[ ص: 404 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( ما هم ببالغيه فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ( 56 ) )
يقول - تعالى ذكره - : إن الذين يخاصمونك يا محمد فيما أتيتهم به من عند ربك من الآيات ( بغير سلطان أتاهم ) يقول : بغير حجة جاءتهم من عند الله بمخاصمتك فيها ( إن في صدورهم إلا كبر ) يقول : ما في صدورهم إلا كبر يتكبرون من أجله عن اتباعك ، وقبول الحق الذي أتيتهم به حسدا منهم على الفضل الذي آتاك الله ، والكرامة التي أكرمك بها من النبوة ( ما هم ببالغيه ) يقول : الذي حسدوك عليه أمر ليسوا بمدركيه ولا نائليه ، لأن ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، وليس بالأمر الذي يدرك بالأماني؛ وقد قيل : إن معناه : إن في صدورهم إلا عظمة ما هم ببالغي تلك العظمة لأن الله مذلهم .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو قال . ثني أبو عاصم قال . ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : ( إن في صدورهم إلا كبر ) قال : عظمة .
وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله : ( إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم ) قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة . ، قوله . ( إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم ) لم يأتهم بذاك سلطان .
وقوله : ( فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير ) يقول - تعالى ذكره - : فاستجر بالله يا محمد من شر هؤلاء الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان ، ومن الكبر أن يعرض في قلبك منه شيء ( إنه هو السميع البصير ) يقول : إن الله هو السميع لما يقول هؤلاء المجادلون في آيات الله وغيرهم من قول ، البصير بما تعمله [ ص: 405 ] جوارحهم ، لا يخفى عليه شيء من ذلك .