القول في تأويل فذرهم في غمرتهم حتى حين ( 54 ) قوله تعالى : ( أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين ( 55 ) نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون ( 56 ) )
قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : فدع يا محمد هؤلاء الذين تقطعوا أمرهم بينهم زبرا ، ( في غمرتهم ) في ضلالتهم وغيهم ( حتى حين ) ، يعني : إلى أجل سيأتيهم عند مجيئه عذابي .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن عن ابن جريج ، مجاهد : ( فذرهم في غمرتهم حتى حين ) قال : في ضلالهم .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( فذرهم في غمرتهم حتى حين ) قال : الغمرة : الغمر .
وقوله : أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين ) يقول تعالى ذكره : أيحسب هؤلاء الأحزاب الذين فرقوا دينهم زبرا ، أن الذي نعطيهم في عاجل الدنيا من مال وبنين ( ( نسارع لهم ) يقول : نسابق لهم في خيرات الآخرة ، ونبادر لهم فيها . و " ما " من قوله : ( أنما نمدهم به ) نصب ; لأنها بمعنى الذي ( بل لا يشعرون ) يقول تعالى ذكره تكذيبا لهم : ما ذلك كذلك ، بل لا يعلمون أن إمدادي إياهم بما أمدهم به من ذلك إنما هو إملاء واستدراج لهم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، [ ص: 44 ] قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( أنما نمدهم ) قال : نعطيهم ، ( نسارع لهم ) ، قال : نزيدهم في الخير ، نملي لهم ، قال : هذا لقريش .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن عن ابن جريج ، مجاهد ، مثله .
حدثني محمد بن عمر بن علي ، قال : ثني أشعث بن عبد الله ، قال : ثنا شعبة ، عن خالد الحذاء ، قال : قلت قول الله : ( لعبد الرحمن بن أبي بكرة نسارع لهم في الخيرات ) قال : يسارع لهم في الخيرات ، وكأن وجه بقراءته ذلك ، إلى أن تأويله : يسارع لهم إمدادنا إياهم بالمال والبنين في الخيرات . عبد الرحمن بن أبي بكرة