[ ص: 556 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( وإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم فإن الإنسان كفور فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلا البلاغ ( 48 ) )
يقول - تعالى ذكره - : فإن أعرض هؤلاء المشركون يا محمد عما أتيتهم به من الحق ، ودعوتهم إليه من الرشد ، فلم يستجيبوا لك ، وأبوا قبوله منك ، فدعهم ، فإنا لن نرسلك إليهم رقيبا عليهم ، تحفظ عليهم أعمالهم وتحصيها . ( إن عليك إلا البلاغ ) يقول : ما عليك يا محمد إلا أن تبلغهم ما أرسلناك به إليهم من الرسالة ، فإذا بلغتهم ذلك ، فقد قضيت ما عليك . يقول - تعالى ذكره - : فإنا إذا أغنينا ابن آدم فأعطيناه من عندنا سعة ، وذلك هو الرحمة التي ذكرها - جل ثناؤه - فرح بها : يقول : سر بما أعطيناه من الغنى ، ورزقناه من السعة وكثرة المال . ( وإن تصبهم سيئة ) يقول : وإن أصابتهم فاقة وفقر وضيق عيش . ( بما قدمت أيديهم ) يقول : بما أسلفت من معصية الله عقوبة له على معصيته إياه ، جحد نعمة الله ، وأيس من الخير ( فإن الإنسان كفور ) يقول - تعالى ذكره - : فإن ، يعدد المصائب ويجحد النعم . وإنما قال : ( الإنسان جحود نعم ربه وإن تصبهم سيئة ) فأخرج الهاء والميم مخرج كناية جمع الذكور ، وقد ذكر الإنسان قبل ذلك بمعنى الواحد ، لأنه بمعنى الجمع .