ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن زكريا خرج على قومه من المحراب فأشار إليهم ، أو كتب لهم : أن سبحوا الله أول النهار وآخره ، فالبكرة أول النهار ، والعشي آخره ، وقد بين تعالى في " آل عمران " أن هذا الذي أمر به زكريا قومه بالإشارة أو الكتابة من التسبيح بكرة وعشيا أن الله أمر زكرياء به أيضا ، وذلك في قوله : واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والإبكار [ 3 \ 41 ] ، والظاهر أن هذا المحراب الذي خرج منه على قومه هو المحراب الذي بشر بالولد وهو قائم يصلي فيه المذكور في قوله تعالى : [ ص: 373 ] فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب [ 3 \ 39 ] ، قال أبو عبد الله القرطبي رحمه الله في تفسير هذه الآية : والمحراب : أرفع المواضع ، وأشرف المجالس ، وكانوا يتخذون المحاريب فيما ارتفع من الأرض ا هـ ، وقال الجوهري في صحاحه : قال الفراء : المحاريب : صدور المجالس ، ومنه سمي محراب المسجد ، والمحراب : الغرفة ، قال وضاح اليمن :
ربة محراب إذا جئتها لم ألقها أو أرتقي سلما
ومن هذا المعنى قوله تعالى : كلما دخل عليها زكريا المحراب الآية [ 3 \ 37 ] .