القول في بل الذين كفروا في تكذيب ( 19 ) تأويل قوله تعالى : ( والله من ورائهم محيط ( 20 ) بل هو قرآن مجيد ( 21 ) في لوح محفوظ ( 22 ) ) .
يقول تعالى ذكره : ما بهؤلاء القوم الذين يكذبون بوعيد الله أنهم لم يأتهم أنباء من قبلهم من الأمم المكذبة رسل الله كفرعون وقومه ، وثمود وأشكالهم ، وما أحل الله بهم من النقم بتكذيبهم الرسل ، ولكنهم في تكذيبهم بوحي الله وتنزيله ، إيثارا منهم لأهوائهم ، واتباعا منهم لسنن آبائهم ( والله من ورائهم محيط ) بأعمالهم محص لها ، لا يخفى عليه منها شيء ، وهو مجازيهم على جميعها .
بل هو قرآن مجيد ) يقول - تكذيبا منه جل ثناؤه للقائلين للقرآن هو شعر وسجع - : ما ذلك كذلك ، بل هو قرآن كريم . وقوله : (
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( بل هو قرآن مجيد ) يقول : قرآن كريم .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن يمان ، عن أشعث بن إسحاق ، عن جعفر ، عن سعيد ، في قوله : ( بل هو قرآن مجيد ) قال : كريم .
في لوح محفوظ ) يقول تعالى ذكره : هو قرآن كريم مثبت في لوح محفوظ . وقوله : (
واختلفت القراء في قراءة قوله : ( محفوظ ) فقرأ ذلك من قرأه من أهل الحجاز أبو جعفر القارئ وابن كثير ، ومن قرأه من قراء الكوفة عاصم والأعمش وحمزة [ ص: 348 ] ومن البصريين والكسائي ، أبو عمرو ( محفوظ ) خفضا على معنى أن اللوح هو المنعوت بالحفظ . وإذا كان ذلك كذلك كان التأويل : في لوح محفوظ من الزيادة فيه والنقصان منه عما أثبته الله فيه . وقرأ ذلك من المكيين ابن محيصن ، ومن المدنيين نافع ( محفوظ ) رفعا ، ردا على القرآن ، على أنه من نعته وصفته . وكان معنى ذلك على قراءتهما : ( بل هو قرآن مجيد ) محفوظ من التغيير والتبديل في لوح .
والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان معروفتان في قراءة الأمصار ، صحيحتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب . وإذا كان ذلك كذلك ، فبأي القراءتين قرأ القارئ ، فتأويل القراءة التي يقرؤها على ما بينا .
وقد حدثنا قال : ثنا محمد بن بشار ، يحيى ، قال : ثنا سفيان عن منصور ، عن مجاهد ( في لوح ) قال : في أم الكتاب .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( في لوح محفوظ ) عند الله .
وقال آخرون : إنما قيل : محفوظ لأنه في جبهة إسرافيل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا عمرو بن علي ، قال : سمعت قرة بن سليمان ، قال : ثنا حرب بن سريج ، قال : ثنا عن عبد العزيز بن صهيب ، أنس بن مالك ، في قوله : ( بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ ) قال : إن اللوح المحفوظ الذي ذكر الله ، ( بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ ) في جبهة إسرافيل .
آخر تفسير سورة البروج