قال أبو جعفر : "الألد" من الرجال : الشديد الخصومة ، يقال في" فعلت" منه : " قد لددت يا هذا ، ولم تكن ألد ، فأنت تلد لددا ولدادة" . فأما إذا غلب من خاصمه ، فإنما يقال فيه : " لددت يا فلان فلانا فأنت تلده لدا ، ومنه قول الشاعر :
ثم أردي بهم من تردي تلد أقران الخصوم اللد
قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك .
فقال بعضهم : تأويله : أنه ذو جدال .
ذكر من قال ذلك :
3973 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عن يونس بن بكير ، ابن إسحاق ، قال : حدثني محمد بن أبي محمد ، قال : حدثني سعيد بن جبير أو عكرمة ، عن ابن عباس : " وهو ألد الخصام " ، أي : ذو جدال ، إذا كلمك وراجعك .
3974 - حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " وهو ألد الخصام " ، يقول : شديد القسوة في معصية الله جدل بالباطل ، [ ص: 236 ] وإذا شئت رأيته عالم اللسان جاهل العمل ، يتكلم بالحكمة ، ويعمل بالخطيئة .
3975 - حدثنا الحسن بن يحيى . قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : " وهو ألد الخصام " ، قال : جدل بالباطل .
وقال آخرون : معنى ذلك أنه غير مستقيم الخصومة ، ولكنه معوجها .
ذكر من قال ذلك :
3976 - حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " وهو ألد الخصام " ، قال : ظالم لا يستقيم .
3977 - حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا حجاج ، عن قال : أخبرني ابن جريج ، عبد الله بن كثير ، عن مجاهد ، قال : "الألد الخصام" ، الذي لا يستقيم على خصومة .
3978 - حدثني موسى بن هارون ، قال : حدثنا عمرو بن حماد ، قال : حدثنا أسباط ، عن : " السدي ألد الخصام " ، أعوج الخصام .
قال : أبو جعفر : وكلا هذين القولين متقارب المعنى ؛ لأن الاعوجاج في الخصومة من الجدال واللدد .
وقال آخرون : معنى ذلك : وهو كاذب في قوله .
ذكر من قال ذلك :
3979 - حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عن بعض أصحابه ، عن وكيع ، الحسن ، قال : "الألد الخصام" ، الكاذب القول .
وهذا القول يحتمل أن يكون معناه معنى القولين الأولين إن كان أراد به [ ص: 237 ] قائله أنه يخاصم بالباطل من القول والكذب منه جدلا واعوجاجا عن الحق .
وأما"الخصام" فهو مصدر من قول القائل : "خاصمت فلانا خصاما ومخاصمة" .
وهذا خبر من الله تبارك وتعالى عن المنافق الذي أخبر نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أنه يعجبه إذا تكلم قيله ومنطقه ، ويستشهد الله على أنه محق في قيله ذلك ، لشدة خصومته وجداله بالباطل والزور من القول .