أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين ( 29 ) ) القول في تأويل قوله تعالى : (
يقول - تعالى ذكره - مخبرا عن قيل لوط لقومه ( أئنكم ) أيها القوم ، ( لتأتون الرجال ) في أدبارهم ( وتقطعون السبيل ) يقول : وتقطعون المسافرين عليكم بفعلكم الخبيث ، وذلك أنهم فيما ذكر عنهم كانوا يفعلون ذلك بمن مر عليهم من المسافرين ، من ورد بلادهم من الغرباء .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( وتقطعون السبيل ) قال : السبيل : الطريق . المسافر إذا مر بهم ، وهو ابن السبيل قطعوا به ، وعملوا [ ص: 29 ] به ذلك العمل الخبيث .
وقوله : ( وتأتون في ناديكم المنكر ) اختلف أهل التأويل في المنكر الذي عناه الله ، الذي كان هؤلاء القوم يأتونه في ناديهم ، فقال بعضهم : كان ذلك أنهم كانوا يتضارطون في مجالسهم .
ذكر من قال ذلك :
حدثني قال : ثنا عبد الرحمن بن الأسود محمد بن ربيعة قال : ثنا روح بن عطيفة الثقفي ، عن عمرو بن مصعب ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة ، في قوله : ( وتأتون في ناديكم المنكر ) قال : الضراط .
وقال آخرون : بل كان ذلك أنهم كانوا يحذفون من مر بهم .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب قالا : ثنا وابن وكيع أبو أسامة ، عن حاتم بن أبي صغيرة ، عن عن سماك بن حرب ، أبي صالح ، عن أم هانئ ، قالت : وتأتون في ناديكم المنكر ) قال : " كانوا يحذفون أهل الطريق ويسخرون منهم " فهو المنكر الذي كانوا يأتون . سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قوله : (
حدثنا الربيع قال : ثنا أسد قال : ثنا أبو أسامة ، بإسناده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، مثله .
حدثنا أحمد بن عبدة الضبي قال : ثنا سليم بن أخضر قال : ثنا أبو يونس القشيري ، عن عن سماك بن حرب ، أبي صالح مولى أم هانئ ، أم هانئ سئلت عن هذه الآية ( وتأتون في ناديكم المنكر ) فقالت : سألت عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " كانوا يحذفون أهل الطريق ، ويسخرون منهم " . أن
حدثنا ابن حميد قال : ثنا قال : ثنا يحيى بن واضح عمر بن أبي زائدة قال : سمعت عكرمة يقول في قوله : ( وتأتون في ناديكم المنكر ) قال : كانوا يؤذون أهل الطريق يحذفون من مر بهم .
حدثنا ابن وكيع قال : ثني أبي ، عن عمر بن أبي زائدة قال : سمعت عكرمة قال : الحذف .
حدثنا موسى قال : أخبرنا عمرو قال : ثنا أسباط ، عن ( السدي وتأتون في ناديكم المنكر ) [ ص: 30 ] قال : كان كل من مر بهم حذفوه ، فهو المنكر .
حدثنا الربيع قال : ثنا أسد قال : ثنا سعيد بن زيد قال : ثنا حاتم بن أبي صغيرة قال : ثنا عن سماك بن حرب ، باذام ، عن عن أبي صالح مولى أم هانئ ، أم هانئ ، قالت : وتأتون في ناديكم المنكر ) قال : " كانوا يجلسون بالطريق ، فيحذفون أبناء السبيل ، ويسخرون منهم " . سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الآية (
وقال بعضهم : بل كان ذلك إتيانهم الفاحشة في مجالسهم .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن وكيع قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن مجاهد قال : كان يأتي بعضهم بعضا في مجالسهم ، يعني قوله : ( وتأتون في ناديكم المنكر ) .
حدثنا سليمان بن عبد الجبار قال : ثنا ثابت بن محمد الليثي قال : ثنا عن فضيل بن عياض ، عن منصور بن المعتمر ، مجاهد ، في قوله : ( وتأتون في ناديكم المنكر ) قال : كان يجامع بعضهم بعضا في المجالس .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا حكام ، عن عمرو ، عن منصور ، عن مجاهد ( وتأتون في ناديكم المنكر ) قال : كان يأتي بعضهم بعضا في المجالس .
حدثنا ابن وكيع قال : ثني أبي ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد قال : كانوا يجامعون الرجال في مجالسهم .
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( وتأتون في ناديكم المنكر ) قال : المجالس و ( المنكر ) : إتيانهم الرجال .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( وتأتون في ناديكم المنكر ) قال : كانوا يأتون الفاحشة في ناديهم .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( وتأتون في ناديكم المنكر ) قال : ناديهم : المجالس ، و ( المنكر ) : عملهم الخبيث الذي كانوا يعملونه ، كانوا يعترضون بالراكب ، فيأخذونه ويركبونه . وقرأ ( أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون ) ، وقرأ ( ما سبقكم بها من أحد من العالمين ) . [ ص: 31 ]
حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : ( وتأتون في ناديكم المنكر ) يقول : في مجالسكم .
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : معناه : وتحذفون في مجالسكم المارة بكم ، وتسخرون منهم ؛ لما ذكرنا من الرواية بذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وقوله : ( فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين ) يقول - تعالى ذكره - : فلم يكن جواب قوم لوط إذ نهاهم عما يكرهه الله من إتيان الفواحش التي حرمها الله إلا قيلهم : ( ائتنا بعذاب الله ) الذي تعدنا ، ( إن كنت من الصادقين ) فيما تقول ، والمنجزين لما تعد .