يقول - تعالى ذكره - : وقال الذين كفروا بالله من قريش للذين آمنوا بالله منهم ( اتبعوا سبيلنا ) يقول : قالوا : كونوا على مثل ما نحن عليه من التكذيب بالبعث بعد الممات وجحود الثواب والعقاب على الأعمال ( ولنحمل خطاياكم ) يقول : قالوا فإنكم إن اتبعتم سبيلنا في ذلك ، فبعثتم من بعد الممات ، وجوزيتم على الأعمال فإنا [ ص: 15 ] نتحمل آثام خطاياكم حينئذ .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : ( اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم ) قال : قول كفار قريش بمكة لمن آمن منهم ، يقول : قالوا : لا نبعث نحن ولا أنتم ، فاتبعونا ، إن كان عليكم شيء فهو علينا .
حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( وقال الذين كفروا ) هم القادة من الكفار ، قالوا لمن آمن من الأتباع : اتركوا دين محمد واتبعوا ديننا ، وهذا - أعني قوله : ( اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم ) - وإن كان خرج مخرج الأمر ، فإن فيه تأويل الجزاء ، ومعناه ما قلت : إن اتبعتم سبيلنا حملنا خطاياكم ، كما قال الشاعر :
فقلت ادعي وأدع فإن أندى لصوت أن ينادي داعيان
يريد : ادعي ولأدع ، ومعناه : إن دعوت دعوت .
وقوله : ( وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء إنهم لكاذبون ) وهذا تكذيب من الله للمشركين القائلين للذين آمنوا ( اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم ) يقول جل [ ص: 16 ] ثناؤه : وكذبوا في قيلهم ذلك لهم ، ما هم بحاملين من آثام خطاياهم من شيء ، إنهم لكاذبون فيما قالوا لهم ووعدوهم من حمل خطاياهم إن هم اتبعوهم .