القول في تأويل قوله تعالى : ( وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة ) [ ص: 386 ]
يقول - تعالى ذكره - مخبرا عن نعمته التي كان أنعمها على هؤلاء القوم الذين ظلموا أنفسهم : وجعلنا بين بلدهم وبين القرى التي باركنا فيها وهي الشأم ، قرى ظاهرة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله ( القرى التي باركنا فيها ) قال : الشأم .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها ) يعني الشأم .
حدثني علي بن سهل قال : ثنا حجاج ، عن عن ابن جريج ، مجاهد ( القرى التي باركنا فيها ) قال : الشأم .
وقيل : عني بالقرى التي بورك فيها بيت المقدس .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ( وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة ) قال : الأرض التي باركنا فيها : هي الأرض المقدسة .
وقوله ( قرى ظاهرة ) يعني : قرى متصلة ، وهي قرى عربية .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يعقوب قال : ثنا عن ابن علية ، أبي رجاء قال : سمعت الحسن في قوله ( وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة ) قال : قرى [ ص: 387 ] متواصلة قال : كان أحدهم يغدو فيقيل في قرية ويروح فيأوي إلى قرية أخرى . قال : وكانت المرأة تضع زنبيلها على رأسها ، ثم تمتهن بمغزلها ، فلا تأتي بيتها حتى يمتلئ من كل الثمار .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( قرى ظاهرة ) أي : متواصلة .
حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله ( قرى ظاهرة ) يعني : قرى عربية بين المدينة ، والشام .
حدثني محمد بن عمرو قال : ثني أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله ( قرى ظاهرة ) قال : السروات .
حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ ، يقول : أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله ( قرى ظاهرة ) يعني : قرى عربية وهي بين المدينة ، والشأم .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة ) قال : كان بين قريتهم وقرى الشأم قرى ظاهرة قال : إن كانت المرأة لتخرج معها مغزلها ومكتلها على رأسها ، تروح من قرية وتغدوها ، وتبيت في قرية لا تحمل زادا ولا ماء لما بينها وبين الشأم .
وقوله ( وقدرنا فيها السير ) يقول - تعالى ذكره - : وجعلنا بين قراهم والقرى التي باركنا فيها سيرا مقدرا من منزل إلى منزل وقرية إلى قرية ، لا ينزلون إلا في قرية ولا يغدون إلا من قرية .
وقوله ( سيروا فيها ليالي وأياما آمنين ) يقول : وقلنا لهم سيروا في هذه [ ص: 388 ] القرى ما بين قراكم والقرى التي باركنا فيها ليالي وأياما آمنين لا تخافون جوعا ولا عطشا ، ولا من أحد ظلما .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( سيروا فيها ليالي وأياما آمنين ) لا يخافون ظلما ولا جوعا ، وإنما يغدون فيقيلون ، ويروحون فيبيتون في قرية أهل جنة ونهر ، حتى لقد ذكر لنا أن المرأة كانت تضع مكتلها على رأسها ، وتمتهن بيدها ، فيمتلئ مكتلها من الثمر قبل أن ترجع إلى أهلها من غير أن تخترف شيئا ، وكان الرجل يسافر لا يحمل معه زادا ولا سقاء مما بسط للقوم .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( وأياما آمنين ) قال : ليس فيها خوف .