القول في تأويل قوله تعالى ( هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن )
قال أبو جعفر : " والشهر " ، فيما قيل ، أصله من " الشهرة " . يقال منه : " قد شهر فلان سيفه " - إذا أخرجه من غمده فاعترض به من أراد ضربه - " يشهره شهرا " . وكذلك " شهر الشهر " ، إذا طلع هلاله " وأشهرنا نحن " ، إذا دخلنا في الشهر .
وأما " رمضان " ، فإن بعض أهل المعرفة بلغة العرب كان يزعم أنه سمى بذلك لشدة الحر الذي كان يكون فيه ، حتى ترمض فيه الفصال ، كما يقال للشهر الذي يحج فيه " ذو الحجة " ، والذي يرتبع فيه " ربيع الأول ، وربيع الآخر" .
وأما مجاهد فإنه كان يكره أن يقال : " رمضان " ، ويقول : لعله اسم من أسماء الله .
2811 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا سفيان ، عن [ ص: 445 ] مجاهد : أنه كره أن يقال : " رمضان " ، ويقول : لعله اسم من أسماء الله لكن نقول كما قال الله : " شهر رمضان " .
وقد بينت فيما مضى أن " شهر " مرفوع على قوله : " أياما معدودات " ، هن شهر رمضان . وجائز أن يكون رفعه بمعنى : ذلك شهر رمضان ، وبمعنى : كتب عليكم شهر رمضان .
وقد قرأه بعض القراء " شهر رمضان " نصبا ، بمعنى : كتب عليكم الصيام أن تصوموا شهر رمضان . وقرأه بعضهم نصبا بمعنى : أن تصوموا شهر رمضان خير لكم إن كنتم تعلمون وقد يجوز أيضا نصبه على وجه الأمر بصومه ، كأنه قيل : شهر رمضان فصوموه . وجائز نصبه على الوقت ، كأنه قيل : كتب عليكم الصيام في شهر رمضان .
وأما قوله : " الذي أنزل فيه القرآن " ، فإنه ذكر أنه نزل في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا ، في ليلة القدر من شهر رمضان . ثم أنزل إلى محمد صلى الله عليه وسلم على ما أراد الله إنزاله إليه ، كما : -
2812 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن الأعمش ، عن حسان بن أبي الأشرس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : أنزل القرآن جملة من الذكر في ليلة أربع وعشرين من رمضان ، فجعل في بيت العزة - قال أبو كريب : حدثنا أبو بكر ، وقال ذلك . السدي
2813 - حدثني عيس بن عثمان قال : حدثنا يحيى بن عيسى ، عن الأعمش ، عن حسان عن سعيد بن جبير قال : ، فجعل في سماء الدنيا . [ ص: 446 ] نزل القرآن جملة واحدة في ليلة القدر في شهر رمضان
2814 - حدثنا أحمد بن منصور قال : حدثنا عبد الله بن رجاء قال : حدثنا عمران القطان ، عن قتادة ، عن أبي المليح عن واثلة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إبراهيم أول ليلة من شهر رمضان ، وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان ، وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت ، وأنزل القرآن لأربع وعشرين من رمضان . : " نزلت صحف
2815 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط عن : " السدي شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن " . أما " أنزل فيه القرآن " ، فإن ابن عباس قال : شهر رمضان ، والليلة المباركة ليلة القدر ، فإن ليلة القدر هي الليلة المباركة ، وهي في رمضان ، نزل القرآن جملة واحدة من الزبر إلى البيت المعمور ، وهو " مواقع النجوم " في السماء الدنيا حيث وقع القرآن ، ثم نزل على محمد صلى الله عليه وسلم بعد ذلك في الأمر والنهي وفي الحروب رسلا رسلا .
2816 - حدثنا قال : حدثنا ابن المثنى عبد الوهاب قال : حدثنا داود عن عكرمة عن ابن عباس قال : أنزل الله القرآن إلى السماء الدنيا في ليلة القدر ، فكان الله إذا أراد أن يوحي منه شيئا أوحاه ، فهو قوله : ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) [ سورة القدر : 1 ] . [ ص: 447 ]
2817 - حدثنا قال : حدثنا ابن المثنى ابن أبي عدي ، عن داود عن عكرمة ، عن ابن عباس فذكر نحوه - وزاد فيه : فكان من أوله وآخره عشرون سنة .
2818 - حدثنا قال : حدثنا ابن المثنى عبد الأعلى قال : حدثنا داود عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : أنزل القرآن كله جملة واحدة في ليلة القدر في رمضان ، إلى السماء الدنيا ، فكان الله إذا أراد أن يحدث في الأرض شيئا أنزله منه ، حتى جمعه .
2819 - حدثني يعقوب قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا حصين ، عن حكيم بن جبير ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : أنزل القرآن في ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء جملة واحدة ، ثم فرق في السنين بعد . قال : وتلا ابن عباس هذه الآية : ( فلا أقسم بمواقع النجوم ) [ سورة الواقعة : 75 ] ، قال : نزل مفرقا .
2820 - حدثنا يعقوب قال : حدثنا ، عن ابن علية داود عن الشعبي قال : بلغنا أن القرآن نزل جملة واحدة إلى السماء الدنيا .
2821 - حدثني المثنى قال : حدثنا سويد بن نصر قال : أخبرنا ابن المبارك ، قرأه في قوله : " ابن جريج شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن " ، قال : قال ابن عباس : أنزل القرآن جملة واحدة على جبريل في ليلة القدر ، فكان لا ينزل منه إلا بأمر . قال : كان ينزل من القرآن في ليلة القدر كل شيء ينزل من القرآن في تلك السنة . فنزل ذلك من السماء السابعة على ابن جريج جبريل في السماء الدنيا ، فلا ينزل جبريل من ذلك على محمد إلا ما أمره به ربه . ومثل ذلك ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) و ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة ) [ سورة الدخان : 3 ] . [ ص: 448 ]
2822 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ، عن عبيد الله بن موسى إسرائيل عن ، عن السدي محمد بن أبي المجالد ، عن مقسم عن ابن عباس قال له رجل : إنه قد وقع في قلبي الشك من قوله : " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن " ، وقوله : ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة ) وقوله ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) ، وقد أنزل الله في شوال وذي القعدة وغيره! قال : إنما أنزل في رمضان في ليلة القدر وليلة مباركة جملة واحدة ، ثم أنزل على مواقع النجوم رسلا في الشهور والأيام .
وأما قوله : " هدى للناس " ، فإنه يعني رشادا للناس إلى سبيل الحق وقصد المنهج .
وأما قوله : " وبينات " ، فإنه يعني : وواضحات " من الهدى " - يعني : من البيان الدال على حدود الله وفرائضه وحلاله وحرامه .
وقوله : " والفرقان " يعني : والفصل بين الحق والباطل ، كما : -
2823 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو بن حماد قال : حدثنا أسباط ، عن : أما " السدي وبينات من الهدى والفرقان " ، فبينات من الحلال والحرام .