يقول - تعالى ذكره - : أعند هؤلاء المكذبين بآيات الله خزائن ربك يا محمد ، فهم لاستغنائهم بذلك عن آيات ربهم معرضون ، أم هم المسيطرون .
اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : معناه : أم هم المسلطون .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : ( أم هم المسيطرون ) يقول : المسلطون .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : أم هم المنزلون .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ( أم عندهم خزائن ربك أم هم المسيطرون ) قال : يقول أم هم المنزلون .
وقال آخرون : بل معنى ذلك : أم هم الأرباب ، ومن قال ذلك قال : يقال : سيطرت معمر بن المثنى علي : أي اتخذتني خولا لك .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : معنى ذلك : أم هم الجبارون المتسلطون المستكبرون على الله ، وذلك أن المسيطر في كلام العرب الجبار المتسلط ، ومنه قول الله : ( لست عليهم بمسيطر ) . يقول : لست عليهم بجبار مسلط .
وقوله : ( أم لهم سلم يستمعون فيه ) يقول : أم لهم سلم يرتقون فيه إلى [ ص: 483 ] السماء يستمعون عليه الوحي ، فيدعون أنهم سمعوا هنالك من الله أن الذي هم عليه حق ، فهم بذلك متمسكون بما هم عليه .
وقوله : ( فليأت مستمعهم بسلطان مبين ) يقول : فإن كانوا يدعون ذلك فليأت من يزعم أنه استمع ذلك ، فسمعه بسلطان مبين ، يعني بحجة تبين أنها حق ، كما أتى محمد - صلى الله عليه وسلم - بها على حقيقة قوله ، وصدقه فيما جاءهم به من عند الله . والسلم في كلام العرب : السبب والمرقاة ; ومنه قول ابن مقبل :
لا تحرز المرء أحجاء البلاد ولا تبنى له في السماوات السلاليم
ومنه قوله : جعلت فلانا سلما لحاجتي : إذا جعلته سببا لها .