القول في تأويل قوله تعالى : ( قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد )
يقول - تعالى ذكره - : قل يا محمد لهؤلاء المشركين من قومك : إنما أعظكم أيها القوم بواحدة وهي طاعة الله .
كما حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله ( إنما أعظكم بواحدة ) قال : بطاعة الله .
وقوله ( أن تقوموا لله مثنى وفرادى ) يقول : وتلك الواحدة التي أعظكم بها هي أن تقوموا لله اثنين اثنين ، ( وفرادى ) فرادى فأن في موضع خفض ترجمة عن الواحدة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
[ ص: 418 ] ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو قال : ثني أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( أن تقوموا لله مثنى وفرادى ) قال : واحدا واثنين .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله ( قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ) رجلا ورجلين .
وقيل : إنما قيل : إنما أعظكم بواحدة ، وتلك الواحدة أن تقوموا لله بالنصيحة وترك الهوى . ( مثنى ) يقول : يقوم الرجل منكم مع آخر فيتصادقان على المناظرة : هل علمتم بمحمد - صلى الله عليه وسلم - جنونا قط؟ ثم ينفرد كل واحد منكم ، فيتفكر ويعتبر فردا هل كان ذلك به؟ فتعلموا حينئذ أنه نذير لكم .
وقوله ( ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة ) يقول : لأنه ليس بمجنون .
وقوله ( إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد ) يقول : ما محمد إلا نذير لكم ينذركم على كفركم بالله عقابه أمام عذاب جهنم قبل أن تصلوها ، وقوله : هو كناية اسم محمد - صلى الله عليه وسلم - .