nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6nindex.php?page=treesubj&link=28975_33624ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا أي ولا تأكلوا أموال اليتامى مسرفين في الإنفاق منها ، ولا مبادرين كبرهم إليها ، أي مسابقين الكبر في السن الذي يأخذونها به من أيديكم فتكونوا طالبين لأكل هذا المال كما يطلبه كبر سن صاحبه فيكون السابق هو الذي يظفر به .
قال الأستاذ الإمام : إن النهي عن أكل أموال اليتامى إسرافا وبدارا هو كالأمر قبله تفصيل للآية الناهية عن أكل أموال اليتامى إلى أموال الأولياء . وقد قيد النهي هنا بالإسراف وهو صرف مال اليتيم في غير محله ولو على اليتيم نفسه . وسمى هذا أكلا لأنه إضاعة ، والأكل يطلق على إضاعة الشيء ، ولكن ضم مال اليتيم إلى مال الولي لا يسمى إسرافا ، وقيده أيضا بالبدار والمسابقة لكبر اليتيم ; لأن الولي الضعيف الذمة يستعجل ببعض التصرفات في مال اليتيم التي له منها منفعة لئلا تفوته إذا كبر اليتيم ، وأخذ ماله ، فهاتان الحالان : الإسراف وبدار ومسابقة كبر اليتيم ببعض التصرف ، هما من مواضع الضعف التي تعرض للإنسان ، فنبه الله - تعالى - عليهما ، ونهى عنهما ليراقب الولي ربه فيهما إذا عرضتا له .
أقول : إن من دقق النظر في هاتين الحالين ، ووقف على تصرف الأولياء فيهما يرى أنهما مما يعرض فيه التأويل ومخادعة النفس للإنسان لاختلاف الناس في حد الإسراف ، وخفاء وجه منفعة الولي في المسابقة إلى بعض الأعمال في مال اليتيم ، وما كان موضع خلاف ، وخفاء لا ينكره ، ولا ينتقده جمهور الناس ، ومن أنكره يسهل الرد عليه ، وتأول ما فعله الولي ، والقول بأنه تصرف وضع في محله ، وعمل في وقته ، ومثل هذا مما قد تغش الولي فيه نفسه حتى يصدق أنه لا حرج فيه ، وقد يعلم أنه تصرف غير جائز في الباطن ، ويكتفي بأنه لا يمكن أن يماري فيه أحد مراء ظاهرا تتضح فيه خيانته ; فلأجل هذا ، وذاك صرح الكتاب الحكيم بالنهي عنه ليتدبره أولو الألباب .
أما الأكل منها بغير إسراف ولا مبادرة خوف أخذها عند البلوغ والرشد - كما هو شأن الخائن - فقد ذكر حكمه في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف أي فمن كان منكم غنيا غير محتاج إلى مال اليتيم الذي في حجره ، وتحت ولايته فليعف عن الأكل من ماله ، أو ليطالب نفسه ويحملها على العف عنه نزاهة وشرف
[ ص: 319 ] نفس . ومن كان فقيرا لا يستغني عن الانتفاع بشيء من مال اليتيم الذي يصرف بعض وقته ، أو كله في تثميره ، وحفظه فليأكل منه بالمعروف الذي يبيحه الشرع ولا يستنكره أهل المروءة ، والفضل ، ولا يعدونه طمعا ، ولا خيانة .
وقد اختلف المفسرون ، والفقهاء في
nindex.php?page=treesubj&link=33309الأكل بالمعروف الذي أذن الله به للولي الفقير فقيل : هو القرض يأخذه بنية الوفاء ، وروي هذا عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس - رضي الله عنهم - ، وعبارة الأخير في بعض روايات
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير : إن كان غنيا فلا يحل له من مال اليتيم أن يأكل منه شيئا ، وإن كان فقيرا فليستقرض منه ; فإن وجد ميسرة فليعطه ما استقرض منه فذلك أكله بالمعروف . وقال مثله
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، وزاد : وإن حضره الموت ولم يوسر يتحلله من اليتيم ، وإن كان صغيرا يتحلله من وليه ; وهو يعني وليه الذي يكون بعده . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي لا يأكله إلا أن يضطر إليه كما يضطر إلى الميتة ، فإن أكل منه شيئا قضاه . واختلفوا في كيفية هذا الأكل بالمعروف فعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس يأكل بأطراف أصابعه . ووضحه
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، فقال : يأكل معه بأصابعه لا يسرف في الأكل ، ولا يلبس . وعن
عكرمة أنه قال : يدك مع أيديهم ، ولا تتخذ منه قلنسوة ، وقال بعضهم : الأكل بالمعروف : هو ما سد الجوعة ووارى العورة . أي قدر الضرورة من الطعام ، والكسوة . وقال آخرون : هو أن يأكل من غلة المال كلبن الماشية ، وصوفها ، وثمرات الشجر ، وغلة الزرع ولا يأخذ من رقبة المال شيئا . وقال غيره : يأخذ قدر كفايته ، وعن
عطاء : يضع يده مع أيديهم فيأكل معهم كقدر خدمته وقدر عمله . ومن هنا قال بعض الفقهاء : إن له أجر مثله من مال اليتيم الذي يتولى تدبير أمواله ، وهذا هو الذي اختاره
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير فقال : إن الأمة مجمعة على أن مال اليتيم ليس مالا للولي فليس له أن يأكل منه شيئا ، ولكن له أن يستقرض منه عند الحاجة كما يستقرض له ، وله أن يؤاجر نفسه لليتيم بأجرة معلومة إذا كان اليتيم محتاجا إلى ذلك ، كما يستأجر له غيره من الأجراء غير مخصوص بها حال غنى ولا حال فقر اهـ . يعني أن الأكل بالمعروف هو القرض والأجرة ، ولا يباح أكل شيء منه بلا غوص كسائر أموال الناس . قال : وكذلك الحكم في
nindex.php?page=treesubj&link=14669_14659أموال المجانين والمعاتيه ، ولكن ما ذكر في كيفية الأكل لا يظهر في الاستقراض ، وقد يظهر في الأجرة .
وأقول : من الحديث المرفوع في المسألة أن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003182ليس لي مال ، وإني ولي يتيم ، فقال : كل من مال يتيمك غير مسرف ، ولا متأثل مالا ، ومن غير أن تقي مالك بماله رواه
أحمد ،
وأبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه . ووجهه أن اليتيم يكون في بيت الولي كولده والخير له في تربيته أن يخالطه الولي هو وأهله في المؤاكلة ، والمعاشرة ، فإذا كان الولي غنيا ، ولا طمع له في ماله كان اليتيم هو الرابح من هذه المخالطة ، وإن كان يصرف فيها شيء من ماله بقدر حاجته ، وإن كان الولي فقيرا فإنه لا يستغني عن
[ ص: 320 ] إصابة بعض ما يحتاج إليه من مال اليتيم الغني الذي في حجره ، فإذا أكل من طعامه ، وثمره ما جرى به العرف بين الخلطاء غير مصيب من رقبة المال شيئا ، ولا متأثل لنفسه منه عقارا ، ولا مالا آخر ، ولا مستخدما ماله في مصالحه ومرافقه كان في ذلك آكلا بالمعروف ، هذا هو المختار عندي ، وراجع تفسير
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم [ 2 : 220 ] في الجزء الثاني من التفسير [ ص271 وما بعدها ج 2 ط الهيئة المصرية العامة للكتاب ] .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6nindex.php?page=treesubj&link=28975_33624وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا أَيْ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَ الْيَتَامَى مُسْرِفِينَ فِي الْإِنْفَاقِ مِنْهَا ، وَلَا مُبَادِرِينَ كِبَرَهُمْ إِلَيْهَا ، أَيْ مُسَابِقِينَ الْكِبَرَ فِي السِّنِّ الَّذِي يَأْخُذُونَهَا بِهِ مِنْ أَيْدِيكُمْ فَتَكُونُوا طَالِبِينَ لِأَكْلِ هَذَا الْمَالِ كَمَا يَطْلُبُهُ كِبَرُ سِنِّ صَاحِبِهِ فَيَكُونُ السَّابِقُ هُوَ الَّذِي يَظْفَرُ بِهِ .
قَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ : إِنَّ النَّهْيَ عَنْ أَكْلِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى إِسْرَافًا وَبِدَارًا هُوَ كَالْأَمْرِ قَبْلَهُ تَفْصِيلٌ لِلْآيَةِ النَّاهِيَةِ عَنْ أَكْلِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى إِلَى أَمْوَالِ الْأَوْلِيَاءِ . وَقَدْ قَيَّدَ النَّهْيَ هُنَا بِالْإِسْرَافِ وَهُوَ صَرْفُ مَالِ الْيَتِيمِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَلَوْ عَلَى الْيَتِيمِ نَفْسِهِ . وَسَمَّى هَذَا أَكْلًا لِأَنَّهُ إِضَاعَةٌ ، وَالْأَكْلُ يُطْلَقُ عَلَى إِضَاعَةِ الشَّيْءِ ، وَلَكِنَّ ضَمَّ مَالَ الْيَتِيمِ إِلَى مَالِ الْوَلِيِّ لَا يُسَمَّى إِسْرَافًا ، وَقَيَّدَهُ أَيْضًا بِالْبِدَارِ وَالْمُسَابَقَةِ لِكِبَرِ الْيَتِيمِ ; لِأَنَّ الْوَلِيَّ الضَّعِيفَ الذِّمَّةِ يَسْتَعْجِلُ بِبَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ الَّتِي لَهُ مِنْهَا مَنْفَعَةٌ لِئَلَّا تَفُوتَهُ إِذَا كَبِرَ الْيَتِيمُ ، وَأَخَذَ مَالَهُ ، فَهَاتَانِ الْحَالَانِ : الْإِسْرَافُ وَبِدَارٌ وَمُسَابَقَةُ كِبَرِ الْيَتِيمِ بِبَعْضِ التَّصَرُّفِ ، هُمَا مِنْ مَوَاضِعِ الضَّعْفِ الَّتِي تَعْرِضُ لِلْإِنْسَانِ ، فَنَبَّهَ اللَّهُ - تَعَالَى - عَلَيْهِمَا ، وَنَهَى عَنْهُمَا لِيُرَاقِبَ الْوَلِيُّ رَبَّهُ فِيهِمَا إِذَا عَرَضَتَا لَهُ .
أَقُولُ : إِنَّ مَنْ دَقَّقَ النَّظَرَ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَيْنِ ، وَوَقَفَ عَلَى تَصَرُّفِ الْأَوْلِيَاءِ فِيهِمَا يَرَى أَنَّهُمَا مِمَّا يَعْرِضُ فِيهِ التَّأْوِيلُ وَمُخَادَعَةُ النَّفْسِ لِلْإِنْسَانِ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي حَدِّ الْإِسْرَافِ ، وَخَفَاءِ وِجْهِ مَنْفَعَةِ الْوَلِيِّ فِي الْمُسَابَقَةِ إِلَى بَعْضِ الْأَعْمَالِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ ، وَمَا كَانَ مَوْضِعَ خِلَافٍ ، وَخَفَاءٍ لَا يُنْكِرُهُ ، وَلَا يَنْتَقِدُهُ جُمْهُورُ النَّاسِ ، وَمَنْ أَنْكَرَهُ يَسْهُلُ الرَّدُّ عَلَيْهِ ، وَتَأَوَّلَ مَا فَعَلَهُ الْوَلِيُّ ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ وُضِعَ فِي مَحَلِّهِ ، وَعُمِلَ فِي وَقْتِهِ ، وَمِثْلُ هَذَا مِمَّا قَدْ تَغُشُّ الْوَلِيَّ فِيهِ نَفْسُهُ حَتَّى يُصَدِّقَ أَنَّهُ لَا حَرَجَ فِيهِ ، وَقَدْ يَعْلَمُ أَنَّهُ تَصَرُّفٌ غَيْرُ جَائِزٍ فِي الْبَاطِنِ ، وَيَكْتَفِي بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُمَارِيَ فِيهِ أَحَدٌ مِرَاءً ظَاهِرًا تَتَّضِحُ فِيهِ خِيَانَتُهُ ; فَلِأَجْلِ هَذَا ، وَذَاكَ صَرَّحَ الْكِتَابُ الْحَكِيمُ بِالنَّهْيِ عَنْهُ لِيَتَدَبَّرَهُ أُولُو الْأَلْبَابِ .
أَمَّا الْأَكْلُ مِنْهَا بِغَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مُبَادَرَةٍ خَوْفَ أَخْذِهَا عِنْدَ الْبُلُوغِ وَالرُّشْدِ - كَمَا هُوَ شَأْنُ الْخَائِنِ - فَقَدْ ذُكِرَ حُكْمُهُ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ أَيْ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ غَنِيًّا غَيْرَ مُحْتَاجٍ إِلَى مَالِ الْيَتِيمِ الَّذِي فِي حِجْرِهِ ، وَتَحْتَ وِلَايَتِهِ فَلْيَعِفَّ عَنِ الْأَكْلِ مِنْ مَالِهِ ، أَوْ لِيُطَالِبْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْهَا عَلَى الْعَفِّ عَنْهُ نَزَاهَةً وَشَرَفَ
[ ص: 319 ] نَفْسٍ . وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا لَا يَسْتَغْنِي عَنْ الِانْتِفَاعِ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ الَّذِي يَصْرِفُ بَعْضَ وَقْتِهِ ، أَوْ كُلَّهُ فِي تَثْمِيرِهِ ، وَحِفْظِهِ فَلْيَأْكُلْ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ الَّذِي يُبِيحُهُ الشَّرْعُ وَلَا يَسْتَنْكِرُهُ أَهْلُ الْمُرُوءَةِ ، وَالْفَضْلِ ، وَلَا يَعُدُّونَهُ طَمَعًا ، وَلَا خِيَانَةً .
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ ، وَالْفُقَهَاءُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=33309الْأَكْلِ بِالْمَعْرُوفِ الَّذِي أَذِنَ اللَّهُ بِهِ لِلْوَلِيِّ الْفَقِيرِ فَقِيلَ : هُوَ الْقَرْضُ يَأْخُذُهُ بِنِيَّةِ الْوَفَاءِ ، وَرُوِيَ هَذَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - ، وَعِبَارَةُ الْأَخِيرِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنِ جَرِيرٍ : إِنْ كَانَ غَنِيًّا فَلَا يَحِلُّ لَهُ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ شَيْئًا ، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَسْتَقْرِضْ مِنْهُ ; فَإِنْ وَجَدَ مَيْسَرَةً فَلْيُعْطِهِ مَا اسْتَقْرَضَ مِنْهُ فَذَلِكَ أَكْلُهُ بِالْمَعْرُوفِ . وَقَالَ مِثْلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ، وَزَادَ : وَإِنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ وَلَمْ يُوسِرْ يَتَحَلَّلُهُ مِنَ الْيَتِيمِ ، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا يَتَحَلَّلُهُ مِنْ وَلِيِّهِ ; وَهُوَ يَعْنِي وَلِيَّهُ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَهُ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيِّ لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إِلَيْهِ كَمَا يُضْطَرُّ إِلَى الْمَيْتَةِ ، فَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ شَيْئًا قَضَاهُ . وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ هَذَا الْأَكْلِ بِالْمَعْرُوفِ فَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ يَأْكُلُ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ . وَوَضَّحَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ ، فَقَالَ : يَأْكُلُ مَعَهُ بِأَصَابِعِهِ لَا يُسْرِفُ فِي الْأَكْلِ ، وَلَا يَلْبَسُ . وَعَنْ
عِكْرِمَةَ أَنَّهُ قَالَ : يَدُكَ مَعَ أَيْدِيهِمْ ، وَلَا تَتَّخِذْ مِنْهُ قَلَنْسُوَةً ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : الْأَكْلُ بِالْمَعْرُوفِ : هُوَ مَا سَدَّ الْجَوْعَةَ وَوَارَى الْعَوْرَةَ . أَيْ قَدْرَ الضَّرُورَةِ مِنَ الطَّعَامِ ، وَالْكِسْوَةِ . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ غَلَّةِ الْمَالِ كَلَبَنِ الْمَاشِيَةِ ، وَصُوفِهَا ، وَثَمَرَاتِ الشَّجَرِ ، وَغَلَّةِ الزَّرْعِ وَلَا يَأْخُذُ مِنْ رَقَبَةِ الْمَالِ شَيْئًا . وَقَالَ غَيْرُهُ : يَأْخُذُ قَدْرَ كِفَايَتِهِ ، وَعَنْ
عَطَاءٍ : يَضَعُ يَدَهُ مَعَ أَيْدِيهِمْ فَيَأْكُلُ مَعَهُمْ كَقَدْرِ خِدْمَتِهِ وَقَدْرِ عَمَلِهِ . وَمِنْ هُنَا قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ : إِنَّ لَهُ أَجْرَ مِثْلِهِ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ الَّذِي يَتَوَلَّى تَدْبِيرَ أَمْوَالِهِ ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ فَقَالَ : إِنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى أَنَّ مَالَ الْيَتِيمِ لَيْسَ مَالًا لِلْوَلِيِّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ شَيْئًا ، وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يَسْتَقْرِضَ مِنْهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ كَمَا يَسْتَقْرِضُ لَهُ ، وَلَهُ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ لِلْيَتِيمِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ إِذَا كَانَ الْيَتِيمُ مُحْتَاجًا إِلَى ذَلِكَ ، كَمَا يَسْتَأْجِرُ لَهُ غَيْرَهُ مِنَ الْأُجَرَاءِ غَيْرَ مَخْصُوصٍ بِهَا حَالُ غِنًى وَلَا حَالُ فَقْرٍ اهـ . يَعْنِي أَنَّ الْأَكْلَ بِالْمَعْرُوفِ هُوَ الْقَرْضُ وَالْأُجْرَةُ ، وَلَا يُبَاحُ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْهُ بِلَا غَوْصٍ كَسَائِرِ أَمْوَالِ النَّاسِ . قَالَ : وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=14669_14659أَمْوَالِ الْمَجَانِينِ وَالْمَعَاتِيهِ ، وَلَكِنْ مَا ذُكِرَ فِي كَيْفِيَّةِ الْأَكْلِ لَا يَظْهَرُ فِي الِاسْتِقْرَاضِ ، وَقَدْ يَظْهَرُ فِي الْأُجْرَةِ .
وَأَقُولُ : مِنَ الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنَ عُمَرَ سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003182لَيْسَ لِي مَالٌ ، وَإِنِّي وَلِيُّ يَتِيمٍ ، فَقَالَ : كُلْ مِنْ مَالِ يَتِيمِكَ غَيْرَ مُسْرِفٍ ، وَلَا مُتَأَثِّلٍ مَالًا ، وَمِنْ غَيْرِ أَنْ تَقِيَ مَالَكَ بِمَالِهِ رَوَاهُ
أَحْمَدُ ،
وَأَبُو دَاوُدَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَهْ . وَوَجْهُهُ أَنَّ الْيَتِيمَ يَكُونُ فِي بَيْتِ الْوَلِيِّ كَوَلَدِهِ وَالْخَيْرُ لَهُ فِي تَرْبِيَتِهِ أَنْ يُخَالِطَهُ الْوَلِيُّ هُوَ وَأَهْلُهُ فِي الْمُؤَاكَلَةِ ، وَالْمُعَاشَرَةِ ، فَإِذَا كَانَ الْوَلِيُّ غَنِيًّا ، وَلَا طَمَعَ لَهُ فِي مَالِهِ كَانَ الْيَتِيمُ هُوَ الرَّابِحُ مِنْ هَذِهِ الْمُخَالَطَةِ ، وَإِنْ كَانَ يُصْرَفُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ مَالِهِ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ ، وَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ فَقِيرًا فَإِنَّهُ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ
[ ص: 320 ] إِصَابَةِ بَعْضِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ الْغَنِيِّ الَّذِي فِي حِجْرِهِ ، فَإِذَا أَكَلَ مِنْ طَعَامِهِ ، وَثَمَرِهِ مَا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ بَيْنَ الْخُلَطَاءِ غَيْرَ مُصِيبٍ مِنْ رَقَبَةِ الْمَالِ شَيْئًا ، وَلَا مُتَأَثِّلٍ لِنَفْسِهِ مِنْهُ عَقَارًا ، وَلَا مَالًا آخَرَ ، وَلَا مُسْتَخْدِمًا مَالَهُ فِي مَصَالِحِهِ وَمَرَافِقِهِ كَانَ فِي ذَلِكَ آكِلًا بِالْمَعْرُوفِ ، هَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدِي ، وَرَاجِعْ تَفْسِيرَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ [ 2 : 220 ] فِي الْجُزْءِ الثَّانِي مِنَ التَّفْسِيرِ [ ص271 وَمَا بَعْدَهَا ج 2 ط الْهَيْئَةِ الْمِصْرِيَّةِ الْعَامَّةِ لِلْكِتَابِ ] .