القول في تأويل قوله تعالى : ( ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرءوف رحيم ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض والفلك تجري في البحر بأمره ( 65 ) )
يقول تعالى ذكره : ألم تر أن الله سخر لكم أيها الناس ما في الأرض من الدواب والبهائم ، فذلك كله لكم تصرفونه فيما أردتم من حوائجكم [ ص: 678 ] ( والفلك تجري في البحر بأمره ) يقول : وسخر لكم السفن تجري في البحر بأمره ، يعني بقدرته ، وتذليله إياها لكم كذلك .
واختلفت القراء في قراءة قوله : ( والفلك تجري ) فقرأته عامة قراء الأمصار : ( والفلك ) نصبا ، بمعنى سخر لكم ما في الأرض ، و " الفلك " عطفا على " ما " ، وعلى تكرير " أن " وأن الفلك تجري . وروي عن الأعرج أنه قرأ ذلك رفعا على الابتداء . والنصب هو القراءة عندنا في ذلك لإجماع الحجة من القراء عليه ( ويمسك السماء أن تقع على الأرض ) يقول : ويمسك السماء بقدرته كي لا تقع على الأرض إلا بإذنه . ومعنى قوله : ( أن تقع ) أن لا تقع .
( إن الله بالناس لرءوف رحيم ) بمعنى : أنه بهم لذو رأفة ورحمة ، فمن رأفته بهم ورحمته لهم أمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ، وسخر لكم ما وصف في هذه الآية تفضلا منه عليكم بذلك .