يقول - تعالى ذكره - : قالت الإنس للجن : إنكم أيها الجن كنتم تأتوننا من قبل الدين والحق فتخدعوننا بأقوى الوجوه ، واليمين : القوة والقدرة في كلام العرب ، ومنه قول الشاعر :
إذا ما راية رفعت لمجد تلقاها عرابة باليمين
يعني : بالقوة والقدرة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله ( تأتوننا عن اليمين ) قال : عن الحق ، الكفار تقوله للشياطين .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين ) قال : قالت الإنس للجن : إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين قال : من قبل الخير ، فتنهوننا عنه ، وتبطئوننا عنه .
[ ص: 32 ] حدثنا محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد بن المفضل قال : ثنا أسباط ، عن في قوله ( السدي ، إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين ) قال : تأتوننا من قبل الحق تزينون لنا الباطل ، وتصدوننا عن الحق .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين ) قال : قال بنو آدم للشياطين الذين كفروا : إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين قال : تحولون بيننا وبين الخير ، ورددتمونا عن الإسلام والإيمان ، والعمل بالخير الذي أمر الله به .
وقوله ( قالوا بل لم تكونوا مؤمنين وما كان لنا عليكم من سلطان ) يقول - تعالى ذكره - : قالت الجن للإنس مجيبة لهم : بل لم تكونوا بتوحيد الله مقرين ، وكنتم للأصنام عابدين
( وما كان لنا عليكم من سلطان ) يقول : قالوا : وما كان لنا عليكم من حجة ، فنصدكم بها عن الإيمان ، ونحول بينكم من أجلها وبين اتباع الحق ( بل كنتم قوما طاغين ) يقول : قالوا لهم : بل كنتم أيها المشركون قوما طاغين على الله ، متعدين إلى ما ليس لكم التعدي إليه من معصية الله وخلاف أمره .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قال : قالت لهم الجن ( بل لم تكونوا مؤمنين ) حتى بلغ ( قوما طاغين )
حدثنا محمد بن الحسين قال : ثنا أحمد بن المفضل قال : ثنا أسباط ، عن في قوله : ( السدي ، وما كان لنا عليكم من سلطان ) قال : الحجة وفي قوله ( بل كنتم قوما طاغين ) قال : كفار ضلال .