآخِرِ الْوَقْتِ ، أَوْ يَتَيَمَّمُ لِلصَّلَاةِ ، وَوَافَقَهُ
ابْنُ بُكَيْرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي الْإِبَاحَةِ .
لَنَا : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ ) فَاشْتَرَطَ انْقِطَاعَ الدَّمِ ، وَالْغُسْلَ ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْغُسْلُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) مَدْحًا وَحَثًّا عَلَى التَّطْهِيرِ ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُكْتَسَبٌ ، وَانْقِطَاعُ الدَّمِ لَيْسَ بِمُكْتَسَبٍ .
وَأَمَّا قَوْلُ
أَبِي حَنِيفَةَ : إِنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ الدَّمُ فَيَزُولُ بِزَوَالِ عِلَّتِهِ فَيُشْكِلُ عَلَيْهِ بِانْقِطَاعِهِ قَبْلَ الْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ ، فَلَوْ تَيَمَّمَتْ عَلَى مَذْهَبِنَا ، فَفِي جَوَازِ وَطْئِهَا بَعْدَ أَيَّامِ الدَّمِ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ هَلْ يَرْفَعُ الْحَدَثَ أَمْ لَا .
[ ص: 378 ] فَرْعٌ : فِي الْكِتَابِ :
nindex.php?page=treesubj&link=26634يُجْبِرُ الْمُسْلِمُ زَوْجَتَهُ الذِّمِّيَّةَ عَلَى غُسْلِ الْحَيْضِ دُونَ الْجَنَابَةِ لِأَنَّهُ لَا يَطَؤُهَا حَتَّى تَغْسِلَ ، وَعَنْ
مَالِكٍ فِي غَيْرِ الْكِتَابِ لَا يُجْبِرُهَا ; لِأَنَّ الْغُسْلَ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ هُوَ الْغُسْلُ الشَّرْعِيُّ ، وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ مِنْهَا لِأَنَّهَا لَا تَنْوِي الْوُجُوبَ ، قِيلَ : هُوَ يَنْوِي عَنْهَا ، فَقِيلَ : كَيْفَ يَنْوِي الْإِنْسَانُ عَنْ غَيْرِهِ ؟ قِيلَ : كَغُسْلِ الْمَيِّتِ ؛ يَنْوِي غَيْرُ الْمَغْسُولِ .
أُجِيبَ : بِأَنَّ غُسْلَ الْمَيِّتِ فِعْلُ النَّاوِي ، فَلِذَلِكَ صَحَّتْ نِيَّتُهُ ، فَإِنَّ نِيَّةَ الْإِنْسَانِ إِنَّمَا تُخَصِّصُ فِعْلَهُ دُونَ فِعْلِ غُسْلِ غَيْرِهِ ، وَغُسْلُ الذِّمِّيَّةِ لَيْسَ فِعْلَ الزَّوْجِ ، فَنِّيَّتُهُ لَهُ كَنِيَّتِهِ لِصَلَاةِ غَيْرِهِ ، وَأَمَّا غُسْلُ الْمَيِّتِ فَفِعْلُ النَّاوِي ، فَظَهَرَ الْفَرْقُ ، وَعُلِمَ أَنَّ الْمُمْكِنَ مِنَ الذِّمِّيَّةِ لَيْسَ هُوَ شَرْطَ الْوَطْءِ ، وَشَرْطُ الْوَطْءِ لَيْسَ مُمْكِنًا مِنْهَا حَالَةَ الْكُفْرِ ، وَفِي هَذَا الْمَقَامِ اضْطَرَبَتْ آرَاءُ الْأَصْحَابِ ، وَتَزَلْزَلَتْ عَلَيْهِمُ الْقَوَاعِدُ ، فَرَأَوْا أَنَّ أَحَدَ الْإِشْكَالَيْنِ لَازِمٌ : إِمَّا إِبَاحَةُ الْوَطْءِ بِدُونِ شَرْطِهِ ، أَوِ اعْتِقَادُ مَا لَيْسَ بِشَرْطٍ شَرْطًا ، وَكَشْفُ الْغِطَاءِ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ تَقُولَ :
قَاعِدَةٌ : خِطَابُ الشَّرْعِ قِسْمَانِ : خِطَابُ وَضْعٍ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى عِلْمِ الْمُكَلَّفِ ، وَلَا قُدْرَتِهِ ، وَلَا إِرَادَتِهِ ، وَلَا نِيَّتِهِ ، وَهُوَ الْخِطَابُ بِالْأَسْبَابِ ، وَالشُّرُوطِ ، وَالْمَوَانِعِ ، وَخِطَابُ تَكْلِيفٍ يَفْتَقِرُ إِلَى ذَلِكَ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ ، وَالْغُسْلُ مِنَ الْحَيْضِ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى خِطَابَانِ : خِطَابُ وَضْعٍ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ شَرْطٌ ، وَخِطَابُ تَكْلِيفٍ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ عِبَادَةٌ ، وَالْخِطَابُ الثَّانِي هُوَ الْمُحْتَاجُ إِلَى النِّيَّةِ ، فَعَدَمُ النِّيَّةِ يَقْدَحُ فِيهِ دُونَ الْأَوَّلِ فَيَبْطُلُ كَوْنُ هَذَا الْغُسْلِ عِبَادَةً ، وَيَبْقَى كَوْنُهُ شَرْطًا ، وَلَا يَلْزَمُ إِبَاحَةُ الْمُسْلِمَةِ إِذَا اغْتَسَلَتْ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ لِأَنَّهَا مُكَلَّفَةٌ بِخِلَافِ الذِّمِّيَّةِ ، وَكَانَ الْأَصْلُ إِبَاحَتَهَا ، خُولِفَ الدَّلِيلُ ثَمَّتَ فَيَبْقَى هَا هُنَا عَلَى مُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=629مَسُّ الْمُصْحَفِ ، فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=79لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ) ، وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ
لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348377لَا يَمَسُّ الْمُصْحَفَ إِلَّا طَاهِرٌ .
[ ص: 379 ] وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=631الْمَسْجِدُ ، فَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348378لَا يَحِلُّ الْمَسْجِدُ لِحَائِضٍ ، وَلَا جُنُبٍ . قَالَ
الْمَازِرِيُّ : وَأَجَازَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13521ابْنُ مَسْلَمَةَ ، وَقَالَ : هُمَا طَاهِرَانِ ، وَإِنَّمَا يُخْشَى مِنْ دَمِ الْحَيْضِ .
وَأَمَّا جَوَازُ
nindex.php?page=treesubj&link=628الْقِرَاءَةِ ، فَلِمَا يُرْوَى عَنْ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ ، وَهِيَ حَائِضٌ ، وَالظَّاهِرُ اطِّلَاعُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَأَمَّا الْمَنْعُ ، فَقِيَاسًا عَلَى الْجُنُبِ ، وَالْفَرْقُ لِلْأَوَّلِ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَنَّ الْجَنَابَةَ مُكْتَسَبَةٌ ، وَزَمَانُهَا لَا يَطُولُ بِخِلَافِ الْحَيْضِ .
فُرُوعٌ :
الْأَوَّلُ : قَالَ صَاحِبُ النُّكَتِ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=26634وَقَعَ دَمُ الْحَيْضِ ، وَلَمْ تَغْتَسِلْ ، فَهِيَ كَالْجُنُبِ فِي الْمَنْعِ مِنَ الْقِرَاءَةِ ، وَالْوُضُوءِ لِلنَّوْعِ لِأَنَّهَا مَلَكَتْ أَمْرَهَا .
الثَّانِي : قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ :
nindex.php?page=treesubj&link=26521إِذَا رَأَتِ الدَّمَ قَبْلَ أَيَّامِ حَيْضَتِهَا قَبْلَ وَقْتِ الْعَادَةِ إِنْ كَانَ حَيْضُهَا مِنَ الْأَمَامِ مَا يَمْنَعُ الْإِصَابَةَ جُعِلَ حَيْضًا ، وَإِلَّا كَانَ حَيْضَةً وَاحِدَةً . قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ : وَفِي الْقَدْرِ الْمَانِعِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ : أَحَدُهَا مَا فِي الْكِتَابِ مِنَ الْإِحَالَةِ عَلَى الْعُرْفِ ، وَالْأَرْبَعَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ .
الثَّالِثُ : إِذَا انْقَطَعَتِ الْحَيْضَةُ ، فَحَاضَتْ يَوْمًا ، وَطَهُرَتْ يَوْمًا قَالَ فِي الْكِتَابِ : تُلْغِي أَيَّامَ النَّقَاءِ خِلَافًا لِأَبِي ح ، فَإِذَا كَمُلَ مِنْ أَيَّامِ الدَّمِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ قَالَ أَيْضًا فِي الْكِتَابِ : تُلَفِّقُ مِنْ أَيَّامِ الدَّمِ أَيَّامَهَا ، وَتَسْتَطْهِرُ بِثَلَاثٍ ، وَالْأَيَّامُ الَّتِي تُلْغَى هِيَ فِيهَا طَاهِرٌ تُصَلِّي ، وَيَأْتِيهَا زَوْجُهَا ، ثُمَّ هِيَ مُسْتَحَاضَةٌ تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ ، وَتَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ إِذَا انْقَطَعَ الدَّمُ إِذْ لَعَلَّهُ لَا يَرْجِعُ إِلَيْهَا ، وَلَا تَكُونُ حَائِضًا بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ تَتَيَقَّنَ دَمَ الْحَيْضِ . قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ : وَأَمَّا قَوْلُهُ تَسْتَطْهِرُ يَرِدُ إِذَا كَانَتْ دُونَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ ، وَفِيهَا خَمْسَةُ أَقْوَالِ الَّتِي تَأْتِي فِي الْمُعْتَادَةِ إِذَا جَاوَزَ دَمُهَا عَادَتَهَا ، وَأَمَّا قَوْلُهُ : تَكُونُ مُسْتَحَاضَةً ، فَخَالَفَ فِيهِ
nindex.php?page=showalam&ids=13521ابْنُ مَسْلَمَةَ عَلَى تَفْصِيلٍ ، فَإِنَّ أَقَلَّ الطُّهْرِ عِنْدَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ، فَإِذَا مَضَى
[ ص: 380 ] مِنَ الْأَيَّامِ أَكْثَرُ الْحَيْضِ ، وَأَقَلُّ الطُّهْرِ كَانَ الْآتِي بَعْدَ ذَلِكَ حَيْضًا تَامًّا ، وَتُلَفِّقُ أَيَّامَ الطُّهْرِ كَمَا يُلَفِّقُ الْحُيَّضُ ، فَإِذَا كَانَ الْحَيْضُ يَوْمًا بِيَوْمٍ لَفَّقَتْ مِنْ أَيَّامِ الدَّمِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ، وَلَا تَكُونُ مُسْتَحَاضَةً ، وَإِنْ كَانَ الْحَيْضُ يَوْمًا ، وَالطُّهْرُ يَوْمَيْنِ لَمْ تُلَفِّقْ أَيَّامَ
nindex.php?page=treesubj&link=650الْحَيْضِ ، وَإِلَّا فَقَدْ بَقِيَ أَقَلُّ مِنْ أَقَلِّ الطُّهْرِ ، فَتَكُونُ مُسْتَحَاضَةً .
وَضَابِطُهُ : أَنَّ أَيَّامَ الدَّمِ إِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ أَيَّامِ الطُّهْرِ ، فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ ; لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَحِيضُ أَكْثَرَ مِنْ زَمَنِ طُهْرِهَا ، وَإِنْ كَانَ زَمَنُ الطُّهْرِ أَكْثَرَ ، أَوْ مُسَاوِيًا ، فَهِيَ عِنْدَهُ حَائِضٌ بَعْدَ ذَلِكَ فِي أَيَّامِ الدَّمِ ، وَطَاهِرٌ فِي أَيَّامِ الِانْقِطَاعِ ، وَالْمَذْهَبُ أَظْهَرُ لِأَنَّهُ إِذَا يُعْلَمُ أَنَّ الدَّمَ الْأَوَّلَ وَالْأَخِيرَ حَيْضَةٌ ، فَالْأَيَّامُ الْمُتَخَلِّلَةُ لَيْسَتْ فَاصِلَةً بَيْنَ حَيْضَيْنِ ، فَلَا يَكُونُ طُهْرًا .
حُجَّةُ
أَبِي حَنِيفَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ أَنَّ حَدَّ الطُّهْرِ غَيْرُ مَوْجُودٍ هَا هُنَا فَيَلْزَمُ انْتِفَاءُ الْمَحْدُودِ ، فَلَا يَكُونُ يَوْمُ النَّقَاءِ طُهْرًا ، فَيَكُونُ حَيْضًا إِذْ لَا وَاسِطَةَ .
جَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنَّ الطُّهْرَ مَحْدُودٌ بِحَسَبِ الْعَدَدِ لَا بِحَسَبِ الْعِبَادَةِ ، وَثَانِيهِمَا : أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبَا حَنِيفَةَ قَدْ يُجَوِّزُ وَطْأَهَا فِي يَوْمِ النَّقَاءِ إِذَا اغْتَسَلَتْ ، أَوْ تَيَمَّمَتْ ، وَذَلِكَ دَلِيلُ الطُّهْرِ ، وَأَمَّا قَوْلُهُ تَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ ، فَلِمَا فِي
أَبِي دَاوُدَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
nindex.php?page=treesubj&link=678_680إِذَا رَأَتِ الْمُسْتَحَاضَةُ الطُّهْرَ وَلَوْ سَاعَةً فَلْتَغْتَسِلْ .
فَرْعَانِ مُرَتَّبَانِ :
الْأَوَّلُ : قَوْلُ
ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ : إِذَا رَأَتِ الدَّمَ فِي الْيَوْمِ ، وَلَوْ سَاعَةً حَسِبَتْهُ مِنْ أَيَّامِ الدَّمِ ، وَإِنِ اغْتَسَلَتْ فِي بَاقِيهِ وَصَلَّتْ .
الثَّانِي : لَوْ طَلَّقَهَا فِي إِبَّانِ النَّقَاءِ قَالَ
التُّونِسِيُّ : مُخَيَّرٌ عَلَى رَجَعْتِهَا ، وَفِي النُّكَتِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الشُّيُوخِ : لَا يُخَيَّرُ لِأَنَّهُ زَمَانٌ يَجُوزُ الْوَطْءُ فِيهِ ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) أَيْ لِاسْتِقْبَالِهَا ، وَهَذِهِ لَا تَسْتَقْبِلُ عِدَّتَهَا .
[ ص: 381 ] الرَّابِعُ : قَالَ فِي الْكِتَابِ :
nindex.php?page=treesubj&link=661عَلَامَةُ الطُّهْرِ الْقَصَّةُ الْبَيْضَاءُ إِنْ كَانَتْ تَرَاهَا ، وَإِلَّا فَالْجُفُوفُ . قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : وَهِيَ أَنْ تُدْخِلَ الْخِرْقَةَ جَافَّةً ، فَتَخْرُجُ جَافَّةً كَذَلِكَ .
وَالْقَصَّةُ بِفَتْحِ الْقَافِ ، وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ مِنَ الْقَصِّ بِفَتْحِ الْقَافِ ، وَهُوَ الْجِيرُ ، وَمِنْهُ نَهْيُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=2232تَقْصِيصِ الْقُبُورِ ، وَرَوَى
ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ أَنَّهَا تُشْبِهُ الْبَوْلَ ، وَرَوَى أَنَّهَا تُشْبِهُ الْمَنِيَّ ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ مُخْتَلِفٌ فِي النِّسَاءِ . قَالَ
ابْنُ يُونُسَ : وَرَوَى
ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهَا إِنْ رَأَتِ الْجُفُوفَ ، وَعَادَتُهَا الْقَصَّةُ ، فَلَا تُصَلِّي حَتَّى تَرَاهَا إِلَّا أَنْ يَطُولَ ذَلِكَ قَالَ : قَالَ
أَبُو مُحَمَّدٍ : الطُّولُ خَوْفُ فَوَاتِ الصَّلَاةِ ، وَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ الِاخْتِيَارِيُّ ، أَوْ هُوَ الضَّرُورِيُّ ؟ قَالَ : قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا : لَا تَنْتَظِرُ زَوَالَ الْقَصَّةِ بَلْ تَغْتَسِلُ إِذَا رَأَتْهَا لِأَنَّهَا عَلَامَةُ الطُّهْرِ ، قَالَ : قَالَ
ابْنُ حَبِيبٍ : مَنْ عَادَتُهَا الْجُفُوفُ لَا تَطْهُرُ بِالْقَصَّةِ ، وَمَنْ عَادَتُهَا الْقَصَّةُ تَطْهُرُ بِالْجُفُوفِ ; لِأَنَّ الْحَيْضَ دَمٌ ، ثُمَّ صُفْرَةٌ ، ثُمَّ تَرِيَّةٌ ، ثُمَّ كُدْرَةٌ ، ثُمَّ قَصَّةٌ ، ثُمَّ جَفَافٌ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13256ابْنُ شَاسٍ : قَالَ الْقَاضِي
أَبُو مُحَمَّدٍ : كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَامَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فِي حَقِّ مَنِ اعْتَادَتْهَا فَيَكُونُ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ، وَيَدُلُّ لِلْمَذْهَبِ عَلَى أَنَّ الْقَصَّةَ أَبْلَغُ أَنَّهَا مُتَّصِلَةٌ بِدَاخِلِ الرَّحِمِ ، وَالْخِرْقَةُ لَا تَصِلُ إِلَى ذَلِكَ ، وَقَوْلُ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : لَا تَعْجَلِينَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ . قَالَ
ابْنُ يُونُسَ : قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : لَا تَطْهُرُ حَتَّى تَرَى الْجَفَافَ ، ثُمَّ تَجْرِي بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ عَادَتِهَا . قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ : وَيَتَخَرَّجُ فِيهَا قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا أَنَّهَا لَا تَغْتَسِلُ حَتَّى تَرَى الْقَصَّةَ لِأَنَّهَا أَبْلَغُ ، وَالثَّانِي : أَنَّهَا تَنْتَظِرُ عَادَةَ أَقَارِبِهَا مِنْ أَهْلِهَا ، فَإِنْ رَأَتْ عَادَتَهُنَّ اتَّبَعَتْهَا ، وَإِلَّا كَانَتْ عَلَى حُكْمَيْنِ إِذَا رَأَتْ خِلَافَ عَادَتِهِنَّ ، فَإِنِ اخْتَلَفَ أَقَارِبُهَا ، فَأَخَوَاتُهَا أَقْرَبُ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ، فَأُمُّهَا ، وَخَالَاتُهَا أَقْرَبُ مِنْ عَمَّاتِهَا .
فُرُوعٌ ثَلَاثَةٌ :
الْأَوَّلُ : قَالَ
عَبْدُ الْمَلِكِ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=659اغْتَسَلَتْ مِنْ حَيْضٍ ، أَوْ نِفَاسٍ ، ثُمَّ رَأَتْ قَطْرَةَ دَمٍ ، أَوْ غُسَالَتَهُ لَمْ تُعِدِ الْغُسْلَ ، وَتَتَوَضَّأُ ، وَهَذِهِ تُسَمَّى التَّرِيَّةَ - بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ ، وَكَسْرِ
[ ص: 382 ] الرَّاءِ ، وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ - لِقَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=62أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348379كُنَّا لَا نَعُدُّ الصُّفْرَةَ ، وَالْكُدْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ شَيْئًا ) وَفِي الْكِتَابِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابْنِ شِهَابٍ : لَا تُصَلِّي مَا دَامَتْ تَرَى التِّرِيَّةَ شَيْئًا مِنْ حَيْضٍ أَوْ حَمْلٍ لِأَنَّهُ دَمٌ مِنَ الرَّحِمِ ، وَقِيَاسًا عَلَى مَا إِذَا تَمَادَى يَوْمًا ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّهَا لَا تَعُدُّهُمَا طُهْرًا .
الثَّانِي : قَالَ صَاحِبُ الطَّرَّازِ : إِنْ خَرَجَتِ الْخِرْقَةُ بِالدَّمِ ، وَحَشَتْ غَيْرَهَا ، ثُمَّ أَخْرَجَتْهَا آخِرَ النَّهَارِ جَافَّةً كَانَتْ طَاهِرًا مِنْ قَبْلِ هَذَا الْحَشْوِ بِخِلَافِ مَا إِذَا رَأَتْ فِي الْحَشْوِ الثَّانِي الْقَصَّةَ ، فَإِنَّهَا تَكُونُ طَاهِرًا مِنْ حِينِ خُرُوجِهَا لِأَنَّهَا مِنْ تَوَابِعِ الدَّمِ كَالصَّدِيدِ ، ثُمَّ عَلَيْهَا اعْتِبَارُ حَالِ خُرُوجِهَا ، فَإِنْ تَيَقَّنَتْهُ ، وَإِلَّا عَمِلَتْ بِالْأَحْوَطِ .
الثَّالِثُ : قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ : قَالَ
مَالِكٌ : لَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَقُومَ قَبْلَ الْفَجْرِ لِتَنْظُرَ طُهْرَهَا ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ ، وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ مَصَابِيحُ ، قَالَ : وَالْقِيَاسُ ذَلِكَ لَكِنَّ الْعَمَلَ أَسْقَطَهُ ، فَتَعْتَبِرُهُ عِنْدَ إِرَادَةِ النَّوْمِ ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَتْ بَعْدَ الْفَجْرِ ، وَهِيَ طَاهِرٌ ، وَحَزَرَتْ تَقَدُّمَهُ مِنَ اللَّيْلِ عَمِلَتْ عَلَى مَا قَامَتْ عَلَيْهِ ، وَلَا تَقْضِي الصَّلَاةَ حَتَّى تَتَيَقَّنَ الطُّهْرَ ، وَيَجِبُ عَلَيْهَا أَيْضًا أَنْ تَنْظُرَ عِنْدَ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ فِي أَوَائِلِهَا وُجُوبًا مُوَسَّعًا ، وَفِي أَوَاخِرِهَا وُجُوبًا مُضَيَّقًا بِقَدْرِ مَا يُمْكِنُهَا أَنْ تَغْتَسِلَ ، وَتُصَلِّيَ ، وَرَوَى صَاحِبُ الْمُنْتَقَى عَنْ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِنْكَارَ قِيَامِ النِّسَاءِ بِالْمَصَابِيحِ بِاللَّيْلِ فَيَتَفَقَّدْنَ الطُّهْرَ ، وَقَالَتْ : لَمْ يَكُنِ النِّسَاءُ يَفْعَلْنَ ذَلِكَ ، وَهِيَ أَكْثَرُ عِلْمًا وَدِينًا .