القول في تأويل قوله تعالى : ( ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار ( 41 ) تدعونني لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علم وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار ( 42 ) )
يقول - تعالى ذكره - مخبرا عن قيل هذا المؤمن لقومه من الكفرة : ( ما لي أدعوكم إلى النجاة ) من عذاب الله وعقوبته بالإيمان به ، واتباع رسوله موسى ، [ ص: 391 ] وتصديقه فيما جاءكم به من عند ربه ( وتدعونني إلى النار ) يقول : وتدعونني إلى عمل أهل النار .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : ( ما لي أدعوكم إلى النجاة ) قال : الإيمان بالله .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار ) قال هذا مومن آل فرعون ، قال : يدعونه إلى دينهم والإقامة معهم .
وقوله : ( تدعونني لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علم ) يقول : وأشرك بالله في عبادته أوثانا ، لست أعلم أنه يصلح لي عبادتها وإشراكها فى عبادة الله ، لأن الله لم يأذن لي في ذلك بخبر ولا عقل .
وقوله : ( وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار ) يقول : وأنا أدعوكم إلى عبادة العزيز في انتقامه ممن كفر به ، الذي لا يمنعه إذا انتقم من عدو له شيء ، الغفار لمن تاب إليه بعد معصيته إياه ، لعفوه عنه ، فلا يضره شيء مع عفوه عنه ، يقول : فهذا الذي هذه الصفة صفته فاعبدوا ، لا ما لا ضر عنده ولا نفع .